اللوح الثاني
-
(٤٣) جلس أنكيدو أمام البغي،١
-
(٤٤) وراح كلاهما يداعب الآخر.
-
(٦٤) استمع إلى كلماتها، أصغى إلى حديثها،
-
(٦٥) ونصيحة المرأة وقعت من قلبه موضع الرضى (والقبول).
-
(٦٧) خلعت عنها الثوب (وشقته نصفين)؛
فكسته بنصف،
-
(٦٩) واحتفظت بالنصف الآخر.
-
(٧١) أخذته من يده كأنه طفل صغير
-
(٧٣) إلى مائدة الرعاة، إلى موضع الحظائر،
-
(٧٥) وتجمع الرعاة حوله،
-
(٧٦) لكن أنكيدو الذي أَلِف سكنى الجبال،
-
(٧٧) قد شبَّ كذلك على أكل العشب مع الظباء (والغزلان).
-
***
-
(٨١) تعوَّد أن يرضع لبن الحيوانات البرية.
-
(٨٣) وضعوا أمامه طعامًا، فارتبك ونفر منه،
أخذ ينظر إليه ويحدق فيه؛
-
(٨٦) فأنكيدو لا يعرف كيف يؤكل الخبز،
-
(٨٨) ولا يفهم كيف يُشرب الشراب المُسكر!
-
(٩٠) فتحت البغي فمها وقالت لأنكيدو:
-
(٩٢) «كُل الخبز يا أنكيدو، فهو (زاد) الحياة،
-
(٩٤) واشرب من الشراب المسكر، فهذه عادة البلاد.»
-
(٩٥) أكل أنكيدو من الخبز حتى شبع،
-
(٩٧) شرب من الشراب المسكر سبع جرار!٢
-
(٩٩) انتشت روحه وفرحت،
-
(١٠٠) وابتهج قلبه وأشرق محيَّاه!
-
(١٠٢) غسل بالماء جسده المشعر،
-
(١٠٤) دهن نفسه بالزيت وغدا إنسانًا.
-
(١٠٦) ارتدى ثوبًا، فبدا كالرجال.
-
(١٠٨) أخذ سلاحه وانطلق يهاجم الأسود،
-
(١١٠) (فاستطاع) الرعاة أن يناموا الليل!
-
(١١١) صرع الذئاب، وطارد الأسود،
-
(١١٣) فاستراح رعاة (الماشية) العجائز؛
-
(١١٤) (أضحى) أنكيدو حارسهم،
-
(١١٥) (وهو) الإنسان اليقظ، الرجل الأوحد.
[فجوة من أربعة عشر سطرًا، أنكيدو مع البغي.]
-
(١٣١) أخذته النشوة والبهجة.
-
(١٣٢) لما رفع عينيه، لمح رجلًا!
-
(١٣٤) قال للبغي:
-
(١٣٥) «دعي الرجل يمضي، أيتها البغي!٣
-
(١٣٦) لماذا جاء (إلى هنا)؟ أريد أن أدعوه باسمه!»
-
(١٤٢) فتح الرجل فمه وقال لأنكيدو:
-
(١٤٤) «أريد أن أقودك إلى بيت العائلة!٤
-
(١٤٥) قُدِّر على الناس (أن يستأثر جلجاميش) باختيار العروس،٥
-
(١٤٧) وأن يفرض على المدينة حمل السلال (المملوءة) بالآجر.
-
(١٤٨) إن (عبء) إطعام المدينة يقع على النساء المرحات (؟)،
-
(١٤٩) وقد فتحت لجلجاميش، ملك أوروك ذات الأسواق،
شباك الناس.
-
(١٥١) لجلجاميش، ملك أوروك ذات الأسواق،
-
(١٥٢) فتحت شباك الناس ليكون أول من يدخل (على العروس)،
-
(١٥٤) فيضاجعها ويدخل عليها،
-
(١٥٥) قبل أن يدخل عليها زوجها (الذي خُصِّصت له).
-
(١٥٧) (وهم يقولون): إن هذه هي إرادة الآلهة ومشورتهم،
-
(١٥٨) وإنهم منذ أن قطع حبله السري
قد قدروه له.»
-
(١٦٠) لما سمع (أنكيدو) كلام الرجل،
-
(١٦١) امتقع وجهه …
[فجوة من تسعة أسطر.]
-
(١٧١) سار أنكيدو في المقدمة، ومن خلفه البغي.
-
(١٧٣) لما دخل أوروك ذات الأسواق،
-
(١٧٤) تجمَّع الناس حوله،
-
(١٧٥) وعندما وقف على الطريق في أوروك ذات الأسواق،
-
(١٧٧) احتشد الناس كذلك حوله وأخذوا يقولون:
-
(١٧٩) «إنه يُشبه جلجاميش في بنيته،
-
(١٨٠) وإن يكن أقصر قامة منه، وأقوى عظامًا.
-
(١٨٢) وحيث وُلِد الرجل، (اعتاد) أن يأكل أوراق الربيع،
-
(١٨٤) ويرضع لبن الحيوانات البرية.»٦
-
(١٨٦) كانت الأضاحي تُقدَّم في أوروك بغير انقطاع،٧
-
(١٨٧) والرجال الأبطال يتطهرون،
العمود الثاني
-
(٤٢) ويقبِّلون قدميه كالأطفال الضعاف،
-
(١٨٨) وضع إناء للبطل الذي وجهه …
-
(١٩٠) لجلجاميش وضعت الحاجيات المناسبة
كما لو كان إلهًا،
-
(١٩٢) وتم إعداد الفراش لأشتارا؛٨
-
(١٩٤) (إذ) تعود جلجاميش أن يتصل بالآلهة ليلًا.
-
(١٩٦) ولما اقترب وقف أنكيدو في الطريق،
-
(١٩٨) يريد أن يسدَّه عليه،
-
(٢٠٠) ويمنعه من الدخول إلى المخدع.
-
***
-
(٢٠٩) رأى جلجاميش أنكيدو الهائج،
-
(٢١٠) الذي وُلِدَ في البرية، بشعر رأسه الغزير.
-
(٢١٢) نصب قامته وتقدَّم إليه.
-
(٢١٤) تصادما في (المكان الذي يقام فيه) سوق البلاد.
-
(٢١٥) سد أنكيدو الباب بقدمه،
-
(٢١٧) ومنع جلجاميش من الدخول.
-
(٢١٨) هنالك أمسك كل منهما بالآخر، وتصارعا كثورين،
-
(٢٢٠) حطما عمود الباب، وارتجَّ الجدار!
-
(٢٢٢) جلجاميش وأنكيدو
-
(٢٢٣) أمسك كلٌّ منهما بالآخر، تصارعا مثل ثورين،
-
(٢٢٥) حطما عمود الباب، وارتجَّ الجدار!
-
(٢٢٧) وعندما ثنى جلجاميش ركبته، وقدمه ثابتة في الأرض،
-
(٢٢٩) انفثأت (سورة) غضبه، وأدار صدره.
-
(٢٣١) وما إن أدار صدره،
-
(٢٣٢) حتى كلَّمه أنكيدو، كلَّم جلجاميش:
-
(٢٣٤) يا لك من (بطل) فذٍّ ولدتك أمك،
-
(٢٣٦) أمك نينسونا، بقرة أوروك الوحشية!
-
(٢٣٨) رأسك مرفوع فوق رءوس الأبطال،
-
(٢٣٩) وقدَّر لك إنليل الملك على الناس،
-
(٢٤١) وبقوتك تفوقت على أمراء العالم.
[فجوة من حوالي عشرة سطور.]
-
(١٩) قبَّلا بعضهما وعقدا (أواصر) الصداقة (بينهما) …٩
[فجوة من تسعة عشر سطرًا يبدو أن الملحمة تروي قرب نهايتها كيف قدَّم جلجاميش لأمه الحكيمة صديقه أنكيدو، بينما أخذ يتحدث عنه قائلًا]:
العمود الثالث
-
(٤٣) «إنه أقوى مَنْ في البلاد، وبأسه شديد،
-
(٤٤) وقوته جبارة مثل قبضة آنو!
-
(٥٨) ما من أحد يصمد له! اشمليه أنتِ برعايتك!»
-
(٤٦) قالت أم جلجاميش لابنها،
-
(٤٨) نينسون، البقرة الوحشية، قالت لجلجاميش:
-
(٤٩) «يا بني …
-
(٥٠) بمرارة …»
-
***
[يبدو أن نينسون قد عبرت عن دهشتها من منظر أنكيدو، ويحتمل أن تكون السطور التالية هي ردُّ جلجاميش على أمه.]
العمود الرابع
-
(٤) يشكو بمرارة …
-
(٥) «ليس لأنكيدو أب ولا أم،
-
(٦) شعر رأسه الطليق لم يُحْلَق أبدًا.في البرية وُلِد، فلم يربِّه أحد.»
-
(٨) هناك وقف أنكيدو وسمع كلامه،
-
(٧٢) امتلأت عيناه بالدموع،
-
(٧٣) شعر بالأسى، فأطلق زفرة أليمة.
-
(٧٥) امتلأت عينا أنكيدو بالدموع،
-
(٧٦) شعر بالأسى … راح يعاني.
-
(٧٨) أحنى جلجاميش رأسه،
-
(١٢) أمسك كل منهما بالآخر، وجلسا سويًّا،
-
(١٣) ويداهما متشابكتان كالعشاق،
-
(٧٩) وقال جلجاميش لأنكيدو:
-
(٨٠) «يا صديقي، لماذا امتلأت عيناك بالدموع،
-
(٨٢) وشعرت بالأسى … والمعاناة؟»
-
(٨٤) فتح أنكيدو فمه وقال لجلجاميش:
-
(٨٦) «إن الحزن يخنقني يا صديقي؛
-
(٨٨) تراخى ذراعاي، ووهنت قواي.»
-
(٩٠) فتح جلجاميش فمه وقال لأنكيدو:
-
***
-
(٩٦) «في الغابة يسكن خمبابا الرهيب،
-
(٩٧) فلنقتله أنا وأنت،
-
(٩٨) ونمحو كلَّ شر من البلاد.
-
(٩٩) دعنا نقطع شجرة الأرز.»
-
***
-
(١٠٣) فتح أنكيدو فمه وقال لجلجاميش:
-
(١٠٥) «لقد عرفت، يا صديقي، (عندما كنت أعيش) في الجبال والمرتفعات،
-
(١٠٦) وأتجول هنا وهناك مع حيوانات البرية،
-
(١٠٧) أن الغابة تمتد (مسافة) عشرة آلاف ساعة مضاعفة!
-
(١٠٨) مَنْ ذا الذي (يجرؤ) على التوغل في أعماقها؟
-
(١٠٩) وخمبابا — زئيره الطوفان،
-
(١١٠) (ينفث) مِن فِيهِ النار، ونفسه الموت (الزؤام)!
-
(١١٢) ماذا يدفعك لأن تفعل هذا؟
-
(١١٤) لن يقوى أحد على الهجوم على مسكن خمبابا.»
-
(١١٦) فتح جلجاميش فمه وقال لأنكيدو:
-
(١١٨) «أشجار الأرز، لقد عزمت على أن أرتقي جبلها،
-
(١١٩) الذي يقع وسط الغابة الهائلة!
-
(١٢٢) أريد أن أمضي إلى الغابة، مسكن خمبابا،
-
(١٢٤) وستكفيني فأس أستعين بها في القتال،
-
(١٢٥) أما أنت فَلْتبقَ هنا، وسأنطلق (إليه) وحدي.»
-
(١٢٧) فتح أنكيدو فمه وقال لجلجاميش:
«كيف يمكننا الذهاب … إلى غابة الأرز؟إن حارسها هوقير،١٠ …وهو قوي، لا يغمض له جفن أبدًا.
خمبابا … إن قير معه،أداد …
العمود الخامس
-
(٥) عيَّنه إنليل لحماية أشجار الأرز،
وجعله يبعث الرعب في (قلوب) الناس،
-
(٦) ومَن يوغل في الغابة يطبق عليه الشلل!»
-
(١٣٨) فتح جلجاميش فمه وقال لأنكيدو:
-
(١٤٠) «مَنْ ذا الذي يستطيع، يا صديقي، أن يصعد للسماء؟
-
(١٤١) إن الآلهة وحدهم مخلَّدون على عروشهم مع شمش،
-
(١٤٢) (أما) أيام البشر فمعدودة،
-
(١٤٣) وكل ما يعملون ريح باطلة.١١
-
(١٤٤) إنك تخشى الموت وما زلنا هنا،
-
(١٤٥) فماذا دهى قوة بطولتك؟
-
(١٤٦) لهذا عقدت العزم على أن أتقدمك،
-
(١٤٧) وَلْينادني فمك عندئذٍ: «تقدَّم! لا تخف!»
-
(١٤٨) وإذا سقطت فقد رفعت اسمي،
-
(١٤٩) سيقول الناس: «لقد تجرأ جلجاميش على منازلة خمبابا الرهيب.»
-
***
-
(١٥٨) أريد أن أمدَّ يدي، وأقطع أشجار الأرز،
-
(١٦٠) وأصنع لنفسي اسمًا خالدًا!
-
(١٦١) الآن، يا صديقي، سأسرع إلى صانع السلاح،
-
(١٦٢) (وسأطلب منه) أن يصب البلطات أمامنا.»
-
(١٦٣) أمسك كل منهما بالآخر، وأسرعا إلى صانعي السلاح.
-
(١٦٤) كانوا هناك مجتمعين للتشاور (بينهم)،
-
(١٦٥) صبوا بلطات عظيمة،
-
(١٦٦) صبوا فئوسًا زنتها ثلاث طالنتات،١٢
-
(١٦٧) صبوا سيوفًا عظيمة،
-
(١٦٨) نصل (الواحد منها) يزن طالنتين،
-
(١٦٩) ومقابضها ثلاثون رطلًا.
-
(١٧٠) صبوا سيوفًا من ذهب زنتها ثلاثون رطلًا!
-
(١٧١) وتسلَّح كل من جلجاميش وأنكيدو (بأسلحة) تزن عشر طالنتات!
-
(١٧٢) توجَّه الناس إلى بوابة أوروك ذات المزاليج السبعة،
-
(١٧٣) وهناك احتشد الخلق.
-
(١٧٤) فرح الناس وابتهجوا في شوارع أوروك ذات الأسواق،
-
(١٧٥) ورأى جلجاميش فرحة الشعب في شوارع أوروك ذات الأسواق.
-
(١٧٧) عندئذٍ شَرَعَ يتكلم بينما جلس الشعب أمامه.
-
(١٧٨) جلجاميش قال لشعب أوروك ذات الأسواق:
-
(١٨٠) «أريد أن أرحل للقاء خمبابا الرهيب.
-
(١٨١) أريد، أنا جلجاميش، أن أرى مَنْ يتحدثون عنه،
-
(١٨٢) ذلك الذي تردد الأفواه اسمه في البلاد،
-
(١٨٣) أريد أن أصرعه في غابة الأرز!
-
(١٨٤) إن ابن أوروك قوي (وشجاع)،
-
(١٨٥) هذا ما أريد أن تسمعه البلاد!
-
(١٨٦) سأمد يدي وأقطع أشجار الأرز،
-
(١٨٧) وأسجل لنفسي اسمًا خالدًا!»
-
(١٨٨) رد شيوخ أوروك ذات الأسواق
-
(١٨٩) على جلجاميش قائلين:
-
(١٩٠) «لأنك، يا جلجاميش، لم تزل شابًّا؛
فقد حملك قلبك بعيدًا.
-
(١٩١) إنك لا تدري ماذا تصنع!
-
(١٩٢) لقد سمعنا عن خمبابا أن منظره مخيف؛
-
(١٩٣) مَنْ ذا الذي يقوى على الصمود لأسلحته؟
-
(١٩٤) الغابة تمتد عشرة آلاف ساعة مضاعفة؛
-
(١٩٥) مَنْ ذا الذي يجرؤ على التوغل في أعماقها؟
-
(١٩٦) خمبابا؛ إن زئيره هو الطوفان،
-
(١٩٧) ينفث فمه النار ونفسه الموت؛
-
(١٩٨) فما الذي يدفعك على هذا الفعل؟
-
(١٩٩) ما من أحد هاجم مسكن خمبابا وانتصر عليه.»
-
(٢٠٠) ما إن سمع جلجاميش كلمة ناصحيه،
-
(٢٠١) حتى نظر إلى صديقه وهو يبتسم:
«الآن، يا صديقي، أجيب قائلًا:١٣ …»[فجوة من تسعة أسطر.]
-
(٢١٢) «ﻓﻟ… إلهك الحامي، ويهديك
-
(٢١٤) على الطريق (الذي يعيدك) إلى أوروك ذات الأسواق.»
-
(٢١٥) وبعد أن ركع جلجاميش، رفع يديه (قائلًا):
-
(٢١٦) «فلتستجب (مشيئتك) لدعائهم.١٤
-
(٢١٧) سأمضي الآن يا شمش! وإليك أرفع يدي (بالدعاء)،
-
(٢١٨) لتحفظ عليَّ روحي (وتضمن) لها النجاة،
-
(٢١٩) وترجعني (سالمًا) إلى (أوروك) ذات الأسوار المنيعة!
-
(٢٢٠) ابسط أنت عليَّ ظل (رعايتك)!»
-
(٢٢١) ثم نادى جلجاميش صديقه،
-
(٢٢٢) واستطلع فأله معه.١٥
-
***
-
(٢٢٩) جرت الدموع من عيني جلجاميش:
-
(٢٣٠) «طريق … لم أسلكه في حياتي،
-
(٢٣١) وكذلك لا أعرف يا ربي أخطاره؛١٦
-
(٢٣٢) فإذا حفظت روحي (وقدرت) لها النجاة،
-
(٢٣٣) فسوف أبذل لك الحب كما يشتهي فؤادي،
-
(٢٣٤) وأشبع (نفسي) من بيت مباهجك،
-
(٢٣٥) وأجلسك على العروش.»١٧
-
(٢٣٦) ثم أحضر الخدم أسلحته:
-
(٢٣٧) السيوف العظيمة والقوس والكنانة.
-
(٢٣٩) … سلموها له، أخذ البلطات،
-
(٢٤١) وعلق كنانته، وقوس أنشان،١٨
-
(٢٤٣) وثبت السيف في حزامه.
-
(٢٤٤) تقدموا على الطريق،
-
(٢٤٥) … أحضروا: «جلجاميش،
-
(٢٤٥) … أعده إلى المدينة!»١٩