الباب الثالث

متى تقرر هذا يلزم البحث أولًا فيما إذا كان يوجد في الواقع شيء يولد ويموت بطريقة مطلقة أو ما إذا كان لا يوجد شيء يولد ويموت بالمعنى الخاص. وفي هذه الحالة يلزم فحص ما إذا كان أي شيء ما لا يأتي دائمًا من شيء آخر هو يخرج منه؛ مثال ذلك من المريض يأتي الصحيح ومن الصحيح يأتي المريض، أو كالصغير يأتي من الكبير والكبير يأتي من الصغير، وكل الأشياء بلا استثناء «تكون» بهذه الطريقة عينها. إذا سلم بكون مطلق يلزم حينئذ أن الموجود يأتي مطلقًا من اللاموجود؛ أي من العدم، بحيث يحق التأكيد بأن العدم يتعلَّق ببعض الموجودات. والكون الإضافي يمكن أن يأتي من لا موجود إضافي، ومثال ذلك الأبيض يمكن أن يأتي من اللاأبيض أو الجميل يأتي من اللاجميل. لكن الكون المطلق يجب أن يأتي من اللاوجود المطلق.١
حينئذ المطلق ها هنا يدل إما على الأولي في كل مقولة للموجود، وإما على الكلي؛ أعني الذي يشمل ويحوي كل شيء. فإذا كان الأولي هو مدلول المطلق فهناك كون للجهورات مما هو ليس بجوهر، ولكن ما ليس له جوهرية وما ليس ألبتة شيئًا معينًا بذاته لا يمكنه بالبداهة أن يكون لأي واحدة أخرى من المقولات كالكيف والكم والأين … إلخ؛ لأنه حينئذ يكون معناه التسليم بأن كيوف الجواهر يمكن أن تنفصل عنها؛ فإذا كان اللاموجود هو بصورة عامة مدلول المطلق، فذلك هو النفي الكلي لجميع الأشياء، وعلى ذلك فما يولد وما يكون يلزم ضرورة أن يولد من لاشيء.٢
على أننا قد تكلَّمنا على هذا الموضوع في موضع آخر وبحثناه بأطول من ذلك، ولكننا نلخص ها هنا فكرتنا ونقول في قليل من الكلمات أَنْ من وجه يمكن أن يوجد كون مطلق لشيء آتٍ من العدم اللاوجود، ومن وجه آخر لا شيء يمكن أبدًا أن يأتي إلا مما هو موجود. ذلك في الحق أن ما هو بمجرد القوة وليس بالفعل يجب أن «يكون» أولًا وبالضرورة على الوجهين اللذين بيَّنَّاهما آنفًا، ولكنه لا بد مع ذلك من العناية الكبرى في فحص هذه المسألة التي يمكن أن صعوبتها تُدهِشُنا حتى بعد الإيضاحات التي أسلفناها، وتلك المسألة هي كيف أن الكون المطلق يحصل، سواء أكان يأتي مما هو بالقوة أم يأتي بأي وجه آخر.٣
يمكن البحث في الحق فيما إذا كان يوجد فقط كون للجوهر ولشيء معين بالفعل، أو ما إذا كان لا يوجد أيضًا كون للكيف وللكم وللأين … إلخ. وهذه الأسئلة عينها توجه على السواء بالنسبة إلى الفساد. وإنه إذا كان بالفعل شيء يكون أو يُولد فمن الواضح أنه يجب وجود جوهر ما بالقوة على الأقل إن لم يكن بالفعل، وبالكمال منه يخرج كون الشيء، وفيه يتغير بالضرورة متى فسد.٤
هل من الممكن أن واحدة من المقولات الأخرى التي هي بالفعل وبالكمال المحض تتعلَّق بهذا الموجود بالقوة؟ أو بعبارة أخرى: هل يمكن تطبيق معاني الكيف والكم والأين على هذا الذي ليس شيئًا إلا بالقوة وبالقوة فقط بدون أن يكون شيئًا بذاته بطريقة مطلقة حتى ولا أن يكون مطلقًا أبدًا؟ لأنه إذا كان هذا الموجود ليس أي شيء بالفعل ولكنه كل الأشياء بالقوة، فإن اللاموجود المفهوم على هذا النحو يمكن أن يكون ذا وجود منفصل، وحينئذٍ يوصل إلى هذه النتيجة التي هابها الفلاسفة الأولون أكثر من كل شيء، وهي إيجاد الأشياء من العدم المحض، ولكنه إذا لم يسلم أن هذا يكون موجودًا حقيقيًّا أو جوهرًا، وأنه شيء آخر من المقولات المذكورة، فحينئذ يفرض كما قلنا آنفًا أن الكيفيات والأعراض يمكن أن تكون منفصلة عن الجواهر.٥
تلك هي النظريات التي يلزم مناقشتها هنا بالقدر المناسب، كما أنه يلزمنا البحث عما هي العلة التي تجعل كون الموجودات أبديًّا، سواء الكون المطلق أو الكون البعضي، ما دام لا يوجد على رأينا إلا علة واحدة أو حد منها ينبعث مبدأ الحركة، وما دام لا يوجد أيضًا إلا مادة واحدة أو حد يلزم إيضاح ما هي العلة.٦
ولكنا سبق بنا أن تكلَّمنا عليها في كتابنا «الحركة»؛ إذ قررنا فيه أنه يوجد من جهة شيء غير متحرك طول الأبد كله ومن جهة أخرى شيء على ضد ذلك واقع في حركة أبدية. فدراسة المبدأ غير المتحرك للأشياء تتعلَّق بفلسفة أخرى عليا. وأما المحرك الذي يحرك كل البقية لأنه هو نفسه قد حرك بحركة مستمرة، فإننا سنتكلم عليه فيما بعد عندما نوضح ما هي علة كل واحدة من الظواهر الخاصة. وهنا نقتصر على علاج هذه العلة التي تظهر بصورة مادة، والتي تجعل أن كون الأشياء وفسادها لا يتخلَّفان في الطبيعة. ولكن هذه المناقشة قد تجلو أيضًا الشك الذي أثرناه آنفًا، وسيرى كيف ينبغي أن يعنى أيضًا بالفساد المطلق وبمطلق كون الأشياء.٧
ومع ذلك فإنها مسألة محيرة أن يعرف ماذا عسى أن تكون العلة التي تدبر وتسلسل تناسل الأشياء إذا فرضنا أن ما يفسد يرجع إلى العدم، وأن اللاوجود ليس شيئًا؛ لأن ما ليس موجودًا ليس جوهرًا ولا كيفًا ولا كمًّا ولا أينًا … إلخ؛ لأنه حينئذ ما دام في كل آن واحد من الكائنات يَبِيد وينعدم كيف يتأتى أن العالم بتمامه لم يكن قد فني منذ زمان طويل ألفَ مرة إذا كان المنبع الذي يأتي منه كل واحد من هذه الكائنات محدودًا ومتناهيًا؟ في الحق إذا كان هذا التوارث الأبدي لا ينقطع ألبتة فليس ذلك بأن الينبوع الذي تصدر منه الكائنات يكون غير متناهٍ؛ لأن ذلك محال تمامًا ما دام أنه في الواقع لا شيء غير متناهٍ. وإنه إنما يكون فقط بالقوة أن شيئًا يمكن أن يكون غير متناهٍ في القسمة، وقد وضَّحنا أن القسمة هي وحدها محل عدم الانقطاع وعدم الفوات؛ لأنه يمكن دائمًا الحصول على كمية أضعف فأضعف. ولكنا ها هنا لا نرى وجهًا للمشابهة. أفلا تصير أبدية التعاقب ضرورية بهذا السبب وحده أن فساد شيء هو كون شيء آخر، وأن العكس بالعكس: كون هذا موت ذلك أو فساده؟٨
وبهذا تُلْغَى علة يمكنها أن تكفي لتوضيح كل شيء بالنسبة لكون الأشياء وفسادها، ها هنا في عمومها، وهناك في كل فرد من الكائنات بخصوصه، على أنه مع هذا يلزم البحث في أنه لماذا عند الكلام على بعض الأشياء يقال بطريقة مطلقة إنها تكون وتهلك، في حين أنه عند الكلام على بعض أشياء أخرى لا يقال ذلك على إطلاقه، إذن كان حقًّا أن كون موجود بعينه هو عين فساد آخر، وإذن كان العكس بالعكس؛ فساد هذا هو كون لذاك.٩
هذا التباين في التعبير يقتضي أيضًا أن يفسر ما دام أننا نقول عن كائن في حالة بعينها إنه فسد مطلقًا لا أنه فسد من وجه بعينه فقط، وما دمنا نصرف الكون إلى معنى مطلق كما نصرف الفساد سواءً بسواء. على ذلك فشيء بعينه يصير شيئًا آخر بعينه، ولكنه لا يصير على الإطلاق. انظر مثلًا كيف نقول عن شخص يتعلم إنه يصير عالمًا، ولكننا لا نقول من أجل ذلك إنه يصير ويكون على الإطلاق. وبادِّكار ما قلناه غالبًا من أن بعض الأسماء تدل على جوهر حقيقي والبعض الآخر لا يدل عليه يمكن معرفة من أين تأتي المسألة المطروحة ها هنا؛ لأنه يهم كثيرًا أن يعين فيم يتغير الشيء الذي يتغير، مثال ذلك تحول الشيء الذي يصير نارًا يمكن أن يسمى كونًا مطلقًا، ولكن أيضًا فسادًا لشيء للأرض مثلًا. وكذلك كون الأرض هو بلا شك أيضًا كون، ولكنه ليس كونًا مطلقًا مع أنه فساد مطلق، ومثلًا فساد النار.١٠
بهذا المعنى كان برمينيد لا يعترف إلا بشيئين في الدنيا؛ الموجود واللاموجود، وهما عنده النار والأرض، على أنه ليس من المهم افتراض هذه العناصر أو عناصر أخرى مشابهة لها؛ لأننا لا نبحث إلا في الطريقة التي بها تحصل الظواهر لا في موضوعها. إذن التغيير الذي يوصل الأشياء إلى اللاوجود المطلق إنما هو فساد مطلق، وبالعكس ما يوصلها مطلقًا إلى الوجود هو كون مطلق. ولكن مهما كانت الجواهر التي يعتبر فيها الكون والفساد، سواء النار أو الأرض أو عنصر آخر مشابه؛ فإن الكون والفساد لا يزالان أحدهما للوجود والآخر للاوجود.١١
هذا إذن هو فرق أول في التعبير يمكن تقريره بين الكون والفساد المطلقين وبين الكون والفساد اللذين ليسا مطلقين، وفرق آخر يمكن أن يميزها وهو المادة التي يحصلان فيها أيًّا كانت هذه المادة، فالتي تدل فصولها دلالة أكثر على هذه الحقيقة بعينها أو تلك هي أيضًا أدخل في الجوهرية، والتي تدل فصولها دلالة أكثر على العدم هي أدخل في اللاموجود؛ وعلى ذلك فالحرارة مقولة ما ونوع حقيقي، وعلى الضد البرودة فإنها ليست إلا عدمًا. وبهذه الفصول بعينها تتميز الأرض والنار.١٢
عند العامي، إنما يقرر الفرق على الأخص بين الكون وبين الفساد هو أن الواحد مدرَك بالحواس وأن الآخر ليس كذلك؛ فمتى وجد تغير في مادة محسوسة قال العامي إن الشيء يولد ويكون كما يقول إنه يموت ويفسد حينما يتغير إلى مادة غير مرئية؛ ذلك بأن الناس يعرفون على العموم الوجود واللاوجود تبعًا لما إذا كانوا يحسون الشيء أو لا يحسونه، كما أنهم يعتبرون الموجود ما يعرفونه واللاموجود ما يجهلونه؛ فحينئذ، الحس هو الذي يؤدي وظيفة العلم، وكما أن الناس لا يُدرِكون حقيقة حياتهم وكونهم إلا لأنهم يحسون أو يمكنهم أن يحسوا، كذلك أيضًا إدراكهم لوجود الأشياء؛ إذ يبحثون عن حقيقتها وما هم بواجديها فيما يقولون.١٣
ذلك أن الكون والفساد المطلقين هما متغايران تمامًا تبعًا لاعتبارهما على حسب الرأي العامي أو لاعتبارهما في حقيقتهما الواقعية. إذن الهواء والريح أقل من سواهما في مراتب الوجود من حيث كونهما جسمين إذا كان المرجع في ذلك إلى مجرد شهادة الحواس. ومن أجل ذلك يظن أن الأشياء التي فسدت مطلقًا تفسد بالتحول إلى هذين العنصرين في حين أنه يعتقد أن الأشياء تولد وتكون متى تحوَّلت إلى بعض عناصر يمكن لمسها؛ أي إلى أرض مثلًا، ولكن في الحق ذانكم العنصران هما جوهر ونوع أكثر من الأرض نفسها.١٤
إذن قد وضح ما يدل على أنه يوجد الكون المطلق من حيث كونه فسادًا لشيء، والفساد المطلق من حيث كونه كونًا لشيء أيضًا. وهذا يتعلق — في الواقع — بأن المادة مختلفة؛ إما لأن الواحدة جوهر في حين أن الأخرى ليست جوهرًا، وإما لأن الواحدة هي أكثر وأن الأخرى أقل، وإما لأن المادة التي يأتي منها الشيء والتي يذهب إليها هي أقل أو أكثر حسية. ويقال على الأشياء تارة إنها تولد وتصير بالإطلاق، وتارة يقال بالتعيين إنها تصير هذا الشيء بعينه أو ذاك من غير أن يأتي واحد من الآخر بالتكافؤ على النحو الذي نعنيه ها هنا. ونحن نقتصر في الواقع الآن على إيضاح لماذا — ما دام أن كل كون هو فساد لشيء آخر وأن كل فساد هو كون لشيء آخر أيضًا — نحن لا نسند على هذا الوجه عينه الكون والفساد إلى الأشياء التي تتغير بعضها في البعض الآخر.١٥
على أن هذا لا يحل المسألة التي كنا وضعناها لأنفسنا حلًّا نهائيًّا. بل هو يوضِّح لماذا يقال عن واحد يتعلم إنه يصير عالمًا لا إنه يصير مطلقًا، في حين أنه بالنسبة لشيء ينشأ طبيعة يقال بطريقة عامة إنه يولد ويصير. تلك هي التعايين؛ أي المقولات المختلفة التي بعضها يدل على الموجود الحقيقي والجزئي والآخر يدل على الكيف والآخر على الكم؛ وبالتالي لا يقال ألبتة على كل الأشياء التي لا تدل على جوهر إنها تصير بطريقة مطلقة، بل إنها تصير كذا أو كذا من الأشياء؛ ومع ذلك فإن الكون في كل الأحوال على السواء لا ينطبق انطباقًا صريحًا إلا على الأشياء الداخلة في إحدى المجموعتين. مثلًا في مقولة الجوهر يقال إن الشيء يصير إذا تكوَّن نارًا، ولا يقال ذلك إذا كان الذي يكون هو أرضًا. وفي مقولة الكيف يقال عن الشيء إنه يصير إذا صار الكائن عالمًا لا إذا صار جاهلًا.١٦
إذن فانظر كيف نوضح لماذا بعض الأشياء يكون بطريقة مطلقة، وكيف أن البعض الآخر لا يكون لا بطريقة مطلقة ولا أصلًا حتى في الجواهر أعيانها. وقد قلنا أيضًا لماذا الموضوع من حيث هو مادة هو علة الكون المستمر الأبدي للأشياء؛ نظرًا إلى أنه يمكن على السواء أن يتغيَّر في الأضداد، وأنه بالنسبة للجواهر كون ظاهرة هو دائمًا فساد لأخرى وبالتكافؤ أن فساد هذه كون لتلك.١٧
على أنه لم يبق محل لأن يتساءل لماذا أن هذا الفساد الدائم للموجودات هو الذي يجعل أن شيئًا يمكن أن يكون؛ لأنه كما يقال إن شيئًا هو فاسد مطلقًا حينما يمر إلى اللامحسوس وإلى اللاموجود كذلك يمكن أن يقال إنه يكون ويأتي من اللاموجود متى أتى من اللامحسوس، والنتيجة أنه سواءٌ أكان هناك موضوع أو لا أم لم يكن فإن الشيء يأتي دائمًا من العدم، بحيث إن الشيء في آن واحد حين يكون يأتي من اللاوجود وحين يفسد يعود إلى اللاوجود أيضًا، وهذا هو الفاعل في أنه ليس يوجد انقطاع ولا خلو؛ لأن الكون هو فساد اللاوجود والفساد هو كون العدم.١٨
ولكن قد يتساءل عما إذا كان هذا اللاموجود المطلق هو ثاني الضدين، ومثلًا لما أن الأرض وكل ما هو ثقيل هو اللاموجود إذا كانت النار وكل ما هو خفيف هي أو ليست هي الموجود. ولكن يمكن أن يقال أيضًا إن الأرض هي الموجود وإن اللاموجود هو مادة الأرض كما أنه هو مادة النار على السواء، ولكن هل مادة أحد هذين العنصرين ومادة الآخر هي إذن مختلفة؟ وهل من المحال أن يأتي أحدهما من الآخر كما هو الحال في الأضداد؛ لأن النار والأرض والماء والهواء لها أضداد، أو هل أن مادتها هي واحدة من وجه؟ وهل ليست مختلفة إلا من وجه آخر؟ لأن ما هو موضوع من وجه ومن آخر هو واحد، ولكن شكل الوجود هو وحده الذي ليس واحدًا. على أننا نقف عند ما قلناه في هذا الموضوع.١٩

هوامش

(١) بطريقة مطلقة: أعني من غير أن يوجد شيء يسبقه ومنه يمكن أن يخرج. بالمعنى الخاص: يعني بالمعنى المطلق للكلمة. وفي هذه الحالة: يعني في حالة افتراض أن لا يوجد كون مطلق. وأن الموجود الكائن يخرج دائمًا من موجود سابق عليه. وقد قطعت الجملة لأنها في النص قد طالت أكثرَ مما يلزم. من المريض يأتي الصحيح: يعني أن الموجود المريض يرجع صحيحًا، أو بالعكس يصير الصحيح مريضًا، فالموجود إذن لا يكون بالمعنى الخاص، بل هو فقط يتغير حاله ويمرُّ بكيفيات مختلفة. ولكنه كائن أولًا ومن قبل أن يلحقه التغير. بكون مطلق: يعني أن الشيء الذي لم يكن من قبل قد وجد وهو يخرج من العدم حيث كان فيه قبل الوجود. من اللاموجود من العدم: ليس في النص إلا كلمة واحدة، وعلى هذا المعنى يقال عن شيء ما إنه مغمور في العدم، وإن «العدم يتعلق ببعض الموجودات.» كما هي عبارة النص. ولقد يظهر على العبارة صورة التناقض على أنها صادقة. الأبيض يمكن أن يأتي من اللاأبيض: أعني أن شيئًا لم يكن أبيض يمكن أن يصير أبيض، وليس ذلك هو الكون بالمعنى الخاص، بل هو مجرد تغير أو مجرد استحالة. الكون المطلق يأتي من اللاوجود المطلق: يعني أن شيئًا يكون بعد أن لم يكن، خارجًا من العدم الذي كان فيه.
(٢) حينئذ المطلق ها هنا يدل إما على الأولي: المطلق يظهر أنه لا يمكن استعماله في هذا المعنى الضيق، ولكن هذا هنا هو مجرد تمييز لفظي كله تحكم. في كل مقولة للموجود: يعني في جميع المقولات إلا في مقولة الجوهر؛ فإن الأولي هو الحد الأعلى؛ وعلى ذلك ففي مقولة الكيف ليس المقصود واحدة من الكيوف الخاصة، بل هو الكيف نفسه. وأما على الكلي: يعني الجوهر، وإلى هذا المعنى ينصرف عادة لفظ المطلق. يشمل ويحوي كل شيء: ليس في النص إلا كلمة واحدة. ومعنى ذلك أنه يلزم أولًا أن يوجد الشيء حتى يمكن بعد أن يوصف بأي كيف اتفق. فإذا كان الأولي هو مدلول المطلق: أضفت الكلمات الثلاثة الأخيرة لجعل الفكرة أكثر ضبطًا وجلاءً. فهناك كون للجوهر: التعبير لا يظهر أنه على ما ينبغي؛ فإن المقصود ليس هو الجوهر بالضبط، بل هو مجرد وجود مكيف تبعًا لكل مقولة؛ فإن شيئًا يصير أبيض بعد أن لم يكن أبيض من قبل. إلخ: وضعت هذه الكلمة للدلالة على أن جميع المقولات ليست مذكورة هنا. كيوف: عبارة النص أعراض. مدلول المطلق: رأيت من الواجب تكرير هذه العبارة لتكميل النص. النفي الكلي لجميع الأشياء: ولعل أحسن من ذلك أن يقال: «النفي الكلي لجميع المقولات.» بما فيها مقولة الجوهر. ما يولد وما يكون: ليس في النص إلا أحد الفعلين.
(٣) في موضع آخر: يعني في الكتاب الأول من الطبيعة ب٨ ف١ وما يليها ص٤٧٣ من ترجمتنا كما نبَّه إليه فيلوبون. آتٍ من العدم من اللاوجود: ليس في النص إلا كلمة واحدة. لا شيء يمكن أبدًا أن يأتي: ليست عبارة النص بهذا القدر من البيان. ما هو بمجرد القوة: الممكن ليس موجودًا على التحقيق، ولكنه يكفي إمكان وجوده لأجل أن يكون له وجود بنوع ما. على الوجهين اللذين بينَّاهما: زدت هاتين الكلمتين الأخيرتين، وبعبارة أخرى الممكن كائن وغير كائن معًا.
(٤) إذا كان يوجد فقط: أضفت الكلمة الأخيرة. كون للجوهر: ويمكن ترجمتها بهذه العبارة «إذا كان الكون يتعلَّق بالجوهر.» بالنسبة إلى الفساد: الذي هو ضد الكون. أفلا يوجد كون وفساد إلا في مقولة الجوهر؟ أي يوجد أيضًا في المقولات الأخرى. بالفعل: زدت هذه الكلمة. جوهر ما: كلمة جوهر بعينها موجودة في النص، ولكن يظهر أن الجوهر يجب دائمًا أن يكون بالفعل لا أن يكون ممكنًا مجرد إمكان. بالفعل وبالكمال: ليس في النص إلا كلمة واحدة.
(٥) واحدة من المقولات الأخرى: يعني إحدى المقولات الأخرى غير مقولة الجوهر. بهذا الموجود بالقوة: النص ليس بهذا الوضوح. والأين: أو أي مقولة أخرى. ذا وجود منفصل: وهذا تناقض. التي هابها الفلاسفة أكثر من كل شيء: الفلاسفة الذين لم يستطيعوا أبدًا أن يقبلوا بأية صورة معنى العدم. من العدم المحض: عبارة النص بالضبط هي «من العدم السابق الوجود». كائن حقيقي: يمكن أن يضاف «متميز»، فإذا كان الممكن ليس جوهرًا أَفَيُقَال إنه واحدة أخرى من المقولات. المذكورة آنفًا: كما قلنا آنفًا، ر. ف٢.
(٦) بالقدر المناسب: لهذا الموضوع الخاص الذي ندرسه في هذا الكتاب. العلة التي تجعل كل الموجودات أبديًّا: ليس هذا شيئًا آخر إلا الإسناد إلى الله الذي هو خالق الأشياء وحافظها كما هو مبيَّن بعد. سواء الكون المطلق: يعني الذي يُخرج الأشياء من العدم. أو الكون البعض: يعني كون الكيفيات المتعاقبة على الأشياء. علة واحدة أو حد: هي المحرك الذي لا يتحرك. مادة واحدة أو حد: فيها يفعل المحرك الأول. ما هي هذه العلة: ها هنا عبارة النص ينقصها قليل من الجلاء؛ لأن السياق يقتضي علتين لا علة واحدة، وهما علة فاعلة وعلة مادية.
(٧) في كتابنا «الحركة»: هذا العنوان يدل على كتاب الطبيعة. إذا قررنا فيه: ر. الطبيعة ك٨ ب٣ ف٢ من ترجمتنا، ر. أيضًا أوائل كتاب الطبيعة والتحقيق الخاص للعنوانات المختلفة لهذا الكتاب. بفلسفة أخرى عليا: يعني ما بعد الطبيعة، ر. الكتاب السابع من ترجمة كوزان. سنتكلم عليه فيما بعد: ر. الباب العاشر من الكتاب الثاني من هذا المؤلف. الظواهر: أو الكائنات، العلة التي تظهر بصورة مادة يعني العلة المادية. لا يتخلفان: هذا هو التعاقب الأبدي للكائنات. ولكن في مذهب أرسطو لما أن العالم ليس له أول ولا ينبغي أن يكون له آخر فتعاقب الكائنات يجب أن يستمر كما ترى، وهذه المسألة قد بحثت أيضًا في الكتاب الثامن من الطبيعة ب٧ ف٤ وفي الكتاب الثالث ب٥ ف٤. بالفساد المطلق وبمطلق كون الأشياء: يعني إمكان أن شيئًا يجيء من العدم ويرجع إليه.
(٨) التي تدبر وتسلسل: ليس في النص إلا كلمة واحدة. يرجع إلى العدم: أو «يذهب إلى العدم.» ليس جوهرًا ولا كيفًا: أعني في أي مقول من المقولات. ولا أينًا: ليس هنا إلا أربعة مقولات معدودة عوضًا عن عشرة؛ لذلك وضعت لفظ … إلخ. العالم بتمامه: عبارة النص بالضبط «الكل». محدودًا ومتناهيًا: ليس في النص إلا كلمة واحدة. هذا التوارث الأبدي: عبارة النص ليست بهذا الوضوح. وقد وضحنا: ر. الطبيعة نظرية اللانهاية ك٣ ب٥ ف٤، وب٢ ف٥. أضعف فأضعف: ذلك في الحق هو نظرية أرسطو في الطبيعة، ولكن يظهر أنه يمكن أن يكون نمو الأشياء غير متناهٍ، وكذلك قسمتها ما دام الموضوع من كل وجه تخيلية محضة. بهذا السبب وحده أن فساد شيء: هذا الفرض عينه موجود في كتاب الطبيعة ك٣ ب١٢ ف٢ من ترجمتنا.
(٩) ها هنا في عمومها: النص ليس بهذه الصراحة. بطريقة مطلقة: من غير تحديد ولا تقييد من أي نوع.
(١٠) هذا التباين في التعبير: عبارة النص هي: «هذا» فقط. إنه فسد مطلقًا: يعني أنه يمر من الوجود إلى اللاوجود بوجه تام، وينقطع عن الوجود بعد أن بقي فيه زمنًا ما. من وجه بعينه فقط: يعني مثلًا أن شيئًا يصير أبيض بعد أن كان أسود؛ فإنه لا ينقطع بذلك عن أنه كائن مطلقًا، وفقط أنه انقطع عن كونه أبيض، وأنه فسد من حيث إنه أبيض دون أن يفسد حقيقة. عن شخص يتعلم: وإنه على ذلك لم يكن بعدُ عالمًا ثم يصير إذن عالمًا، ولكن لا يمكن أن يقال بوجه مطلق إنه يصير كما لو أنه ودَّ مثلًا أنه يصير ويكون، ليس في النص إلا كلمة واحدة. ما قلناه غالبًا: يمكن أن يراجع كتاب المقولات ب٤ ف١. بعض الأسماء: عبارة النص غير محدودة. جوهر حقيقي: عبارة النص بالضبط «شيء» «معين». فساد الشيء للأرض مثلًا: يعني أن الأرض يجب أن تفسد لتصير نارًا، مع التسليم بأن هذا التحول ممكن كما يفترضه برمينيد. فساد النار: الملاحظة بعينها.
(١١) الموجود واللاموجود: في كتاب الطبيعة ك١ ب٦ ف١ هو البارد والحار لا الموجود واللاموجود اللذان اعتبرهما برمينيد العنصرين الأوليين، ومع ذلك فإن البارد والحار هما مرادفان أيضًا في ذلك الكتاب للأرض والنار. على أنه ليس من المهم: يحس أرسطو ها هنا أن تحول الأرض إلى نار أو النار إلى أرض فرض غريب في بابه. لا في موضوعها: يعني الموضوع الذي فيه تتحقق الظواهر والذي يمكن أن يكون على السواء الأرض أو النار أو أي جسم آخر كيفما اتفق؛ فإن الجوهر يمكن أن يتغير ولكن الظاهرة هي دائمًا هي بعينها، ومع ذلك فإن أرسطو قد بيَّن عبارته بيانًا وضعيًّا فيما يلي.
التغير الذي يوصل: ليس النص بهذه الصراحة. سواء النار أو الأرض: كما يريد برمينيد. أحدهما للوجود: وهو الكون أو التولد. والآخر للاوجود: وهو الفساد أو التلف.
(١٢) فرق أول في التعبير: ليست عبارة النص على هذا الضبط. التي يحصلان فيها: أضفت هذه الكلمات لإيضاح الفكرة. هذه الحقيقة بعينها أو تلك: عبارة النص هي بالبساطة «شيء بعينه». وعلى ذلك فالحرارة مقولة: قد لا يكون هذا المثل مختارًا اختيارًا حسنًا؛ فإذا كان البرد هو عدم الحرارة فقد يمكن القول أيضًا بأن الحرارة عدم البرودة؛ فإن الحرارة والبرودة هما على السواء كيفان أحدهما ضد الآخر. تتميز الأرض والنار: ر. الفقرة السابقة، وعلى حسب تفسير فيلوبون إن النار أدخل في الجوهرية من الأرض، فإنها الإيجاب أو الملكة في حين أن الأرض ليست إلا العدم: ر. آخر الفقرة الآتية.
(١٣) الفرق بين الكون والفساد: الترجمة أضبط من النص. فمتى وجد تغير: الترجمة أضبط من النص. يولد ويكون … يموت ويفسد: ليس في النص في كلا الطرفين إلا كلمة واحدة. إدراكهم لوجود الأشياء: يعني على حسب أن الأشياء محسوسة أو غير محسوسة أو لا يمكن أن تُحَسَّ.
(١٤) على حسب الرأي العامي: يمكن ترجمتها أيضًا هكذا: أخذا يجرد الظاهر. أقل من سواهما في مراتب الوجود من حيث كونهما جسمين: عبارة النص هي بالضبط «أقل» فقط. إلى مجرد شهادة الحواس: ما دام أن الهواء والريح يحسان أقلَّ من العناصر الكثيفة مثل الأرض والماء. إلى هذين العنصرين: الهواء والريح. مثلًا: زدت هذا اللفظ لتمام الفكرة. ونوع: أو صورة، وليس نص اللفظ بأكثر ضبطًا من اللفظ الذي التزمت استعماله. أكثر من الأرض نفسها: ربما كان اللازم بيان علة هذه النظرية التي يظهر لأول وهلة أنها مشكلة. أما فيلوبون فيزعم أن الهواء على الحقيقة أكثر جوهرية من الأرض؛ لأنه يحيط بها، وإن له فوق ذلك خاصة الحرارة التي تزيد في تمدده.
(١٥) إذن قد وضح: ليس هذا الايضاح جليًّا كالمرغوب، وربما كان هذا الملخص الذي أثبت هنا سابقًا لوقته. أنه يوجد: يظهر أن الأحسن هو أن يقال: «إنه يظن أن يوجد». ولكني لم أجرؤ على المخاطرة بهذا التغيير. المادة: عبارة النص هي غير معينة أيضًا كاللفظ الذي استعملته في الترجمة؛ فإنه يمكن أن يتساءل: مادة أي شيء هي؟ الواحدة: يعني من هذين الشيئين.
جوهر: يعني شيئًا شخصيًّا وخاصًّا. هي أكثر: أو بعبارة أخرى: «الواحدة لها وجود أكثر بروزًا وللأخرى وجود أقل حسية.» تولد وتصير: لا يوجد إلا كلمة واحدة في النص الإغريقي — بالتعيين — أو فقط. الذي نعنيه ها هنا: إذن نقول إن التولد المطلق هو فساد شيء آخر وإن الفساد المطلق هو أيضًا تولد. نحن لا نسند على هذا الوجه عينه: كل هذه القيود دقيقة وغامضة. إلى الأشياء التي تتغير بعضها في البعض الآخر: تلك هي الأحوال المختلفة التي بها يمر جسم بعينه كما يفهم من سياق الكلام الآتي. وليس هذا بالمعنى الخاص فسادًا لكيف أو كونًا له، بل هو مجرد تعاقب.
(١٦) التي كنا وضعناها لأنفسنا حلًّا نهائيًّا: على الروابط الحقيقية بين الكون المطلق وبين الفساد المطلق. إنه يصير عالمًا: إذ إن جهله ينقلب علمًا كما أن علمه يمكن أن ينقلب جهلًا إذا نسي ما حفظه. ينشأ طبيعة: كلمة النص يظهر لي أن لها ما لهذا اللفظ الذي استخدمته في الترجمة من القوة. إنه يولد ويصير: لا يوجد في النص إلا كلمة واحدة، بعضها … الموجود الحقيقي والجزئي، وهو مقولة الجوهر، والنص أقلُّ ضبطًا من ذلك. والآخر على الكم: لا يوجد ها هنا إلا ثلاث مقولات على التعداد مع أن المقولات عشرة، ر. كتاب المقولات ب٤ ص٥٨ من ترجمتنا. إنها تصير كذا أو كذا من الأشياء: يعني أنها تتغير بالكيف أو بالوضع ما دام المفروض ضرورة أن الجوهر هو ثابت تحت جميع المقولات. في إحدى المجموعتين: اللتين إحداهما موجبة والأخرى سالبة، ومع ذلك فإن ما يلي كفيل بإيضاح هذه الفكرة وإن كانت الحدود التي اتخذت أمثلة ربما لا يكون قد توافر فيها حسن الاختيار. إذن تكون نارًا: لأن النار معتبرة حدًّا إيجابيًّا في حين أن الأرض معتبرة حدًّا سلبيًّا. إذا كان الذي يكون هو أرضًا: ر. ما سبق ف١٤. إذا صار الكائن عالمًا: هذا هو الحد الإيجابي في حين أن الجاهل حد سلبي، ولكن في الحالة الأولى والأخرى يقال أيضًا إنه يصير عالمًا أو يصير جاهلًا، وكل هذا هو غاية في الدقة.
(١٧) حتى في الجواهر أعيانها: يعني في حالة ما إذا كان شيء مع كونه موجودًا أقلَّ في مرتبة الوجود من آخر لأنه تابع له، ر. ما سبق ف١٥. الموضوع من حيث هو مادة: الموضوع يبقى لأنه ماديًّا محلُّ الأضداد التي تحل فيه وتتعاقب عليه، فالموضوع يبقى مع تغيره. المستمر الأبدي: لا يوجد في النص إلا كلمة واحدة. كون ظاهرة: أو بعبارة أخرى تغير الكيفيات؛ فإن كون الأسود هو فساد للأبيض وكون الأبيض هو فساد للأسود، والموضوع الذي يصير على التناوب أسود وأبيض لا يزال باقيًا.
(١٨) إن هذا الفساد الدائم للموجودات: ليس النص على هذا القدر من الصراحة في كل هذا الموطن. حينما يمر إلى اللامحسوس: ر. ما سبق ف١٣. فإن الشيء يأتي دائمًا من العدم: قد اتخذت عبارة كعبارة النص في أنها عامة غامضة، وبعبارة أخرى سواء كان هناك مجرد تغير في الكيف فالظاهرة تأتي دائمًا مما لم يكن. انقطاع ولا خلو: ليس في النص إلا كلمة واحدة، ومع ذلك فمن فرط التعمق أو بالحري من الإسراف اللغوي أنه يمكن التكلم عن كون العدم أو فساده.
(١٩) هو ثاني الضدين: الذي ليس كائنًا بالفعل، ولكنه يمكن أن يكون بأن يشغل محلَّ الضد الذي هو كائن. لما أن الأرض وكل ما هو ثقيل هو اللاموجود: ضد الرأي العامي الذي يسند إلى الأرض وجودًا أكثر من وجود الهواء والنار بحجة أن الحواس تدركها أكثر، ر. ما سبق ف١٣. إن الأرض هي الموجود: يظهر في الحق أنه من الصعب إنكار ذلك. وأن اللاموجود هو مادة الأرض: لا يظهر أن اللاموجود يمكن أن يكون مادة لأي شيء ما إلا أن يصرف ذلك إلى المعنى المجرد المحض حيث كان القول فيما مر. وهل من المحال أن يأتي أحدهما من الآخر: هذا ما يشبه أن لا يعتمد إلا على شهادة الحواس. لها أضداد: قد يكون أضبط من ذلك بيانًا أن يقال إنها بعضها لبعض ضد. ما هو موضوع: يعني المادة مأخوذة على معناها المجرد لا على المعنى الحقيقي بالفعل. شكل الوجود هو وحده: هذا تمييز من لازمات أرسطو، وهو في الغالب غاية في الصحة والضبط. نقف: لا يظهر مع ذلك أن الموضوع قد انتهى، ولا أنه على الخصوص قد وضح بقدر الكفاية من الإيضاحات التي سبقت.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤