الباب السادس
لما أنه يلزم عند دراسة المادة — وبالنتيجة العناصر — أن يقال بادئ بدء ما إذا هي
تكون أو لا تكون، وإذا كان كل واحد منها أزليًّا، أو إذا كانت مخلوقة بأي وجه ما، ومع
أنها مخلوقة إذن كان يمكنها كلها أن تتكاون بطريقة واحدة، أو إذا كان أحدها هو أسبق من
الآخر، فينتج من ذلك أن من الضروري أن تعين جيدًا بادئ الأمر الأشياء التي لم يتكلم
عنها حتى هذه الساعة إلا بطريقة جد مبهمة وغير كافية جدًّا.١
وفي الحق كل أولئك الذين يقبلون الخلق للعناصر أنفسها كما يقبلونه بالنسبة للمركبات
التي تنتج عنها يقتصرون في إيضاح كل شيء على الاجتماع والافتراق وعلى الانفعالية وعلى
الفعل. ولكن الاجتماع ليس إلا اختلاطًا، ولم يحد لنا جليًّا ما يجب علينا أن نعنى
باختلاط الأجسام. ومن جهة أخرى ليس من الممكن كذلك أن تحصل استحالة ولا افتراق أو
اجتماع بدون موضوع يفعل وينفعل؛ لأن أولئك الذين يقبلون تعدد العناصر يجعلونها تولد من
الفعل والانفعال المتكافئين بين العناصر بعضها والبعض الآخر.٢
ومع ذلك يلزم دائمًا الوصول إلى القول بأن كل فعل يأتي من مبدأ واحد أحد، فانظر كيف
أن ديوجين كان عنده الحق إذ يقرر أنه إذا كانت كل العناصر لم تكن تأتي من واحد فلا
يمكنها أن يكون بينها لا فعل ولا قابلية للفعل على طريق التكافؤ، وأن الحار مثلًا قد
لا
يمكن أن يبرد ولا البارد أن يسخن من جديد. وكان يقول: ليست الحرارة ولا البرودة هي التي
تتغير إحداها في الأخرى، بل من البيِّن بذاته أن الموضوع هو الذي يعاني التغيير.
وبالنتيجة كان يستنتج ديوجين أن في الأجسام التي فيها يمكن وجود فعل وانفعال يلزم
بالضرورة أن يكون لها طبيعة واحدة هي موضوع لهاتين الظاهرتين. ولا شك في أن تقرير أن
جميع الأشياء هي في هذه الحالة قد لا يكون تقريرًا صحيحًا؛ فإن هذا لا يلاحظ في الواقع
إلا في الأجسام التابعة بعضها لبعض.٣
لكن إذا أريد استيضاح الفعل والانفعال والاختلاط بجلاء لزم بالضرورة أيضًا دراسة
ما
هو التماس بين الأشياء. إن الأشياء لا يمكنها حقيقة الفعل والانفعال أحدها بالآخر حين
لا يمكنها التماس على التبادل، وإذا لم تكن قد تلامست سابقًا بأي وجه ما فلا يمكنها
أبدًا أن تختلط أحدها بالآخر، فيلزم إذن أولًا حد هذه الظواهر الثلاث: التماس والاختلاط
والفعل.٤
فلنصدر عن هذا المبدأ؛ وهو أنه بالنسبة لجميع الأشياء التي فيها الاختلاط يلزم مطلقًا
أنها يمكنها أن تتلامس بينها، وإذا كان الواحد يفعل والآخر ينفعل بالمعنى الخاص؛ فيلزم
أيضًا أن يكون هذا التماس ممكنًا، هذا هو سببنا في الكلام بادئ بدء على
التماس.٥
لكن كما أن أكثر الكلمات الأخرى هي مأخوذة على عدة معانٍ تارة بطريق التواطؤ وتارة
بالاشتقاق من كلمات أخرى سابقة عليها، كذلك يقع هذا التنوع في الإطلاق اللفظي بالنسبة
للفظ التَّماس. ومع ذلك فإن التماس بالمعنى الخاص لا يمكن أن ينطبق إلا على الأشياء
التي لها وضع، ولا وضع إلا للأشياء التي لها مكان؛ لأنه يلزم أن يعنى بالتماس وبالمكان
كما يعنى الرياضيون، سواء أكانا — أي المكان والتماس — منفصلين عن الأشياء أم كانا
يوجدان بأي وجه ما. وحينئذٍ إذا كان كما بين سابقًا أن التماس هو أن تجتمع النهايات،
فيمكن أن يقال إن هذه الأشياء تتلامس على التي، وهي ذات أعظام وأوضاع معينة، نهاياتها
مجتمعة معًا.٦
ولكن لما كان الوضع خاصًّا بالأشياء التي لها أيضًا أين، وكان الفصل الأول للأين
هو
الفوق والتحت مع المقابلات الأخرى من هذا القبيل، ينتج منه أن جميع الأشياء التي تتلامس
يجب أن يكون لها ثقل أو خفة أو هاتان الخاصتان معًا أو على الأقل إحدى الاثنتين. وهذه
الأشياء من هذا النوع إنما هي القابلة للفعل وللانفعال، فبين إذن بذاته أنه يجب استنتاج
أن تلك الأشياء تتلامس بالطبع، وأنها بما هي أعظام منفصلة ومتمايزة فنهاياتها واقعة
طرفًا لطرف، ويمكنها أحدها أن يحرك والآخر أن يتحرك على التكافؤ أحدهما بالآخر. ولكن
لما أن المحرك لا يحرك بالطريقة عينها التي بها الشيء المحرك يحرك في دوره، وأن هذا
الأخير لا يمكن أن يحرك إلا بما هو واقع في الحركة هو نفسه، في حين أن الآخر يمكنه أن
يحرك مع بقائه هو نفسه غير متحرك؛ فمن البين أنه يمكننا تطبيق هذه التماييز عينها على
الجسم الذي يفعل؛ لأنه حتى في اللغة العامية يقال أيضًا على السواء إن الذي يحرك يفعل
وإن الذي يفعل يحرك.٧
ومع ذلك يوجد هنا فصل ما، فينبغي التمييز؛ ذلك أن كل ما يحرك لا يمكنه دائمًا أن
يفعل
كما سنرى بالمقابلة بين ما يفعل وبين ما ينفعل؛ فإن جسمًا لا ينفعل إلا في الأحوال التي
فيها تكون الحركة تأثرًا أو شهوة، ولا توجد شهوة إلا في حالة ما يكون بالجسم مجرد
استحالة، مثلًا في حالة ما يصير حارًّا أو يصير أبيض. ولكن معنى التحريك له من السعة
أكثر مما لمعنى الفعل، وحينئذ من البين أن المحركات أحيانًا يجب أن تلامس الأشياء التي
تحركها وأحيانًا لا تلامسها.٨
حد التماس مأخوذًا على أعم معناه ينطبق على الأجسام التي لها وضع بما أن أحد الجسمين
في التماس يمكن أن يحرك وبما أن الآخر يمكن أن يتحرك، وبما أن المحرك والمتحرك ليس
بينهما نسبة إلا نسبة الفعل والانفعال.٩
في الأحوال الأكثر عادية الشيء الذي لمس يلمس الشيء الذي لمسه؛ لأن كل الأشياء
تقريبًا التي يمكننا مشاهدتها هي واقعة في الحركة قبل أن تحرك أيضًا في دروها. وفي كل
الأحوال يظهر أن هناك ضرورة إلى أن الشيء الذي لمس يلمس الشيء الذي يلمسه. ولكنا نقول
أنه قد يجوز أحيانًا أيضًا أن المحرك وحده يلمس الشيء الذي يعطيه الحركة، وأن الشيء
الملموس لا يلمس الآخر الذي يلمسه. ولما أن الأجسام المتجانسة لا تحرك إلا متى حركت هي
أنفسها فيلزم فيما يظهر أن جسمًا ملموسًا يلمس هو أيضًا. وبالنتيجة إذا كان محرك ما —
مع كونه هو نفسه غير متحرك — يؤتي الحركة، فيلزم أن يمس الشيء الذي يحركه دون أن يمسه
هو نفسه شيء. وعلى ذلك في الواقع نقول أحيانًا على الشخص الذي يؤذينا إنه يمسُّنا من
غير أن نمسَّه نحن أنفسنا.١٠
ذلك ما كنا نبغي أن نقول على التماس معتبرًا في الأشياء الطبيعية.١١
هوامش
(١) لما أنه يلزم: قد حافظت على أسلوب الجملة في النص الإغريقي كما هي مع أنها
طويلة في الترجمة فيما يظهر. إذا كانت مخلوقة: أو «تكون». التي لم يتكلم عنها:
يحتمل أن يكون المقصود بهذه العبارة فلاسفة من أسلافه، وأن أرسطو لم يقصد
الكلام عن نظرياته الخاصة. جد مبهمة وغير كافية جدًّا: ليس في النص إلا كلمة
واحدة.
(٢) يقبلون الخلق: عبارة النص هي «الذين يخلقون» الذين يولدون، الذين يكونون.
يقتصرون في إيضاح كل شيء: ليس النص صريحًا بهذا القدر. على الانفعالية: لكيلا
أقول الانفعال. ليس اختلاطًا: ربما لا يكون المعنى محكمًا. لم يحد لنا جليًّا:
عبارة النص أشد إبهامًا قليلًا. بدون موضوع يفعل وينفعل: هذا الموضوع هو ذلك
الذي من غير أن ينقطع كونه يمكنه على التعاقب أن يقبل الأضداد كما سيجيء بيانه
في الفقرة الثالثة.
(٣) كل فعل: عبارة النص غير محددة، ولكني اضطررت كما فعل المصنف إلى أن أكرر
الكلمة عينها التي استعملت آنفًا. ديوجين: على تقدير الأبلوني. كل العناصر لم
تكن تأتي من واحد: عبارة النص تستخدم بالبساطة ضمير جمع؛ فالتزمت زيادة البيان
في الترجمة. لا فعل ولا قابلية للفعل: يعني فعل بعضها في بعض بالتكافؤ هذه
تحتمل الفعل التي تفعله تلك. وكان يقول: أضفت هذه الكلمات؛ لأن أسلوب النص يسمح
بإضافتها. الموضوع: يعني الجسم بعينه الذي يكون بالتناوب باردًا أو حارًّا،
والذي مع بقائه يمكن أن تتغير حاله وكيفية وجوده. كان يستنتج ديوجين: أضفت هذه
الكلمات للسبب السابق. موضوع لهاتين الظاهرتين: ليس النص على هذا التوسع.
التابعة بعضها لبعض: بمعنى أنها يمكنها أن يفعل بعضها في بعض. وربما أمكن ترجمة
العبارة هكذا: «في الأشياء التي يوجد فيها تكافؤ بين بعضها والبعض
الآخر.»
(٤) بجلاء: أضفت الكلمة المفهومة بالسهولة من السياق والتي تتم الفكرة. بين
الأشياء: أضفت هاتين الكلمتين. هذه الظواهر الثلاث: قد يمكن ترجمتها هكذا: «هذه
الكلمات الثلاث»؛ فإن عبارة النص غير محددة تمامًا.
(٥) بالمعنى الخاص: معنى هذا في شرح فيلوبون أن المقصود هنا هو التماس المادي
المحض، وقد يقال إن نميمة تمس الذي وجهت إليه، ولكن هذا المساس هو معنوي محض،
وليس هذا هو المعنى الذي يقصده أرسطو من المساس أو التماس؛ إذ يطبقه على
الأشياء، ر. ما سيجيء ف١٠. أن يكون هذا التماس ممكنًا: عبارة النص بالبساطة هي:
«وبالنسبة لهذه الأشياء يلزم أن يكون الأمر كذلك.» فآثرت زيادة البيان.
(٦) تارة بطريق التواطؤ: ر. أول المقولات ب١ ف١ ص٥٣ من ترجمتي. بالاشتقاق هذا هو
ما يسمى بالمشتقة أسماؤها: ر. المقولات ب١ ف١ ص٥٤. سابقة عليها: يعني أبسط
وأعمَّ، وقد يمكن حمل هذا المعنى على مجرد التقدم بالزمان؛ فإن أصل الكلمة
متقدم على المشتق الذي يخرج منه. هذا التنوع في الإطلاق اللفظي: ليس الأصل
صريحًا هكذا كما يعني الرياضيون، كان حق هذا أن يوضح، وكان يلزم أن يقال بالضبط
كيف يفهم الرياضيون التماس والمكان. المكان والتماس: أضفت هاتين الكلمتين ليكون
البيان أجلى أكانا منفصلين عن الأشياء. يرى فيلوبون أن هذا كان مذهب فيثاغورث
الذي اتخذه أفلاطون مذهبًا له إذا صدقت الانتقادات التي وجهها أرسطو إلى نظرية
المثل. أم كانا يوجدان بأي وجه ما: مثلًا في الأشياء التي لا تكون منفصلة عنها
جوهريًّا. كما بين سابقًا: ر. الطبيعة ك٥ ب٥ ف٤ و١٤ ص٣٠٠ و٣٠٤ من ترجمتنا. أن
تجتمع النهايات: عبارة النص هي: «معًا»، وهذه الكلمة تطلق على الاجتماع في
المكان كما تطلق عليه في الزمان. نهايتها مجتمعة معًا: الشأن في هذه الجملة كما
هو في التنبيه السابق.
(٧) الفصل الأول: يعني الفصل الأظهر والذي يقرع الحواس بادئ الأمر، ر. الطبيعة ك٣
ب٧ ف٨ ص١١٤ من ترجمتنا. مع المقابلات الأخرى من هذا القبيل: يعني اليمين
واليسار والأمام والخلف … إلخ. ينتج منه: هذه النتيجة ليست حتمية فيما يظهر،
ولكن في نظريات أرسطو لما أن الحركة إلى الفوق تستدعي الخفة والحركة إلى التحت
تستدعي الثقل؛ فالجسم لا يمكن أن يكون له مكان إلا إذا كان ثقيلًا أو خفيفًا.
أو هاتان الخاصتان معًا: هذا غير مفهوم إلا على طريق المقارنة، فإن جسمًا هو
ثقيل بالنسبة لجسم معين وخفيف بالنسبة لآخر. إحدى الاثنتين: على هذا في نظريات
أرسطو أن الأرض ليس لها إلا الثقل والنار ليس لها إلا الخفة. وأما الهواء
والماء فلهما في آن واحد الخفة والثقل تبعًا لمقارنتهما بهذين العنصرين الآخرين
اللذين هما طرفان. طرفًا لطرف: عبارة النص هي «معًا» كما سبق. إحداهما أن يحرك
والآخر أن يتحرك: عبارة النص على هذا الإيجاز وليست أكثر وضوحًا. مع بقائه هو
نفسه غير متحرك: ر. كل نظرية المحرك الأول غير المتحرك في الطبيعة ك٨ ب٧ و٨
ص٥٠٧ وما بعدها من ترجمتنا، ر. أيضًا ما بعد الطبيعة ك٧ ب٨ ص٢٠٣ ترجمة كوزان.
هذه التماييز عينها على الجسم الذي يفعل: ليس النص صريحًا بهذا القدر. وإن الذي
يفعل يحرك: هذا الخلط بين الفعل وبين الحركة لا يفهم جد الفهم إلا إذا أدركت
أنواع الحركة الثلاثة التي قررها أرسطو، وهي الثقلة والاستحالة والنمو. وبين
أنه يوجد فعل في الثلاثة جميعًا. ومع ذلك فإن أرسطو في الفقرة التالية قد عين
فرقًا بين فعل وبين حرك.
(٨) التمييز: أو أيضًا «أن يكون الحد مع التمييز» هذا هو معنى التعبير الإغريقي
في قوته. بالمقابلة: المعنى ها هنا ليس واضحًا جدًّا، وهاكه أكثر تفصيلًا
وبيانًا: الفعل والتحريك ليسا حدين متساويين ومتكافئين فيلزم تمييزهما. ولأجل
أن يفهم جيدًا الفصل الذي يفصلهما يلزم مقارنة حدين آخرين: الفعل والانفعال.
كما سنرى … فإن جسمًا لا ينفعل: عبارة النص غير محددة، فلزم أن تكون الترجمة
أكثر ضبطًا. تأثرًا أو شهوة: ليس في النص إلا كلمة واحدة. مجرد استحالة: يعني
بدون أن يكون هناك نقلة ولا تغير في العظم بالزيادة أو بالنقص. في حالة ما يصير
حارًّا: النص أقل صراحة. فإن الجسم يكون في مجرد استحالة متى صار حارًّا بعد أن
كان باردًا أو أبيض بعد أن كان أسود. له من السعة أكثر: فإن الحركة يمكن أن
تكون بالنقلة أو الاستحالة أو النمو، وأما الفعل فلا ينطبق إلا على الاستحالة
وحدها. وحينئذ من البين: هذه النتيجة ليست من البيان على ما يظن المؤلف فيما
يظهر، ولا تنتج بوضوح مما تقدم.
(٩) مأخوذًا على أعم معناه: وفي الوقت عينه على معناه الأخص. ينطبق على الأجسام
التي تأتي لها وضع: ر. ما سبق ف٦. أحد الجسمين في التماس: النص ليس صريحًا
هكذا. إلا نسبة الفعل والانفعال: عبارة النص هي: في الأشياء التي بينها فعل
وانفعال.
(١٠) في الأحوال الأكثر عادية: يظهر أن كل هذه الفقرة استطراد لا يتصل لزومًا بما
تقدم. التي يمكننا مشاهدتها: أو «التي هي أمامنا». قبل أن تحرك أيضًا في دورها:
ليس النص صريحًا هكذا ولكن المعنى لا ريب فيه. لا يلمس الآخر هذا ممكن معنويًّا
كما يثبته المثل الوارد في آخر الفقرة، ولكن من الجهة المادية يتلامس الشيئان
بالتبادل. ومن المحال أن شيئًا يلمس آخر من غير أن يلمسه هذا الآخر. وإن الفعل
قد يأتي من جهة واحدة دون أن يقابل بمثله، ولكن التماس كما يدل عليه لفظه هو
دائمًا متكافئ، وإن مثل المحرك غير المتحرك ليس قاطعًا؛ لأن إيصال الحركة يمكن
أن يقع على مسافة ومن غير تماسٍّ حقيقي. الأجسام المتجانسة: هذا التعبير مبهم
قليلًا. وقد فسره فيلوبون بأن فهم أن المقصود هو الأجسام المركبة من مادة واحدة
بعينها؛ لأنها بذلك تستطيع أن ترد الفعل الذي تقبله ر. ما سيأتي في الباب
السابع ف٥. فيما يظهر: ربما كان الواجب أن يكون التعبير أكثر تأكيدًا. فيلزم أن
يمس: إن نظرية المحرك غير المتحرك قد بسطت بإسهاب في الطبيعة ك٨ وفي ما بعد
الطبيعة ك١٢ ب٨؛ فإن المحرك غير المتحرك يعني: الله ينقل الحركة التي يخلقها
بطريقة مغايرة لما تنتقل به الحركة للأشياء التي تدركها مشاهدتنا في هذه
الدنيا، وليس من المحتمل بهذا المعنى أن الله يمس الكائنات كما تمس الكائنات
بعضها بعضًا. يمسنا: هذا التعبير الذي اضطررت إلى أن أستعمله لا يظهر أنه مناسب
تمامًا في لغتنا، وإن كان أكثر مناسبة في اللغة الإغريقية. ولكنه ليس إلا على
طريق المجاز؛ فإن هذا المس المعنوي لا دخل له في التماس المادي الذي هو موضوع
البحث في هذا الباب كله.
(١١) ذلك ما كنا نبغي أن نقول: يمكن تقريب هذه النظرية كلها بالنظريات التي ذكرت،
ولكن باختصار في الطبيعة ك٥ ب٥ ف١٣ وك٦ ب١ ف٢؛ فإن المذهب في الموضعين واحد. في
الأشياء الطبيعية: لا في الأشياء المجردة والرياضية.