من المهد إلى اللحد
(١) الخرافة رقم ٦: الاستماع إلى موسيقى موتسارت يعزز ذكاء الأطفال الرضع
قليلة هي الخصال — أو المقادير — التي تحظى بالتقدير في المجتمع الأمريكي أكثر مما يحظى به الذكاء والتحصيل العقلي. عندما يتعلق الأمر بالإنجازات الدراسية يحب الآباء أن يتفاخروا نيابة عن أبنائهم، ويكفي أن نلقي نظرة على ملصقات السيارات لنعرف ذلك: «ابني هو أحد طلاب قائمة الشرف بمدرسته الثانوية.» أو «أنا فخور بأن ابني أحد طلاب قائمة الشرف بمدرسته الابتدائية.» أو على سبيل الطرافة: «كلب البودل الفرنسي الذي أمتلكه أذكى من طفلك الذي يزين اسمه قائمة الشرف في مدرسته.» لأننا نعيش اليوم في عالم لا يعرف الشفقة فيمكننا أن نتفهم لهفة الآباء على أن يمنحوا أبناءهم ميزة تنافسية تميزهم عن زملائهم في الدراسة. وتثير هذه الحقيقة التي لا يمكن إنكارها سؤالًا محيرًا: هل يمكن للآباء أن يعطوا لأطفالهم دفعة عن طريق تحفيز ذكائهم خلال الطفولة المبكرة، ربما بعد ولادتهم ببضعة أشهر، أو أسابيع، أو حتى أيام؟
ربما يبدو هذا الأمر وكأنه من قصة خيال علمي تستشرف المستقبل، ولكنه تحول إلى حقيقة عام ١٩٩٣ بفعل مقالة نُشرت في واحدة من المجلات العلمية المرموقة في العالم، وهي مجلة «نيتشر». في ذلك البحث ذكر ثلاثة باحثين من جامعة كاليفورنيا بإرفين أن طلاب الجامعة الذين استمعوا إلى ١٠ دقائق فقط من سوناتة بيانو لموتسارت أظهروا تحسنًا ملحوظًا في مهمة تعتمد على الاستدلال المكاني — اختبار يتضمن ثني الورق وقصه — مقارنة بمجموعة أخرى من الطلاب استمعوا لشرائط كاسيت تساعد على الاسترخاء أو حظوا بالصمت (روشير، شو، وكي، ١٩٩٣) ويمثل التحسن الإجمالي في زيادة حاصل الذكاء لديهم بمقدار ٨ أو ٩ نقاط. وهكذا وُلد «تأثير موتسارت»، وهو مصطلح صاغه الطبيب ألفريد توماتيس (١٩٩١) ثم أشاعه فيما بعد التربوي والموسيقي دون كامبل (١٩٩٧) ليشير إلى التحسن المفترض في مستوى الذكاء بعد الاستماع إلى الموسيقى الكلاسيكية.
لم تشر النتائج التي جرى التوصل إليها عام ١٩٩٣ إلى حدوث تقدم طويل الأجل بقدرات الاستدلال المكاني، فما بالنا بإمكانية حدوث تقدم في مستوى الذكاء عامة. لقد انطبقت تلك النتائج على مهمة واحدة قام بها الطلاب بعد استماعهم إلى موسيقى موتسارت مباشرة. ولم تشر النتائج السابقة أيضًا إلى تأثيرات موسيقى موتسارت على الرضع؛ إذ إن الدراسة الأصلية عنيت بالطلاب الجامعيين فقط.
الدعاية المكثفة لعشرات المنتجات القائمة على فرضية «تأثير موتسارت» التي استهدفت الآباء المستعدين لتقبل هذه الفرضية ليست هي وحدها السبب في الشهرة التي حازتها، فهناك سبب آخر يقف وراء هذه الشهرة ينبع من الخلط بين الارتباط والسببية (راجع المقدمة)، تظهر الدراسات وجود ارتباط أكيد بين الموهبة الموسيقية وحاصل الذكاء (لين، ويلسون، وجو، ١٩٨٩)، قد يظن البعض خطأ أن علاقة الارتباط تلك التي أظهرتها الدراسات تعني أن الاستماع إلى الموسيقى «يرفع» حاصل الذكاء.
لاحظ عالما النفس أدريان بانجرتير وتشيب هيث (٢٠٠٤) أن الادعاء القائل بجدوى «تأثير موتسارت» ينتشر في المجتمع كالنار في الهشيم، ويومًا بعد يوم تزداد المبالغات والمغالطات النابعة من هذا الادعاء. عام ٢٠٠٠ نشرت إحدى الصحف الصينية مقالة تقول فيها إنه «وفقًا للدراسات التي أجريت في الغرب» ثبت أن الأطفال الذين يستمعون إلى روائع موتسارت «خلال فترة الحمل تكون مستويات ذكائهم بعد الولادة أعلى من أقرانهم» (نقلًا عن صحيفة «ساوث تشينا مورنينج بوست»، ٢٠٠٠، كما ورد في البحث الخاص ببانجرتير وهيث، ٢٠٠٤). غير أنه لم يحدث أن أي دراسة منشورة أجريت في الغرب أو في أي مكان آخر قد اختبرت تأثيرات موسيقى موتسارت على الأجنة البشرية. وعام ٢٠٠١ نشرت مقالة بمجلة «ميلوكي جورنال سنتينل» أشارت إلى «العديد من الدارسات التي أجريت على «تأثير موتسارت»، وكيف أنه يساعد على تعزيز الأداء العقلي لطلاب المرحلتين الابتدائية والثانوية، وحتى للأطفال الرضع»، على الرغم من عدم تحقق أي باحث من تأثيرات موسيقى موتسارت على أي فئة من الفئات السابقة (كراكوفسكي، ٢٠٠٥).
من الواضح أن هذه التقارير الإعلامية ذائعة الصيت أثرت على الإدراك الجماهيري؛ إذ أظهر اثنان من استطلاعات الرأي أن فرضية «تأثير موتسارت» معروفة لدى أكثر من ٨٠٪ من المواطنين الأمريكيين (بانجرتير وهيث، ٢٠٠٤). وأظهر استطلاع آخر للرأي شمل طلاب علم النفس التمهيدي أن ٧٣٪ منهم يؤمنون أن «الاستماع إلى موتسارت يعزز مستوى الذكاء» (تايلور، وكوالسكي، ٢٠٠٣، ص٥). منذ عدة أعوام عمد مدرب فريق نيويورك جيتز لكرة القدم الأمريكية إلى تشغيل موسيقى موتسارت من خلال مكبرات للصوت أثناء التدريبات من أجل تعزيز مستوى أداء الفريق، وخصص أحد المعاهد العليا بنيويورك لطلابه غرفة للدراسة تدار فيها موسيقى موتسارت.
وأخيرًا وصلت فرضية «تأثير موتسارت» إلى الهيئات التشريعية الحكومية المبجلة؛ حيث أضاف حاكم ولاية جورجيا عام ١٩٩٨ زيل ميلر ١٠٥٠٠٠ دولار أمريكي إلى ميزانية الولاية حتى يصبح بمقدور كل مولود جديد في جورجيا أن يحصل على أسطوانة أو شريط كاسيت لموتسارت مجانًا، وصاحبت الألحان المؤثرة لسيمفونية بيتهوفن التاسعة الإعلان عن هذه المبادرة الجريئة (ميرسر، ٢٠١٠؛ ساك، ١٩٩٨). يقول ميلر: «لا يوجد شك في أن الاستماع إلى الموسيقى في مرحلة عمرية مبكرة يؤثر على مهارات الاستدلال المكاني والزماني التي هي أساس الرياضيات والهندسة وحتى الشطرنج.» وسرعان ما حذا حاكم تينيسي دون ساندكويست حذو حاكم ولاية جورجيا، وقام مجلس الشيوخ في فلوريدا بخطوة مماثلة حينما مرر مشروع قانون يطالب رياض الأطفال التي تتلقى دعمًا ماليًّا من الولاية بتشغيل الموسيقى الكلاسيكية للأطفال الصغار بصورة يومية (مشروع القانون رقم ٦٦٠ الصادر عن مجلس الشيوخ بفلوريدا في ٢١ مايو (أيار) ١٩٩٨).
كل هذا يشير إلى أن فرضية «تأثير موتسارت» صحيحة؛ فهل هي كذلك؟
أسفرت محاولات العديد من الباحثين الذين أعادوا إجراء الدراسة الأصلية المنشورة بمجلة «نيتشر» كي يحصلوا على نتائج مماثلة إما عن عدم وجود أي تأثير للموسيقى الكلاسيكية على مستوى الذكاء أو عن وجود تأثير طفيف (جراي وديلا سالا، ٢٠٠٧؛ ماكلفي ولو، ٢٠٠٢). وأظهرت التحليلات التي ضمت نتائج عدة دراسات أن «تأثير موتسارت» لا يكاد يذكر — زيادة نقطتين أو أقل في حاصل الذكاء — ويستمر مدة وجيزة للغاية، عادة حوالي ساعة أو أقل (تشابريس، ١٩٩٩؛ ستيلي، باس، وكروك، ١٩٩٩). بادر بعض الباحثين إلى الادعاء أن «تأثير موتسارت» يظهر فقط عند تشغيل مقاطع معينة من موسيقى موتسارت، ولا يكون له أي تأثير مع المقطوعات الأخرى، ولكن الدراسات التي أجراها باحثون آخرون لم تؤكد هذه الادعاءات. بالإضافة إلى ذلك، لم يكن الأطفال موضوع بحث أي من الدراسات المنشورة، فما بالنا بالرضع الذين تقول المزاعم إنهم هم المستفيدون من «تأثير موتسارت». عام ١٩٩٩ دعا حاكم جورجيا زين ميلر أنصار فرضية «تأثير موتسارت» إلى عدم التأثر بهذه النتائج السلبية، وطمأنهم بقوله: إنهم لا يجب أن «ينخدعوا أو يحبطوا بسبب محاولات بعض الأكاديميين تفنيد آراء مجموعة أخرى من الأكاديميين الآخرين». ولكن هذه بالضبط هي أفضل آليات عمل المنهج العلمي؛ تفنيد أو تصحيح أو تنقيح الادعاءات التي لم تصمد أمام الفحص الدقيق.
ساعد الباحثون فيما بعد على تحديد مصدر فرضية «تأثير موتسارت»؛ في إحدى الدراسات طلبوا من الطلاب أن يستمعوا مرة إلى إحدى مقطوعات موتسارت الباعثة على التفاؤل، وأخرى لمقطوعة أخرى حزينة لألبيوني، وهو مؤلف كلاسيكي آخر، أما في المرة الثالثة فلم يعرضوا على مسامعهم أي شيء (طومسون، شيلينبيرج، وحسين، ٢٠٠١)، وبعد كل مرة مباشرة كان الباحثون يوكلون للمشاركين مهمة تتضمن ثني قطع من الورق وقصها. الاستماع إلى مقطوعة موتسارت حَسَّنَ الأداء بالمقارنة مع الوضعين الآخرين للتجربة، ولكن كان من شأنه أيضًا أن يزيد من حالة التأثر الشعوري أكثر مما حدث في الحالتين الأخريين. عندما استخدم الباحثون التقنيات الإحصائية لكي يوزعوا التأثيرات الناتجة عن حالة التأثر الشعوري بالتساوي على الحالات الثلاث التي أجريت فيها التجربة تلاشى «تأثير موتسارت». وأظهرت نتائج دراسة أخرى أن الاستماع إلى موسيقى موتسارت لم يؤدِّ إلى تحسين المهارات المكانية بدرجة أكبر من الاستماع إلى فقرة من قصة مخيفة للكاتب ستيفن كينج المتخصص في كتابات الرعب (نانتايس، وشيلينبيرج، ١٩٩٩).
هذه النتائج تشير إلى تفسير آخر لفرضية «تأثير موتسارت»، وهو أن هذا التأثير يعد حالة قصيرة المدى من الإثارة. أي شيء يزيد من التيقظ يسهم على الأرجح في تحسين أداء المهام العقلية الصعبة (جونز، ويست، وإيستل، ٢٠٠٦؛ ستيل، ٢٠٠٠)، ولكن ليس من المحتمل أن ينتج عنه أي تأثيرات طويلة المدى فيما يخص القدرات المكانية أو مستوى الذكاء بصورة عامة، وهو ما يهمنا هنا. ولذا قد لا نحتاج للاستماع إلى موسيقى موتسارت لكي نرفع من مستوى أدائنا؛ فتناول كوب من عصير الليمون أو فنجان من القهوة قد يفي بالغرض.
والخلاصة هي أن فرضية «تأثير موتسارت» قد تكون «حقيقية» من ناحية أنها تعزز الأداء الفوري لمهام عقلية معينة، ولكن ليس هناك دليل على أن هذا الأمر يرتبط بموسيقى موتسارت، أو حتى بالموسيقى على الإطلاق (جراي وديلا سالا، ٢٠٠٧)، ولا توجد دلائل أيضًا على أن هذا الأمر يساعد على رفع مستوى الذكاء لدى البالغين، فما بالنا بالرضع! بالطبع تعريف الأطفال بموسيقى موتسارت والمؤلفين الموسيقيين العظام الآخرين شيء رائع، ليس فقط لوقع هذه الموسيقى الباعث على التفاؤل، ولكن لما لها من تأثير عظيم على الثقافة الغربية. ولكن لا يسعنا إلا أن نقول للآباء الذين يأملون أن يصنعوا من أطفالهم عباقرة بالاستماع لموسيقى موتسارت: من الأفضل أن توفروا أموالكم.
لقيت فرضية «تأثير موتسارت» صدى واسعًا لدى الجماهير التي أصبحت مهووسة بها، وليست هذه هي المرة الأولى التي يستغل فيها المسوقون لهفة الآباء لأن يعززوا من مستوى ذكاء أطفالهم، إذ تشبث العديد منهم بالادعاءات — التي لم تحصل على الكثير من الدعم بالرغم من انتشارها الواسع بين العامة — التي تزعم أن السنوات الثلاث الأولى في عمر الطفل لها أهمية خاصة تتعلق بالتطور العقلي (بروير، ١٩٩٧؛ باريس، ٢٠٠٠). في الثمانينيات من القرن الماضي عمد آلاف الآباء إلى عرض دروس اللغات الأجنبية والرياضيات المتقدمة على مسامع مواليدهم الجدد لساعات باذلين جهدًا بالغًا لكي يصنعوا من صغارهم «أطفالًا خارقين» (كلارك-ستيوارت، ١٩٩٨)، ولكن لم يظهر على الساحة أي أطفال خارقين. وفي يومنا هذا أصبحت المنتجات التي من المفترض أنها تحفز الذكاء مثل لعب وشرائط فيديو «بيبي أينشتاين» صناعة تقدر بمائة مليون دولار سنويًّا (مينو، ٢٠٠٥؛ كوارت، ٢٠٠٦)، ولكن لا توجد أي دلائل قيمة تثبت فعالية مثل هذه المنتجات، بل على العكس، أثبتت الأبحاث أن ما يتعلمه الأطفال من شرائط الفيديو أقل مما يتعلمونه من اللعب بنشاط لفترة مماثلة (أندرسون وبيميك، ٢٠٠٥).
قد تفسر لنا أبحاث أخصائي علم نفس النمو الروسي العظيم ليف فيجوتسكي السبب في الفشل المحتوم لهذه المنتجات؛ ففي عام ١٩٧٨ لاحظ فيجوتسكي أن عملية التعلم تكون في أفضل حالاتها داخل «منطقة نمو تقريبي» حيث لا يستطيع الأطفال أن يتقنوا إحدى المهارات وحدهم ولكن يتمكنون من ذلك إذا ساعدهم الآخرون. فإذا كان طفل في الثالثة من عمره لا يمتلك المهارات المعرفية اللازمة لتعلم الحساب فلن يؤدي استماعه لأي قدر من دروس الحساب إلى زيادة قدراته في الرياضيات، فما بالنا بإمكانية أن يصنع ذلك منه طفلًا خارقًا، لأن الحساب يقع خارج منطقة النمو التقريبي لهذا الطفل. لا يسعني إلا أن أقول إن الأطفال لن يتمكنوا من أن يتعلموا قبل أن تكون عقولهم مستعدة لذلك، مع احترامي للآباء المتلهفين لسماع العكس.
(٢) الخرافة رقم ٧: المراهقة هي حتمًا مرحلة اضطراب نفسي
منذ وقت قريب كتبت إحدى الأمهات الساخطات إلى هاب ليكرون (٢٠٠٧) — محرر عمود للاستشارات بإحدى الصحف الأسبوعية — طالبة منه أن يفسر لها ما الذي ألم بابنتها البالغة من العمر في ذلك الوقت ١١ عامًا التي كانت إلى وقت قريب طفلة مرحة هادئة. كتبت الأم تقول إن ابنتها تكره الأشياء التي يعجب بها بقية أفراد الأسرة، وإنها لا تود مرافقتهم إلى أي مكان، ولا تكون ردودها عليهم في الغالب مهذبة، والأكثر من ذلك أنها تواجه صعوبة بالغة في إقناعها بأن تحافظ على غرفتها مرتبة أو أن ترتدي ثيابًا مهندمة، فالردود الوقحة أصبحت هي الردود المعتادة منها. وتساءلت الأم: «ماذا يحدث بحق الجحيم؟» أجابها ليكرون باقتضاب: «يطلق بعض الآباء على هذه التجربة التي تمرّين بها داء المراهقة.»
لا تعد وجهة النظر التي ترى أن المراهقة هي دائمًا أو في الأغلب مرحلة اضطراب شعوري وجهة نظر حديثة. فعالم النفس جي ستانلي هول (١٩٠٤)، وهو أول رئيس للجمعية الأمريكية لعلم النفس، كان هو أول من تحدث عن المراهقة بوصفها فترة «عواصف وتوترات». استعار هول هذا المصطلح من الاسم الذي أطلق على حركة في الموسيقى والفن والأدب نشأت في ألمانيا بنفس الاسم بالقرن الثامن عشر أكدت على التعبير عن المشاعر العميقة والمؤلمة في الغالب. ثم قدمت بعد ذلك آنا فرويد (١٩٥٨) — ابنة سيجموند فرويد التي حفرت بجهدها مكانتها كواحدة من المحللين النفسيين البارزين — شرحًا مبسطًا لوجهة النظر التي ترى أن الاضطراب الشعوري الذي يمر به المراهقون هو أمر سائد (دكتورز، ٢٠٠٠). كتبت (آنا فرويد، ١٩٥٨، ص٢٧٥) تقول: «أنْ يكون المرء طبيعيًّا خلال فترة المراهقة أمر غير طبيعي في حد ذاته» (ص٢٦٧)، وأن «المراهقة بطبيعتها فاصل يقطع عملية النمو الهادئة» (ص٢٧٥). تعتبر آنا فرويد المراهقين الذين لا يمرون بكثير من الاضطرابات مرضى معرضين بدرجة كبيرة لخطورة الإصابة بالمشكلات النفسية في سن الرشد.
عزز أخصائيو علم النفس الشعبي الحاليون المفهوم القائل إن سنوات المراهقة هي في الأغلب سنوات من الدراما العائلية المثيرة. وأحد الأمثلة على ذلك ما ورد في النسخة الدعائية من كتاب «الاستعداد لمرحلة المراهقة» للخبير التربوي د. جيمس دوبسون (٢٠٠٥) عن أن هذا الكتاب سوف «يساعد المراهقين على اجتياز السنوات الصعبة لهذه المرحلة»، وسوف «يساعد الآباء الذين يرغبون في أن يعرفوا ماذا يقولون للطفل الذي يقف على أعتاب سنوات المراهقة المليئة بالتقلبات.» ووجه برنامج تليفزيوني ظهر به «د. فيل» (فيل ماكجرو) تحذيرًا للمشاهدين من أن «سنوات المراهقة قد تكون هي أسوأ كابوس يعيشه الأب والأم»، ووعد بمناقشة «الطرق التي يمكن أن يعبر بها الآباء والأبناء المراهقون مرحلة المراهقة بسلام».
هذه الصورة النمطية لسنوات المراهقة كمرحلة «بشعة» تكرر ظهورها في الكثير من وسائل الإعلام الترفيهية؛ فهناك عشرات الأفلام تركز على مأساة المراهقين الذين يحيون وسط المشكلات. ومن بين هذه الأفلام: «متمرد بلا سبب» (١٩٥٥)، «أشخاص عاديون» (١٩٨٠)، «الأبناء» (١٩٩٥)، و«فتاة في ورطة» (١٩٩٩)، و«في الثالثة عشرة» (٢٠٠٣)، أما عنوان المسلسل التليفزيوني البريطاني «المراهقة: عقد من الاضطرابات» فيتحدث عن نفسه. وبالإضافة إلى ذلك، تصور بعض الروايات الأكثر مبيعًا — مثل رواية «الحارس في حقل الشوفان» للكاتب جيه دي سالينجر — الألم والاضطراب اللذين يصاحبان سنوات المراهقة.
ولأن الكتب والأفلام تركز على حكايات المراهقين المضطربين أكثر بكثير من تركيزها على المراهقين الأسوياء — إذ إنه من غير المحتمل أن يصنع فيلم من أفلام هوليوود يتحدث عن مراهق سوي تمامًا قصة مشوقة، ناهيك عن أن يحقق إيرادات ضخمة — فلا تخلو نماذج المراهقين التي تعرض على الجمهور باستمرار من موقف انحيازي (هولمبيك وهيل، ١٩٨٨؛ أوفر، أوستروف، وهاورد، ١٩٨١). ربما ليس من العجيب أن يعتقد الكثير من العامة أن مرحلة المراهقة هي مرحلة عواصف وتوترات. يقول عالم النفس ألبرت باندورا (١٩٦٤): «إذا نزلنا إلى الشارع وأوقفنا رجلًا عاديًّا وعرضنا على مسامعه كلمة «مراهقة»، فمن المحتمل جدًّا … أن تتضمن الأفكار المقترنة في ذهنه بهذه الكلمة إشارات إلى العواصف، والتوتر، والانزعاج، والتمرد، والصراعات سعيًا وراء الحصول على الاستقلالية، والامتثال لجماعات الأقران، والسترات الجلدية السوداء، وما شابه» (ص٢٢٤).
أيدت استطلاعات الرأي التي شملت طلبة الجامعات تلك الملحوظات غير الرسمية التي ذكرها باندورا. وجد جرايسون هولمبيك وجون هيل (١٩٨٨) أن الطلبة المسجلين في دورة دراسية جامعية عن مرحلة المراهقة حصلوا على متوسط درجات قدره ٥٫٢ (من ٧ نقاط) في البند الذي يحمل اسم «فترة المراهقة فترة مليئة بالعواصف والتوترات». وتعد هذه هي أيضًا نفس آراء الآباء والمدرسين (هاينز وبولسون، ٢٠٠٦). وينتشر هذا الموقف أيضًا حتى بين العاملين في مجال الصحة؛ إذ أظهر استطلاع للرأي شمل طاقم العمل بمستشفى للأطفال أن ٦٢٪ من الأطباء المقيمين (الذين يتلقون تدريبًا طبيًّا) و٥٨٪ من الممرضات اتفقوا على أن «الغالبية العظمى من المراهقين يظهرون سلوكيات عصابية ومضادة للمجتمع في فترة ما من فترات مرحلة المراهقة». وبالإضافة إلى ذلك اتفق ٥٤٪ من الأطباء المقيمين و٧٥٪ من الممرضات على أن «الأطباء والممرضات يجب أن يهتموا بتقويم المراهقين الذين لا يثيرون أي مشكلات ولا يعانون أي اضطرابات». ويتفق ذلك مع وجهة نظر آنا فرويد القائلة إن المراهق «السوي» هو في الحقيقة شخص غير سوي (لافين، ١٩٧٧).
وحتى نقيّم الادعاءات بأن مرحلة المراهقة هي فترة عواصف وتوترات، نحتاج إلى دراسة ثلاثة من محاور سلوك المراهقين: (١) الصراعات مع الآباء، (٢) التقلبات المزاجية، (٣) السلوك الخطر (أرنيت، ١٩٩٩). تظهر الأبحاث أن الادعاء القائل إن مرحلة المراهقة هي فترة عواصف وتوترات يشتمل — مثله مثل العديد من الخرافات الأخرى المذكورة في هذا الكتاب — على جزء صغير من الحقيقة هي في الأغلب أحد الأسباب التي تقف وراء شهرته. إن المراهقين معرضون بدرجة مرتفعة إلى حد ما لخطورة مواجهة صعاب تتعلق بمحاور السلوك الثلاثة السابقة، هذا على الأقل في المجتمع الأمريكي (أرنيت، ١٩٩٩؛ إبستاين، ٢٠٠٧)، إذ تتزايد الصراعات مع الآباء خلال سنوات المراهقة (لورسين، وكوي، وكولينز، ١٩٩٨). ويتعرض المراهقون لتقلبات مزاجية وحالات مزاجية متطرفة أكثر من غيرهم (بيوكانان، وإكلز، وبيكر،١٩٩٢؛ لارسون وريتشاردز، ١٩٩٤) ويقدمون على المخاطر البدنية أكثر من غيرهم (ريينا وفارلي، ٢٠٠٦؛ ستاينبيرج، ٢٠٠٧) لذا من الصحيح أن فترة المراهقة قد تشهد صراعات نفسية محتدمة لدى «بعض» المراهقين.
ولكن لاحظ أن كلمة «بعض» وُضعت بين علامتي تنصيص، فهذه البيانات نفسها تظهر أن كل واحدة من هذه الصعوبات مقصورة على قلة قليلة من المراهقين؛ إذ تشير معظم الدراسات إلى أن ٢٠٪ فقط من المراهقين هم من يمرون باضطرابات ملحوظة، لكن الغالبية العظمي يتمتعون بحالات مزاجية إيجابية وعلاقات متوائمة مع آبائهم وأقرانهم (أوفر وشونرت رايتشل، ١٩٩٢)، بالإضافة إلى ذلك، فإن الاضطرابات الشعورية الملحوظة والصراعات مع الآباء تقتصر بدرجة كبيرة على المراهقين الذين يعانون مشكلات نفسية واضحة مثل الاكتئاب واضطراب السلوك (راتر، جراهام، تشادويك، ويول، ١٩٧٦)، هذا بالإضافة إلى المراهقين الآتين من خلفيات أسرية ممزقة (أوفر، كايز، أوستروف، وألبرت، ٢٠٠٣). إذن لا توجد أسس قوية تؤيد الادعاء القائل إن القلق الذي يصحب مرحلة المراهقة هو أمر تقليدي أو حتمي (إيبستاين، ٢٠٠٧)، بل على العكس، حدوث ذلك هو الاستثناء وليس القاعدة. علاوة على ذلك، لم تجد دراسة تتبعت ٧٣ مراهقًا من الذكور على مدار ٣٤ عامًا أي دليل ولو ضعيف على أن المراهقين الذين يتكيفون بسهولة مع هذه الفترة يكونون معرضين لخطورة الإصابة بالمشكلات النفسية فيما بعد (أوفر وآخرون، ٢٠٠٢). هذه النتائج تثبت خطأ ما زعمته آنا فرويد من أن المراهقين الذين يبدون أسوياء هم في الحقيقة غير أسوياء ومعرضون حتمًا للإصابة بمشكلات نفسية في سن الرشد.
تتعارض أيضًا المعلومات الآتية من الثقافات الأخرى، التي تظهر أن مرحلة المراهقة هي فترة هدوء وسلام نسبي في العديد من المجتمعات التقليدية غير الغربية، مع الآراء التي تعتبر أن مرحلة المراهقة هي مرحلة مليئة بالعواصف والتوترات (أرنيت، ١٩٩٩؛ دازن، ٢٠٠٠)، فسنوات المراهقة تمر في اليابان والصين على سبيل المثال دون أي منغصات. ففي اليابان يصف ٨٠ إلى ٩٠٪ من المراهقين حياتهم الأسرية بأنها «مرحة» أو «محببة» ويقولون إنهم يتمتعون بعلاقات إيجابية مع آبائهم. ولم تُسجل أي اضطرابات خطيرة بمرحلة المراهقة في الهند، والبلدان الواقعة جنوب الصحراء الأفريقية، وجنوب شرق آسيا، والعديد من بلدان العالم العربي (إيبستاين، ٢٠٠٧). وعلاوة على ذلك، هناك دلائل تشير إلى أن ازدياد تطبيق العادات والأفكار الغربية في هذه الأماكن يرتبط بازدياد الاضطرابات المصاحبة لمرحلة المراهقة (دازن، ٢٠٠٠). نحن لا نعلم سبب شيوع اضطرابات مرحلة المراهقة في الثقافات الغربية أكثر منها فيما عداها. يشير بعض الكتاب إلى أنه على عكس ما يفعله الآباء في معظم الثقافات الأخرى، يميل الآباء في الغرب إلى معاملة أولادهم في مرحلة المراهقة على أنهم أطفال وليسوا أشخاصًا بالغين في طور النضج لهم ما للبالغين من حقوق وعليهم ما عليهم من واجبات، ولذا قد يتمردون على القيود التي يضعها آباؤهم ويتصرفون بطريقة معادية للمجتمع (إيبستاين، ٢٠٠٧).
هل المعتقدات الخاطئة بشأن حتمية مرور المراهقين بحالة من الاضطراب يمكن أن تحدث أي أضرار؟ ربما؛ فتجاهل بعض المشكلات الحقيقية التي يمر بها المراهقون بوصفها تمثل «مرحلة عابرة» أو تعبر عن فترة طبيعية من الاضطراب قد يسبب حالة من الانزعاج الشديد للمراهقين الذين لا يتلقون مساعدة نفسية هم في أشد الحاجة إليها (أوفر وشونرت رايتشل، ١٩٩٢). صحيح أن بعض صيحات المراهقين طلبًا للمساعدة تكون حيلة ماكرة للفت الانتباه، ولكن هناك صيحات أخرى عديدة تطلقها أرواح شابة بائسة تجاهل الآخرون ما تعانيه.
(٣) الخرافة رقم ٨: يمر معظم الناس بأزمة منتصف العمر في الأربعينيات أو في أوائل الخمسينيات من عمرهم
يشتري رجل في الخامسة والأربعين من عمره السيارة البورش التي كان يحلم بها منذ سنوات، ويغير من شكل ذقنه، ويجري عملية لزراعة الشعر، ويترك زوجته من أجل فتاة في الثالثة والعشرين من عمرها، ويقتطع مبلغًا كبيرًا من حساب التوفير الخاص بخطة تقاعده حتى يسافر إلى جبال الهيمالايا ويدرس على يد المعلم الروحي الأشهر في ذلك الوقت. قد يرجع الكثير من الناس في مجتمعنا هذه التصرفات غير المعهودة لهذا الرجل ﻟ «أزمة منتصف العمر»، وهي فترة من سن الأربعين إلى الستين تشهد حالة مثيرة من الاضطراب ومراجعة الذات، إذ يواجه المرء في تلك السن احتمالات الوفاة، وتراجع اللياقة البدنية، والأحلام والآمال التي لم يستطع أن يحققها.
ولكن لم يظهر مصطلح «أزمة منتصف العمر» إلا عام ١٩٦٥ حينما صاغه إليوت جاك ليصف المحاولات القهرية التي لاحظ أن الفنانين والملحنين يقومون بها في منتصف العمر من أجل البقاء في مرحلة الشباب وتحدي حقيقة الموت. قدم جاك هذه العبارة المثيرة إلى العامة وإلى الأوساط العلمية ليصف بها أي فترة انتقالية غير مستقرة من الحياة يمر بها الأشخاص في منتصف العمر. وبعد عشر سنوات، نشر جايل شيهي كتابه الأكثر مبيعًا «السبل: الأزمات المتوقعة في سنوات النضج» (١٩٧٦) الذي رسخ فكرة أزمة منتصف العمر في خيال العامة. وعام ١٩٩٤ أظهر استطلاع للرأي شمل مجموعة من الشباب أن ٨٦٪ منهم يعتقدون في أزمة منتصف العمر (لاشمان، لوكوويكز، ماركوس، وبينج، ١٩٩٤).
استغلت صناعة السينما فكرة المرور بمرحلة من عدم الاستقرار في منتصف العمر وقدمت نماذج لأشخاص حمقى في منتصف العمر يعانون اضطرابًا شعوريًّا — ولكنها مع ذلك كانت نماذج محببة — ويعيدون النظر في مغزى حياتهم وقيمتها، وكان أبطال هذه الأفلام معظمهم من الرجال. يعرض فيلم «محتالو المدينة» (١٩٩١) قصة ثلاثة رجال (لعب أدوارهم بيلي كريستال، ودانيال ستيرن، وبرونو كيربي) يعانون أزمة منتصف العمر فيقررون أن يستريحوا مدة أسبوعين من حياتهم الرتيبة ويذهبون في رحلة لقيادة قطعان الماشية من نيو مكسيكو إلى كلورادو. وعام ٢٠٠٧ عرض فيلم آخر يتناول نفس الفكرة هو فيلم «الخنازير البرية» الذي يصور المغامرات التي يقوم بها أربعة رجال في منتصف العمر يقررون القيام برحلة بالدراجات البخارية حتى يشعلوا وهج الإثارة المرتبطة بفترة شبابهم داخل نفوسهم مرة أخرى. ويعد فيلم «يوم جرذ الأرض» (١٩٩٣) هو أفضل ما صور حياة النزوات التي يزعم الكثيرون أنها تميز منتصف العمر، ويقوم الفنان الكوميدي بيل موراي بدور البطل فيل كونرز وهو خبير أرصاد جوية متقوقع على ذاته يفرط في الشراب، ولا يجد أمامه سوى أن يكرر كل ما يفعله كل يوم حتى «يفهم» في النهاية أن حياته لن تصبح ذات معنى إلا إذا أصبح هو شخصًا أفضل. ويقوم كيفن كوستنر في فيلم «بول دورام» بدور لاعب البيسبول كراش ديفيز الذي يهمش بانتقاله إلى الدوري الفرعي ليدرب لاعب شاب موهوب، ويدرك كراش أن شبابه يتسرب من بين يديه مثله مثل قدرته على التزحلق بأمان نحو القاعدة الأساسية، ولكنه في النهاية يعثر على الحب والشعور بالرضا مع واحدة من مشجعات لعبة البيسبول وهي آني سافوي (التي تقوم بدورها سوزان ساراندون). وفي فيلم «الجمال الأمريكي» (١٩٩٩) الحاصل على جائزة الأوسكار يجسد ليستر بورنام (الذي يقوم بدوره كيفن سباسي) الصفات الأساسية التقليدية لأزمة منتصف العمر التي يعانيها الرجال، إذ يترك وظيفته التي تفرض عليه ضغوطًا كبيرة ويعمل طاهيًا في أحد محال الهامبورجر، ويبدأ في تعاطي العقاقير وممارسة تمارين اللياقة، ويشتري سيارة رياضية، ويقع في غرام صديقة ابنته التي لا تزال مراهقة.
ظل عالم النفس إيان جوتليب يتابع العناوين والمقالات الرئيسية بصفحة الفنون المعاصرة بجريدة نيويورك تايمز مدة ١٥ شهرًا (جوتليب وويتون، ٢٠٠٦)، واكتشف أن متوسط استخدام المحررين لعبارة «أزمة منتصف العمر» في عناوين المقالات النقدية للكتب والأفلام والبرامج التليفزيونية بلغ مرتين في الشهر.
التغطية الإعلامية وشبكة الإنترنت ليسا هما السببين الوحيدين لبقاء مفهوم أزمة منتصف العمر عالقًا في الأذهان، فهناك سبب آخر هو أن هذا المفهوم مبني على جزء صغير من الحقيقة. لاحظ عالم النفس إريك إريكسون (١٩٦٨) أن معظم الأشخاص عندما يبلغون منتصف العمر يدخلون في صراع من أجل تحديد اتجاهات حياتهم ومعانيها وأهدافها، ويبذلون كل ما في وسعهم من أجل أن يعرفوا هل هم بحاجة لتصحيح المسار وهم في منتصف الطريق. سنلاحظ أن إريكسون يبالغ بقوله إن المرور بأزمة في منتصف العمر هو أمر سائد، ولكنه كان على حق في أن بعض الأشخاص يمرون بحالة واضحة من افتقار الثقة في أنفسهم في سنوات منتصف العمر. ولكن المرء يعيد تقييم أهدافه وأولوياته ويمر بالأزمات في كل عقد من عقود عمره، والدليل على ذلك مرحلة الاضطراب الشعوري التي يمر بها بعض المراهقين، ولكن ليس كلهم بأي حال من الأحوال (انظر الخرافة رقم ٧). هذا بالإضافة إلى أن التجارب الواقعة تحت مظلة «أزمة منتصف العمر» متعددة — ومنها مثلًا تغيير الوظيفة، والطلاق، وشراء السيارات الرياضية — وهلامية، ولذا قد يعد المرء أي اضطراب للحياة أو تغير فيها دليلًا دامغًا على المرور بمرحلة انهيار في منتصف العمر.
بعض «أعراض» أزمة منتصف العمر، مثل الطلاق، تكون احتمالات حدوثها أكبر في الواقع من المرحلة التي تسبق هذه الفترة. ففي الولايات المتحدة يقع الطلاق الأول، في المتوسط، خلال خمس سنوات من الزواج، حيث يكون الرجال في الثالثة والثلاثين والنساء في الواحدة والثلاثين (كلارك، ١٩٩٥). بالإضافة إلى ذلك فإن شراء السيارات الرياضية الفارهة في الأربعينيات قد لا يكون على الإطلاق محاولة لاستغلال الأزمة، ولكن التفسير الأقرب قد يكون هو أن الأشخاص في ذلك العمر يصبح بمقدورهم أخيرًا أن يدفعوا ثمن السيارات التي حلموا بها وهم في طور المراهقة.
لم تتوصل الدراسات التي أجريت في ثقافات متعددة إلى أي شيء يدعم الفكرة القائلة إن فترة منتصف العمر تكون مرحلة متوترة وصعبة بصورة خاصة. أجرى دانيال شيك (١٩٩٦) دراسة شملت ١٥٠١ من الأزواج والزوجات الصينيين تراوحت أعمارهم بين ٣٠ إلى ٦٠ عامًا، ولكنه فشل في أن يسجل أي مستويات عالية من التذمر الذي يسبق حدوث «أزمة» لدى غالبية الرجال والنساء في منتصف العمر. أعد الباحثون الذين تمولهم مؤسسة ماكارثر دراسة شملت ٧١٩٥ رجلًا وامرأة تقريبًا تتراوح أعمارهم بين ٢٥ إلى ٧٤ عامًا، وأجريت مقابلات مع ٣٠٣٢ منهم فيما يعد أضخم دراسة على الرجال والنساء في منتصف العمر (بريم، رايف، وكيسلر، ٢٠٠٤)، وعلى عكس الصورة التقليدية المعروفة سجل الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين الأربعين والستين شعورًا بأنهم يملكون زمام أمور حياتهم بصورة أفضل، وأعربوا عن أن حياتهم أصبحت أكثر سعادة ورفاهية مما كانت عليه في العقد الماضي من أعمارهم. وبالإضافة إلى ذلك، تراوحت التقديرات التي أعطاها أكثر من ثلاثة أرباع المشاركين لمستوى علاقاتهم مع الآخرين ما بين جيد إلى ممتاز. وتتساوى احتمالات أن يصاب الرجال والنساء على حد سواء بما يعدونه أزمة منتصف العمر. وقد اكتشف الباحثون أن المخاوف بشأن المرور بأزمة منتصف العمر شائعة أكثر من المرور بالأزمة نفسها.
وهناك العديد من النتائج الأخرى التي تؤكد أن أزمة منتصف العمر ليست إلا خرافة. فقد أظهرت الدراسات المختلفة أن نسبة الأشخاص الذين أعربوا عن مرورهم بأزمة منتصف العمر (بحسب تعريف العلماء لها) تتراوح بين ١٠ إلى ٢٦٪ فقط (بريم، ١٩٩٢؛ ويثينجتون، ٢٠٠٠). هذا بالإضافة إلى أن فترة منتصف العمر يمكن أن تشهد ذروة الأداء النفسي السليم (لاشمان، ٢٠٠٣). من الواضح إذن أن أزمة منتصف العمر ليست احتمالًا مؤكدًا للجميع، بل ليست حدثًا من المرجح أن يقع. ولذا إذا كنت ترغب في إحداث تغييرات جذرية في حياتك، وتشتري سيارة رياضية حمراء أو دراجة بخارية «شبابية»، فلا تشعر في أي وقت أن هذه خطوة مبكرة للغاية، أو متأخرة للغاية.
محو الخرافة: نظرة أكثر إمعانًا
متلازمة العش الخالي
والحقيقة أنه لا توجد أدلة علمية كثيرة تؤيد الاعتقاد الشائع بأن النساء يعانين حالة مماثلة لأزمة منتصف العمر التي يمر بها الرجال عندما يرحل أبناؤهن فجأة تاركين المنزل — الذي تشير إليه العبارة بالعش — خاليًا. أجرت كريستين برولاكس وهيثر هيلمز عام ٢٠٠٨ مقابلات مع ١٤٢ مجموعة من الآباء والأمهات بعدما غادر أكبر أبنائهم المنزل، وأظهرت هذه المقابلات أن معظم الآباء والأمهات نجحوا نجاحًا ممتازًا في التكيف مع الوضع، ورأوا أن خطوة انتقال أبنائهم خارج المنزل كانت إيجابية، وزاد ارتباطهم بأبنائهم كأقران لهم عندما اكتسب الأبناء قدرًا أكبر من الاستقلالية. علاوة على ذلك فإن معظم ساكني الأعشاش الخالية يشعرون بدرجة أكبر من الرضا عن حياتهم، إذ تصبح أكثر مرونة وحرية عما كانت عليه (بلاك وهيل، ١٩٨٤). وتشير الأدلة الحديثة الناشئة عن تعقب العلاقات الزوجية فترة بلغت ١٨ عامًا إلى زيادة الشعور بالرضا عن هذه العلاقات أيضًا (جورتشوف، جون، وهيلسون، ٢٠٠٨).
ربما يتطلب التحول الذي يطرأ على الأدوار المنزلية، والزيادة المفاجئة في وقت الفراغ، قدرًا من التكيف من جانب كل أفراد الأسرة. الأشخاص الذين يضعون أنفسهم إلى حد بعيد داخل الإطار الذي يفرضه عليهم دورهم كآباء، والذين يفكرون بطريقة تقليدية بشأن دور المرأة في المجتمع والأسرة، والذين لا يعملون خارج المنزل، قد يكونون أكثر عرضة بكثير لمتلازمة العش الخالي (هاركينز، ١٩٧٨). ولكن «انتقال» أحد الأبناء من المنزل لا يعد تجربة مأساوية للآباء كما تصورها وسائل الإعلام في الأغلب (والش، ١٩٩٩)، بل ربما يعد نجاح الأبناء في الانتقال إلى بدايات الرشد والنضج، وحصول الآباء على ثمار ما بذلوه من مجهود طوال السنوات التي كرسوها لتربية أبنائهم، مناسبة للاحتفال.
(٤) الخرافة رقم ٩: يقترن التقدم في العمر عادة بزيادة الشعور بالتذمر وأعراض الشيخوخة
فكر في شخص ينطبق عليه هذا الوصف: سريع الغضب، غريب الأطوار، مشاكس، خائف من التغيير، مكتئب، غير قادر على مواكبة التكنولوجيا، وحيد، ومعتمد على غيره، واهن بدنيًّا، وضعيف الذاكرة. لن نندهش بالطبع إذا كانت الصورة التي ستقفز إلى أذهاننا هي صورة شخص مسن — وربما يكون هذا الشخص مقوس الظهر، وضئيل البنية، وغير متوازن — لأن الأوصاف التي أوردناها تتماشى بحذافيرها مع الصور التقليدية الشائعة عن المسنين على الرغم من افتقارها إلى الدقة (فالتشيكوف، ١٩٩٠؛ ميدلكامب وجروس، ٢٠٠٢).
العديد من الناس يظنون أن نسبة كبيرة من المسنين يصابون بالوحدة والاكتئاب وَحدّة الطبع، ويفتقرون إلى الشعور بالرغبة الجنسية، وأنهم إما يصابون بالشيخوخة أو بأعراض مبكرة لها. في استطلاع للرأي شمل ٨٢ من دارسي علم النفس التمهيدي، وافق ٦٥٪ منهم على أن «معظم كبار السن يميلون إلى الوحدة والعزلة»، ووافق ٣٨٪ منهم على أن «الأشخاص يصبحون سريعي الغضب عندما يتقدمون في السن» (بانيك، ١٩٨٢، ص١٠٥)، بالإضافة إلى ذلك، من بين ٢٨٨ من طلاب الطب، قال ٦٤٪ إن الاكتئاب الشديد ينتشر بين المسنين أكثر من انتشاره بين الأشخاص الأصغر سنًّا (فان زولين، روبرت، سيلفرمان، ولويس، ٢٠٠١).
التعرض للصور الإعلامية التقليدية — بل يمكننا أن نقول للتلقين الإعلامي — بشأن المسنين يبدأ في مرحلة مبكرة من العمر (تاوبين وآخرون، ٢٠٠٣). أجرى توم روبنسون وزملاؤه دراسة على أفلام والت ديزني للأطفال، ووجدوا أن ٤٢٪ من الشخصيات المسنة في تلك الأعمال — مثل والد بيلي في فيلم «الجميلة والوحش»، والسيدة ميم في فيلم «السيف والحجر» (ولا ننسى «جرامبي»، أحد الأقزام السبعة في فيلم «سنو وايت») — صُوِّرت على نحو سلبي كشخصيات كثيرة النسيان، أو سريعة الغضب، أو غريبة الأطوار (روبنسون، كاليستر، ماجوفين، ومور، ٢٠٠٧). إغراق الأطفال بمثل هذه الصور وغيرها من القوالب السلبية الأخرى ربما يشكل سببًا منطقيًّا في تكون انطباع سلبي لديهم عن كبار السن يبدأ في الظهور في عمر مبكر.
ويستمر هذا السيل المتدفق من المعلومات الخاطئة عن التقدم في العمر خلال فترة البلوغ، إذ أظهرت دراسة عن أفلام المراهقين المشهورة أن معظم الشخصيات المسنة التي تعرضها هذه الأفلام اتسمت ببعض الصفات السلبية، وأن خمسها قد تطابق مع الصور التقليدية السلبية (ماجوفين، ٢٠٠٧)، وأحيانًا تمتد هذه الصورة المحبطة والمرعبة إلى أفلام الكرتون الموجهة للكبار، والبرامج التليفزيونية، والأفلام السينمائية. على سبيل المثال: شخصية الجد سيمبسون التي ظهرت في المسلسل التليفزيوني الشهير «عائلة سيمبسون»، ذلك الجد الذي ولد في «البلدة القديمة» التي يبدو أنه لا يذكر أي بلدة هي. وهناك أيضًا العائلة غريبة الأطوار التي ينتمي إليها توني سوبرانو (الذي قام بدوره جيمس جاندولفيني) الذي يعمل فردًا في عصابة إجرامية: فوالدته ليفيا (التي لعبت دورها في المسلسل التليفزيوني الشهير «عائلة سوبرانو» نانسي مارشاند) حاولت أن تحرض على «قتله» لأنه أودعها بدار للرعاية («… إنه مجتمع المتقاعدين يا أمي!») أما عمه المعتوه جونيور (الذي لعب دوره دومينيك تشاينيز) فقد أطلق الرصاص على توني ظنًّا منه أنه عدوه الذي تُوفي منذ عشرين عامًا. ويعرض فيلم «الهمج» (٢٠٠٧) قصة معاناة ابن وابنة — قام بدورهما فيليب سيمور هوفمان ولورا ليني — مع مشاعرهما المتضاربة بشأن رعاية أبيهما المسن (الذي قام بدوره فيليب بوسكو) بعد أن تدهورت حالته البدنية والعقلية، وأصبح كثير النسيان بشكل متزايد ويعبث بفضلاته.
ترويج وسائل الإعلام للمخاوف من الخسائر التي تبدو حتمية والتي تصاحب تقدم السن لا يدع لنا مجالًا للاندهاش من انتشار المعتقدات الخاطئة بشأن المواطنين المتقدمين في السن أو تعمق التحيز ضد المسنين. قدم جون هيس (١٩٩١) تأريخًا للكيفية التي حمَّلت بها وسائل الإعلام — دون وجه حق — المسنين مسئولية الكثير من المشكلات الاجتماعية والسياسية، ومنها: الضرائب المرتفعة، وإفلاس الميزانية القومية نتيجة الكلفة العالية لبرامج الرعاية الصحية والتأمين الاجتماعي، وخفض الاعتمادات المخصصة لبرامج الأطفال والمعاقين. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن الشعور الذي ينتاب معظم الطلاب الجامعيين تجاه كبار السن هو الشفقة (فيسك، كادي، جليك، وسو، ٢٠٠٢). بالإضافة إلى أن الناس يصنفون مشكلات الذاكرة لدى المسنين على أنها علامات على عدم الكفاءة العقلية، ويرون أن هذه المشكلات تحدث لدى الأشخاص الأصغر سنًّا نتيجة عدم الانتباه أو عدم بذل الجهد (كادي وفيسك، ٢٠٠٢).
وفيما يعد تعارضًا صارخًا مع هذه المفاهيم، يهدم البحث العلمي الخرافة التي تقول إنه يوجد ارتباط طبيعي بين العمر المتقدم (الذي يبدأ من الستين إلى الخامسة والستين) ومشاعر التذمر وأعراض الشيخوخة. أجرى فريق من الباحثين استطلاعًا للرأي شمل مجموعة من الأشخاص تتراوح أعمارهم بين الواحدة والعشرين والأربعين أو تزيد عن الستين، وتناول هذا الاستطلاع شعورهم بالسعادة وكيف يكون شعور الشخص العادي بها وهو في مثل عمرهم، وفي الثلاثين، وفي السبعين من عمره. وكانت تكهنات الشباب هي أن شعور الأشخاص عامة بالسعادة يقل كلما تقدموا في العمر، ولكن الأشخاص الأكبر سنًّا كان شعورهم الحالي بالسعادة أكبر من ذلك الشعور الذي أحسه المشاركون الأصغر سنًّا (لاسي، سميث، وأوبل، ٢٠٠٦).
وتظهر استطلاعات الرأي التي تشمل عينة عشوائية من السكان ككل أن نسب الاكتئاب تبلغ أعلى معدلاتها في الفئة العمرية التي تتراوح بين الخامسة والعشرين والخامسة والأربعين، (إنجرام، سكوت، وسيجل، ١٩٩٩)، وأن الفئة الأكثر سعادة تتمثل في رجال الخامسة والستين عامًا ومن تتجاوز أعمارهم هذه السن (مارتين، ٢٠٠٦). يزيد الشعور بالسعادة مع تقدم السن في أواخر العقد السادس من العمر، وربما العقد السابع أيضًا (مروكزيك، وكولارز، ١٩٩٨؛ ناس، بريف، وتاكاياما، ٢٠٠٦). في إحدى الدراسات التي أجريت على ٢٨٠٠٠ مواطن أمريكي، قال ثلث المواطنين البالغين من العمر ثمانية وثمانين عامًا إنهم «سعداء جدًّا»، وأكثر الفئات شعورًا بالسعادة تمثلت في أكثر الأشخاص تقدمًا في العمر، وازدادت احتمالات الشعور بالسعادة بمعدل ٥٪ مع كل عشر سنوات من العمر (يانج، ٢٠٠٨). ربما يزيد شعور الأشخاص الأكبر سنًّا بالسعادة نسبيًّا لأنهم يقلصون من حجم آمالهم («لن أفوز بجائزة نوبل أبدًا، ولكن بإمكاني أن أصير جدًّا رائعًا.») هكذا يفكر المسنون، ويتقبلون نقاط قصورهم، ويسترجعون المعلومات الإيجابية أكثر من المعلومات السلبية (كارتينسين ولوكينهوف، ٢٠٠٣).
ومع أن الاكتئاب ليس أحد المضاعفات الحتمية للتقدم في العمر، فلا يزال هذا المرض يصيب ١٥٪ من المسنين. ولكن العديد من حالات الاكتئاب في هذه الفئة العمرية لا تحدث غالبًا بسبب التقدم البيولوجي في العمر، ولكن بسبب الحالات المرضية والشعور بالآلام، والأعراض الجانبية للأدوية، والانعزال الاجتماعي، والأحداث التي قد يعايشها الأشخاص في هذه السن مثل وفاة أحد أصدقائهم المقربين (أرين، ورينولدز، ٢٠٠٥؛ كيفلا، باكالا، ولابالا، ١٩٩١؛ مروكزيك، وسبيرو، ٢٠٠٥).
جاءت نتائج أحد استطلاعات الرأي القومية الذي شمل ٣٠٠٠ شخص منافية للخرافة القائلة إن كبار السن يفتقرون إلى الرغبة الجنسية (لومان، داس، وويت، تحت الطبع)، إذ أظهر هذا الاستطلاع أن أكثر من ثلاثة أرباع الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين الخامسة والسبعين والخامسة والثمانين ونصف النساء ممن هن في مثل أعمارهم قالوا إنهم لا تزال لديهم الرغبة في ممارسة العلاقة الجنسية. والأكثر من ذلك أن ٧٣٪ من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين ٥٧ إلى ٦٤ عامًا، و٥٣٪ من الأشخاص بين الرابعة والستين والرابعة والسبعين لا يزالون يمارسون العلاقة الجنسية بانتظام. وحتى أفراد المجموعة الأكبر سنًّا الذين تراوحت أعمارهم بين الخامسة والسبعين والخامسة والثمانين قال ٢٦٪ منهم إنهم لا يزالون يمارسون الجنس بانتظام. من المثير للاهتمام أن المشكلات الصحية، مثل السمنة وداء السكري، هي مؤشرات أفضل من التقدم في العمر على الأشخاص الذين سيظلون نشطاء جنسيًّا؛ فمع تدهور الحالة الصحية العامة يتراجع النشاط الجنسي.
الوصول إلى سن التقاعد لا يعني الدخول في حالة من الاكتئاب وتراجع الرغبة الجنسية، ومع ذلك يشعر الناس بطبيعة الحال برهبة من التقدم في السن عامة، ومن فقدان الذاكرة على نحو خاص. العديد من المواقع الإلكترونية تسخر بطريقة لاذعة من المسنين بسرد ما يعرف ﺑ «دعاء الشيوخ»: «يا رب، اجعلني أصير شيخًا حتى أنسى من لم أحبهم قط، ووفقني لأن ألتقي أولئك الذين أحببتهم، وامنحني قوة البصر حتى أستطيع أن أفرق بين هؤلاء وأولئك.» وليس من الغريب أن تتناول الكتب الشعبية المخاوف المتعلقة بالتقدم في العمر، إن لم تكن تتغذى على تلك المخاوف. فعلى سبيل المثال: نشر زالدي تان (٢٠٠٨) كتابًا بعنوان: «احفظ عقلك من آثار الزمن: تعرف على فقدان الذاكرة وأجله وامنع حدوثه قبل فوات الأوان». وهناك لعبة من إنتاج شركة نينتيندو تعرف بلعبة «عمر المخ» تمكن اللاعبين من أن يجعلوا أمخاخهم «أصغر عمرًا» عن طريق مجموعة من التمارين العقلية التي تنشط قشرة المخ الأمامية الجبهية (بينالاك، ٢٠٠٦).
إنه لأمر طبيعي أن يتعرض الإنسان لضعف طفيف بالذاكرة مع تقدم العمر، ويتضمن هذا الضعف درجة بسيطة من درجات النسيان وصعوبة في استرجاع الكلمات أثناء الحديث. ولكن فقدان الذاكرة الحاد المرتبط بمرض ألزهايمر وأنواع الخرف الأخرى ليس من المضاعفات الطبيعية للتقدم في السن. يضل الأشخاص المصابون بمرض ألزهامير الطريق في الأماكن المألوفة، ويتعرضون أيضًا لتغيرات تطرأ على شخصياتهم، ولفقدان المهارات اللغوية، ويواجهون صعوبة في التعلم ومشكلات في إنجاز المهام اليومية البسيطة. يصيب مرض ألزهايمر ٤ ملايين أمريكي، ويمكن أن يستمر المرض فترة تتراوح من ٣ سنوات إلى ٢٠ سنة، ويقدر متوسط الفترة بثمان سنوات (نيث وسوربرينانت، ٢٠٠٣) وتزيد خطورة الإصابة بمرض ألزهايمر مع تقدم العمر، ولكن هناك بعض الأشخاص يتعرضون للإصابة بهذا المرض في الثلاثينات والأربعينات من أعمارهم، وحتى بعد سن الخامسة والثمانين لا يتعرض نحو ثلاثة أرباع المسنين إلى مشكلات خطيرة بالذاكرة (وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية).
حتى في الثمانين من العمر لا يتراجع مستوى الذكاء العام والمهارات اللفظية عما كانا عليه كثيرًا في المراحل العمرية الأقل، ولكن القدرة على تذكر الكلمات والتعامل الحذق مع الأرقام والأجسام والصور يتأثر قليلًا بمستويات الضعف المرتبطة بتقدم السن (ريكسي وهولستيج، ١٩٩٦). وتشير الأبحاث التي تُجرى على الإنجازات الإبداعية إلى أنه في بعض المجالات مثل كتابة التاريخ أو الكتابة الروائية يقدم العديد من الأشخاص أفضل أعمالهم وهم في الخمسينيات أو في العقود التي تليها بكثير (رابيت، ١٩٩٩). ممارسة الرياضة، واتباع نظام غذائي صحي، وحل الألغاز، وإبقاء القدرة الذهنية نشطة قد تبطئ من الخسائر الطفيفة التي تطرأ على القدرة المعرفية مع تقدم العمر أو تعوضها (ويتبورن، ١٩٩٦)، مع أن الباحثين لم يثبتوا بعد فاعلية ألعاب مثل لعبة «عمر المخ» وما شابهها.
الظن الخاطئ الأخير عن كبار السن أنهم لا يستطيعون اكتساب مهارات جديدة أو أنهم لا يستطيعون التعامل مع الأجهزة الحديثة، فكما يقول المثل: «التعليم في الكبر كالنقش على الماء.» أظهر استطلاع الرأي الذي أجري على عينة من دارسي علم النفس التمهيدي الذين ذكرناهم من قبل أن ٢١٪ منهم يوافقون على أن «الأشخاص الأكبر سنًّا يجدون صعوبة بالغة في تعلم مهارات جديدة» (بانيك، ١٩٨٢، ص١٠٥). أحيانًا تقدم وسائل الإعلام محاكاة ساخرة لهذه الصورة عن كبار السن، وخير مثال على ذلك شخصية آرثر سبونر (الذي قام بدوره جيري ستيللر) في المسلسل التليفزيوني «ملك الملكات»، الرجل غريب الأطوار الذي لا يعرف كيفية استخدام مشغل أسطوانات الدي في دي. ولكن العديد من كبار السن لا يجدون رهبة في التعامل مع أجهزة الكمبيوتر، وأجهزة الآي فون، وغيرها من «أجهزة العصر»، ولديهم الميل والوقت لإتقان استخدام هذه الأجهزة وتقديرها. إذن يمكننا أن نعدل من تلك المقولة الطاعنة في السن (والتلاعب بالألفاظ مقصود هنا) لتصبح: «يمكنك تعليم العجائز حيلًا جديدة … وغير ذلك كثير.»
(٥) الخرافة رقم ١٠: عند الاحتضار، يمر الناس بسلسلة عامة من المراحل النفسية
تحظى مراحل الحزن التي عرّفتها د. إليزابيث بقبول واسع في الأوساط الطبية والنفسية وأوساط التمريض، إذ تشير استطلاعات الرأي إلى أن هذه المراحل تُدرَّس لنسب كبيرة من طلاب الطب والتمريض والخدمة الاجتماعية في الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة (داوني-وامبولديت، وتاميلين، ١٩٩٧؛ هولمان، هولمان وجريشينهورن، ١٩٩٤).
ربما يكون السبب في الشهرة التي حازتها هذه المراحل ليس فقط التغطية الإعلامية التي اجتذبتها، بل لأنها تقدم للعامة بعض التكهنات بشأن قضية لم يكن من الممكن التنبؤ بأحداثها من قبل، وهي مسألة الاحتضار (كوب، ١٩٩٨؛ كاستينبام، ١٩٩٨). فكون تجربة الموت التي طالما أثارت في النفوس إحساسًا بالرعب تسير وفق سلسلة من المراحل المعتادة التي تنتهي بشعور المرء بالاطمئنان والقبول لقدره — هو شيء يبعث بداخل العديد منا الطمأنينة، بالإضافة إلى أن إفصاح فكرة الموت عن نفسها للجميع بنفس الطريقة المرتبة والمنظمة هو شيء يثير بعض الإعجاب، ربما لأن ذلك يجعل من هذه العملية الغامضة شيئًا أبسط. لكن هل هذه المراحل حقيقية؟
تطالعنا هذه المراحل التي عرّفتها كوبلر روس في كل ركن من أركان علم النفس الشعبي، وهذا قد يجعلنا نظن أن أبحاث علم النفس قد أقرتها إلى حد بعيد. وإذا كان هذا هو ما نظنه فعلينا أن نعيد التفكير. كما هو الحال مع كثير من «نظريات المراحل» في علم النفس، أفضل ما يمكن أن يقال عن التأييد العلمي لهذه المراحل هو أنه متضارب (كاستينبام، ٢٠٠٤)، فإذا أعدنا النظر للأمر مرة أخرى فسنكتشف أن هذا الكم الكبير من الأدلة العلمية السلبية ليس شيئًا مذهلًا لأن مزاعم كوبلر روس (١٩٦٩) بشأن هذه المراحل الخمس لم تُبْنَ على أبحاث علمية منهجية، ومن ذلك على وجه الخصوص أن أبحاثها ربما اعتمدت في الغالب على العينات المتحيزة (إذ إنها لم تفحص قطاعًا عريضًا من السكان.) وبنيت أبحاثها أيضًا على الملاحظات الذاتية، وعلى القياسات غير المعيارية لمشاعر الأشخاص على مدار الوقت (بيلوهاس، بيني، وميتسوموتو، ٢٠٠٢؛ فريدمان، وجيمس، ٢٠٠٨). في الواقع، يمر بعض الأشخاص ببعض مراحل الاحتضار التي عرفتها كوبلر روس أو كلها، ولذا قد يكون هناك جزء صغير من الحقيقة في هذا النموذج هو الذي أضفى عليه شيئًا من المصداقية.
ولكن الدلائل العلمية تشير إلى أن العديد من المحتضرين لا يمرون بهذه المراحل التي عرفتها روس بنفس ترتيبها (كوب، ١٩٩٨)، فهناك العديد من الطرق التي يتكيف بها الأشخاص مع «إنذارات الموت». أظهرت الدراسات التي أجريت على المرضى المحتضرين أن معظمهم لا يمرون بالمراحل التي عرّفتها روس، أو يمرون بها ولكن بترتيب عكسي (باكمان، ١٩٩٣؛ كاستينبام، ١٩٩٨). بعض الأشخاص، على سبيل المثال، يتقبلون فكرة موتهم في البداية ثم يمرون بحالة من الإنكار (بيلوهاس وآخرون، ٢٠٠٢). بالإضافة إلى أن الحدود الفاصلة بين هذه المراحل التي عرّفتها روس غير واضحة، ولا يوجد الكثير من الأدلة التي تؤيد حدوث «قفزات» مفاجئة من مرحلة إلى أخرى.
وقد حاول بعض الكتاب أن يطبقوا هذه المراحل التي عرّفتها روس على حالة الحزن التي تعقب وفاة شخص عزيز علينا، مثل الزوج أو الابن (فريدمان، وجيمس، ٢٠٠٨)، ولكن لم تقر الأبحاث سلامة هذه المراحل فيما يتعلق بهذا النوع من حالات الحزن أيضًا، إذ إن الأشخاص الذين يصابون بحالات الحزن لا يمرون جميعهم بسلسلة واحدة لا تتغير من المراحل (نايمير، ٢٠٠١)، إذ لا يمر كل الأشخاص بحالة من الاكتئاب أو يتألمون بشدة عندما يفقدون شخصًا عزيزًا عليهم، بما في ذلك الأشخاص الذين يهتمون بهم اهتمامًا شديدًا (بونانو وآخرون، ٢٠٠٢؛ فورتمان وبيرنر، ٢٠٠٦؛ فورتمان وسيلفر، ١٩٨٩). أظهرت دراسة أجريت على ٢٣٣ شخصًا بولاية كونيتيكت فقد كل منهم شريك حياته — منذ وقت قريب — أن رد الفعل الذي ساد في البداية بعد الوفاة تمثل في الرضا بما حدث، وليس إنكاره (ماشييفسكي، تشانج، بلوك، وبريجرسون، ٢٠٠٧)، وظل الشعور بالرضا يزداد لدى الأرامل العاديين من الرجال والسيدات مدة عامين بعد الوفاة.
ولكن هناك آخرين قد لا يقابلون وفاة أعزائهم بالرضا التام. ففي دراسة أجراها دارين ليمان وزملاؤه على أشخاص فقدوا شريك الحياة أو أحد الأبناء نتيجة إحدى حوادث المركبات، تبين أنه بعد فترة من الوفاة تراوحت بين ٤ إلى ٧ سنوات كانت هناك نسبة كبيرة من هؤلاء الأشخاص (تراوح مقدارها بين ٣٠٪ و٨٥٪ وفقًا للأسئلة التي طرحت عليهم) لا يزالون يصارعون ليتخطوا ما حدث (ليمان، فورتمان، وويليامز، ١٩٨٧)، وصرح الكثيرون بأنهم لا يزالون عاجزين أن يروا أي مغزى في هذه المأساة.
هل هناك مخاطر للاعتقاد في صحة المراحل التي عرّفتها كوبلر روس؟ لا نعلم، ولكن بعض الأشخاص الذين يتألمون من فقد عزيز لهم أو أولئك الذي يمرون بحالة احتضار قد يشعرون أنه من الواجب عليهم أن يتكيفوا مع الموت عن طريق المراحل المتتابعة التي وصفتها كوبلر روس (فريدمان وجيمس، ٢٠٠٨). قال ليمان وزملاؤه: «عندما يفشل الأشخاص الذين فقدوا أحد أحبائهم في أن يلتزموا بهذه التوقعات الخيالية، قد يظهر الآخرون لهم أنهم لا يتكيفون مع ما حدث على نحو جيد، أو أن هذا الأمر قد يكون مؤشرًا على أنهم يعانون اضطرابات نفسية خطيرة» (ليمان وآخرون، ١٩٧٨، ص٢٢٩). على سبيل المثال: صادف أحد مؤلفي هذا الكتاب (ستيفن جاي لين) سيدة توشك على الموت كانت تمر بحالة من الشعور بالذنب والضيق بعدما قال لها أصدقاؤها إن عليها أن «تتقبل» الموت حتى وإن كانت تحاول جاهدة أن تستمر في الاستمتاع بحياتها. هل يمر المرضى الآخرون بالتأثيرات السلبية الظاهرة نفسها للمراحل التي عرفتها كوبلر روس؟ سؤال يستحق أن تدرسه الأبحاث المستقبلية.
يبدو أن الموت لا يسير بطريقة واحدة مع كل منا، فكما تختلف الحياة التي يعيشها كل منا، لا توجد وصفة موحدة للموت أو الشعور بالحزن لوفاة الآخرين، وهو ما اعترفت به كوبلر روس نفسها في كتابها الأخير: «أحزاننا متفردة كحياتنا» (كوبلر روس وكيسلير، ٢٠٠٥؛ ص١)، ولكن يمكننا أن نقول ونحن مطمئنون إن الموت في نظرنا جميعًا تقريبًا قضية لا نفضل أن نفكر فيها حتى نضطر إلى ذلك. وكما قال وودي ألين (١٩٧٦): «لا أخشى الموت، لكنني لا أريد أن أكون في استقباله حينما يأتي.»
(٦) الفصل ٢: خرافات أخرى تستحق الدراسة
الخرافة | الحقيقة |
---|---|
«تعرض الأم الحامل لحالة مزاجية سيئة قد يؤدي إلى الإجهاض.» | لا توجد دلائل على أن تعرض الأمهات لحالات الحزن والتوتر تزيد من احتمالات الإجهاض. |
«تلعب الدقائق الأولى بعد الولادة دورًا غاية في الأهمية في تكوين روابط فعالة بين الأم ورضيعها.» | لا توجد أي دلائل على أن الدقائق الأولى بعد الولادة تلعب دورًا أساسيًّا في تكوين روابط فعالة بين الأم والرضيع. |
«السنوات الثلاث الأولى في عمر الطفل بالغة الأهمية لنموه.» | هناك أسباب جديرة بالاعتبار تدعونا لأن نشك في أن السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل أهم بالنسبة لمعظم الوظائف النفسية من السنوات التي تليها. |
«الأطفال الذين يحصلون على قدر كبير من التشجيع والدعم البدني يبدءون بالمشي قبل غيرهم.» | الخطوات الأولى التي يخطوها الطفل تعتمد على نموه البدني، ولا تتأثر إلى حد بعيد بالتشجيع من جانب الآباء. |
«الأطفال حديثو الولادة لا يسمعون ولا يرون.» | بإمكان الأطفال حديثي الولادة أن يروا ويسمعوا الكثير من الأشياء. |
«يرتبط الأطفال الرضع بأمهاتهم فقط.» | يرتبط الأطفال الرضع بصورة قوية بآبائهم وبالشخصيات الهامة الأخرى بالأسرة. |
«مناغاة الأمهات لأطفالهن تؤدي إلى تباطؤ تطور المهارات اللغوية لديهم.» | تشير معظم الأدلة إلى أن المناغاة في الواقع تجعل تطور المهارات اللغوية لدى الأطفال أكثر سهولة. |
«الأطفال الذين يتعرضون قبل الولادة إلى الكوكايين المركز («أطفال الكوكايين») يصابون فيما بعد بمشكلات عصبية ومشكلات في الشخصية على درجة عالية من الخطورة.» | معظم الأطفال الذين يتعرضون للكوكايين المركز قبل الولادة يتمتعون بشخصيات طبيعية إلى حد بعيد وتعمل الوظائف العصبية لديهم على نحو سليم. |
«يكاد الأطفال الصغار لا يكذبون أبدًا.» | يكذب العديد من الأطفال الصغار بشأن الموضوعات المهمة، ومنها تورطهم في أي سلوك غير أخلاقي، أو تعرضهم للاعتداء الجنسي. |
«تختفي كل ميزات العبقرية التي يتمتع بها الأطفال بحلول مرحلة البلوغ.» | على الرغم من اختفاء بعض ميزات العبقرية لدى الأطفال، فالأبحاث تظهر أن الأطفال الذين يتمتعون بمستويات ذكاء مرتفعة للغاية تكون مستويات الإنجاز الإبداعي التي يحققونها عندما يبلغون أعلى من تلك التي يصل إليها الأطفال الآخرون عند البلوغ. |
«الأطفال الذين يصابون بزيادة الوزن يحملون طبقة من «دهون الأطفال الرضع» التي تذوب كلما كبروا في السن.» | كثيرًا ما تستمر سمنة الأطفال لسنوات. |
«يترك التبني تأثيرًا نفسيًّا سلبيًّا على معظم الأطفال.» | يتمتع معظم الأطفال المتبنين بصحة نفسية جيدة. |
«معدلات ممارسة الشذوذ تزيد لدى الأطفال الذين ينشئون على يد آباء شواذ جنسيًّا.» | لم يثبت أن الأطفال الذين ينشئون على يد آباء شواذ جنسيًّا يقبلون على الشذوذ أكثر من غيرهم. |
«يزداد الشعور بالرضا عن الحياة الزوجية بعد إنجاب الأطفال.» | دائمًا يشهد معدل الرضا عن الحياة الزوجية هبوطًا مفاجئًا بعد إنجاب الطفل الأول، إلا أنه غالبًا ما يعود إلى سابق عهده. |
«يحتاج الأشخاص إلى عدد ساعات أقل من النوم كلما تقدم بهم العمر.» | يحتاج كبار السن إلى نفس عدد ساعات النوم التي يحتاجها الصغار، ولكن فترات النوم العميق تقل لديهم، ولذا يستيقظون كثيرًا. |
«نسبة كبيرة من المسنين يقطنون بدور الرعاية.» | تتراوح نسبة المسنين القاطنين بدور الرعاية بين ٧ إلى ٨٪ من أولئك الذين يبلغون من العمر ٧٥ عامًا أو أكثر. |
«يخشى الأشخاص الأكبر سنًّا الموت أكثر من أولئك الأصغر سنًّا.» | تقل معدلات الخوف من الموت لدى المسنين وتزيد أيضًا نسب تقبله لديهم أكثر منها لدى الشباب والأشخاص في منتصف العمر. |
«يصاب كل الشيوخ تقريبًا بمرض ألزهايمر.» | يصاب أربعون إلى خمسين بالمائة من الأشخاص المصابين بالخرف بحالات أخرى غير ألزهايمر، مثل السكتات الدماغية، والخرف المرتبط بأجسام ليوي، ومرض بيك. |
«التعرض لنسب زائدة من الألومنيوم يسبب الإصابة بمرض ألزهايمر.» | لم تقدم الدراسات العلمية المنهجية أي دليل على هذا الادعاء. |
«الكثيرون يموتون بسبب «الشيخوخة».» | يموت الناس بسبب الحوادث أو العنف أو الأمراض، وليس بسبب الشيخوخة في حد ذاتها. |
«المرضى الميئوس من حالاتهم الذين فقدوا الأمل كليًّا يموتون بعد فترة وجيزة.» | لا توجد دلائل مؤيدة لهذا الظن. |
«المرضى الميئوس من حالاتهم بإمكانهم أن «يؤجلوا» موتهم إلى ما بعد الإجازات، أو أعياد الميلاد، أو المناسبات الشخصية المهمة.» | لا توجد دلائل على هذا الظن، بل ربما هناك بعض الدلائل التي تشير إلى أن النساء المصابات بالسرطان غالبًا يَمُتْنَ قبل أعياد ميلادهن مباشرة. |
(٧) مصادر وقراءات مقترحة
للتعرف أكثر على هذه الخرافات وغيرها عن نمو الإنسان، انظر: بروير (١٩٩٩)؛ كالدويل ووولي (٢٠٠٨)؛ فيوريلو (٢٠٠١)؛ فورنهام (١٩٩٦)؛ كاجان (١٩٩٨)؛ كون (١٩٩٠)؛ ميرسر (٢٠١٠)؛ أوكونور (٢٠٠٧)؛ بانيك (١٩٨٢)؛ باريس (٢٠٠٠).