الكائن الاجتماعي
(١) الخرافة رقم ٢٧: الأضداد تتجاذب: نحن ننجذب عاطفيًّا أكثر إلى الأشخاص الذين يختلفون عنا
- المشهد الأول: تتحرك الكاميرا إلى غرفة نومٍ صغيرةٍ قذرةٍ تعمها الفوضى. هناك نرى رجلًا يسمى «جو المحروم من العلاقات الغرامية» مستلقيًا على السرير ومنهمكًا في قراءة سيرة «رونالد ريجان». كان جو أشعث بدأ الصلع يزحف على رأسه ولديه زيادة طفيفة في الوزن وعمره ٣٧ عامًا، وهو شخص خجول وغير اجتماعي وتعوزه الثقة بالنفس تمامًا. عمل جو إلى وقت قريب أمين مكتبة، لكنه الآن بلا عمل. لم يكن واعد أحدًا منذ أكثر من ثلاث سنوات، ولذلك يتملكه شعور باليأس والوحدة.
- المشهد الثاني: يصطدم جو في طريقه إلى خارج شقته بعد ساعة بسيدة فائقة الجمال تبلغ من العمر ٢٥ عامًا تسمى «كانديس». نتيجة لذلك، يسقط جو كل حقائب التسوق التي تحملها «كانديس الفاتنة الشقراء» مما يؤدي إلى بعثرة الحقائب في الممر. ينحني جو كي يساعدها في التقاط الأشياء. ويبدو أن كانديس لم تكن جميلة فحسب، بل كانت ودودةً وماهرةً في التعاملات الشخصية ومحبوبة من الجميع. تعمل كانديس بدوام جزئي نادلةً في مطعم فخم، وتقضي الجزء الأكبر مما تبقى من وقتها عارضة أزياء في إحدى وكالات الأزياء المشهورة. وعلى العكس من جو الذي ينتمي إلى الحزب الجمهوري المحافظ تقدس كانديس الليبرالية. وفي خجل شديد يطلب جو من كانديس موعدًا غراميًّا، لكن ينتهي به الحال إلى الوقوع في زلة لسان محرجة من الزلات التي تحدث عنها فرويد بسؤالها هل ترغب في «ممارسة الجنس» بدلًا من «موعد غرامي». تضحك كانديس وتخبره في أدب أنها مرتبطة عاطفيًّا بأحد الأشخاص المشهورين (براد كرو-كروز) ولا يمكنها أن تواعد شخصًا آخر.
- المشهد ٥٠: بعد مرور ثمانية وأربعين مشهدًا في ساعتين ونصف، وبعد التهام ثلاث عبوات من الفشار، يتمكن جو على نحو ما من الفوز بقلب كانديس التي كانت قد أنهت علاقتها ببراد كرو-كروز منذ وقت قريب. كان جو قد اصطدم بكانديس مرةً ثانيةً بعد ستة أشهر في المطعم، لكنه في هذه المرة أسقط كل الأطباق والمشروبات التي كانت تحملها. وكانديس التي صدها عن جو في البداية حماقته وافتقاره إلى الوسامة الخارقة أصبحت تراه الآن ساحرًا ولا يقاوم. ينزل جو على ركبتيه ويطلب يد كانديس للزواج وتقبل. ثم ينزل تتر النهاية على الشاشة، وينزل الستار وقد اغرورقت أعين المشاهدين بالدموع.
يقتنع العديد منا أن الأفراد الذين تتضاد شخصياتهم ومعتقداتهم وهيئاتهم مثل جو وكانديس يزيد احتمال انجذاب بعضهم إلى بعض زيادة كبيرة (المصطلح العلمي لتجاذب الأضداد هو «التكامل»). فقد وجدت عالمة النفس لين ميكاتشن (١٩٩١) أن ٧٧٪ من طلبة الجامعة يعتقدون بتجاذب الأضداد في العلاقات. وقد أورد الكاتب تيم لاهاي في كتابه المشهور «تجاذب الأضداد» أنه: «لا يتم الزواج مطلقًا بين شخصين لهما الطباع نفسها. لماذا؟ لأن الطباع المتشابهة تتنافر، ولا تتجاذب» (ص٤٣). وهذا الرأي شائع في أجزاء متفرقة من مجتمع المواعدة عبر شبكة الإنترنت ذي الشعبية الكبيرة. ففي أحد مواقع الإنترنت الذي يُدعى «رفيق الروح»، يقول هارفيل هندريكس، الحاصل على شهادة الدكتوراه: «علمت من واقع خبرتي أن الأضداد «فقط» تتجاذب لأن هذه هي طبيعة الواقع» (وردت كلمة «فقط» في نص هندريكس بارزة على ذلك النحو ولسنا نحن من قصد إلى إبرازها). يقول هندريكس بعد ذلك: «إن أكبر خرافة في ثقافتنا هي أن التوافق هو أساس أي علاقة، والواقع أن التوافق هو أساس الملل.» ويخبر موقع آخر على الإنترنت يدعى «الناصح في شئون المواعدة» زائريه بأن: «المثل القائل «الأضداد تتجاذب» هو مثل صحيح بلا شك في بعض الحالات. فربما ينشأ الانجذاب المبدئي نتيجة لتنوع مظاهر الاختلاف … فبعض الأشخاص يرى الاختلاف مثيرًا.»
مع ذلك، في علم النفس الشعبي يوجد لكل مثل شعبي تقريبًا مثل آخر مساوٍ له في القوة ومضاد له في الدلالة. لذلك على الرغم من أنه لا شك في سماعك المثل القائل: «الأضداد تتجاذب»، فالأرجح أنك سمعت أيضًا المثل القائل: «الطيور على أشكالها تقع.» فأي المثلين تدعمه الأدلة البحثية على نحو أفضل من الآخر؟
في الحقيقة، توضح مئات الدراسات أن الأشخاص الذين يمتلكون سمات شخصية متشابهة يزيد احتمال انجذاب بعضهم إلى بعض عن الأشخاص الذين يتصفون بسمات شخصية غير متشابهة (لواك، ويكفيلد، وبريجز، ١٩٨٥). على سبيل المثال: يفضل الأشخاص المنتمون إلى نمط الشخصية «أ» (الذي يتسم بالحماس البالغ وحب المنافسة والانتباه للوقت والعدائية) مواعدة شركاء ينتمون أيضًا إلى نمط الشخصية «أ»، ويسري عكس ذلك على الأشخاص الذين ينتمون إلى نمط الشخصية «ب» (موريل، تويلمان، وسالاوي، ١٩٨٩)، وتنطبق هذه القاعدة على علاقات الصداقة أيضًا، فكثيرًا ما يزيد احتمال مرافقتنا للأشخاص الذين يشبهوننا في السمات الشخصية أكثر من الأشخاص الذين لا يشبهوننا (نانجل، إيردلي، ذيف، ستانشفيلد، وجولد، ٢٠٠٤).
وبالمثل، ليس التشابه في السمات الشخصية مؤشرًا قويًّا على الانجذاب المبدئي فحسب، بل هو مؤشر على استقرار الحياة الزوجية والسعادة الزوجية (كاسبي وهيربنر، ١٩٩٠؛ لازاروس، ٢٠٠١) ويبدو أن التشابه في سمة النظام له أهمية خاصة في السعادة الزوجية (نيميتشيك وأولسون، ١٩٩٩)؛ لذلك إن كنت شخصًا فوضويًّا وغير منظم، فقد يكون من الأفضل أن تجد شخصًا لا يفرط في حب النظام.
من هنا تتسع دائرة الاستنتاج النهائي المتمثل في «تجاذب الأمثال» إلى ما وراء الشخصية لتضم قيمنا وسلوكياتنا. ويوضح البحث الرائع الذي أجراه دون بيرن وزملاؤه أنه كلما زادت درجة التشابه بين سلوكيات شخص ما وسلوكياتنا (كوجهات النظر السياسية) زاد ميلنا إلى الإعجاب بذلك الشخص (بيرن، ١٩٧١؛ بيرن، لندن، وريفز، ١٩٦٨). ومن المثير أن هذه العلاقة تقترب في المعنى مع ما يسميه علماء النفس بالدالة «الخطية» (أو دالة الخط المستقيم)، التي تؤدي فيها الزيادة النسبية في درجة التشابه إلى زيادة نسبية في درجة الإعجاب. لذلك فإن احتمال انجذابنا إلى شخص مشابه لنا في ستة أشياء من بين عشرة يزيد بمقدار الضعف عن احتمال انجذابنا إلى شخص يشبهنا في ثلاثة أشياء من بين عشرة. مع ذلك، تشير بعض الأدلة على الأقل إلى أن «التباين» في المواقف والسلوكيات يزيد في الأهمية عن التشابه وذلك في التنبؤ بحدوث الانجذاب (روزنبوم، ١٩٨٦). يعني ذلك أنه على الرغم من أن احتمال انجذاب الأشخاص ذوي المواقف والسلوكيات المتشابهة بعضهم إلى بعض قد يزيد بدرجة ضعيفة، فذلك الاحتمال يكون غير محتمل بشدة لدى الأشخاص ذوي السلوكيات المتباينة. وفي حالة السلوكيات، على الأقل، لا يتعلق الأمر بأن الأضداد لا تتجاذب فحسب؛ بل بأنها غالبًا تتنافر.
بالمثل، طلب عالما الأحياء بيتر باستون وستيفن إيملين (٢٠٠٣) من ٩٧٨ مشاركًا أن يضعوا ترتيبًا من حيث الأهمية لعشر صفات يبحثون عنها في رفيق العمر مثل الثراء والطموح والإخلاص وأسلوب التربية والجاذبية. بعد ذلك طلبا من هؤلاء المشاركين أن يصنفوا أنفسهم وفقًا للصفات العشر نفسها. وبدا أن هناك ارتباطًا واضحًا بين ترتيب العشر صفات في كلتا الحالتين، لكن هذا الارتباط كان أعظم في حالة السيدات منه في حالة الرجال على الرغم من عدم وضوح سبب ذلك الاختلاف النوعي بين الرجال والسيدات. مع ذلك، يجب ألا نسلم تسليمًا مطلقًا بصحة النتائج التي توصل إليها باستون وإيملين، فقد قامت كلها على آراء المشاركين أنفسهم وردودهم. وما يقوله الأشخاص عما يريدونه في الشريك قد لا يرتبط بما يريدونه حقًّا. وأحيانًا يبالغ الأشخاص في وصف أنفسهم. وما يقول الأشخاص إنهم يجلونه في الشريك المحتمل قد لا يكون دائمًا علامة على انجذابهم المبدئي للآخرين (وعلى أي حال، مر كثير منا بتجربة الوقوع في حب شخص ما علمنا فيه بعد أنه لم يكن الشخص المناسب لنا.) مع ذلك، تتفق نتائج باستون وإيملين إلى درجة كبيرة مع نتائج عدد هائل من الأبحاث الأخرى التي توضح أنه عندما نبحث عن رفيق للروح نحرص في المقام الأول على أن نعثر على شخص مطابق لطباعنا الشخصية ولقيمنا.
من أين انبثقت خرافة تجاذب الأضداد إذن؟ لا أحد يعرف يقينًا، لكننا سنعرض ثلاثة احتمالات. أولًا: علينا أن نقر بأن تلك الخرافة هي عماد قصص هوليوود المكررة؛ فدائمًا تكون حكايات ارتباط جو وكانديس في النهاية أكثر تشويقًا من حكايات ارتباط شخصين متشابهين، وذلك لأنه في أغلب الحالات يكون النوع الأول من القصص أكثر سعادة. ولما كان احتمال مصادفتنا لقصص «تجاذب الأضداد» يزيد عن قصص «تجاذب الأشباه» في الأفلام والكتب وبرامج التليفزيون، فربما يبدو لنا النوع الأول من القصص عاديًّا أو طبيعيًّا. ثانيًا: دائمًا نرغب في العثور على شخص «يكملنا»؛ ذلك الشخص الذي يمكنه أن يعوض نقاط ضعفنا. وقد كتب بوب ديلان في إحدى أغنياته الرومانسية («أغنية الزواج» التي طرحها للجمهور عام ١٩٧٣) عن الرغبة في العثور على «الجزء المفقود» الذي يكتمل به بناؤنا، والذي يشبه إلى حد بعيد جزءًا مفقودًا في أحجية تكوين الصور المبعثرة. مع ذلك، عندما نصبح في موقف يتعين فيه الاختيار فقد ننجذب إلى الأشخاص الذين يجمعنا بهم تشابه كبير. ثالثًا وأخيرًا: يمكن أن يكون في خرافة «تجاذب الأضداد» شيء من الصحة، ذلك أن عددًا قليلًا من الاختلافات بين الشريكين يمكن أن يضفي على العلاقة بعض القوة والإثارة (بارون وبيرن، ١٩٩٤). فالتواجد بصحبة شخص يرى كل شيء كما نراه تمامًا ويتفق معنا في الأمور كافة شيء قد يبعث الراحة في النفس، لكنه باعث على الملل في الوقت نفسه. مع ذلك، لم يقف أي باحث على صحة الافتراض القائل إن «الأشخاص المتشابهين الذين يتباينون في قليل من الأمور هنا وهناك ينجذب بعضهم إلى بعض». وحتى يتم ذلك للباحثين، فأغلب الظن أن العثور على شبيه ذي وزن زائد هو آمن الحلول لأمثال جو في الحياة الواقعية.
(٢) الخرافة رقم ٢٨: الأمان في الكثرة: كلما زاد عدد الأشخاص الحاضرين في حالة طارئة زادت احتمالات تدخل شخص ما
تخيل هذين الموقفين (الموقف أ): في ليلة ما تسير وحدك في ساعة متأخرة في أرجاء مدينة كبيرة، ويحدث أن تعرج إلى شارع ضيق طويل ومظلم. تجتاز الشارع وترى رجلين أحدهما يعدو باتجاهك والثاني — الذي ليس إلا عابر سبيل عاديًّا — يبعد عن الأول ما يقرب من ١٥ قدمًا. وفجأةً ينقض عليك الرجل الأول ويطرحك أرضًا ويحاول جاهدًا الاستيلاء على حافظة نقودك. (الموقف ب): في فترة مشمسة من فترات ما بعد الظهيرة تجد نفسك بمفردك وسط متنزه ضخم. ترى بعد ذلك ما يقرب من ٤٠ شخصًا منشغلين في أنشطتهم اليومية؛ فمنهم من يجلس على المقاعد ومنهم من يتجول في هدوء ومنهم من ينهمك في اللعب. فجأةً، ينقض شخص عليك ويطرحك أرضًا ويحاول جاهدًا الاستيلاء على حافظة نقودك.
أغمض عينيك الآن دقيقة وسل نفسك: في أي موقف من الموقفين السابقين ستشعر بخوف أكبر؟
إذا كنت مثل العديد من الأشخاص العاديين وكنت متفقًا مع خُمس أو خُمسين من طلاب علم النفس (فورنهام، ١٩٩٢؛ لينز، إيك، وميلز، ٢٠٠٩) فستقول إنك ستشعر بخوف أكبر في الموقف الأول. فعلى أي حال، «الأمان في الكثرة»، أليس ذلك صحيحًا؟ لذلك في الموقف الثاني يمكنك أن تفترض مطمئنًّا أن هناك احتمالًا كبيرًا للغاية — يصل إلى أربعين ضعفًا — أن تتلقى المساعدة. مع ذلك، وكما وجدنا أثناء تأليف هذا الكتاب، غالبًا تكون المعرفة البديهية دليلًا ضعيفًا على الحقيقة النفسية. ففي الواقع، تشير غالبية الأدلة البحثية أنك قد تكون أكثر أمانًا في الموقف الأول؛ بمعنى أنه في الحقيقة ليس الأمان في الكثرة بل فيها الأخطار. فكيف يكون ذلك؟
لإجابة ذلك التساؤل، سنلقي أولًا نظرة على حادثتين مروعتين. في صباح يوم ١٩ أغسطس (آب) عام ١٩٨٥، كانت ديليثا وورد التي تبلغ من العمر ٣٤ عامًا تعبر بسيارتها أحد الجسور في مدينة ديترويت بولاية ميتشجن عندما صدمت عن غير قصد رفرف سيارة يقودها مارتل ويلش، فما كان من ويلش إلا أن قفز من سيارته ومعه اثنان من الصبية وجردوا ديليثا من ملابسها إلا من ثيابها الداخلية وأبرحوها ضربًا برافعة عجلات السيارة. وفي لحظة ما زاد ويلش على ذلك بأن رفع ديليثا عاليًا في الهواء وسأل المارين بجواره هل يرغب أي منهم في جزء من هذه «المرأة البغيضة». كان ما يقرب من أربعين شخصًا يمرون في سياراتهم بجوار ذلك المشهد، لكن أحدًا منهم لم يتدخل أو يهم باستدعاء الشرطة. وفي محاولة بائسة للهرب من جانب ديليثا قفزت من الجسر إلى النهر الذي يجري بأسفله، لكنها غرقت.
في ٣٠ مايو (أيار) ٢٠٠٨، في مدينة هارتفورد بولاية كونيتيكت كان رجل مسن اسمه أنجل آرس توريس يبلغ من العمر ٧٨ عامًا عائدًا إلى منزله بعد شراء اللبن من أحد متاجر البقالة، فصدمته سيارة وسط شارع شديد الازدحام أثناء ساعة الذروة. وفي حين يرقد توريس في الشارع بلا حراك، اكتفى عدد كبير من المارة بمجرد النظر إليه، ولم يفعلوا أي شيء، في الوقت الذي كانت فيه تسع سيارات تسعى إلى الانحراف بعيدًا عنه، غير آبهين حتى بمجرد التوقف. والغريب حقًّا أن أحد السائقين اقترب بسيارته من توريس لكنه لم يفعل أي شيء ثم استمر في طريقه، كذلك دار حوله رجل آخر على دراجته البخارية ثم رحل. لم يتوقف شخص واحد لمساعدة توريس قبل أن يصل ضابط الشرطة إلى موقع الحادث. وفي الوقت الحالي يحيا توريس على جهاز التنفس الصناعي بعد أن أصيب بالشلل من خصره حتى قدميه.
يبدو أن تفسير هاتين الحالتين المنكرتين من عدم اكتراث المارة شيء صعب أو مستحيل. وقد سعت وكالات الأنباء في أعقاب هاتين الحادثتين المروعتين كما اعتادت أن تفسر السلوك السلبي للمارة عن طريق استحضار صفات الأفراد من الصلابة أو اللامبالاة في المدن الكبرى. وواصلت وسائل الإعلام طرحها بقولها إن الأفراد في المدن معتادون على رؤية أشياء مروعة حتى إنهم توقفوا عن الملاحظة أو الاهتمام عندما شاهدوا بأعينهم وقوع الجرائم.
مع ذلك توصل عالما النفس جون دارلي وبيب لاتين في أواخر الستينيات من القرن الماضي إلى تفسير مختلف تمامًا في لقاء جمعهما على الغداء. كانا يناقشان حادثة مشابهة ومعروفة للكثيرين عن سيدة اسمها كيتي جينوفيز طعنت حتى الموت في ١٣ مارس (آذار) ١٩٦٤ في مدينة نيويورك على مرأى ومسمع من ٣٨ شاهدًا عيانًا لم يحرك أحد منهم ساكنًا كما قيل (المثير في الأمر أن الفحوصات التالية لسجلات الشرطة منذ ذلك اليوم تشكك في ادعاءات عديدة شاع قبولها فيما يخص قصة جينوفيز، بما في ذلك التأكيد على وجود ٣٨ شاهدًا عيانًا وأن شهود العيان جميعًا أيقنوا أن ثمة جريمة تقع أمام أعينهم، وأن أيًّا منهم لم يستدع الشرطة؛ مانيننج، ليفاين، وكولينز، ٢٠٠٧.) فبدلًا من أن يلقي دارلي ولاتين بأسباب قتل كيتي جينوفيز وغيرها من الحوادث المشابهة على عاتق المارة غير المكترثين، صبا شكوكهما على أن أسباب عدم التدخل من جانب المارة تكمن على نحو أكبر في العمليات النفسية الشائعة أكثر من كمونها في طبيعة تعاملات الأفراد داخل البيئة المدنية المتسعة. وطبقًا لهما، ثمة عاملان أساسيان يتضافران في تفسير عدم تدخل المارة:
أولًا: قال دارلي ولاتين إن المار يحتاج إلى أن ينتبه إلى أن الموقف الخطير هو حقًّا موقف خطير. فهل سبق لك أن مررت بشخص يتمدد على الرصيف الجانبي وتساءلت هل هذا الشخص بحاجة إلى مساعدة أم لا؟ ربما كان ذلك الشخص مخمورًا أو ربما كان ذلك جزءًا من مزاح لم تمر به من قبل. ويرجع السبب في ذلك إلى أنك إن نظرت حولك ولاحظت أن أحدًا غيرك لم يلق قط بالًا لما يجري، فقد تفترض أن الموقف ليس خطيرًا على الإطلاق. يطلق دارلي ولاتين على هذه الظاهرة «الجهل الجمعي»، وتعني الافتراض على نحو خاطئ أن أحدًا من أفراد الجماعة لا يتفق معك في وجهات نظرك (كأن تقول لنفسك: «لا أحد يفعل أي شيء، لذا أظن أنني الشخص الوحيد الذي يرى أن ما يحدث قد يكون أمرًا خطيرًا؛ لا شك أنني مخطئ إذن.») ولعل أحد الأمثلة المألوفة على «الجهل الجمعي» يتجسد في «سيناريو قاعة المحاضرات الصامتة» الذي يقع فور انتهاء محاضرة تترك الطلاب في حيرة وذهول، فحالما تنتهي المحاضرة يسأل الأستاذ: «هل لدى أي منكم أي أسئلة؟» ولا ينطق أي شخص ببنت شفة، وينظر كل فرد في حجرة الدراسة حوله في قلق ليرى غيره من الطلاب يجلسون في هدوء ويفترض مخطئًا أن الجميع سواه قد فهموا المحاضرة.
طبقًا لدارلي ولاتين، يوجد سبب آخر لعدم تدخل المارة. فحتى عندما يكون من الواضح للغاية أن الموقف خطير، يظل وجود آخرين عائقًا أمام تقديم المساعدة. فما السبب؟ السبب أنه كلما زاد عدد الأشخاص الحاضرين في موقف خطير، قل الشعور الفردي لكل شخص منهم بالمسئولية عن النتائج السلبية لعدم تقديم المساعدة، فلو لم تساعد شخصًا يعاني أزمة قلبية ومات ذلك الشخص بعد ذلك يمكن أن تقول لنفسك: «حسنًا، هذه مأساة مروعة، لكنني لم أكن المتسبب فيها، فقد كان بالمكان كثير من الأفراد الذين كان بإمكانهم المساعدة أيضًا.» يطلق دارلي ولاتين على هذه الظاهرة اسم «توزيع المسئولية»، إذ إن وجود الكثير من الأفراد يدفع كل شخص إلى الشعور بقدر أقل من المسئولية — وقدر أقل من الشعور بالذنب — تجاه العواقب.
وفي سلسلة من الأبحاث الرائعة، اختبر دارلي ولاتين وزملاؤهما صحة الفكرة القائلة إن وجود الآخرين تثني الشخص عن تقديم المساعدة في المواقف الخطرة. ففي إحدى الدراسات (لاتين ودارلي، ١٩٦٨) دخل المشاركون حجرة لإكمال سلسلة من الاستبيانات، وفي إحدى الحالات أُجْلِسَ المشاركون كلٌّ بمفرده، وفي حالة أخرى أُجْلِسوا جميعًا مصحوبين باثنين آخرين من المشاركين. وبعد بضع دقائق بدأ الدخان يتسرب من الفتحات إلى داخل الحجرة. في الحالة التي كان المشاركون فيها كل بمفرده داخل الغرفة، خرج كل منهم عدوًا من الغرفة ليبلغ عن تسرب الدخان بنسبة ٧٥٪ من العدد الكلي للمشاركين، وعندما كان المشاركون في جماعات، أبلغوا عن تسرب الدخان فقط بنسبة تداني نصف النسبة المعتادة (٣٨٪). وعندما كان المشاركون في جماعات مكث بعضهم في الغرفة الممتلئة بالدخان لمدة ٦ دقائق، وهي مرحلة لم يتمكنوا عندها حتى من رؤية استبياناتهم!
في دراسة أخرى (لاتين، ورودين، ١٩٦٩) ألقت السيدة المختبرة التحية على المشاركين، ثم رافقتهم إلى غرفة لإكمال بعض التقارير، ثم ذهبت إلى العمل في حجرة مكتب مجاورة تحتوي على كتب وسلم. في بعض الحالات، كان المشاركون كل بمفرده، وفي البعض الآخر كان كل منهم برفقة شخص آخر. بعد بضع دقائق سمع المشاركون من تجري التجربة تسقط من السلم ثم أعقب ذلك صوت صراخها وهي تقول: «أو، يا إلهي، قدمي … لا … لا أستطيع أن أحركها!» عندما كان المشاركون كل منهم بمفرده في الغرفة المجاورة عرضوا المساعدة بنسبة ٧٠٪ من الحالات، أما عندما كانوا في جماعات تتكون كل جماعة من اثنين فقد عرض واحد في كل جماعة أو الاثنان المساعدة بنسبة ٤٠٪ فقط من الحالات. وقد حصل الباحثان على هذه الأنماط من النتائج مرات كثيرة باستخدام طرق مختلفة اختلافات بسيطة. وفي فحص لما يقرب من ٥٠ دراسة على تدخل المارة ضمت ٦٠٠٠ مشارك، وجد لاتين وستيف نيدا (١٩٨١) أن هؤلاء المشاركين يزيد احتمال إقبالهم على تقديم المساعدة في الحالات التي يكونون فيها بمفردهم عن الحالات التي يكونون فيها في جماعات بحوالي ٩٠٪ من المرات.
مع ذلك، ومع أنه عادة يكون في الكثرة خطر لا أمان، فكثير من الأفراد يقدم المساعدة حقًّا حتى في وجود آخرين. ففي قصة ديليثا وورد المأساوية قفز رجلان إلى الماء في محاولة بائسة لإنقاذ ديليثا من الغرق. وفي مأساة أنجل آرس توريس، أجرى أربعة من محبي الخير بالفعل اتصالًا بالشرطة. ومع أن علماء النفس لا يعلمون يقينًا ما الذي يجعل احتمال الإقبال على تقديم المساعدة عند بعض الأشخاص أكثر ارتفاعًا عن غيرهم، فقد وجدوا عمومًا أن المشاركين الأقل التفاتًا إلى القبول الاجتماعي والتقاليد الاجتماعية يزيد احتمال أن يعملوا ضد التيار السائد ويتدخلوا في المواقف الخطرة حتى عند وجود أشخاص آخرين من حولهم (لاتين ودارلي، ١٩٧٠).
يوجد بالإضافة إلى ذلك بصيص أمل آخر في ذلك النفق المظلم؛ إذ تشير الأبحاث إلى أن التعرض للدراسات التي تجرى على تأثيرات المارة يزيد في الواقع احتمالات التدخل في المواقف الخطيرة. وهذا مثال على ما أطلق كينث جيرجن (١٩٧٣) عليه اسم «تأثير التنوير» ويعني أن الدراية بالأبحاث النفسية من شأنها أن تؤثر في السلوك في عالم الواقع. وقد ألقى مجموعة من الباحثين (بيمان، بارنز، كلينتز، وماكويرك، ١٩٧٨) محاضرة عن المواد البحثية التي تناولت تأثيرات تدخل المارة على أحد فصول علم النفس (والتي تضمنت الجزء الأكبر من المعلومات نفسها التي جرى عرضها منذ قليل) لكنهم لم يلقوها على فصل آخر مشابه تمامًا. بعد أسبوعين صادف الطلاب — وبصحبتهم أحد الباحثين القائمين على إجراء التجارب — أحد الأشخاص منكفئًا على أحد مقاعد المتنزه (وقد دبر الباحثون هذه الموقف كما هو متوقع.) فما كان من ثلاثة وأربعين بالمائة من الطلاب الذين تلقوا المحاضرة التي تتناول تدخل المارة إلا أن تدخلوا لمساعدة ذلك الشخص مقارنة بخمسة وعشرين بالمائة من الطلاب الذين لم يتلقوا المحاضرة. وقد أفلحت هذه الدراسة، ربما لأنها وفرت معلومات جديدة، وربما لأنها جعلت الأشخاص أكثر دراية بأهمية المساعدة. لذلك ربما تكون الدقائق القليلة التي قضيتَها في مطالعة تلك الخرافة قد زادت من احتمالات أن تصبح أحد المارة ذوي السلوك الإيجابي في المواقف الخطيرة. فمع أنه قد لا يكون هناك أمان في الكثرة، فهناك أمان غالبًا في المعرفة.
(٣) الخرافة رقم ٢٩: يختلف الرجال والنساء في طرق التواصل اختلافًا تامًّا
السؤال الكبير الذي لم يجب عنه أحد قط، والذي لا أزال بعد غير قادر على الإجابة عنه، على الرغم من بحثي ثلاثين عامًا في خبايا النفس الأنثوية هو: «ما الذي تريده المرأة؟» (فرويد، منقول في كتاب جونز، ١٩٥٥)
إن الاعتقاد أن الرجال والنساء يتواصلون بأساليب مختلفة تمام الاختلاف، مما يؤدي إلى حالات سوء فهم دائمة، هو اعتقاد راسخ في الموروث الشعبي. فالعديد من المسلسلات التليفزيونية وأفلام الكرتون مثل: «عرسان شهر العسل» و«عائلة فلينستونز» وكذلك «عائلة سيمبسونز» و«ملك التل» اللذان عرضا في وقت أحدث، تبرز على نحو مكثف اختلافات التواصل بين الأزواج والزوجات، وهي اختلافات تكون غالبًا ذات طبيعة ساخرة على نحو غير مقصود. تجد الرجال في هذه الأعمال يتحدثون عن الرياضة والطعام والصيد والمضاربة فيما تتحدث النساء عن المشاعر والصداقات والعلاقات والحياة المنزلية. بالإضافة إلى ذلك، تصور هذه الأعمال عادةً الرجال على أنهم أقل فهمًا في الأمور العاطفية، أو — كي لا نبالغ في الوصف — أقل اهتمامًا بها عن النساء.
وتشير الدراسات إلى أن طلاب الجامعة جميعًا يرون أن الرجال والنساء يختلفون في أنماط تواصلهم. وعلى وجه الخصوص، يرى هؤلاء أن النساء أكثر انخراطًا في الثرثرة من الرجال وأكثر مهارة منهم في ملاحظة التلميحات الخفية غير المنطوقة أثناء المحادثات (سويم، ١٩٩٤).
بالإضافة إلى ذلك، إذا قرأنا كثيرًا من الكتابات الحالية في علم النفس الشعبي فأغلب الظن أنه قد يغرينا الانتهاء إلى أن الرجال والنساء ليسوا فقط أناسًا مختلفين، بل نوعين مختلفين تمامًا من الكائنات. ويؤكد كتاب «أنت لا تفهم الأمر فحسب» (١٩٩١) لعالمة اللغويات البريطانية ديبورا تانين هذا الرأي عن طريق القول باختلاف أنماط الرجال والنساء في التواصل في النوع لا في الدرجة. وتجدر الإشارة إلى أن هذا القول بُنِيَ على ملاحظات شخصية وغير رسمية. تقول تانين: «تتحدث النساء وتسمع لغة للتواصل والألفة، ويتحدث الرجال ويسمعون لغة للمكانة والاستقلالية» (ص٤٢).
بعد ذلك جاء جون جراي — أستاذ علم النفس الشعبي الأمريكي — ليدفع هذا الرأي خطوة إلى الأمام ويشبه الرجال والسيدات مجازًا بمخلوقات من كوكبين مختلفين. وقد عرض جراي لذلك في سلسلة كتب «المريخ والزهرة» التي تصنف ضمن كتب مساعدة الذات التي حققت نجاحًا هائلًا، بدءًا بكتاب «الرجال من المريخ والنساء من الزهرة» (١٩٩٢)، مرورًا بمجموعة من الكتب الأخرى ذات الصلة التي تشمل كتاب «المريخ والزهرة في غرفة النوم» (١٩٩٦) وكتاب «المريخ والزهرة في موعد» (١٩٩٩) وكتاب «المريخ والزهرة في العمل» (٢٠٠١) وكتاب «أسباب اختلاف المريخ والزهرة» (٢٠٠٨)، وأيد الرأي المتطرف القائل إن لكل من الرجال والنساء أنماطًا مختلفة تمامًا في التعبير عن احتياجاتهم، وهذه الأنماط من الاختلاف الشديد بحيث تسبب سوء فهم مستمر بين الرجال والنساء. كتب جراي (١٩٩٢) يقول: «لا يختلف الرجال والنساء في طرق تواصلهم فحسب، بل يختلفون في طرق تفكيرهم وشعورهم وفهمهم وردود أفعالهم واستجاباتهم وحبهم واحتياجاتهم وتقديرهم للأمور. يبدو في الغالب أنهم من كوكبين مختلفين، يتحدثون لغتين مختلفتين» (ص٥). ويزعم جراي من بين أشياء أخرى أن لغة النساء تبالغ في الاهتمام بالألفة والتواصل فيما تركز لغة الرجال على الاستقلالية والتنافس (بارنيت وريفرز، ٢٠٠٤؛ دينديا وكاناري، ٢٠٠٦). وبالإضافة إلى ذلك، يقول جراي إنه عندما تغضب النساء يعبرن عن مشاعرهن، في حين يلوذ الرجال إلى «كهوف الكتمان» عندما يشعرون بالضيق.
على الرغم من أن جراي وغيره من المشتغلين بعلم النفس الشعبي لم يجروا أي أبحاث لدعم مزاعمهم، فقد نظر كثير من الباحثين الآخرين في الأدلة ذات الصلة بالاختلافات بين الجنسين في طرق التواصل. وعلى نحو خاص، يمكننا الرجوع إلى الأبحاث للعثور على أجوبة أربعة تساؤلات أساسية: (١) هل تتحدث النساء أكثر من الرجال؟ (٢) هل تكشف النساء أشياء عن أنفسهن أكثر مما يفعل الرجال؟ (٣) هل يقاطع الرجال غيرهم أكثر من النساء؟ (٤) هل النساء أكثر ملاحظة للإيماءات غير المنطوقة من الرجال؟ (بارنيت وريفرز، ٢٠٠٤؛ كاميرون، ٢٠٠٧).
- (١)
«هل تتحدث النساء أكثر من الرجال؟» على الرغم من أن الاعتقاد بأن النساء تثرثرن أكثر من الرجال هو اعتقاد شائع منذ عقود، فقد منحته عالمة النفس «لوان بريزينداين» دعمًا جديدًا في كتابها الأكثر مبيعًا «عقل الأنثى» (٢٠٠٦). تذكر بريزينداين في ذلك الكتاب أن النساء يتحدثن في المتوسط عشرين ألف كلمة في اليوم الواحد مقارنة بسبعة آلاف كلمة فقط يتحدثها الرجال، وسرعان ما تناقلت نتائج البرامج الإعلامية هذا الاختلاف على أنه صحيح إلى حد بعيد. مع ذلك، يوضح الفحص المتأني لذلك التقرير أنه مأخوذ كليًّا من كتاب في مساعدة الذات ومصادر أخرى رديئة، وليس من بحث منهجي أكاديمي (كاميرون، ٢٠٠٧؛ ليبرمان، ٢٠٠٦). وقد تخلت بريزينداين عن ذلك الادعاء في طبعة تالية من كتابها. وعندما جمعت عالمة النفس جانيت هايد (٢٠٠٥) بين نتائج ٧٣ من الدراسات المتأنية في تحليل مقارن، وجدت أن إجمالي الدرجة تي تعكس ميلًا أكبر إلى الثرثرة بين النساء عن الرجال على مقياس «كوين د» هي «٠٫١١». غير أن هذا الاختلاف ضئيل للغاية ولا يكاد يكون ملحوظًا في الحياة اليومية. بالمثل، أدلى عالم النفس ماتياس ميهل وزملاؤه بدلوهم فيما يخص قصة الثرثرة المزعومة في دراسة رصدت الأحاديث اليومية لأربعمائة من الطلاب الجامعيين الذين كانوا يحملون أجهزة تسجيل إلكترونية محمولة. وقد وجد العلماء أن النساء والرجال يتحدثون ما يقرب من ١٦٠٠٠ كلمة في اليوم الواحد (ميهل فازاير، راميريذ-إيسبارزا، سلاتشر، وبينبيكر، ٢٠٠٧).
- (٢)
«هل تكشف النساء أشياء عن أنفسهن أكثر مما يفعل الرجال؟» على العكس من الفكرة الشائعة أن النساء يتحدثن أكثر من الرجال في الموضوعات ذات الأهمية الخاصة لهن، وجد هايد (٢٠٠٥) أن درجة مقياس «كوين د» هي «٠٫١٨» في ٢٠٥ دراسات. وهذه النتيجة ضعيفة للغاية وتشير إلى أن درجة كشف النساء عن الأمور الخاصة بهن تزيد عن الرجال ولكن بمقدار ضئيل جدًّا.
- (٣)
«هل يقاطع الرجال الآخرين أكثر من النساء؟» نعم، على الرغم من أنه في ٥٣ دراسة تناولت اختلافات النوع في الأحاديث، وجد هايد ثانية (٢٠٠٥) أن الاختلاف بسيط جدًّا إذ يساوي على مقياس «كوين د» «٠٫١٥». ومع ذلك يصعب تفسير ذلك الاختلاف لأن الأبحاث تشير إلى أن مقاطعة الحديث وانتظار الدور في الكلام يعودان جزئيًّا إلى الحالة الاجتماعية. وفي الدراسات التي أجريت على سيدات في مواضع المسئولية، وجد أن النساء يملن إلى المقاطعة وتوجيه دفة الحديث والتحدث مدة أطول من الرجال (أريز، ١٩٩٦؛ بارنيت وريفرز، ٢٠٠٤).
- (٤)
«هل النساء أكثر ملاحظة للإيماءات غير المنطوقة من الرجال؟» هنا الإجابة أكثر وضوحًا إلى حد ما، وهي «نعم» مقيدة. فالتحاليل المقارنة التي أجرتها جوديث هول على البالغين (١٩٧٨، ١٩٨٤) والتي تختبر قدرة المشاركين على رصد المشاعر الظاهرة على وجوه الآخرين أو التمييز بينها (الحزن والسعادة والغضب والخوف) تشير إلى درجة «٠٫٤٠» على مقياس «كوين د»، وذلك على الرغم من أن التحليل المقارن الذي أجرته إرين ماكلور على الأطفال والمراهقين يشير إلى اختلاف بقيمة أقل هي «٠٫١٣» فقط.
الحقيقة إذن أن الرجال والنساء يتواصلون بأساليب بينها اختلاف ضئيل، وعدد قليل للغاية من تلك الاختلافات هو ما يكون كبيرًا بقدر كافٍ يعطيه أهمية ما. مع ذلك، وللأغراض العملية، تزيد درجة التشابه بين الرجال والنساء في أنماط التواصل التي يتبعونها أكثر من درجة الاختلاف، وليس واضحًا إلى أي مدى تعود الاختلافات بينهم، إلى الاختلافات الفطرية بين الجنسين أم إلى اختلافات النوع فيما يتعلق بتفاوت القوة (بارنيت وريفرز، ٢٠٠٤؛ كاميرون، ٢٠٠٧). ففي الدراسات المختلفة، نادرًا ما تتعدى اختلافات النوع في التواصل النطاق الصغير لمقياس «كوين د» (أريز، ١٩٩٦). لذلك، على الرغم من كتب جون جراي ومراكزه الاستشارية ومسرحياته الموسيقية التي عرضت في برودواي، فالرجال ليسوا من المريخ والنساء لسن من الزهرة. إنما، وكما جاء في كلمات باحثة التواصل كاثرين ديندايا (٢٠٠٦)، قد يكون أكثر دقةً أن نقول إن: «الرجال من داكوتا الشمالية، والنساء من داكوتا الجنوبية» (ص٤).
(٤) الخرافة رقم ٣٠: التعبير عن الغضب أفضل من كتمانه
أشيع على نحو غير مؤكد أن الشهرة الكبيرة التي يتمتع بها باتريك هنري شيريل ترجع إلى أنه الشخص الذي تسبب في نحت عبارة «جن جنونه» في اللغة الإنجليزية، وذلك لارتكابه واحدة من أسوأ جرائم القتل الجماعي في تاريخ الولايات المتحدة. في ٢٠ أغسطس (آب) عام ١٩٨٦ بعد أن استشاط شيريل غضبًا بسبب إقالته من وظيفة ساعي البريد التي كان يشغلها، أفرغ رصاص مسدسين خبأهما في حقيبة البريد الخاصة به ليقتل ١٤ موظفًا ويجرح ستة آخرين قبل أن يقتل نفسه في مكتب بريد أوكلاهوما في إدموند. يستخدم أناس كثيرون الآن في اللغة الإنجليزية عبارة «جن جنونه» لوصف تحول شخص إلى الغضب والعنف الشديدين اللذين لا يمكن التحكم فيهما. ويمكن أن يكون مصطلح «غضب الطريق» الذي تستخدمه العامة للإشارة إلى ثورات الغضب الجم التي تنتاب البعض على الطرق مصطلحًا مميتًا بالمثل. ففي ١٦ أبريل (نيسان) عام ٢٠٠٧، بعد أن أرسل جيسون رينولدز بعض الومضات الضوئية من المصابيح الأمامية في سيارته، وبعد أن كان سائرًا بسيارته خلف سيارة كيفين نورمان، قطع رينولدز الطريق أمام نورمان ودفع سيارته بقوة. وعندما انحرف نورمان بسيارته ليتجنب وقوع تصادم تدحرجت سيارته صوب الجزيرة الوسطى في الطريق لتستقر في النهاية فوق سيارة أخرى وتتسبب في قتل نورمان والسائق الآخر (واشنطن تايمز، ٢٠٠٧).
أكان بمقدور شيريل ورينولدز أن يتفاديا هاتين الثورتين القاتلتين من العنف لو نفثا عن مشاعرهما المكبوتة في المنزل عن طريق لكم الوسادة أو استخدام مضرب بلاستيكي للتخلص من غضبهما إلى غير رجعة؟ إن كنت كالغالبية العظمى من الأشخاص فأنت إذن تظن أن التعبير عن الغضب أفيد صحيًّا من كتمانه. في إحدى الدراسات اتفق ٦٦٪ من طلاب الجامعة على أن التعبير عن الغضب المكبوت وسيلة فعالة لتقليل تعرض المرء لخطر اللجوء إلى العنف (براون، ١٩٨٣). يرجع تاريخ هذا الرأي إلى أكثر من ألفي عام، عندما أبدى الفيلسوف اليوناني أرسطو — في أثره الكلاسيكي الرائع «فن الشعر» — ملاحظته أن مشاهدة المسرحيات المأساوية يعطي فرصة «التنفيس»؛ ويعني بذلك التخلص من مشاعر الغضب وغيره من المشاعر السلبية مما يمنح شعورًا مُرْضِيًا بالتطهر.
كان سيجموند فرويد — أحد الأنصار المؤثرين لفكرة التنفيس — يرى أن الغضب المكبوت قد يزيد ويستفحل، مثله مثل البخار في قدر الضغط، إلى درجة يتسبب معها في حالات نفسية كالهستيريا أو العدوانية المفاجئة. وقال فرويد وأتباعه إن سر العلاج والصحة النفسية المزدهرة هو تقليل ضغط المشاعر السلبية عن طريق التحدث عنها وإطلاقها إطلاقًا محكومًا أثناء العلاج وخارجه. ولعل الكتاب الهزلي «الأعجوبة» وشخصية الفيلم «العملاق» هما صورة لعواقب الفشل في التحكم في الغضب الذي يتوارى دائمًا في تلابيب الوعي. فعندما يترك بروس بانر الوديع كمًّا كبيرًا من الغضب يتراكم بداخله، أو عندما يتعرض للاستثارة، يتحول إلى «العملاق» الذي يمثل الأنا الثانية الغاضبة داخله.
الغضب في علم النفس الشعبي وحش يجب ترويضه. وكثير من الأفلام يدعم فكرة أننا نستطيع ذلك عن طريق «التخلص من الضغط» و«الانفجار غضبًا» و«التنفيس عما في صدورنا». ففي فيلم «حلل هذا» (١٩٩٩)، ينصح أحد الأطباء النفسيين (الذي يجسد دوره بيلي كريستال) زعيم عصابة في نيويورك (الذي يجسده روبرت دي نيرو) بأن يلكم الوسادة في أي وقت يستشيط فيه غضبًا. وفي فيلم «شبكة» (١٩٧٦) يطلب مذيع أخبار غاضب (يجسده بيتر فينش) من المشاهدين الحانقين على أسعار البترول المرتفعة والاقتصاد المتدهور والدولة التي على وشك دخول الحرب بأن ينفسوا عن مشاعر الإحباط التي تعتريهم عن طريق فتح النوافذ والصراخ بأعلى صوتهم قائلين: «أنا في قمة الغضب ولن أتحمل هذه الأوضاع بعد الآن.» وقد فعل ملايين الأمريكيين ذلك استجابة لإلحاح الرجل وإصراره. بالمثل، في فيلم «إدارة الغضب» (٢٠٠٣)، بعد أن يتهم البطل الوديع (الذي يجسده آدم ساندلر) كذبًا بانتهاج «سلوك عدواني» داخل الطائرة، يأمره قاض بأن يحضر مع مجموعة إدارة الغضب التي يديرها الدكتور بادي ريدل (يجسده جاك نيكولسون). تقبل بعد ذلك شخصية ساندلر على قذف أطفال المدارس بالكرات وإلقاء مضارب الجولف للتنفيس عن غضبه وذلك وفقًا لاقتراح دكتور ريدل.
تشبه نصيحة الدكتور ريدل نصيحة مؤلفي العديد من كتب مساعدة الذات عن إدارة الغضب. فجون لي (١٩٩٣) يقترح أنه بدلًا من «كبح الغضب المميت» يفضل أن «تلكم وسادة أو حقيبة، وأن تصيح وتتفوه بالسباب، وأن تنتحب وتصرخ أثناء قيامك بذلك. وإن كنت غاضبًا من شخص بعينه تخيل وجهه على الوسادة أو الحقيبة التي تلكمها، ونفس عن غضبك قولًا وفعلًا» (ص٩٦). وقد أوصى الطبيبان جورج باخ وهيرب جولدبيرج (١٩٧٤) بتمرين يطلق عليه «الفيزوف» (نسبة إلى البركان الإيطالي الذي تسبب في دمار بومبي سنة ٧٩ ميلادية)، وفيه «… يمكن للأفراد التنفيس عن مشاعر الإحباط والحنق والألم والعداء والثورة المكبوتة عن طريق صيحة قوية صارخة بأعلى صوت» (ص١٨٠).
وتتوفر على شبكة الإنترنت ألعاب عديدة لمنع جنون الغضب، وأحد أفضل هذه الألعاب هي «الدجاج المختنق». فعندما تشغل اللعبة ستستمع إلى عزف حي من «رقص الدجاج». وعندما تخنق «الدجاجة» يكون رد الفعل فوريًّا؛ إذ تتدلى قدماها وتجحظ عيناها وتحمر وجنتاها. وعندما تطلق قبضتك من على عنقها تسمع عزفًا أسرع من «رقص الدجاج» ربما لدفعك إلى ممارسة المزيد من عملية «إدارة الغضب». وإن لم تجد متعة في فكرة خنق الدجاج (حتى إن كان ذلك الدجاج بلاستيكيًّا)، ربما يمكنك التفكير في لعبة «خنق المدير الخانق»؛ فعندما تضغط على يد المدير اليسرى يمطرك «المدير» بوابل من الانتقادات البغيضة كإخبارك بأنك تحتاج إلى العمل لوقت إضافي حتى في الأوقات التي تكون فيها متعبًا. لكنك عندما تخنق «المدير» تجحظ عيناه وتتدلى قدماه ورجلاه، ويخبرك بأنك تستحق علاوة أو أن بإمكانك أن تحصل على إجازة. وهكذا تكون المهمة قد أنجزت.
وبعيدًا عن هذه الممارسات المشكوك في آثارها تشير الأبحاث إلى كذب فرضية التنفيس. فلما يزيد عن ٤٠ عامًا كشفت الدراسات أن دعم فكرة التعبير عن الغضب مباشرة نحو شخص آخر أو على نحو غير مباشر (مثل أن تنفس عن ذلك الغضب في شيء ما) تزيد في الواقع من معدلات العنف (بوشمان، باومايستر، وستاك، ١٩٩٩؛ لويس وبوشر، ١٩٩٢؛ ليتريل، ١٩٩٨؛ تافريس، ١٩٨٨). وتشير إحدى الدراسات المبكرة إلى أن الأشخاص الذين نفسوا عن غضبهم بعد أن تعرضوا للإهانة من شخص ما كانوا أكثر انتقادًا — لا أقل — لذلك الشخص (هورنبيرجر، ١٩٥٩). بالإضافة إلى ذلك ينتج عن ممارسة الرياضات العنيفة مثل كرة القدم — التي يفترض أن تزيد التنفيس — زيادة في معدلات العنف (باترسون، ١٩٧٩)، كذلك ترتبط ممارسة ألعاب الفيديو العنيفة مثل «صيد البشر»، التي تصنف فيها عمليات الاغتيال وفقًا لمقياس من خمس نقاط، بمعدلات العنف المتزايدة في الحياة اليومية (أندرسون وبوشمان، ٢٠٠٢؛ أندرسون، جينتايل، وباكلي، ٢٠٠٧).
لذا فإن الغضب «لا ينفس عن المشاعر المكبوتة»، لكنه يزيد من حدتها ليس إلا. تشير الأبحاث إلى أن التعبير عن الغضب يكون ذا فائدة فقط عندما يكون مصحوبًا بحل بنَّاء للمشكلات موضوع في المقام الأول للتعامل مع مصدر الغضب (ليتريل، ١٩٩٨). لذلك إذا كنا منزعجين من شريكة حياتنا لتكرار التأخر عن المواعيد فإن الصراخ في وجهها لا يحتمل أن يشعرنا بتحسن، ناهيك عن أن يحسن الموقف. لكن تعبير المرء عن حنقه في ثقة وهدوء (مثل أن تقول: «أدرك أنك ربما لا تفعلين ذلك عن عمد، لكنك تجرحين مشاعري بمجيئك متأخرة.») يمكن أن يقطع شوطًا كبيرًا نحو فض النزاع.
من ناحية أخرى، ربما تزيد وسائل الإعلام من احتمال إقبال الأفراد على التعبير عن الغضب، فربما ينهمك الأفراد في أفعال عدوانية لاعتقادهم أنهم سيشعرون بتحسن بعد تلك الأفعال (بوشمان، باومايستر، وفيليبس، ٢٠٠١). فقد قدم براد بوشمان وزملاؤه (بوشمان وآخرون، ١٩٩٩) للمشاركين مقالات صحفية مختلقة تدعي أن التصرف بعدوانية هو طريقة جيدة لتقليص الغضب، ثم عرضوا عليهم بعض التعليقات الانتقادية على مقال كتبوه عن الإجهاض («هذا المقال هو واحد من أسوأ المقالات التي قرأتها في حياتي!») وعلى نقيض فرضية التنفيس، فالأفراد الذين يقرءون المقالات الصحفية المساندة لفكرة التنفيس — التي تدعي أن التنفيس طريقة جيدة للاسترخاء وتقليص الغضب — ثم يضربون حقيبة اللكم ربما يصبحون أكثر عدوانية تجاه الشخص الذي أهانهم عن الأفراد الذين يقرءون مقالًا صحفيًّا مضادًّا لنظرية التنفيس ويلكمون حقيبة اللكم.
فلماذا لا تزال خرافة التنفيس ذائعة إلى الوقت الحالي على الرغم من وجود أدلة قاطعة على أن الغضب يزيد من معدلات العنف؟ لأن الأفراد أحيانًا يشعرون بتحسن قصير في الحالة المزاجية بعد أن ينفسوا عن غضبهم، فربما يدعم ذلك العنف والاعتقاد بجدوى فرضية التنفيس (بوشمان، ٢٠٠٢؛ بوشمان وآخرون، ١٩٩٩)، بالإضافة إلى ذلك يرجع الأفراد شعورهم بتحسن في الحالة المزاجية بعد تعبيرهم عن غضبهم إلى التنفيس، بدلًا من التأكيد على أن الغضب عادة ما يتضاءل وحده بعد فترة قصيرة. وكما أشار جيفري لور وزملاؤه (لور، أولاتنجي، باومايستر، وبوشمان، ٢٠٠٧) فإن هذا مثال على مغالطة (الحدث الأول يتسبب في وقوع الحدث التالي) التي تفترض أن حدوث أحد الأشياء قبل آخر يحتم أن يكون الشيء الأول سببًا للثاني (راجع المقدمة)؛ لذا نتفق مع كارول تافريس (١٩٨٨) في قولها: «حان الوقت لكي نطلق النار على فرضية التنفيس حتى نتخلص منها نهائيًّا» (ص١٩٧). ولكن بعد أن نجذب الزناد، هل سنشعر بتحسن عما كان قبل إطلاق الرصاص أم أننا سنشعر بمشاعر أسوأ؟
(٥) الفصل ٧: خرافات أخرى تستحق الدراسة
الخرافة | الحقيقة |
---|---|
«المجموعات الكبيرة تتخذ قرارات أقل تطرفًا من الأفراد.» | تشير الأبحاث التي أجريت على ظاهرة «التحول الخطير» وظاهرة «الاستقطاب» في وقت لاحق أن مجموعة الأفراد تميل إلى اتخاذ قرارات أكثر تطرفًا مما يفعله الفرد الواحد. |
«الزحام يؤدي باستمرار إلى مزيد من العنف.» | أحيانًا يقلل الزحام من معدل العنف، لأن الأفراد في المناطق المزدحمة يحاولون غالبًا الحد من احتكاكهم بالآخرين. |
«تنبئ مواقف الأفراد وآراؤهم إلى حد بعيد بسلوكياتهم.» | في معظم الحالات لا تكون المواقف والآراء إلا مؤشرات ضعيفة على السلوكيات. |
«يلزم أولًا أن نغير آراء الأفراد وتوجهاتهم لتقليل الانحياز.» | يكون تغيير سلوكيات الأفراد غالبًا أفضل الطرق لتغيير آرائهم وتوجهاتهم المتحيزة. |
«تفلح عملية «توليد أفكار» جديدة جماعيًّا على نحو أفضل من مطالبة الأفراد بتوليد الأفكار منفردين.» | توضح معظم الدراسات أن جودة الأفكار المبتكرة في جلسات توليد الأفكار تقل بكثير عن جودة الأفكار التي يولدها الأفراد كل على حدة. |
«مستويات الغضب العالية في العلاقات الزوجية تنبئ بوقوع الطلاق.» | لا يبدو أن الغضب بين الشريكين إشارة قوية على الطلاق، على الرغم من أن مستويات بعض المشاعر الأخرى — خاصة الازدراء — قد تكون دلالةً قويةً عليه. |
«الفقر والتعليم المتدني سببان رئيسيان للإرهاب؛ خاصةً التفجيرات الانتحارية.» | الجزء الأكبر ممن ينفذون التفجيرات الانتحارية أو العديد منهم تلقوا تعليمًا جيدًا وهم على درجة لا بأس بها من الثراء. |
«الغالبية العظمى من أعضاء الطوائف الدينية يعانون اضطرابات نفسية.» | توضح الدراسات أن الغالبية العظمى من أعضاء الطوائف الدينية لا يعانون أمراضًا نفسية حادة. |
«أفضل الطرق لتغيير رأي شخص ما هو منحه جائزة كبرى مقابل أن يفعل ذلك.» | توضح الأبحاث التي أجريت على نظرية «التنافر المعرفي» أن أفضل الطرق لتغيير رأي شخص ما أن تعطيه أقل جائزة ممكنة تلزمه لكي يفعل ذلك. |
«مكافئة الأفراد على عملهم الإبداعي دائمًا ما تعزز الحافز لديهم لتقديم المزيد من العمل الإبداعي.» | في بعض الحالات، ربما تعيق مكافأة الأفراد على إبداعهم في العمل الحافز الطبيعي داخلهم. |
«يحرز لاعبو كرة السلة أهدافًا على نحو «متتابع».» | تشير الأبحاث إلى أن «اليد الساخنة» في كرة السلة لون من الوهم، لأن إحراز تصويبات عديدة متتابعة لا يزيد من احتمالات اللاعب في أن يحرز تصويبته المقبلة. |
«ادعاء «صعوبة الوصول إليك» طريقة جيدة لجذب انتباه شخص ما إليك عاطفيًّا.» | تشير الأبحاث إلى أن الرجال يهتمون بدرجة أكبر بالسيدات اللاتي يرحبن بمحاولات التقرب منهن عن السيدات «المتحفظات». |
«عندما قتلت كيتي جينوفيز في مدينة نيويورك عام ١٩٦٤، لم يهب أحد لمساعدتها.» | ثمة أدلة قوية على أن بعض شهود العيان اتصل بالشرطة بعد تعرض جينوفيز للهجوم بفترة قصيرة. |
(٦) مصادر وقراءات مقترحة
للتعرف أكثر على هذه الخرافات وغيرها عن سلوكيات التعامل بين الأشخاص، انظر دي وال، وأوريلي، وجادج (٢٠٠٠)؛ جيلوفيتش (١٩٩١)؛ جيلوفيتش، فالون، وتفيرسكي (١٩٨٥)؛ كون (١٩٩٠)؛ مانينج، ليفاين، وكولينز (٢٠٠٧)؛ مايرز (٢٠٠٨).