اللوح الحادي عشر
-
(١) قال له جلجاميش، قال لأوتنابشتيم البعيد:
-
(٢) «إذا نظرت إليك يا أوتنابشتيم،
-
(٣) (وجدت) هيئتك غير مختلفة؛ فأنت مثلي!١
-
(٤) بل إنك لا تختلف (عني)؛ فأنت مثلي!
-
(٥) كان قلبي متأهبًا (تمام التأهب) للصراع معك،
-
(٦) غير أن ذراعي لا يحرك ساكنًا (ضدك)!٢
-
(٧) قل لي (إذن): كيف دخلت في زمرة الآلهة ونلت الحياة (الخالدة)؟»
-
(٨) قال له أوتنابشتيم، قال لجلجاميش:
-
(٩) «سأكشف لك، يا جلجاميش، عن أمر خفي،
-
(١٠) سأطلعك على سر (من أسرار) الآلهة.
-
(١٢) الواقعة على شاطئ الفرات.
-
(١٣) كانت هذه المدينة قد شاخت، (كما شاخ) الآلهة (المقيمون؟) فيها،
-
(١٤) والآلهة العظام حثتهم قلوبهم على إرسال الطوفان؛
-
(١٥) فتشاوروا٥ (في الأمر) بينهم: أبوهم «آنو»،
-
(١٦) و«إنليل» البطل، مستشارهم،
-
(١٧، ١٨) و«نينورتا» وزيرهم، وإينوجي نائبهم (المشرف على السدود)،
-
(١٩) ونينبحيكو — إيا الذي كان حاضرًا معهم،
-
(٢٠) ونقل كلامهم إلى كوخ القصب (وقال):
-
(٢١) «كوخ القصب! يا كوخ القصب! أيها الجدار! أنت يا جدار!
-
(٢٢) اسمع يا كوخ القصب، وافهم يا جدار!٦
-
(٢٣) يا رجل شروباك، يا ابن أوبار-توتو!٧
-
(٢٤) اهدم دارك، ابن سفينة.
-
(٢٥) اترك الثروة، واسع إلى الحياة (الخالدة؟).
-
(٢٦) تخلَّ عما تملك، وانج بنفسك،
-
(٢٧) واحفظ في السفينة كل (أنواع) البذور الحية؛
-
(٢٨) السفينة التي عليك أن تبنيها،
-
(٢٩) وينبغي أن تضبط مقاييسها،
-
(٣٠) ويكون عرضها مساويًا لطولها،
-
(٣١) وأن تجعل سطحها مثل (سطح) «الآبسو».»٨
-
(٣٢) لما فهمت ما قال، خاطبت ربي «إيا» بقولي:
-
(٣٣) «أمرك، يا سيدي، الذي وجهته إليَّ،
-
(٣٤) قد وعيته وسوف أطيعه،
-
(٣٥) لكن ماذا أقول للمدينة، كيف أرد (على أسئلة) الناس والشيوخ؟»٩
-
(٣٦) فتح فمه للكلام،
-
(٣٧) وقال لي، قال لعبده:
-
(٣٨) «أنت يا رجل، عليك أن تقول لهم:
-
(٣٩) يبدو أن إنليل لا يطيقني،١٠
-
(٤٠) فلا يجوز لي العيش في مدينتكم بعد اليوم،
-
(٤١) ولا أن أضع قدمي أبدًا على أرض إنليل،
-
(٤٢) لهذا أنوي النزول إلى «الآبسو»،
والعيش مع سيدي «إيا».
-
(٤٣) أما أنتم فسيمطركم خيرًا وفيرًا،
-
(٤٤) أسرابًا من الطيور، و… من الأسماك،
-
(٤٥) سوف يجود عليكم بالحصاد الوافر،
-
(٤٦) وينزل عليكم في الصباح بقولًا،
-
(٤٧) وفي المساء يرسل عليكم مطرًا من الحنطة.»
-
(٤٨) لم تكد تلوح أضواء الصباح،
-
(٤٩) حتى تجمَّع (أهل) البلد من حولي،
-
(٥٠) حمل بعضهم الأضاحي من الأغنام المنتقاة،
-
(٥١) والبعض الآخر جلب (معه) الأضاحي من أغنام البراري.١١
-
(٥٢) … الرجال …
-
(٥٣) … السر.
-
(٥٤) أحضر الأطفال القار،
-
(٥٥) وأحضر الأقوياء … المئونة (الضرورية).
-
(٥٦) في اليوم الخامس صممت هيكلها.١٢
-
(٥٧) كانت مساحة أرضيتها (حقلًا) واحدًا،١٣
وارتفاع جدرانها مائة وعشرين ذراعًا،
-
(٥٨) وطول كل جانب من جوانب سطحها الأربعة مائة وعشرين ذراعًا.
-
(٥٩) حددت شكلها الخارجي على الصورة التالية:
-
(٦٠) جعلت فيها ست أرضيات،
-
(٦١) وقسمتها إلى سبعة طوابق.
-
(٦٢) قسمت بنيتها تسعة أقسام،١٤
-
(٦٣) وغرزت في وسطها أوتاد الماء.١٥
-
(٦٤) حرصت على (وضع) المراد فيها، وخزنت فيها المؤن:١٦
-
(٦٥) ست وزنات من القار سكبتها في الكور،١٧
-
(٦٦) وثلاث وزنات من القطران،
-
(٦٧) وجلب حاملو السلال ثلاث وزنات من الزيت،
-
(٦٨) فضلًا عن وزنة زيت استهلكها عجن الدقيق،
-
(٦٩) ووزنتين من الزيت قام ملاح السفينة بتخزينهما.
-
(٧٠) نحرت عجولًا للناس،١٨
-
(٧١) وذبحت الأغنام كل يوم،
-
(٧٢) سقيت الصناع عصير العنب ونبيذ السمسم،
-
(٧٣) والزيت والخمر؛ فشربوا كأنهم يشربون ماء النهر،
-
(٧٤) واحتفلوا كأنهم في عيد رأس السنة!
-
…١٩
-
(٧٦) تم بناء السفينة في اليوم السابع مع غروب الشمس،
-
(٧٧) وكان من الصعب …
-
(٧٨) وكان عليهم … من أعلى ومن أسفل،
-
(٧٩) حتى غاصت السفينة إلى ثلثيها في الماء.
-
(٨٠) كل ما كنت أملك حملته فيها،
-
(٨١) كل ما كنت أملك من فضة حملته فيها،
-
(٨٢) كل ما كنت أملك من ذهب حملته فيها،
-
(٨٣) كل ما كنت أملك من بذور الحياة حملته فيها،
-
(٨٤) أركبت في السفينة كل أهلي وعشيرتي،
-
(٨٥) أركبت فيها حيوان البر وحيوان الحقل،
وتركت جميع الصناع يركبونها،
-
(٨٦) كان شمش قد حدَّد لي المهلة على هذه الصورة:٢٠
-
(٨٧) «في الصباح سأرسل بقولًا٢١ وفي المساء أمطر حنطة،
-
(٨٨) وعندها ادخل السفينة وأغلق (عليك) بابك.»
-
(٨٩) حلَّ الموعد المضروب (لهذه المهلة)؛
-
(٩٠) ففي الصباح نزلت البقول،٢٢ وفي المساء أمطرت حنطة.
-
(٩١) تأملت حالة الجو؛
-
(٩٢) كان منظره مخيفًا،
-
(٩٣) دخلت السفينة وأغلقت بابي،
-
(٩٤) وللملاح «بوزور-آموري» الذي قام بطلاء السفينة بالقار،
أسلمت قياد القصر بكلِّ ما فيه من متاع.٢٣ -
(٩٦) ما إن لاحت أنوار الصباح،
-
(٩٧) حتى صعدت من قاع السماء سحب سوداء.
-
(٩٨) أرعد في داخلها (الإله) أدد،٢٤
-
(١٠٠) (اللذان) يطلقان النذير في الجبال والسهول.
-
(١٠١) انتزع إيراجال عمود السفينة،
-
(١٠٢) وتبعه «نينورتا» (ففتح السدود) لتنهمر المياه من حوض الماء.٢٧
-
(١٠٣) رفع «الآنوناكي» المشاعل،
-
(١٠٤) ليحرقوا الأرض بوهجها المخيف،
-
(١٠٥) وانقبضت السماوات من (رعود) أدد،
-
(١٠٦) فأحالت كل نور إلى ظلام،
-
(١٠٧) وتحطمت الأرض الشاسعة (كما تتحطم) آنية من فخار.
-
(١٠٨) هبَّت عاصفة الجنوب يومًا كاملًا …
-
(١٠٩) وتعاظمت شدتها حتى غطت الجبال بالماء،٢٨
-
(١١٠) وأهلكت البشر كأنها الحرب (الضروس).
-
(١١١) (صار) الأخ لا يرى أخاه،٢٩
-
(١١٢) وبات البشر لا تتعرف عليهم السماء.
-
(١١٣) ذعر الآلهة من هذا الطوفان،
-
(١١٤) فولَّوا هاربين إلى سماء آنو؛
-
(١١٥) أفعى الآلهة كالكلاب خارج الجدار.
-
(١١٦) صرخت عشتار٣٠ كامرأة في المخاض،
-
(١١٧) ناحت سيدة الآلهة وصاحبة الصوت العذب:
-
(١١٨) «ليت ذلك اليوم تحول إلى طين،٣١
-
(١١٩) لما أمرت بالشر في مجمع الآلهة.
-
(١٢٠) كيف طاوعتني نفسي أن آمر بالشر في مجمع الآلهة،
-
(١٢١) وتسليط الحرب على أبنائي البشر لتهلكهم؟
-
(١٢٢) أنا التي ولدت أبنائي البشر الأحباء،
-
(١٢٣) وها هم يملئون البحر كصغار الأسماك!»
-
(١٢٤) ناحت معها آلهة الآنوناكي.
-
(١٢٥) جلسوا يبكون مُنكَّسِي الرءوس،
-
(١٢٦) وبشفاه متيبسة ينتحبون.
-
(١٢٧) ستة أيام وسبع ليال،
-
(١٢٨) والريح تعصف، والطوفان (يسيل)،
والزوابع تهب من الجنوب وتغطي البلاد.
-
(١٢٩) ولما طلع نهار اليوم السابع،
هدأت زوابع الجنوب وغيض الطوفان وخفت وطأة القتال، -
(١٣٠) بعد أن اشتدت ضرباتها كامرأة في المخاض.
-
(١٣١) هدأ البحر وسكنت (أمواجه)،
وتوقف الإعصار (وتراجع) الطوفان.
-
(١٣٢) فتحت الطاقة، سقط الضوء على وجهي،
-
(١٣٣) وتطلعت إلى اليابسة: الصمت حولي،
-
(١٣٤) وجنس البشر بأجمعه تحول إلى طين،
-
(١٣٥) والوادي مستوٍ كسطح (البيوت)؛٣٢
-
(١٣٧) وعلى وجهي انسابت الدموع.
-
(١٣٨) تطلعت إلى البحر (بحثًا عن) السواحل،
-
(١٣٩) (فأبصرت) جزيرة ترتفع مائة وأربعة وأربعين ذراعًا،
-
(١٤٠) وأخذت السفينة تقترب من جبل نصير.٣٥
-
(١٤١) أمسك جبل نصير بالسفينة، ومنعها من الاهتزاز.
-
(١٤٢) ومضى يوم، ويوم ثان، والجبل ممسك بالسفينة،
يمنعها من الاهتزاز.
-
(١٤٣) ومضى يوم ثالث ورابع والجبل ممسك بالسفينة،
يمنعها من الاهتزاز.
-
(١٤٤) ويوم خامس وسادس والجبل ممسك بالسفينة،
يمنعها من الاهتزاز.
-
(١٤٥) حتى إذا أَقْبَل اليوم السابع،
-
(١٤٦) (أتيت) بحمامة وأطلقتها،٣٦
-
(١٤٧) وطارت الحمامة (بعيدًا)، ثم رجعت؛
-
(١٤٨) لم تقع عينها على مكان تحط فيه، فاستدارت راجعة.
-
(١٤٩) (أتيت) بسنونو وأطلقتها،
-
(١٥٠) طارت السنونو بعيدًا، ثم رجعت؛
-
(١٥١) لم تقع عينها على مكان تحطُّ فيه، فاستدارت راجعة.
-
(١٥٢) (أتيت) بغراب وأطلقته:
-
(١٥٣) طار الغراب كذلك بعيدًا، ولما رأى المياه انحسرت،
-
(١٥٤) أخذ يأكل، ويحوم وينعق، ولم يرجع.
-
(١٥٥) عند ذاك تركتهم يخرجون إلى الرياح الأربع،٣٧
وقدمت أضحية،
-
(١٥٦) وقرَّبت قربانًا على قمة الجبل:٣٨
-
(١٥٧) وضعت سبع قدور (للسكائب) وسبعًا،
-
(١٥٨) ألقيت في أوعيتها القصب، وخشب الأرز، والآس.
-
(١٥٩) تشممت الآلهة شذاها.
-
(١٦٠) أجل تشممت شذاها العطر،
-
(١٦١) فتزاحمت كالذباب على مقرب القربان،
-
(١٦٢) وما إن أقبلت «ماخ»،٣٩
-
(١٦٣) حتى رفعت عقد الجواهر الذي صنعه «آنو» لإرضائها:
-
(١٦٤) «أيها الآلهة المجتمعون هنا، كما أنني لا أنسى،
هذا العقد اللازوردي (الذي يطوق) جيدي،
-
(١٦٥) فسأظل أذكر هذه الأيام ولن أنساها أبدًا،
-
(١٦٦) ليتقدم الآلهة إلى القربان،
-
(١٦٧) إلا إنليل فليس له أن يقترب منه؛
-
(١٦٨) لأنه أرسل الطوفان بغير تروٍّ،
-
(١٦٩) وأسلم (خلقي) من البشر إلى الهلاك.»
-
(١٧٠) وما إن جاء إنليل،
-
(١٧١) وأبصر السفينة حتى (اشتد) غضبه،
-
(١٧٢) وامتلأ حنقًا على آلهة (الإيجيجي):٤٠
-
(١٧٣) «كيف نجت نفس واحدة،
وقد (قضيت) بألَّا ينجو أحد من الهلاك؟!»
-
(١٧٤) فتح (نينورتا)٤١ فمه للكلام وقال لإنليل البطل:
-
(١٧٥) «ومَنْ ذا الذي يدبِّر شيئًا غير «إيا»؟٤٢
-
(١٧٦) كذلك يعرف «إيا» كل ما يتم صنعه.»٤٣
-
(١٧٧) فتح «إيا» فاه للكلام وقال لإنليل البطل:
-
(١٧٨) «أيها البطل، أنت يا أكثر الآلهة فطنةً (وذكاءً)،
-
(١٧٩) آه! كيف أحدثت الطوفان بغير تروٍّ؟
-
(١٨٠) حمِّل المخطئ (ذنب) خطيئته،
والمعتدي (إثم) عدوانه.
-
(١٨١) وأرخِ (الخيط) حتى لا ينقطع،وتشدد، حتى لا …٤٤
-
(١٨٢) بدلًا من أن ترسل طوفانًا،
دَعْ أسدًا ينقص عدد الناس!
-
(١٨٣) بدلًا من أن ترسل طوفانًا،
دَعْ ذئبًا ينقص عدد الناس!
-
(١٨٤) بدلًا من أن ترسل طوفانًا،
لتنزل بالبلاد مجاعة تفتك بها!
-
(١٨٥) بدلًا من أن ترسل طوفانًا،
لينهض «إيرا» ويخنق البشر!٤٥ -
(١٨٦) أمَّا أنا فلم أفشِ سر الآلهة العظام،
-
(١٨٧) (بل) جعلت الحكيم (اللبيب) يرى حلمًا (في المنام)،٤٦
فأدرك سر الآلهة.
-
(١٨٨) والآن أشر في أمره!»
-
(١٨٩) عندئذٍ صعد «إنليل» إلى السفينة،
-
(١٩٠) أخذ بيدي وأركبني فيها،
-
(١٩١) وأركب زوجتي وجعلها تركع بجواري،
-
(١٩٢) ولمس جبهتينا، وهو واقف بيننا، وباركنا (قائلًا):
-
(١٩٣) «لم يكن أوتنابشتيم من قبلُ سوى واحد من أبناء البشر،
-
(١٩٤) فليشبهنا نحن الآلهة من الآن؛
أوتنابشتيم وزوجه!
-
(١٩٥) وليسكن أوتنابشتيم
بعيدًا عند فم الأنهار!»
-
(١٩٦) ثم أخذوني وأسكنوني بعيدًا عند فم الأنهار،
-
(١٩٧) لكن من يجمع لك (شمل) الآلهة الآن،
-
(١٩٨) لتعثر على الحياة (الخالدة) التي تبحث عنها؟٤٧
-
(١٩٩) هيا أَسْلِم نفسك للنوم، ستة أيامٍ وليالٍ سبع!»
-
(٢٠٠) لما جلس على الأرض،
-
(٢٠١) لمسه النوم (لمس) الضباب.
-
(٢٠٢) قال لها أوتنابشتيم، قال لزوجته:
-
(٢٠٣) «انظري إلى الرجل الذي طلب الحياة (الخالدة)!
-
(٢٠٤) إن النوم يلمسه (لمس) الضباب!»
-
(٢٠٥) قالت له زوجته، قالت لأوتنابشتيم:
-
(٢٠٦) «المس الرجل لكي يستيقظ،
-
(٢٠٧) ليرجع بسلامٍ على الطريق الذي جاء منه،
-
(٢٠٨) وليعد إلى وطنه ويدخل من الباب الذي خرج منه!»
-
(٢٠٩) قال لها أوتنابشتيم، قال لزوجته:
-
(٢١٠) «خداعون هم البشر، وسوف يخدعك أنت أيضًا،
-
(٢١١) هيا انهضي، اخبزي له أرغفة (و) ضعيها عند رأسه،
-
(٢١٢) والأيام التي نامها، أشري علامتها على الجدار.»
-
(٢١٣) خبزت له أرغفة، وضعتها عند رأسه،
-
(٢١٤) والأيام التي نامها (أثبتت) علامتها على الجدار.
-
(٢١٥) صار رغيفه الأول يابسًا،
-
(٢١٦) وانكمش الثاني، وبقي الثالث رطبًا،
-
(٢١٧) والرابع أبيض (لونه)، (وهو) رغيفه المحمر،(وأما) الخامس فقد حال لونه، والسادس قد خُبِزَ لتوِّه،
-
(٢١٨) ومع السابع، لمسه فاستيقظ (من نومه).
-
(٢١٩) قال له جلجاميش، قال لأوتنابشتيم البعيد:
-
(٢٢٠) «لم يكد النوم ينسكب٤٨ عليَّ،
-
(٢٢١) حتى عاجلتني بلمسة أقضَّت مضجعي!»
-
(٢٢٢) قال له أوتنابشتيم، قال لجلجاميش:
-
(٢٢٣) «تعال وعُدَّ يا جلجاميش، عُدَّ أرغفتك،
-
(٢٢٤) ولتعرفك العلامات المرسومة على الجدار!٤٩
-
(٢٢٥) إن رغيفك الأول قد تيبس،
-
(٢٢٦) والثاني انكمش، والثالث لم يزل رطبًا،
والرابع، وهو رغيفك المحمر، قد ابيضَّت (قشرته)،
-
(٢٢٧) والخامس حال لونه، والسادس خُبِزَ لتوه،
-
(٢٢٨) ومع السابع، استيقظ (من النوم).»
-
(٢٢٩) قال له جلجاميش، قال لأوتنابشتيم:
-
(٢٣٠) «آه! ماذا أعمل؟ وإلى أين أوجه وجهي؟
-
(٢٣١) (والمختطف) الثاكل طوق أعماقي (وتمكن مني)؟٥٠
-
(٢٣٢) في مخدعي يقيم الموت،
-
(٢٣٣) وحيث وضعت القدم، يواجهني الموت!»٥١
-
(٢٣٤) قال له أوتنابشتيم، قال لأورشنابي الملاح:
-
(٢٣٥) «أورشنابي! فينبذك المرسى
وليزدريك موضع العبور!
-
(٢٣٦) ولتزهد فيك (وتبرأ منك)،
السواحل التي تمشيت عليها.٥٢ -
(٢٣٧) (أما) الرجل الذي جئت به إلى هنا،
فجسده مغطًّى بالأوساخ،
-
(٢٣٨) وجمال أعضائه قد شوَّهته جلود الحيوان.
-
(٢٣٩) خذه يا أورشنابي، قُدْه إلى موضع الاغتسال،
-
(٢٤٠) حتى ينظف وسخه بالماء، (ويصبح) كالثلج،
-
(٢٤١) وينفض عنه جلود الحيوان فيحملها البحر (بعيدًا).
دَعْه يبلِّل جسده الجميل، -
(٢٤٢) ويجدِّد عصابة رأسه،
-
(٢٤٣) وليرتد ثوبًا يستر عُرْيه،
-
(٢٤٤) وإلى أن يرجع لمدينته،
-
(٢٤٥) ويهتدي إلى طريقه،
-
(٢٤٦) ليبق ثوبه جديدًا، ليبق جديدًا ولا يناله البلى.»
-
(٢٤٧) أخذه أورشنابي وقاده إلى موضع الاغتسال،
-
(٢٤٨) غسل أوساخه بالماء، (فأصبح نظيفًا) كالثلج،
-
(٢٤٩) خلع عنه جلد الحيوان ليحمله البحر بعيدًا،
-
(٢٥٠) وبلل جسده الجميل.
-
(٢٥١) استبدل بعصابة رأسه عصابة جديدة،
-
(٢٥٢) وارتدى ثوبًا يستر عُرْيه،
-
(٢٥٣) وإلى أن يرجع لمدينته،
-
(٢٥٤) ويهتدي إلى طريقه،
-
(٢٥٥) ينبغي أن لا يبلى وأن يبقى جديدًا، جديدًا.
-
(٢٥٦) ركب جلجاميش وأورشنابي السفينة،
-
(٢٥٧) أنزلاها فوق الأمواج ومضيا (في طريقهما)،
-
(٢٥٨) (وعندها) قالت له زوجته، قالت لأتنابشتيم البعيد:
-
(٢٦٠) «ماذا تراك ستعطيه (ليحمله معه) وهو عائد إلى وطنه؟»
-
(٢٦١) كان جلجاميش قد رفع المجداف،٥٣
-
(٢٦٢) وقرب السفينة من الشاطئ،
-
(٢٦٣) فقال له أوتنابشتيم، قال لجلجاميش:
-
(٢٦٤) «لقد جئت إلى هنا يا جلجاميش وأضنيت نفسك وأتعبتها،
-
(٢٦٥) فماذا أعطيك (لتعود به) إلى وطنك؟
-
(٢٦٦) سأكشف لك، يا جلجاميش، عن (سر) خفي،
-
(٢٦٧) وسأنبئك بأمر مجهول؛
-
(٢٦٨) هنالك نبتة تشبه الشوك،
-
(٢٦٩) وهي كالوردة يخز شوكها يدك،
-
(٢٧٠) إذا توصلت يداك لهذه النبتة،
وجدت الحياة (الخالدة)!» -
(٢٧١) ما إن سمع جلجاميش هذا القول …
-
(٢٧٢) حتى ربط بقدميه أحجارًا ثقيلة،
-
(٢٧٣) ولما شدته إلى الآبسو،٥٤
-
(٢٧٤) أخذ النبتة التي وخزت يده،
-
(٢٧٥) وفك قدميه من الأحجار الثقيلة،
-
(٢٧٦) فألقاه اليمُّ على الشاطئ.
-
(٢٧٧) قال له جلجاميش، قال لأورشنابي الملاح:
-
(٢٧٨) «هذه النبتة تشفي من الاضطراب،٥٥
-
(٢٧٩) وبفضلها يستعيد الإنسان حياته.
-
(٢٨٠) سأحملها معي إلى أوروك الحمى، وأعطيها (للناس) ليأكلوا منها، وبذلك أجربها.
-
(٢٨١) إن اسمها هو «عودة الشيخ إلى شبابه»،
-
(٢٨٢) ولسوف آكل منها ليرجع إليَّ شبابي.»٥٦
-
(٢٨٣) بعد عشرين ساعة مضاعفة تناولا القليل من الزاد،
-
(٢٨٤) وبعد ثلاثين ساعة مضاعفة توقفا لقضاء الليل،
-
(٢٨٥) وعندما رأى جلجاميش بئرًا باردة بالماء،
-
(٢٨٦) نزل فيها ليغتسل (بالماء).
-
(٢٨٧) شمت أفعى شذا النبتة،
-
(٢٨٨) فتسلَّلت خارجة من الماء وأخذتها،
-
(٢٨٩) وعند عودتها غيَّرت جلدها.
-
(٢٩٠) هنالك جلس جلجاميش وأخذ يبكي،
-
(٢٩١) جرت الدموع على وجهه،
-
(٢٩٢) وكلَّم أورشنابي الملاح قائلًا:
-
(٢٩٣) «لمن، يا أورشنابي، كَلَّ ذراعي؟
-
(٢٩٤) ولمن قد نزف القلب دماه؟
-
(٢٩٥) لم أجن لنفسي خيرًا،
-
(٢٩٦) بل قدمت الخير لأسد الترب!٥٧
-
(٢٩٧) الآن يرتفع اليم مسافة عشرين ساعة مضاعفة،
-
(٢٩٨) وقد تركت الأداة (؟) تسقط (مني) عندما فتحت قناة صغيرة،
-
(٢٩٩) فكيف لي بمثلها، لأضعها إلى جانبي؟ليتني انسحبت وتركت السفينة على الشاطئ!»٥٨
-
(٣٠٠) بعد عشرين ساعة مضاعفة تناولا القليل من الزاد،
-
(٣٠١) وبعد ثلاثين ساعة مضاعفة توقفا لقضاء الليل،
ولما وصلا إلى أوروك المنيعة،
-
(٣٠٢) قال له جلجاميش، قال لأورشنابي الملاح:
-
(٣٠٣) «أي أورشنابي! اصعد سور أوروك، تمشَّ عليه،
-
(٣٠٤) تفحص قواعده وانظر إلى لبناته.
أَوَلم تُصْنَع من آجر مفخور؟
-
(٣٠٥) أَوَلم يضع الحكماء السبعة أسسه؟
-
(٣٠٦) شار واحد للمدينة، وشار واحد لبساتين النخل،
وشار لسهل الري،٥٩بالإضافة إلى المكان (المقدس) لمعبد عشتار؛ -
(٣٠٧) بهذا يضم (السور) ثلاثة شارات،
بجانب الموقع (المقدس) لأوروك.»