العروض الترويجية (الاتصالات التسويقية) ووسائل التواصل الاجتماعي
يشهد عصرنا الحالي انهمار ملايين الرسائل الترويجية علينا كل عام بغرض التأثير على سلوكنا. وتهدف الاتصالات التسويقية (المعروفة باسم العروض الترويجية في المزيج التسويقي) إلى إعلام الزبائن بأحدث منتجات المنظمة وعروضها، وكذلك بالأنشطة الأخرى. سنتناول أيضًا كيفية استخدام العروض الترويجية لإيصال رسائل العلامة التجارية الخاصة بالمنظمة داخليًّا وخارجيًّا.
تتألف العروض الترويجية من مجموعة مختلفة من أدوات الاتصال التي تُعَد بالغة الأهمية في دعم عروض المنظمة وإيصال قيم علامتها التجارية. وهي مصمَّمة للوصول إلى الزبائن وإثارة اهتمامهم وإشراكهم في محادثات، وتشجيعهم على شراء المنتجات. تشمل الأدوات الترويجية الإعلانات، وعروض الترويج للمبيعات، والعلاقات العامة، والتسويق المباشر (عبر الإنترنت أو بدون الإنترنت)، والرعاية التجارية، والبيع الشخصي. ولكلٍّ من هذه الأدوات سماتها المختلفة؛ فترويج المبيعات مثلًا يشمل العروض الخاصة التي تقدِّمها المنظمة في نقطة الشراء، وغالبًا ما يكون مرتبطًا بتشجيع الشراء الاندفاعي. أمَّا العلاقات العامة، فتقوم على نقل المعلومات المتعلقة بقيم المنظمة وأنشطتها بالتعامل مع وسائل إعلام مختلفة (كالصحف ووكالات الأنباء وشركات التلفزيون، ومنصات التواصل الاجتماعي) من أجل الحصول على دعاية مجانية.
هذا ويؤدي نمو وسائل التواصل الاجتماعي والتسويق الرقمي إلى تغيير جذري شامل في أنشطة الاتصال. فعادةً ما كانت الاتصالات التسويقية أحادية الاتجاه، من البائع إلى المشتري. لكن التكنولوجيا الجديدة غيَّرت كل ذلك، والتسويق الرقمي يتيح التفاعل المُتبادل بين المنظمة والعميل. فالتواصل الاجتماعي اندماج للتكنولوجيات الحديثة لخلق شيء ذي قيمة، ويُمكن أن يكون مكوَّنًا من محتوًى تنتجه الشركة والمستهلِكون معًا، وتنقله إحدى منصات التواصل الاجتماعي المختلفة؛ مثل يوتيوب، وفيس بوك، وتويتر، وإنستجرام، وموقع الشركة الإلكتروني على الإنترنت. ودعوة الجمهور المستهدَف إلى نشر تعليقاتٍ على الفعاليات ونشر مقاطع فيديو ورفع الصور والتغريدات الحية تُتيح للأفراد التفاعل مع المنظمة. وقد أدى ابتكار أنواع مختلفة من وسائل التواصل الاجتماعي إلى خلق فرص لابتكار التسويق الرقمي الذي يتسم بالتفاعل الفوري وزيادة المودة والألفة مع العملاء المحتملين. وهكذا اكتسبت وسائل التواصل الاجتماعي في وقتنا الحاضر أهميةً بالغة وتأثيرًا هائلًا، فيما تصبح الخطوط الفاصلة بين الحياة الواقعية والواقع الافتراضي أكثر ضبابيةً كل يوم.
ما العروض الترويجية؟
تتكون الحملة الترويجية من سلسلةٍ من الأنشطة التي تعكس موضوعًا مشتركًا، بحيث تُنقل الرسائل المناسبة إلى المجموعة المستهدَفة بفاعلية. فشركات السياحة مثلًا قد تستخدم الإعلانات التلفزيونية، ووسائل التواصل الاجتماعي، والتسويق الإلكتروني للتواصل مع مجموعة من العملاء الشباب المهتمين بعطلات المغامرات؛ في حين أنها ستختار الإعلانات التلفزيونية والإذاعية والكتيبات والبريد المباشر للوصول إلى مجموعة مستهدَفة أكبر سنًّا مهتمة بالرِّحلات البحرية.
يُعَد تحديد أهداف الحملات الترويجية أحد أدوار المسوِّق الرئيسية؛ لأنه يتطلب فهمًا واضحًا لما تحتاج المنظمة إلى تحقيقه وكيف يمكن للمزيج الترويجي تشجيع العملاء المحتمَلين على الشراء. وقد تحمل مثل هذه الحملات أهدافًا مختلفة؛ من بينها خلق وعي بالمنتَج أو العلامة التجارية، ومواجهة عروض المنافسين، وبدء تجربة عروض جديدة أو إعادة تجربتها. وتهدف الحملات الترويجية بوجهٍ عام إلى جعل المنظمة هي المورِّد المفضَّل للعملاء المحتملين، وبذلك يمكن للمنظمة زيادة حصتها السوقية (أي النسبة التي تفضِّل عرض المنظمة على عروض المنافسين من إجمالي السوق المحتمَل). وتستعين الحملات الترويجية بأدوات كوسائل التواصل الاجتماعي وترويج المبيعات، وتستطيع بذلك أن تحفز زيادة فورية في المبيعات أو تخلق تفضيلًا مستدامًا للمنتج. وبالطبع يعتمد تناسق المزيج الترويجي على الموارد المتاحة للمنظمة وتكلفة الحصول عليها، بالإضافة إلى احتياجات العملاء من المعلومات، وحجم السوق، وخصائص المنتج أو العلامة التجارية. وهكذا فإنَّ كل هذه العناصر توجِّه المسوِّق إلى اختيار أنسب الأدوات الترويجية لتلبية احتياجات المجموعة المستهدَفة.
عملية الاتصال
لذا من المهم الحصول على آراء وتعليقات لاستيضاح ما إذا كانت الرسالة قد فُهمت كما ينبغي أم لا. فالجمهور يتلقى جميع الرسائل وسط «ضجيج» الإعلانات. وينشأ هذا الضجيج الإعلاني من كل الرسائل الإعلانية المختلفة التي يرسلها المنافسون والمنظمات الأخرى والأفراد الآخرون. وكذلك قد تكون الرسائل مشوبة بأنواع أخرى من الضجيج والتشوش بسبب عوائق مادية أو نفسية، مثل رداءة جودة الصورة أو تشتُّت انتباه المتلقي. ونتيجةً لذلك، يهدف المسوِّقون إلى تصميم الرسائل بحيث تكون قادرة على اختراق هذا «الضجيج» المحيط. وغالبًا ما يُجري المسوِّقون اختبارًا سابقًا وآخر لاحقًا لأي حملة ترويجية لمعرفةِ ما إذا كانت الرسائل التي يعتزمون توصيلها قد تلقَّاها العملاء وفهموها بشكل صحيح أم لا.
الإعلان
تُعرَّف الإعلانات بأنها وسائل إعلامية مدفوعة تُستخدم لنقل الرسائل التي تهمُّ العملاء المستهدَفين، وزيادة الوعي بالمنظمة أو المنتَج، وإيصال المعلومات، وتحقيق المبيعات. وتُستخدم الإعلانات لنقل رسائل علنية (غير شخصية) ومدفوعة الأجر إلى الجماهير المستهدَفة بواسطة مجموعة من الوسائل الإعلامية التي تشمل الصحف، والتلفزيون، والراديو، واللوحات الإعلانية الخارجية التي تحيط بمواقع البناء، والإنترنت، بما في ذلك المدوَّنات ومواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية، والنوافذ المنبثِقة. ويجب أن تكون أي رسائل مُرسَلة عن طريق هذه الوسائل الإعلامية المشتراة متسِقةً مع قيم العلامة التجارية، وتتيح تواصلًا مركَّزًا يشجِّع على شراء عرض المنظمة أو التفاعل معه. وبفضل مجموعة الوسائل الإعلامية المختلفة المتاحة لعرض الإعلانات، يمكن للمسوِّق اختيار تلك التي ستكون أكثر فعالية في الوصول إلى المجموعة (أو المجموعات) المستهدَفة. فالمعلِنون عن أكواخ العطلات مثلًا قد يستهدفون مجلات مثل «كانتري ليفينج» والظهور في نتائج البحث عن العطلات على الإنترنت، أمَّا الإعلانات عن الفيتامينات المتعددة والمعدَّات الرياضية، فمن المرجَّح أن تظهر على شاشات التلفزيون وفي مجلات الصحة.
ينبغي تصميم الإعلانات بحيث تكون جذَّابة وبارزةً وسط كل هذا «الضجيج» الإعلاني في السوق. وتُعرَّف «حصة السلعة من الإعلانات» بأنها المجال الذي يسعى فيه المسوِّقون إلى مضاهاة حجم إنفاق منافسيهم على الإعلانات أو تجاوزه من أجل الحصول على النصيب الأعلى من الإعلانات. وهكذا أصبحت الإعلانات صارخةً بدرجة أكبر، وصارت أكثر إثارة وتطورًا لتبرز من بين مجموعة ضخمة من الإعلانات، وتستخدم تركيبات مختلفة من الصوت، واللون، والصور، والكلمات، والحركة.
بلغ إجمالي الإنفاق الإعلاني في عام ٢٠١٩ حوالَي ٥٦٠ مليار دولار، بزيادة طفيفة عن العام السابق. ووفقًا لتقرير «الإنفاق الإعلاني العالمي» في الفترة بين عامَي ٢٠١٠ و٢٠١٨، فإن أكبر مساهم في الإنفاق الإعلاني العالمي هو الولايات المتحدة، تليها الصين (بإنفاق يبلغ حوالَي نصف إنفاق الولايات المتحدة)، ثم اليابان، والمملكة المتحدة، وألمانيا. ونظرًا إلى أنَّ الإعلانات ناجحة جدًّا في جذب انتباه العملاء المحتمَلين إلى منتجات وقضايا، ولأنها أصبحت فعَّالة ومنتشرة جدًّا، فقد أصبحنا بارعين جدًّا في حجب (تجاهل) الرسائل التي لا تحمل أهميةً خاصة لنا. يُسمى هذا بلامبالاة المستهلِك أو الاهتمام الانتقائي. وللتغلب على لامبالاة المستهلِك، قد تستخدم المنظمات تقنيات نفسية مختلفة، كالترويج للحصرية أو الخوف، وليكُن مثلًا بإنشاء نكهات خاصة لرقائق البطاطس لا تتوفر إلا مدةً قصيرة، وبثِّ حالة من عدم اليقين، وإطلاق أفكار عاطفية مثل بيع الأحلام أو التخيلات بدلًا من أشياء واقعية.
وتُعَد عملية «وضع المنتج» أحد أشكال الإعلانات التي قد تكون أقل وضوحًا. وينطبق ذلك عندما توضع منتجات العلامات التجارية في الأفلام ومقاطع الفيديو والإنتاجات التلفزيونية بحيث ترتبط بهذا الإنتاج أو المشاهير الذين يظهرون فيه. وقد تكون عملية وضع المنتج صريحة، كما هي الحال في أفلام جيمس بوند التي غالبًا ما تتضمن لقطات مكثَّفة لسيارات «أستون مارتن». أو قد تكون أقل وضوحًا، كعرض العلامة أو الشعار في خلفية لقطة رئيسية، أو وضع زجاجة «كوكاكولا» المميزة على طاولة، أو ارتداء الشخصية الرئيسية لملابس من علامة تجارية معينة. وبالطبع يجب أن يتعامل المسوِّقون مع هذا الشكل من الإعلانات بعناية، وإلَّا فقد يصبح الإنتاج التلفزيوني مليئًا بعددٍ مُبالَغ فيه من الرسائل الإعلانية فلا يبرز أيٌّ منها.
ويستخدم المسوِّقون استمالات عقلانية (مركزية) وعاطفية (خارجية) لجذب الانتباه إلى عروضهم. وتُعَد الطريقة المركزية هي الأكثر عقلانيةً أو منطقية، وتُستخدم أساسًا لإثارة اهتمام المستهلِكين المحتمَلين بالمنتَجات «ذات الاستغراق العالي» الأغلى ثمنًا، التي تتطلب قدرًا كبيرًا من التفكير والتقييم قبل إجراء عملية الشراء، مثل شراء سيارة جديدة، أو شراء إحدى المعدات الكبيرة، أو العقارات، أو المفروشات، أو خدمة استشارية، أو خدمات قانونية. ونظرًا إلى ارتفاع سعر الشراء، فمن المرجَّح أن تكون الرسائل التسويقية أكثر اتسامًا بالطابع المعلوماتي، فتقدِّم حقائق وأرقامًا وتطمينات بخصوص جودة العرض.
أمَّا الطريقة الخارجية، فهي أكثر عاطفية، وتُستخدم في الأغلب لجذب المستهلِكين إلى المنتَجات «المنخفضة الاستغراق» التي تُشترى بصفة متكرِّرة وبتكلفة أقل نسبيًّا. وقد تستعين الرسائل التسويقية المروِّجة لهذه الأنواع من المنتَجات بسرد القصص والصور الملوَّنة والموسيقى المثيرة، كإعلانات جون لويس أو ماركس آند سبنسر في موسم احتفالات عيد الميلاد المجيد، التي تركِّز موضوعاتها مرارًا على المرح والسعادة خلال فترة العطلة.
هذا ويعتمد المسوِّقون اعتمادًا متزايدًا على إشراك قادة الرأي وصنَّاعه للمساعدة في التأثير على وجهات نظر المستهلِكين عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ وذلك لتعزيز رسائلهم الإعلانية (سواء للمنتَجات ذات الاستغراق المنخفض أو العالي). وكذلك توجد إعلانات كثيرة تصور بعض قادة الرأي (من المشاهير والمتخصصين) وهُم يستخدمون عرضًا معيَّنًا أو يُستعان بهم للترويج مباشرةً للعرض الذي تطرحه تلك الإعلانات. إذ ربما يظهر أحد الرياضيين وهو يروِّج لمعدات ذات صلة من علامة تجارية معيَّنة أو قد يشرح أحد الخبراء فوائد منتَج جديد، كأطباء الأسنان الذين يُوصون باستخدام أنواع معيَّنة من معجون الأسنان.
ترويج المبيعات
صُممت عروض ترويج المبيعات لتعزيز الشراء الاندفاعي، ويُمكن أن تكون فعَّالة في زيادة الوعي بالمنتَج ومعدل المبيعات خلال مدة العرض الترويجي. ولكن ينبغي عدم المبالغة في تكرار استخدام عروض ترويج المبيعات، وإلا فستصبح الميزة الإضافية التي يتيحها العرض راسخة كقاعدة ثابتة، وسيتوقع الزبائن توفُّرَها دائمًا.
يجب التخطيط لعروض ترويج المبيعات وتنفيذها بعناية فائقة. وتجدر الإشارة هنا إلى المثال السيئ السمعة الذي ضربته شركة هوفر يو كيه في أوائل التسعينيات حينما كانت ترغب في بيع وحدات إضافية من المكانس الكهربائية، ثم الغسالات لاحقًا. فمن أجل ذلك أطلقت الشركة حملةً ترويجية تعرض تذاكر طيران مجانية عند شراء هذه المنتَجات. ولسوء الحظ، فلأنَّ تكلفة تذاكر الطيران تكاد تكافئ تكلفة المنتجات المعروضة للبيع أو تتجاوزها، لاقى هذا العرض إقبالًا شديدًا جدًّا من العملاء لدرجة أنَّ الشركة وزَّعت منه كميةً أكبر مما ينبغي. ومن ثَم، تكبَّدت الشركة خسائر مالية ضخمة في الترويج، وفقدت السيطرة تمامًا على الإيفاء بالعرض، وهو ما تركها تُنازع دعاوى قضائية بسبب خرق العقد بالإضافة إلى الدعاية السيئة للغاية.
ويُمكن أن يكون استخدام العينات المجانية أو استراتيجية البيع بالخسارة لاجتذاب الزبائن ناجحًا، لا سيما عند إطلاق منتَج جديد. ويُعَد استخدام العينات المجانية شائعًا في ترويج المنتجات ذات الأسعار المنخفضة، كمستحضرات التجميل الملحقة بالمجلات. ويمكن استخدام استراتيجية الاجتذاب بالخسارة كإغراء لجذب المشتري إلى المنتَج أو المنظمة، مثلما يفعل المَتجر الكبير الذي يبيع الحليب والخبز بالخسارة لإغراء العملاء بالدخول إلى المتجر.
العلاقات العامة والدعاية
تتشابه العلاقات العامة مع الإعلانات في أنها تنقل معلومات إلى السوق العامة عن طريق مجموعة متنوعة من أدوات الإعلام، لكنها، بعكس الإعلانات، ليست مدفوعة الثمن. ووفقًا لإدوارد بيرنايز، أحد المتخصِّصين الأوائل في العلاقات العامة، فالهدف من العلاقات العامة هو نشر معلومات عن طريق إدخال أفكار في وعي الجمهور من خلال إطلاق قصص معينة في وسائل الإعلام على أمل أن تُنقَل أو تُدمَج في أخبار أخرى. وتُستخدم العلاقات العامة لبناء علاقات مع العملاء والمساهمين وأي أصحاب مصلحة آخرين والتوعية بأنشطة المنظمة. ومن الأمثلة الجيدة للعلاقات العامة منظمة تروِّج لتدشين منتَج جديد (كطراز سيارة جديد مثلًا)، وتدعو الصحفيين وكُتاب الأخبار إلى حضور العرض وتجربة المنتج. وهكذا من المتوقَّع أن يقدِّم الصحفيون الذين حضروا التدشين تقييمًا للمنتج الجديد في وسائل الإعلام خلال الأيام القليلة التي تلي هذا الحدث.
هذا وتتمثل مهمة اختصاصي العلاقات العامة في تكوين علاقات إيجابية مع المتخصصين الإعلاميين الرئيسيين والحفاظ عليها، وتتبُّع صُناع الرأي والفعاليات الإعلامية ذات الصلة في مجاله، وتقديم المشورة للمديرين التنفيذيين في المنظمة بخصوص كيفية التعامل مع وسائل الإعلام. وقد يشمل دوره كتابة البيانات الصحفية، وتصميم حملات الاتصال التسويقي، وترتيب المقابلات، وكتابة الخُطَب، وإدارة محتوى وسائل التواصل الاجتماعي، وإدارة سمعة المنظمة (بما في ذلك إدارة الأزمات)، والتعامل مع الدعاية للأحداث الإعلامية (كالأحداث التي ترعاها المنظمة). وعادةً ما تكون العلاقات العامة هي الأداة التي تستخدمها المنظمة عندما تحتاج إلى الاستجابة لأزمةٍ ما أو عندما تُضطر إلى نقل أخبار سيئة، مثل الحملة التي أطلقتها سلسلة مطاعم كيه إف سي تحت شعار «نحن آسفون» عندما خذلتها سلسلة التوريد في عام ٢٠١٨. وعِلاوةً على ذلك، فإن الحكومات كثيرًا ما تستخدم العلاقات العامة لنقل رسائل للمصلحة العامة، كمعلومات عن فيروس نقص المناعة البشرية، أو لمحاولة التأثير في الرأي العام.
ولممارسة أنشطة العلاقات العامة، يحتاج المسوِّقون إلى فهم مخاوف أصحاب المصلحة في المنظمة واهتماماتهم وكيفية ارتباطهم بالعلامة التجارية للمنظمة وأهدافها وغاياتها. وعادةً ما كانت العلاقات العامة تعتمد على وسائل الإعلام مثل التلفزيون، والراديو، والمجلات، والصحف، أمَّا الآن، فيجب على مسئولي العلاقات العامة أن يكونوا مُلمِّين بكيفية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الرقمية الأخرى. وبالرغم من صعوبة قياس فاعلية العلاقات العامة عدديًّا، اقترحت جمعية العلاقات العامة الأمريكية إمكانية قياس التفاعل من خلال ردود الفعل (مثل «الإعجابات» و«التعليقات على وسائل التواصل»)، وعدد مرات الظهور (مدى انتشار المعرفة بالمنتج أو الخدمة على نطاق واسع)، والوصول (كيفية انتشار الخبر عبر وسائل الإعلام المختلفة)، والإشارات (عدد مرات ظهور الخبر في الوسائل الإعلامية المختلفة)، والعناصر التي نشأت أصلًا من وسائل إعلامية رقمية (وهذه تقيس أي محتوى، أو مدوَّنات، أو منشورات، وما إلى ذلك).
الرعاية التجارية
تُعَد هذه أداةَ تواصُل أخرى مصمَّمة لجذب الانتباه بتقديم الدعم المالي لفعالية، أو نشاط، أو شخص، أو مجموعة تحظى باهتمام عامة الناس. فمقابل هذا الدعم المالي، عادةً ما تسنح فرصة للترويج للمنظمة بطريقة ما، ربما بعرض شعارها أو ذِكر منتَجاتها. وقد تكون بعض الأحداث التي تُرعى تجاريًّا مرتبطة بأعمال المنظمة أو قطاعها، لكن البعض الآخر قد تقتصر علاقته بها على أنه يتيح الفرصة لتعريف الجمهور بالمنتج من أجل زيادة وعي العملاء بالمنظمة أو لبناء العلامة التجارية فحسب. ومن المهم في صفقات الرعاية التجارية أن يفهم كلا الطرفين ما ينطوي عليه الأمر وما هو مطلوب وما النتائج المحتملة. وكذلك توجد بعض التحديات التي تواجه إبرام اتفاقيات الرعاية التجارية. فإذا فشلت المجموعة أو الفرد الذي يحظى بالرعاية التجارية في تحقيق النجاح المنتظَر أو ارتبط اسمه بفضيحة ما، فعندئذٍ قد يتأثر الراعي بهذا الفشل، وربما يتعرض لدعاية سلبية. وفوق ذلك، من الصعب قياس مدى نجاح الرعاية التجارية في التوعية بالعلامة التجارية أو المنتج في أذهان العملاء المحتمَلين، وهذا من التحديات الشهيرة. وعلى سبيل المثال، عندما كان تايجر وودز يعاني مشكلات في حياته الزوجية ووردت تقارير عن سلوكه في الصحافة، أنهت شركتا جنرال موتورز وإيه تي آند تي صفقات الرعاية معه.
وتتمثل إحدى فوائد الرعاية التجارية في أن النشاط الذي يحظى بالرعاية، وليكُن حدثًا رياضيًّا أو حفلًا خيريًّا على سبيل المثال، يمكن أن يجعل العميل المحتمل يشعر بالإيجابية، ثم تُربَط هذه المشاعر الإيجابية باسم المنظمة. ومن الناحية النظرية، كلما زاد مقدار الدعم المالي الذي يقدِّمه الراعي، أصبح حجم التغطية التي تتلقَّاها المنظمة في الحدث أكبر. ويجوز للراعي الرئيسي لحدث دولي، كالألعاب الأولمبية، أن يتفاوض على أحقية استخدام صورة الحدث في عروضه الترويجية، على غرار عبارة «كوكاكولا، الراعي الرسمي للألعاب الأولمبية». ويُذكَر هنا أنَّ شركة باناسونيك دفعت، في عام ٢٠١٦، ٣٥٠ مليون دولار مقابل عقد رعاية تجارية لمدة ثماني سنوات يشمل أربع دورات أولمبية (صيفية وشتوية).
التسويق المباشر
يتيح التسويق المباشر الفرصة للمسوِّق للتواصل مباشرةً مع العملاء والمستهلِكين. وقد تُجرى عملية التسويق المباشر بعدة طرق، كأن تكون عبر الإنترنت، أو نشرات إعلانية، أو البريد الورقي العادي، أو رسائل نصية، على سبيل المثال. وتكمُن أهمُّ ميزة للتسويق المباشر في إمكانية قياس الاستجابة للعروض الترويجية، خاصةً عندما يُطلَب من العميل إعادة قسيمة أو تقديم تعليق أو التقدم بطلب للحصول على عرض. والميزة الأخرى للتسويق المباشر هي إمكانية استهداف شريحة العملاء المناسبة بدقةٍ كبيرة وتقديم عرض قيمة مُقترَحة واضح لهم. وبفضل تطور الإنترنت، صارت إدارة التسويق المباشر أرخص وأسهل (من حيث تجميع البيانات عن المستجيبين وقياس معدلات الاستجابة)؛ إذ يمكن معرفة عدد زوار الصفحة الرئيسية للموقع الرسمي وتتبع نشاطاتهم التالية على الموقع. وبطبيعة الحال، فإنَّ الاستجابة المثلى لحملات التسويق المباشر هي قياس المبيعات الفعلية الناتجة من التواصل مع العملاء.
غير أنَّ إقامة حملات التسويق المباشر قد تتضمن بعض المشكلات، مثل عدم رضا العملاء عن حجم التواصل الذي يتلقَّونه (كأن ينهال عليهم عددٌ مُبالَغ فيه من الرسائل الإلكترونية المنشأة بالكمبيوتر، مثل رسائل البريد العشوائي المُزعِج والخطابات والرسائل غير المرغوب فيها)، أو أن تكون رسالة التسويق المباشر غير مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالمجموعة المستهدَفة. والنتيجة أن معدل التحول من التواصل إلى مبيعات فعلية يصبح ضعيفًا للغاية. لكنَّ المسوِّقين يواصلون استخدام التسويق المباشر، ويدركون وجود فوائد مالية لزيادة الوعي المستهدَف بعروض المنظمة.
التسويق القائم على الفعاليات والمعارض
ينطبق هذا النوع من التسويق عندما تقدِّم المنظمة عروضها مباشرةً للمستهلِكين والعملاء في حدث تفاعلي. فالفعاليات التشاركية تتيح التواصل المباشر بين المنظمة والمشترين، وبذلك يمكن إقامة علاقات وتعزيزها، والإجابة عن الأسئلة وعرض منتجات جديدة وتجربتها. ووفقًا لمعهد «التسويق القائم على الفعاليات»، فإنَّ أكبر أنواع فعاليات المستهلكين التسويقية تقام في مراكز المؤتمرات الوطنية، وتُصمَّم لجذب عملاء مستهدَفين محدَّدين، كمعارض السيارات، أو معرض «أيديال هوم» أو معرض «سيبِت»، على سبيل المثال. يُروَّج لهذه الفعاليات الضخمة بدعاية إعلانية واسعة النطاق، وتجتذب الآلاف من المشترين المحتمَلين على مرِّ فترةٍ تتراوح بين يومَين وخمسة أيام. وتتسم مثل هذه الفعاليات بتنافسية شديدة؛ لأنها تشهد تقديم منتجاتٍ جديدةٍ للمشترين المهتمين بالمنتج، فيما يحاول العارضون جميعًا تقديم عروض أكثر جاذبية وإثارة من عروض منافسيهم.
وبالإضافة إلى هذه الفعاليات الكبيرة، توجد معارض تجارية أصغر نطاقًا مقتصِرة على مجال معيَّن تستهدف العملاء على مستوى التعامل بين الشركات مباشرة. وتتيح المعارض التجارية للمشترين مقارنة العروض وإبرام صفقات جديدة مع مورِّديهم. وصحيح أنَّ أي نوع من الفعاليات التسويقية أو المعارض يستلزم جهدًا مكثَّفًا جدًّا، ويستغرق إعداده قدرًا كبيرًا من الوقت، ويحتاج إلى عدد كبير من الموظفين والموارد، لكن أغلب الحضور يشيرون إلى أنهم من المرجَّح أن يشتروا المنتجات التي يُروَّج لها في هذه الفعاليات.
البيع الشخصي
يحدث البيع الشخصي عندما يلتقي مندوب مبيعات بعميل أو زبون محتمل من أجل دخول صفقة أو تبادل لبيع شيء ما. وعلى عكس الأنشطة الترويجية التقليدية الأخرى، يتيح البيع الشخصي اتصالات متبادلة مع العملاء، وهو ما يسمح لمندوب المبيعات بتهيئة عرض المبيعات بما يُلبِّي متطلبات العميل، وجمع معلومات عن السوق، وتقديم تفاصيل إضافية عن المنتجات التي تُباع. ويُعرَف مندوب المبيعات بأنه عضو متخصص في فريق التسويق يتمتع بمهارات التفاوض وبناء العلاقات والتواصل مع الأشخاص، بالإضافة إلى امتلاكه معرفة كبيرة بالمنتجات والخدمات التي تقدِّمها المنظمة. يمكن إجراء معاملات البيع عبر الهاتف والإنترنت، وكذلك عبر التواصل المباشر وجهًا لوجه. ويمكن أن يمارس مندوبو المبيعات عملهم في سياقات مختلفة، من بينها مكان عمل العميل، أو في المعارض، أو في أماكن البيع بالتجزئة، أو عبر الإنترنت، أو في المكاتب. وأينما تحدث تعاملات البيع، يظل البيع الشخصي هو أكثر الطرق إقناعًا بين الطرق المتاحة للمسوِّق من أجل تحقيق المبيعات.
التسويق الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي
تركِّز نسبةٌ كبيرة من جميع الأنشطة الإعلانية والتسويقية الآن على الأنشطة عبر الإنترنت، نظرًا إلى ارتفاع عائدات التسويق الرقمي. ومن فوائد التسويق الرقمي أنه يتيح فرصة الوصول إلى موقع المنظمة الإلكتروني من مواقع أخرى بمجرد «ضغطة زر»، وذلك من خلال الإعلانات المدفوعة أو محركات البحث. وتوجد مجموعة من التقنيات للإعلان عبر الإنترنت، من بينها اللافتات، والإعلانات المنبثِقة، ومقاطع الفيديو، ورسائل البريد الإلكتروني التي تتضمن عروضًا خاصة، وغالبًا ما تحتوي كل هذه الوسائل على روابط إلى موقع المنظمة الإلكتروني على الإنترنت. وباستجابة العملاء للتسويق الرقمي، فإنهم يختارون التعامل مباشرة مع المنظمة. وكذلك تتيح التفاعلات مع موقع المنظمة الإلكتروني فرصة لتطوير أبحاث التسويق. إذ يمكن للمنظمات جمع بيانات من العملاء مباشرة بخصوص تفضيلاتهم، ثم استخدامها لإعداد ملفات تعريف العملاء، والتحليل السلوكي، وتحديد الشرائح المستهدَفة المربحة، وكذلك مساعدة تلك المنظمات لقياس مدى نجاحها في السوق. وفوق ذلك، تتيح العديد من مواقع تتبع شبكات التواصل الاجتماعي، مثل موقع جوجل أناليتكس، مقاييس وبيانات عن أنشطة المشاركين الرقميين.
تتمثل مزايا التسويق الرقمي في أنه يتسم بانتشار كبير وفوري، بالإضافة إلى إمكانية إجراء إضافات وتغييرات عليه بشكل مستمر. يمكن للتسويق تحديد الموضوعات ذات الصلة بالعملاء المستهدَفين وتركيز عمليات الاتصال على هذا الموضوع. وفي هذا الصدد، فإنَّ أفضل خمسة مواقع إعلامية عالمية للإعلان هي «جوجل» و«فيسبوك» و«علي بابا» و«أمازون» و«تينسنت». ووفقًا لتحليل أُجري عام ٢٠١٨، يُستخدم ٤٠ في المائة من ميزانيات عملاء تلك المواقع الآن للتسويق عبر الإنترنت، مع معدل نمو يتراوح بين ٢٠ و٣٠ في المائة في المحتوى الرقمي، بينما ينمو الإنفاق الإعلاني القياسي بنسبة حوالَي ٢ في المائة فقط سنويًّا. ولكن توجد مشكلة متأصِّلة في جميع أشكال المحتوى الموجود على الإنترنت، وهي ضِيق المجال المتاح لجذب انتباه الأفراد قبل نقرهم للانتقال إلى صفحات أخرى. فمن الممكن مثلًا عرض إعلانات قبل مقاطع الفيديو عبر «يوتيوب»، ولكن نظرًا إلى خيار رفض الإعلانات عبر الإنترنت، يجب على الشركات إدراج اسمها والغرض من الإعلان في غضون أول ثلاث ثوانٍ أو خمس من تشغيله.
هذا وتسعى المنظمات إلى تحقيق نتائج مختلفة من التسويق الرقمي، وتشمل:
-
استقطاب عملاء محتمَلين.
-
إشراك عملاء حاليين ومحتمَلين.
-
تعزيز ظهورها على أنها ذات خبرة.
-
جذب انتباه وسائل الإعلام والمؤثرين.
-
حث الأشخاص على الاشتراك في الرسائل الإخبارية للمنظمة أو ندواتها أو فعالياتها أو تنزيلاتها (ندوات عبر الإنترنت).
-
إظهار تأثير المنظمة برفع عدد الأشخاص الذين يُعجَبون بصفحاتها ويتابعونها.
من السهل تحديد المزايا النسبية لكلٍّ من التسويق الرقمي والتقليدي. فكلاهما يتسم بمدى وصول عالمي واسع النطاق إلى مجموعات مختلفة من العملاء. لكنَّ وسائل الإعلام التقليدية قد تكون أكثر تركيزًا على مجموعة معيَّنة من المستخدِمين أو المنتَجات، وتتسم بالمركزية في إنتاجها. ولذلك، فعندما تصل رسائلها إلى العميل، ربما يكون ذلك بعد فوات الأوان المناسب، وذلك بسبب وجود فجوة زمنية بين إنشاء المحتوى وتوزيعه. أمَّا المحتوى الرقمي، فيتيح معدل استجابة أسرع، ويمكن تكييفه بسرعة أكبر مع احتياجات السوق المتغيرة.
يمكن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كجزء من العروض الترويجية، وتتيح بيئةً تستطيع فيها المنظمات التواصل مع عملائها، ويستطيع فيها العملاء التعقيب على ما تقدِّمه المنظمة والرد على التعليقات، وهو ما يعني أن العروض الترويجية على وسائل التواصل الاجتماعي تتكون أساسًا من محتوًى يُنتجه العملاء. فعلى سبيل المثال، يمكن استخدام منتديات العملاء للتأثير على التفكير أو إتاحة «مجسٍّ تجريبي» للشركات التي تعلن على الإنترنت. وكذلك تستفيد منظمات كثيرة من وسائل التواصل الاجتماعي لنشر تعليقات إيجابية مصمَّمة للتأثير على الأفراد الذين يستخدمون منتجاتها ويقيِّمونها عبر الإنترنت، وهو ما قد يؤدي إلى تكوين مجموعات من عملاء مخلصين. ويمكن للمسوِّقين أيضًا تتبع تفاعل العملاء المحتملين مع موضوعات معينة من خلال استخدامهم لوسائل التواصل الاجتماعي. وغالبًا ما تستخدم المنظمات ملفات تعريف الارتباط على المواقع الإلكترونية لتسجيل إعجابات العملاء ومتابعاتهم واهتماماتهم لتحديدِ ما يبحثون عنه، وتقديم إعلانات وتعليقات مرتبطة بتفضيلاتهم؛ حتى تتمكن من مطابقة ذلك مع ما تُقدِّمه؛ ومن ثَم تلبية احتياجات العملاء.
غير أنَّ أحد أخطار الاستعانة بوسائل التواصل الاجتماعي يتمثَّل في أن التسويق أنَّ قدرة المسوِّقين على التحكم فيها أضعف من قدرتهم على التحكم في وسائل الإعلام التقليدية، التي عادةً ما تتحكم المنظمة في محتواها وتوزيعها. وكذلك توجد مشكلات مُصاحِبة للكيفية التي تُنشأ بها بعض نوعيات المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي. فعلى سبيل المثال، وظَّفت شركة فيسبوك مؤخرًا حوالَي ٣٠ ألف شخص لمراقبة المحتوى على موقعها وإزالة العناصر المسيئة. وإذا انتشر أي موضوع على وسائل التواصل الاجتماعي انتشارًا سريعًا، فإنه ينتقل من شخص إلى آخر، ومن موقع تواصل اجتماعي إلى موقع تواصل اجتماعي آخر حتى ينتشر في جميع أنحاء العالم. وتجدر الإشارة هنا إلى أنَّ فرص إقامة روابط بالأشخاص عبر أنحاء العالم تتيح للشركات خيارات رخيصة تمكنها من تعزيز مصداقيتها، ونشر رسائل علامتها التجارية، والتأثير في تصورات عملائها. ولذا فإنَّ الشركات والعلامات التجارية في وقتنا الحاضر ستجد صعوبة في المنافسة إذا لم تستخدم التسويق الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي.