تهيئة بيئة عمل آمنة تسمح بالتعبير عن الأفكار الإبداعية وقبولها
يركز العقل المتوتر على السعي في درب النجاة، لا في درب الإبداع.
ما المطلوب للتعبير عن الأفكار الجديدة؟
-
الاقتناع بأن الشركة ترغب في أن يقدم الجميع أفكارًا جديدة.
-
وجود طرق رسمية وغير رسمية للتعبير عن الأفكار الجديدة.
-
الاقتناع بأن أحدهم سينظر إلى الفكرة المقدمة بجدية.
-
الاقتناع بأن المرء سيحظى بالتقدير عند تقديم أفكار جديدة، وربما يُكافأ.
من الضروري أن يشعر الموظفون بالأمان عند التعبير عن أفكارهم، ولا بد أن يشعر المديرون بدورهم بالأمان عند قبول الأفكار الجيدة غير المألوفة، لا سيما إذا كانت تلك الأفكار تختلف عن أفكارهم؛ فلا بد أن تسود مشاعر الأمان في البيئات الداخلية والخارجية على حدٍّ سواء. على المستوى الخارجي، تدعم بيئة العمل الآمنة الشعور بكون الأفكار مُرحَّبًا بها حتى إذا تعارضت مع الافتراضات الحالية. ولا بد أن تنقل البيئة إلى الموظفين الإحساس بأن التعبير عن الأفكار أمر مسموح به، بل ويلقى تشجيعًا في الحقيقة، حتى وإن تعارضت الأفكار مع آراء رؤسائهم. أما الأمان الداخلي لدى كلٍّ من المديرين والموظفين فهو نتيجة ثانوية للتمتع بحياة مرضية على المستوى الشخصي والمهني. فعلى المستوى المهني، يتطلب هذا الأمان التمتع بقواعد معرفية ومهاراتية محدَّثة من أجل النجاح في مواجهة التحديات والاضطلاع بالمسئوليات؛ مما يؤدي إلى الإنجاز والكفاءة المهنية.
-
السماح بالتفكير في أفكار متناقضة (والتصريح بها).
-
السماح بالتأمل؛ أي الابتعاد عن المهام العاجلة، وتخصيص أحد الأيام للتركيز على المهام المهمة.
-
السماح بالتعاون داخل الإدارة أو خارجها دون الحصول على إذن مسبق.
-
السماح بالمعارضة.
-
السماح بالاختلاف.
-
السماح بالابتكار (وإجراء التجارب).
تلعب ثقافة السماح دورًا محوريًّا في تلبية حاجة الإنسان المتعلقة بتطوير الأفكار الإبداعية والتعبير عنها، وتلك هي حاجته إلى تحقيق الذات، التي تحتل موقع القمة في تسلسل ماسلو الهرمي للحاجات.
طوَّر أبراهام ماسلو تسلسل الحاجات الهرمي بعدما درس عددًا من الشخصيات النابغة والمبدعة مثل ألبرت أينشتاين، وجين آدامز، وإلينور روزفلت، وفريدريك دوجلاس، وغيرهم. وقد وصف خمس مجموعات رئيسية من الحاجات التي تحفز السلوك البشري؛ وهي: الحاجة الفسيولوجية، والحاجة إلى الأمان/الأمن، والحاجة إلى الحب والانتماء، والحاجة إلى التقدير، والحاجة إلى تحقيق الذات. رتَّب ماسلو تلك الحاجات ترتيبًا هرميًّا لأن الحاجات الخاصة بالبقاء لا بد من إشباعها أولًا قبل إشباع الحاجات الأخرى.
تتضمن الحاجات الفسيولوجية الأساسية الحاجة إلى الطعام، والماء، والهواء، والمأوى. يليها الحاجة إلى الأمان الجسدي والنفسي. أما احتياج الإنسان إلى منح مشاعر الحب وتلقيها من الآخرين، وإلى الانتماء إلى مجموعات، فهو أساس الحاجة إلى الحب والانتماء. في حين تشتمل الحاجة إلى التقدير على رغبة التمتع بمكانة مرموقة وباحترام الآخرين، وتنطوي الحاجة إلى تحقيق الذات على شعور الفرد بأنه ينمي قدراته الكامنة على عدة مستويات، من بينها المستوى الشخصي، والاجتماعي، والمهني، والروحي. ويتضمن المستوى المهني تقديم إسهامات إبداعية.
ومن ثم لا بد أن يشجع المدير على المجازفة وطرح الأفكار الإبداعية، وأن يكافئ الموظفين على ذلك من أجل تهيئة بيئة عمل آمنة ومطمئنة تتيح لهم التعبير عن الأفكار. ويجب أن يدرك الموظفون أنه متى وضعت فكرة جديدة محل الاختبار، فمن المحتمل ألا تحقق نجاحًا حسبما هو مخطط له. وعلى المديرين أن يخبروا الموظفين بأنهم يتقبلون تمامًا احتمالات الفشل بوصفها جزءًا طبيعيًّا من عملية الابتكار.
تقيس فيدكس الإحساس بالأمان الوظيفي في استطلاع الرأي السنوي الذي يجريه الموظفون (انظر الفصل السادس) عبر بند: «أشعر بالأمان في وظيفتي إذا أجدت العمل.»
وبعيدًا عن العمل، ينبع الإشباع الشخصي في الأساس من الأنشطة الروحية والترفيهية، ومن العلاقات مع العائلة والأصدقاء.
تحدَّث الكثيرون على مدار العقد السابق عن التوازن الحياتي، وقد قدَّموا عدة تعريفات له. ومفهوم التوازن الذي حاولت تطبيقه في حياتي يتمحور ببساطة حول تخصيص الوقت والطاقة اللازمين لممارسة جميع الأنشطة التي تجعل الحياة مبهجة وممتعة وذات هدف؛ بعبارة أخرى: تخصيص الوقت والطاقة اللازمين للاحتفاء بالحياة في شتى صورها.
ومع تحمُّلنا مزيدًا من المسئوليات في العمل وفي حياتنا الشخصية، فإن احتياجاتنا وأهدافنا تتنافس على موارد الوقت والطاقة المحدودة لدينا. وقد أوضحت الدراسات النفسية أن الصراعات الداخلية هي المصدر الرئيسي للمشكلات؛ فالصراعات الداخلية التي لا تُحلُّ لا تختفي من تلقاء ذاتها، بل تسبِّب التوتر.
(١) تعارض التوتُّر مع عملية الابتكار
قد ينبع التوتر من أي جانب من جوانب الحياة، سواءً في مجال العمل أو خارجه؛ كمثل وتر الجيتار: إذا جذبته على النحو الملائم فسيصدر أعذب الألحان، أما إذا بالغت في شده فسوف ينقطع. على نحو مماثل، تساعدنا التحديات ومواعيد التسليم في العمل على الاحتفاظ بحالة من النشاط والانتباه، لكن إذا زاد كم العمل ولم نجد الوقت الكافي لأدائه، فلن نؤدي العمل كما ينبغي، وسوف نصبح في حالة إنهاك.
إن المتطلبات التي تتجاوز قدرتنا على الأداء في العمل قد تؤدي إلى الشعور بالتوتر، وعندما يزيد التوتر يصبح العقل عاجزًا عن التفكير الإبداعي، أو طرح الافتراضات اللازمة لعملية الابتكار. من الصعب على عقل متوتر تحمل الإحباط وتلقي الأفكار الجديدة، لا سيما عند تعارضها مع الوضع القائم؛ فالخطوة الأولى في عملية الحل الإبداعي للمشكلات في العمل هي فهم الصورة الكاملة؛ أي استيعاب كل العوامل المساهمة في المشكلة وتأثيرها على نظام العمل. إذا كان العقل يعاني من التوتر والارتباك، فسوف يقدم صورة مشوهة.
في تحقيق بعنوان «التوتر والأب المثالي»، نُشر في مجلة «تايم» بتاريخ ٢٣ أغسطس ٢٠٠٤، ورد ذكر الآتي: «من بين ١٣٠٢ رجلًا شاركوا في استطلاع الرأي، ذكر ٧٥ بالمائة أنهم يشعرون بالقلق حيال مواكبة مهارات العمل المتغيرة، وحتى من تتراوح أعمارهم بين ٢٥ و٣٤ عامًا من تلك المجموعة — ممن يُفترض تمتعهم بخبرة تكنولوجية أكبر — أقرَّ ٧٩ بالمائة منهم بوجود تلك المخاوف لديهم.» في وسع المديرين تقليص تلك المخاوف لدى الموظفين إذا نجحوا في تحمل مسئولية القيادة بمساعدة موظفيهم على تنمية قواعدهم المعرفية والمهاراتية باستمرار، كما أوضحت في الفصل السادس.
من الواضح تمامًا أن ما يمر به الأفراد خارج العمل يؤثر على أدائهم داخله، ولم يعد بوسع الشركات أو الأفراد أن يستمرَّا في اعتبار العمل والحياة المهنية جانبين منفصلين عن الحياة خارج العمل؛ لأن نمو الشركات وإنتاجيتها يعتمد أكثر من أي وقت سابق على كفاءة الأداء البشري، ولأن الشركات التي تُفضل تجاهل هذه الحقيقة تتكبد تكلفة فادحة؛ فمن مصلحة الشركة إذن أن تساعد المديرين والموظفين على أن يحيوا حياة متوازنة؛ فعدم وجود وقت كافٍ لتنمية العلاقات التي نقدرها في الحياة والتمتع بها قد يؤدي إلى الشعور بتوتر ينتقل إلى أدائنا في العمل. لهذا السبب يختلف الجيل الجديد من المديرين والموظفين عمن سبقوهم؛ إذ استعيض عن المدير الاقتصادي بالمدير النفسي الذي يعطي مزيدًا من الأهمية إلى ما يطلق عليه ماسلو «الحاجات العليا».
عندما تُلبى الحاجات المادية للأفراد، تصبح حاجتهم إلى أداء عمل مهم منطوية على شيء من التحدي، وإلى علاقات وتجارب حياتية تحقق لهم إشباعًا؛ بمنزلة عوامل تحفيز رئيسية بالنسبة لهم، وعندما لا تُلبى تلك الحاجات يبدأ شعور الفرد بالإحباط والتوتر.
إن المؤسسات التي لا تستطيع التفاعل مع الأفراد بوصفهم بشرًا متعددي الحاجات ستتعثر، وستقل مستويات الإبداع لديها مقارنة بالشركات الأكثر قدرة على مساعدة الأفراد على النجاح في تحقيق أهدافهم المهنية، وتلك المتعلقة بالتوازن بين العمل والحياة.
-
عائد الأفكار والابتكار: تلعب أفكار الموظفين في مجال تحسين عروض خدمات العملاء وتجربتهم مع الشركة دورًا محوريًّا في جذب العملاء ودعم حصة الشركة في السوق. وتعمل الأفكار التي يطرحها الموظفون من أجل تحسين نظام العمل على تقليل تكلفة نشاط الشركة.
-
عائد المبادرة: تساعد المبادرات التي يقدمها الموظفون فيما يتعلق بتنفيذ الأفكار الإبداعية وتقديم قيمة للعملاء على الاحتفاظ بعملاء الشركة.
-
عائد العلاقات الشخصية: تلعب العلاقات التعاونية داخل وخارج الشركة دورًا رئيسيًّا في تطوير وتطبيق الحلول الابتكارية اللازمة للحفاظ على موقع الصدارة في بيئة العمل المتغيرة. وتساعد العلاقات التعاونية مع العملاء على إبقاء قنوات التواصل مفتوحة، وتقلل من احتمالات خسارة العملاء لصالح الشركات المنافسة. كذلك تضمن العلاقات التعاونية مع الموردين الحصول على مواد تتمتع بالجودة لقاء أسعار اقتصادية.
-
تعمل ثلثا الأمهات ممن لديهن أطفال أقل من سن المدرسة خارج المنزل.
-
في حالة عمل الزوجين يعاني كل منهما من إرهاق مزمن ومن ضيق الوقت.
-
عندما طُلب من المشاركين في استطلاع رأي نظمته مجلة «تايم»، بالتعاون مع قناة سي إن إن، اختيار أهم هدف لدى الحركة النسائية اليوم، اختاروا أولًا «مساعدة النساء على تحقيق التوازن بين العمل والأسرة».
-
يعاني الموظفون المنتمون لما يطلق عليه جيل الوسط؛ أي من يرعون أطفالًا وآباءً مسنين في الوقت نفسه، من متطلبات إضافية لا بد من تخصيص وقت لها.
يزعم دكتور ستيفن ريشتشافن — صاحب كتاب «تعديل الوقت: إتاحة المزيد من الوقت للاستمتاع بالحياة» (صادر عن دار دابلداي، نيويورك، ١٩٩٦) — أن ٩٥ بالمائة من التوتر في حياتنا يرتبط بشعورنا بضيق الوقت؛ أي الشعور بأننا عاجزون عن إنجاز كل ما علينا فعله لعدم وجود وقت كافٍ. وسواء كانت النسبة ٩٥ بالمائة أو أقل من ذلك، يعتبر ضيق الوقت عامل توتر رئيسيًّا في نمط الحياة الحالي السريع الإيقاع الكثير المطالب.
يسلط ذلك كله الضوء على ضرورة إحساس المديرين بواقع حياة الموظفين، لكنهم لن يستطيعوا إدراك مخاوف الموظفين حيال التوازن بين العمل والحياة إذا لم يهتموا هم أنفسهم بالتوازن بين عملهم وحياتهم.
(٢) عائق الأنانية
إن الأنانية هي العدو الأول لعمليات اتخاذ القرار السليم داخل الشركات؛ إذ يتحسن أداء فرق العمل عندما يتخلص أعضاؤها من أنانيتهم قبل دخولهم الشركة. ولا أعني أن علينا التحول إلى روبوتات، لكن إذا كان لدينا جميعًا قدر أقل من الأنانية أو الغرور، فإن أداء النظام بأكمله سيتحسَّن كثيرًا عمَّا هو عليه.
كيف إذن يتمكَّن المرء من كبح جماح أنانيته؟ عبر حياة متوازنة، وذلك بتوفير الوقت اللازم للنمو الروحي والنفسي عند التعامل مع هذه المشكلة. تستلزم الحياة المتوازنة وجود علاقات داعمة وأساس روحي يوفر تربة خصبة لنمو التقدير الذاتي، بينما تظل الحياة المهنية جزءًا مهمًّا من التوازن الحياتي.
يتعامل معظمنا مع مفهوم التوازن بين الحياة والعمل بوصفه خيارًا؛ أي فكرة جيدة، لكن غير ضرورية. رغم ذلك يتكبد الأفراد عواقب وخيمة في جميع جوانب حياتهم — لا سيما تلك الأكثر أهمية مثل: كفاءة القيادة، والصحة، والعلاقات — عندما يختارون تجاهل هذا المفهوم.
(٣) تهيئة بيئة عمل آمنة تسمح بالتعبير عن الأفكار الإبداعية وتقبُّلها
-
نشر ثقافة سماح والحفاظ عليها.
-
إخبار الموظفين بأنك تتقبل تمامًا احتمالية الفشل بوصفها جزءًا من عملية الابتكار.
-
دمج مفهوم «قيادة تحقق الابتكار والتوازن» في برامج تطوير القيادة.
-
ممارسة التوازن ودعمه.
(٣-١) نشر ثقافة سماح والحفاظ عليها
كان ستيف ستابلتون هو أول مدير لقسم الإدارة وتخطيط المبيعات في شركة فيدرال إكسبريس في أوائل ثمانينيات القرن العشرين، عندما بدأت الشركة تحقق معدلات نمو تزيد على ١٠ بالمائة؛ فقد كانت كميات الطرود تتزايد سريعًا، وفي ذات الوقت كان العملاء يشكون من أن وقتهم لا يسمح باستيفاء الاستمارات والمستندات اللازمة لشحن طرودهم عبر فيدكس. دعم ستيف الجهود التي بذلها قسم المبيعات بالشركة من أجل تنظيم المبيعات والعمليات الميدانية، عبر اقتراح ضرورة تطوير فيدكس لأداة تشغيل آلي تساعد العملاء في التعامل مع بوليصة الشحن الجوي ومع تجهيز المستندات، لا سيما أولئك الذين يشحنون طرودًا ضخمة الحجم أو عدة طرود في المرة الواحدة؛ لذا خاطب كريج بيل — نائب رئيس المبيعات — الإدارة العليا كي تسمح لستيف وقسم المبيعات بريادة الجهود الرامية لتحقيق هذه الحاجة المحورية. وهكذا قاد ستيف أطقم العمل الأخرى في قسم المبيعات على مدار الأسابيع والأشهر التالية بلا كلل، وبالتعاون مع العديد من الأقسام في مجالات عدة، من أجل تطوير أداة تزيل هذا العائق الذي يقف في طريق النمو المستمر في حجم المبيعات. وبمساعدة المهندسين، وخبراء تحرير الفواتير، وقسم المشتريات والعديد من الأقسام الأخرى، مضى العمل مع الموردين قُدمًا من أجل تطوير أدوات تشغيل آلي خاصة بالعملاء ثم اختبارها وتوزيعها.
تطور برنامج التشغيل الآلي في النهاية متجاوزًا موارد قسم المبيعات حتى أصبح الآن مكوِّنًا أساسيًّا من استراتيجية عمل فيدكس التي تحمل عنوان «تلبية رغبات العملاء». وقد توسعت هذه المبادرة حاليًّا من بداياتها التكنولوجية الرائدة شبه البدائية (بمعايير العصر الحالي) لتشمل أدوات مأتمتة تقدم خدمات تحرير فواتير، وكتابة تقارير، ودعم لوجستي، ومعلومات تنظيمية، وغيرها من أدوات دعم العملاء المهمة. وهكذا بدأت العديد من الابتكارات المحورية عبر إدراك الأفراد احتياجات العمل، ثم المبادرة لتطوير الحلول؛ وذلك نتيجة للبيئة الآمنة التي هيَّأتها ثقافة سماح. لقد كان لدى فريق عمل فيدكس ولدى الإدارة العليا فَهْم واضح لحقيقة وجود هدف واحد فحسب؛ ألا وهو جذب العملاء والحفاظ عليهم؛ ومن ثم فُوَّض الأفراد — أي سُمح لهم — بفعل أي شيء تدعو الحاجة إليه من أجل تطوير حلول تلبي احتياجات العملاء اللوجستية والمعلوماتية.
العمل خارج إطار التوصيف الوظيفي
عندما أستعرض الاثنين والعشرين عامًا التي قضيتها في فيدكس، أجد أن بعضًا من أمتع المهام التي كُلفت بها كانت لا تمتُّ بصلة على الإطلاق للمنصب الذي كنت أشغله وقتها؛ فقد شكَّلت تلك المهام تحديًا لقدراتي، وساعدتني على تطويرها إلى مستوًى احترافي، وهو ما ترتب كذلك على ثقافة سماح التي أسسها رؤسائي؛ فعندما كنت أشغل منصب مدير قسم المواد وتخطيط الموارد، اكتشفت وسيلة لتحسين عملية التخطيط البعيد المدى في مجال إنشاء المراكز الرئيسية وتجهيزات المطارات؛ وبناءً على ذلك تحدثت مع كين ويلوبي — مديري في ذلك الوقت — حول استكشاف هذه الفرصة، وقد سمح لي بذلك على الفور. وهكذا ترأَّست طوال ثلاثة أشهر فريقًا متعدد المهام تولَّى تحليل المنهج المتبع حاليًّا، ثم تطوير نظام فعال جديد. لقي اقتراحنا قبولًا حسنًا، وحظي الفريق كله بتقدير الإدارة التنفيذية. وقد أدركت حينها الكثير عن الإطار العام في فيدكس عبر التعامل مع نظام العمل الكلي. في الواقع، أدت هذه المهمة إلى انتقالي لمنصبي التالي، وهو مدير قسم هندسة نماذج الأنظمة. كان جيم باركسديل وكين ويلوبي وغيرهما من مسئولي الشركة يشعرون بالأمان لا بالتخوف من أفكار العاملين الجديدة. لم يكونوا في حاجة إلى المديح، ولم يَنْتَبْهُم القلق حيال الفشل.
تجارب العملاء عبر الهاتف
يقدم لنا جيم بيتري — مدير خدمة العملاء في فيدكس — قصة تعكس ثقافة السماح من قسمه. اكتشف واحد من كبار مديريه وسيلة لتقليل وقت انتظار مسئولي خدمة العملاء بينما يفكر العملاء الذين يتصلون بفيدكس لتحديد موعد استلام الطرد منهم في خيار التسليم يوم السبت.
قبل تطبيق التغيير المقترح، كان مسئول خدمة العملاء يسأل العميل عما إذا كان يرغب في تسليم الشحنة يوم السبت مقابل رسوم إضافية تقدر ﺑ ١٠ دولارات، وكان ذلك يؤدي إلى تأخير المكالمة بينما يتحقق العميل مما إذا كان أحد في شركته يرغب في خيار التسليم يوم السبت. تمحور التعديل حول تحويل السؤال إلى الجملة التالية: «إذا كنت ترغب في تسليم الطرد يوم السبت، فالرجاء وَضْع علامة على هذا الاختيار في فاتورة الشحن لقاء دفع ١٠ دولارات كرسوم إضافية، فيما عدا ذلك سيُسلم الطرد يوم الإثنين.»
وهكذا تنتهي المكالمة دون ضياع الوقت في الانتظار.
على الفور سُمح للمدير الذي اقترح هذا التعديل بتطبيقه، وقد أدى تنفيذ هذه الفكرة إلى تحسين تجربة العملاء، وزيادة إنتاجية مسئولي الخدمة، واقتصاد لا يستهان به في التكاليف. عرض جيم فكرته على شيلا هاريل؛ نائب رئيس التخطيط في إدارة خدمة العملاء، وقد أُعجبت بالفكرة وطلبت من طاقم التدريب التابع لها دمج هذا الأسلوب الجديد في جميع برامج تدريب الموظفين الجدد، وفي التحديثات التي ترسل إلى الموظفين على المستوى القومي.
في الفترة التي عملت أثناءها مع شركات أخرى بعدما غادرت فيدكس، كان الموظفون يخبرونني عما أهدرته شركاتهم من فرص لتقديم حلول إبداعية للمشكلات؛ لأنهم كانوا خائفين من التعبير عن أفكار تتعارض مع رأي الإدارة المعلن.
ينبع التقدم من الأفراد الذين يفكرون عكس الاتجاه السائد؛ فمن دون أولئك المنشقين لن نتقدم للأمام.
يساعد بيان السماح على إبقاء ثقافة الابتكار، ويذكِّر المديرين كذلك بأن سلوكهم قد يقمع التعبير عن الأفكار الإبداعية؛ فمع تزايد حجم الشركات تتسلل البيروقراطية تحت قناع الرقابة، وقد تؤدي اللجان وإجراءات الموافقة إلى تثبيط الابتكار؛ لذا من المهم أن تعي الشركات هذه الحقيقة. إن العامل الرئيسي في تهيئة بيئة آمنة تتيح للموظفين تطوير قدراتهم الإبداعية، وإطلاق العنان لها؛ هو وجود إيمان داخلي قوي لدى المديرين بإمكانية — بل وحتمية — طرح الموظفين لأفكار أفضل من تلك التي تطرحها الإدارة. فإذا تظاهر المديرون فحسب بالتماس الأفكار والآراء من موظفيهم، فقد يشعر الموظفون بعدم صدق نواياهم.
(٣-٢) إخبار الموظفين بأنك تتقبل تمامًا احتمالية الفشل بوصفها جزءًا من عملية الابتكار
إن الخوف من الفشل هو العائق الأكبر في سبيل الابتكار؛ ومن ثم لا بد أن يعبر المديرون عن أهمية تجريب أفكار جديدة حتى وإن فشلت إحداها بين الحين والآخر. وعندما يتحقق الفشل، ينبغي أن يثني المدير على المبادرة، وأن يركز على ما استُفيد من التجربة بدلًا من توجيه اللوم. وحالما يدرك الموظفون صدق نوايا مديريهم فيما يتعلق بمحو الخوف من الفشل، سوف تزداد احتمالات المخاطرة بطرح الأفكار الإبداعية لديهم.
تحملت فيدكس نصيبها من التجارب الفاشلة على مدار رحلة النمو والابتكار التي خاضتها، وقد أدى بعضٌ من تلك التجارب إلى خسائر مالية لا يستهان بها. وعندما كان يتضح أن ابتكارًا بعينه لن يحقق النتائج المرجوة، كانت توضع الخطط الهادفة إلى إيقاف أو تعديل العملية أو المنتج المقترح على نحو منهجي.
ففي أوائل ثمانينيات القرن العشرين، رأت فيدكس أن المجال متاح أمامها لتقديم خدمة إرسال المواد المطبوعة عبر الفاكس في نفس اليوم، تحت الاسم التجاري «زاب ميل». كانت الفكرة المقترحة هي تولي مسئولي توصيل فيدكس تجميع الوثائق المهمة من العملاء، ثم نقلها إلى موقع يحوي جهاز فاكس صمِّم خصيصى لأغراض هذه الخدمة؛ حيث تُرسل إلى جهاز فاكس آخر في مدينة الوجهة. وفي غضون ساعات، تصل نسخة طبق الأصل من الوثيقة الأصلية إلى المتلقي، بينما تُنقل الوثيقة الأصلية وتسلم ليلًا. عندما كانت هذه الخدمة في مرحلة التطوير، لم تكن أجهزة الفاكس العالية الجودة قد بدأ طرحُها في السوق بعدُ، لكن مع بدء تطبيقها، ظهرت أجهزة فاكس تتمتع بمستوًى مقبول من الكفاءة، وأصبحت متاحة بالفعل في الأسواق بأسعار معقولة؛ ومن ثم قررت فيدكس تحمُّل خسارة ضخمة وإلغاء خدمة زاب ميل. لم يُطرد أحد من وظيفته جراء هذا القرار، ومُنح جميع الموظفين الذين شاركوا في تطوير خدمة زاب ميل وتطبيقها فرصة للعمل في مجال النقل السريع المتنامي.
كان التوسع الدولي قد أصبح جزءًا محوريًّا من استراتيجية النمو لدى فيدكس؛ فعندما اتضح عام ١٩٩١ أن خدمات فيدكس المحلية (داخل المملكة المتحدة) وبين الدول الأوروبية لن تحقق ربحًا، قررت الشركة تحمل خسارة كبيرة وإيقاف تلك الخدمات، ونتيجة لذلك تكبدت خسارة تشغيلية تقدر قيمتها ﺑ ١٠٥ ملايين دولار؛ أول خسارة ربع سنوية تسجلها منذ عام ١٩٧٨. لم تقف تلك الإخفاقات عقبة في مسيرة فيدكس نحو الابتكار، بل في الواقع ظل التوسع الدولي أحد المحفزات الرئيسية لعملية النمو الشامل. إن تلك النماذج ليست سوى أمثلة قليلة على مستوى الشركة ككلٍّ. أما على مستوى الأقسام والإدارات فتوجد العديد من الأفكار التي لم تحقق المتوقع منها؛ ومن ثم خضعت للتعديل أو أُلغيت.
مثال آخر في هذا السياق هو مركز فيدكس الإقليمي الرئيسي في مدينة نيو آرك، بولاية نيو جيرسي، المجهز لاستيعاب عملية الفرز الآلي للطرود. يحمل كل طرد من طرود فيدكس باركود ضمن معلومات خط السير. يشتمل نظام الفرز على ماسحات ضوئية تقرأ الباركود الخاص بالطرد، ومحولات تدفع الطرود في مسارات مأتمتة لوجهات معينة. وُضعت الماسحات الضوئية بحيث تفحص الطرد من أعلى ومن الجانبين؛ لذا كان على الموظفين التأكد من أن بطاقة الباركود تتجه للأعلى عند وضع الطرود على الحزام الناقل. حقق النظام نجاحًا عند تجريبه، وبدأ تطبيقه على نحو دائم. كان من المتوقع أن تُغفل الماسحات الضوئية نسبة ضئيلة من الطرود في المرحلة الأولى؛ ومن ثم سيتوجب إعادة توزيعها، لكن أثناء التشغيل الفعلي تبين أن نسبة الطرود المتجاوَزة كانت أعلى بكثير مما قُدر. اتضح أن السبب وراء ذلك هو انقلاب الطرود على الحزام الناقل أثناء انتقالها من الطابق الأول إلى الطابق الثاني؛ مما أدى إلى قلب بطاقة الباركود؛ ومن ثم لم تستطع الماسحات الضوئية قراءتها.
استلزم حل هذه المشكلة تركيب ماسحات ضوئية لقراءة الباركود حتى وإن كان مقلوبًا، وهو ما تكلف ٢٠٠ ألف دولار. طرحت الإدارة التنفيذية العديد من الأسئلة ثم صدقت في النهاية على التكلفة الإضافية. من المهم هنا ملاحظة أن الأحزمة الناقلة في مراكز فيدكس كانت تتحرك بسرعة أعلى بكثير من المعتاد في المستودعات؛ إذ كان مصممو نظام الفرز يدركون أن لديهم صلاحية تجريب تكنولوجيا جديدة واستخدامها لنقل عمليات فيدكس إلى المستوى التالي في مجالي الإنتاجية والخدمة.
(٣-٣) دمج مفهوم «قيادة عملية الابتكار والتوازن: علاقة بناءة» في برامج تطوير القيادة
سيكون رائعًا إذا تعلم جميع البشر قاعدتين أساسيتين؛ ألا وهما: (١) كيفية كسب أقواتهم، و(٢) عيش حياة متوازنة تعكس قيمهم وأولوياتهم. يتعلم الأفراد أساسيات المهنة التي اختاروها عبر الدراسة الأكاديمية، ثم يبدءون تدريبهم العملي في عالم الأعمال، لكن لا يجدون مَن يُعلِّمهم كيفية عيش حياة متوازنة؛ فذلك أمر غالبًا ما يسعى الناس لتحقيقه بأنفسهم.
إن القيادة هي امتداد للفرد المتكامل، بجانبه التحليلي والعاطفي؛ أو بعبارة أخرى: الإنسان المتكامل. وأيًّا كان الشيء الذي يؤثر على الفرد يؤثر كذلك على تلك القدرات القيادية؛ لذا لا بد أن يتحلى المدير بالشجاعة اللازمة لأن يصبح إنسانًا متكاملًا بقدر الإمكان، حتى يحقق أعلى مستوًى من الكفاءة كقائد. يحتفي الفرد بالحياة في شتى صورها عندما يعيش حياة متوازنة. إنه توازن مهم بلا شك يتطلب التفكير على نحو يبدو غير مألوف في البداية في أعين معظم الناس، لكنه يحقق فائدة عظيمة وطويلة الأمد.
يتلقى القادة أجورهم على مستوى الجودة والإبداع الذي ينعكس في قراراتهم وقرارات أطقم العمل التابعة لهم، لا على عدد ساعات العمل. عندما يخصص القادة وقتًا لحياتهم الشخصية، يساعد ذلك على تطور المشاعر والمخيلة — أي الجانب الإبداعي من المخ — وإطلاق العنان لهما. يحتاج البشر إلى السماح لأنفسهم بالاحتفاء بالحياة في شتى صورها.
ترتبط مهارات التعامل مع الآخرين ارتباطًا مباشرًا بمهارات التعامل مع الذات؛ فمن الصعب أن نراعي احتياجات التوازن الحياتي لدى الآخرين إذا لم نراعِ احتياجات التوازن الخاصة بنا.
إن مكانة الفرد في الحياة هي نتيجة تراكمية لجميع الاختيارات — الكبيرة والصغيرة — التي أَقدم عليها في حياته حتى الآن؛ ومن ثم لا بد أن نُحسِن طريقة الاختيار كي نحسِّن من طبيعة حياتنا، وكي نحقق التوازن فيها.
كنت أتحدث في أحد الأيام مع نائب رئيس الموارد البشرية بإحدى الشركات التي صنفتها مجلة «فورتشن» ضمن أفضل ٥٠٠ شركة تقدم مجموعة واسعة من المزايا المهنية والحياتية. كانت إدارة الموارد البشرية قد أكملت لتوِّها استطلاع رأي على مستوى المؤسسة حول برامج المزايا التي تقدمها الشركة، وكانت إحدى النتائج المحورية التي كشف عنها الاستطلاع هي تقدير الموظفين للمزايا المهنية والحياتية المتنوعة التي توفرها الشركة، لكنهم لم يشعروا بالارتياح عند استخدامها؛ لأن رؤساءهم لم يؤيدوا ذلك أو يشجعوا عليه. يعكس هذا العزوف نقص الوعي بالعلاقة المباشرة بين أداء الموظفين في العمل والتوازن الحياتي.
- المستوى الأول: أحتاج إلى وظيفة كي أدفع ثمن احتياجاتي الأساسية (أي تلبية احتياجات الجسد). إذا أعطيتني عملًا فسأبذل الجهد الكافي للاحتفاظ بالوظيفة ليس إلا.
- المستوى الثاني: إذا كان العمل مثيرًا للاهتمام ويشكل تحدِّيًا (أي يلبي احتياجات العقل بجانب الاحتياجات الأساسية)، فسوف أبذل حينها جهدًا يفوق بمراحل الحد الأدنى المطلوب يوميًّا.
- المستوى الثالث: إذا كانت الوظيفة والشركة والمدير يمنحونني شعورًا بالتقدير بوصفي فردًا لديه حياة خاصة خارج العمل، ويضفون معنًى على الحياة، ويقدمون إسهامًا إلى المجتمع ككلٍّ (أي تلبية احتياجات الروح، والعقل، والجسد)، فسوف أمنحك كل ما أستطيع تقديمه؛ ألا وهو الإبداع والالتزام.
أثناء فترة عملي في معهد فيدكس للقيادة، كنت أشغل منصب قائد فريق في إحدى دورات تطوير القيادة التي تُقدم لمن ترقوا حديثًا إلى منصب مدير، وتستغرق أسبوعًا. كنتُ أعمل مع ثوندا بارنز؛ مصممة الدورة الدراسية وواحدة من أكثر الأشخاص قدرة على الإبداع الذين شرفت بالعمل معهم في عالم الأعمال، وهكذا قدمنا سويًّا الدورة تحت عنوان «قيادة عملية الابتكار والتوازن: علاقة بناءة».
-
فهم علاقات الدعم المتبادلة بين الكفاءة الشخصية والمهنية؛ أي بين براعة القيادة والتوازن بين العمل والحياة.
-
استيعاب حقيقة أن قدرة القائد على تقديم نموذج للتوازن بين العمل والحياة ودعمه تؤدي إلى خلق بيئة متفهمة، ويعزز من قدرته القيادية على تحفيز الجهود غير المشروطة، وتلك هي الميزة التنافسية لدى فيدكس.
-
تطوير خطة عمل شخصية تعالج الأسباب الجذرية — الداخلية والخارجية — التي تؤدي إلى اختلال التوازن في بيئتك المتفردة.
-
استيعاب دور القيادة والتوازن بين الحياة والعمل في تنمية قدرة الشركة على الابتكار.
- (١)
إذا كنت قد حققت التوازن بين العمل والحياة، فكيف تصفه؟
- (٢)
ما هو تأثير التوازن بين العمل والحياة على حياتك المهنية والشخصية؟
- (٣)
ما الذي يمنعك من الاحتفاظ بالتوازن بين العمل والحياة؟
- (٤)
ما هي الأفكار والاستراتيجيات التي استخدمتها بنجاح لاستعادة التوازن بين العمل والحياة؟
تقدم كل مجموعة إجاباتها عن سؤال واحد بينما يُطلب منها مناقشة جميع الأسئلة الأربعة. يعرض ممثل كل مجموعة من المجموعات الصغيرة الإجابة التي توصلت إليها مجموعته على المجموعة الأكبر، بينما تطرح المجموعات الثلاث الأخرى آراءً نابعة من مناقشاتها إذا لم تكن المجموعة التي تحدثت غطَّت موضوعًا معينًا. يساعد منسق الدورة المجموعة على إدراك حقيقة أنهم إن اعتبروا التوازن بين العمل والحياة أمرًا اختياريًّا، فإن ذلك سيكلفهم غاليًا في جوانب حياتهم الأهم؛ ألا وهي: العلاقات، والصحة، وكفاءة القيادة.
- (١)
لا بد من عدم النظر إلى الحياة والذات ككلٍّ باعتبارهما عناصر منفصلة، بل باعتبارهما وحدة متكاملة.
- (٢)
الحياة المهنية هي جزء مهم من الحياة، لكنها مجرد جزء وليست الحياة بأكملها.
- (٣)
لا بد من تفكيك عناصر الذات والحياة بين الحين والآخر ثم إعادة تركيبها على نحو أكثر ملاءمة.
- (٤)
تطوير أحد تلك العناصر لن يعوض غياب العناصر الأخرى.
- (٥)
الفرد وحده هو القادر على تحديد نطاق ومصادر تحقيق الذات داخل كل عنصر من عناصر دائرة التوازن الحياتي الأربعة.
- (٦)
إن سقف سعادة الفرد الشخصية يحدده العنصر الذي يحقق أدنى مستوًى من الرضا.
- (٧)
لكل عنصر مباهجه وإحباطاته، ويدعم العناصر الأخرى في حالات النجاح والفشل على حدٍّ سواء.
- (٨)
يتضمن كل عنصر أجزاء من العناصر الأخرى، لكنه لا يمكن أن يحل محل أيٍّ منها كليًّا، فكل عنصر يلبي احتياجًا محددًا من احتياجات الحياة.
كان رد الفعل الصادر عن المشاركين في الدورة إيجابيًّا؛ إذ تضمن تعليقات مثل: «لقد وقعنا فريسة لضغوط العمل اليومية، ولم نجد قط فرصةً لتأمُّل الصورة الكبرى. لقد منحتنا هذه الدورة تلك الفرصة.» وأيضًا: «إن مقدار الوقت المخصص لموضوع التوازن بين العمل والحياة كان مدهشًا ومطمئنًا. ويدل دلالة واضحة على مدى تقدير الشركة لنا.»
(٣-٤) ممارسة التوازن ودعمه
التوازن الوظيفي
يضطلع المديرون عادةً بثلاثة أنواع من المسئوليات: المسئولية التشغيلية/الفنية، والمسئولية الإدارية، والمسئولية القيادية. ولكي يتمكن المدير من بلوغ أعلى مستوًى من الكفاءة، فمن المهم للغاية أن يحقق التوازن الملائم من حيث الوقت والجهد بين تلك المسئوليات.
تحقيق التوازن بين جوانب المسئولية الثلاثة
في فيدكس، يستطيع جميع المديرين التحدث هاتفيًّا إلى مكاتب أي مدير إداري، أو نائب رئيس، أو نائب رئيس أول من أجل دعوته إلى التحدث في اجتماعات أطقم العمل، أو اجتماعات جميع الموظفين، أو جلسات التخطيط. ورغم أن المسئولين يضطرون في بعض الأحيان إلى تعديل الموعد أو المدة الزمنية بما يتناسب مع جداول أعمالهم، فإنهم دائمًا ما يُبدون تعاونًا. يرسل هؤلاء المسئولون عبر أفعالهم رسالة تؤكد على أهمية أي فرصة تتاح للتفاعل مع الموظفين، وأنهم عازمون على تخصيص وقت لذلك.
يحرص ديف برونكزيك — الرئيس والرئيس التنفيذي لشركة فيدكس إكسبريس — على التحدث إلى مديري الخطوط الأمامية الحديثي الترقي ممن يحضرون المستوى الأول من دورة مبادئ القيادة التي تستغرق أسبوعًا. وفي حال سفره، يتأكد مكتبه من أن أحد كبار نوابه سوف يتحدث إلى الحضور في الدورة. يحرص ديف على أن يمكث لوقت كافٍ في المحاضرة بحيث يتسنى له الإجابة عن أسئلة المديرين، بل إن الموظفين اتبعوه في العديد من المرات إلى ساحة وقوف السيارات واستمروا في التحدث معه لنصف ساعة إضافية. وبينما يقوم المديرون باستيفاء استمارات التقييم في نهاية الدورة، عادة ما يذكرون أن الحديث الذي ألقاه برونكزيك كان مُلهمًا وزاخرًا بالمعلومات المفيدة، ويصفون زيارته بأنها الحدث الأهم في الأسبوع.
عندما كنت مديرًا لقسم هندسة نماذج الأنظمة وقسم المواد وتخطيط الموارد، كنت أعقد اجتماعات ربع سنوية يحضرها جميع الموظفين. في كل اجتماع، كان أحد نواب رؤساء المجموعات الثماني التي نقدم الدعم لها في الشركة يتحدث إلى الحضور عن استراتيجية الشركة عامةً، وعن الدور المحوري الذي يلعبه قسمنا في مساعدتهم على تحسين أدائهم الوظيفي.
التوازن بين العمل والتفكير
في بعض الأحيان ينقضي يوم العمل بأكمله في حضور الاجتماعات؛ مما لا يترك وقتًا للتفكير، وعلى نحو مماثل، ينشغل الموظفون المسئولون عن التنفيذ بأداء أعمالهم طوال الوقت. ورغم أهمية ما يقومون به، فإنه من المستبعد أن يقدموا العديد من الإسهامات الإبداعية للشركة.
إن تقديم حلول إبداعية للمشكلات يتطلب تفكيرًا صافيًا قادرًا على معالجة المعلومات وتحفيز المخيلة من أجل توليد الاحتمالات الممكنة. لا يمكن استعجال عملية الإبداع، فإذا كان العقل مشغولًا على الدوام بتدارك أزمة تلو الأخرى، ويشعر بضيق الوقت، فمن الصعب أن يركز على إيجاد حل إبداعي لإحدى المشكلات.
أصبحت الممارسات الثلاث التالية التي تطورت بمرور الوقت جزءًا من ثقافة فيدكس، ويمكن أن يساعد تطبيق تلك الممارسات على ضمان وجود وقت مخصص للتفكير وحده لدى المديرين والموظفين.
اجتماعات ما بعد التنفيذ
أيًّا كان نوع العمل الذي تقوم به، فمن المفيد دومًا أن تبادر بمراجعة أنشطة فريقك بعد الانتهاء؛ لأنه في خضم عملية التنفيذ ينشغل الجميع بإتمام العمل، ولا يتوفر لديهم الكثير من الوقت للتفكير. يعقد كارل بيركهولتس — نائب رئيس عمليات ممفيس — اجتماعات صباحية مع فريق الإدارة بعد عملية الفرز الليلي؛ حيث يطرحون على أنفسهم أسئلة مثل: «ما الذي نجحنا في تنفيذه الليلة الماضية؟» و«ما الذي أخفقنا في تحقيقه؟» تتيح هذه الممارسة لجميع أعضاء الفريق استيعاب العملية بأكملها، وتوليد الأفكار الإبداعية من أجل تحسين عمليات الفرز المستقبلية.
إحدى تلك الأفكار التي توصل إليها فريق الإدارة مبكرًا هي فكرة «العمالة المرنة». تهدف الفكرة إلى معالجة ضغط العمل المتزايد — في أوقات مختلفة من الليل وحسب مدينة المنشأ — في أجزاء معينة من المركز الرئيسي دون باقي الأجزاء؛ إذ طوَّر مدير الهندسة والتخطيط نموذج محاكاة إلكترونيًّا يولد خطة لتحرك العمالة بناءً على البيانات السابقة ومعلومات الرحلات الوافدة في ذلك اليوم. وقد لعب هذا النوع من التخطيط دورًا محوريًّا في التعامل الناجح مع ٢٥ إلى ٣٨ بالمائة من الزيادة في عدد الطرود مع الالتزام بالتكلفة المحددة لكل طَرد. تُعقد اجتماعات مماثلة — تُعرف بالاجتماعات الصباحية أو الاجتماعات المسائية — بصفة دورية في جميع مناطق العمليات حول العالم.
فرق تطبيق الجودة
تُشكل العديد من الشركات فرقًا تختص بحل المشكلات ومداومة تحسين الأداء. في فيدكس تشارك جميع مستويات الإدارة في فرق تطبيق الجودة. في الواقع، تعين الشركة مسئولًا رفيع المستوى يختص بإدارة كل عنصر من عناصر مؤشر جودة الخدمة، ويتولى زمام مبادرات التحسين. وتحت إشراف هؤلاء المسئولين، تُشكَّل فرق تطبيق الجودة في جميع المستويات، وتتولى تحديد الأسباب الجذرية للمشكلات ومعالجتها.
جلسات تخطيط الأقسام
يمكن أن يتحقق التفكير الإبداعي في المكاتب أو قاعات الاجتماعات، لكن القرب من الطبيعة عبر السير بين الأشجار أو الجلوس بجوار إحدى البحيرات له ميزاته. فهذا من شأنه أن يعمل على استرخاء خلايا المخ بحيث تتمكن من تكوين وصلات عصبية جديدة. يرجع ذلك، على الأرجح، إلى كون المرء بعيدًا عن الهواتف ورسائل البريد الإلكتروني. كان كين ويلوبي — نائب رئيس خدمات الدعم المركزية ورئيسي المباشر لعدة سنوات — يملك كوخًا في الغابات بجوار البحيرة يبعد ثلاث ساعات تقريبًا من مدينة ممفيس، وكان يصطحب فريق الإدارة التابع له مرة في العام إلى هذا الكوخ لعقد جلسة تخطيط تستمر على مدار اليوم. يتسم جدول أعمال الجلسة بالمرونة، ويتيح لنا ما يلزم من الوقت للتفكير.
(٣-٥) التوازن بعيدًا عن الوظيفة (التوازن بين العمل والحياة)
لكي يستطيع الموظفون تبني نمط تفكير يقوم على أساس حياة متوازنة، من المهم أن يستمعوا إلى أفكار قادة الشركة حول ممارسة هذا المبدأ؛ فهم في حاجة إلى سماع قصصهم الشخصية حول تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية، وأن يتذكروا التزام الشركة بدعم هذا التوازن.
روى تريسي شميت — مدير الشركة المالي — للموظفين هذه القصة عن حياته: «يتربع كل من الإيمان والعائلة والعمل على قمة أولوياتي الحياتية بنفس هذا الترتيب المذكور. ولكي أساعد نفسي على عيش حياة تتفق مع تلك الأولويات، ولكي أحافظ على التوازن بين العمل والحياة، وقعت عقودًا مع أبنائي. تحدد هذه العقود تفصيلًا واجباتي كأب وزوج، وإذا لم ألتزم بما نصَّ عليه العقد، يحق لهم محاسبتي على ذلك، وهو ما يفعلونه بالتأكيد.»
أثناء دورة القيادة والتوازن الحياتي، كان صباح كل يوم جمعة يخصص للتحدث مع فريد سميث. في إحدى تلك المحادثات، طرح عليه مدير إدارة من هونج كونج السؤال التالي: «سيد سميث، لقد تحدثنا في هذه الدورة عن التوازن الحياتي. بالنظر إلى جميع المسئوليات الملقاة على عاتقك، كيف استطعت الحفاظ على توازنك الحياتي؟» أخبر فريد الحاضرين أن فيدكس تشكِّل جزءًا كبيرًا من حياته، لكن هذا هو كل ما في الأمر، فهي مجرد جزء ولا تحتل حياته بأكملها. وفي نهاية اليوم أخبرهم أنها مجرد وظيفة، مضيفًا أنه لا ينفك يذكر نفسه بذلك. تجمع فيدكس وتوصل ثلاثة ملايين طرد، وتجري ٢٤ مليون عملية مسح ضوئي يوميًّا، وتسيير أمورها يتطلب قدرًا هائلًا من الجهد على جميع مستويات الإدارة. أخبر فريد المجموعة بأنه يمارس قدرًا من النشاط البدني كي يجدد طاقته، فهو يلعب التنس بانتظام، وأخذ يشجعهم على ممارسة الهوايات، والتمتع باهتمامات أخرى، وقراءة كتب في مجالات أخرى غير مجال العمل. وأنهى حديثه بعبارة: «لا تجعل فيدكس تستولي على حياتك كلها.» يعشق فريد القراءة، ويرسل بانتظام نسخًا من الكتب والمقالات التي تثير اهتمامه إلى فريق الإدارة في شركة فيدكس.
(٣-٦) توفير نظام ساعات العمل المرنة والمزايا الأخرى لتحقيق التوازن بين العمل والحياة
على مدار الثلاثين عامًا الماضية، تغيرت الخصائص السكانية للقوى العاملة تغيرًا جذريًّا؛ فالمزيد من النساء يعملن خارج المنزل بجانب رعاية أسرهن داخله، والكثير من العاملين (سواءً كلا الزوجين أو أحدهما) هم المسئولون الرئيسيون عن رعاية آبائهم المسنين. وقد أصبحت العائلة التقليدية — حيث يعمل الأب وتظل الأم في المنزل لرعاية الأطفال — هي في أغلب الأحيان الاستثناء لا القاعدة؛ لذا من المهم للغاية أن توفر الشركات خيارات ساعات العمل المرنة كي تتمكن من تلبية احتياجات العمل لديها، وفي الوقت نفسه تساعد الموظفين على الوفاء بالتزاماتهم العائلية. وقد أثبتت الأبحاث على نحو قاطع أن هذا القرار ليس مجرد بادرة لطيفة، بل هو قرار جيد على صعيد العمل.
اقتسام الوظيفة
في حالة عجز الموظفين لأسباب عائلية أو شخصية عن العمل بدوام كامل، لكنهم يرغبون في العمل بدوام جزئي، فمن الممكن حينئذٍ أن يتشارك موظفان نفس الوظيفة. يوضح المثال التالي على التشارك الوظيفي في إدارة الموارد البشرية كيف استطاعت فيدكس الاحتفاظ باثنين من الموظفين المحترفين ضمن طاقم عملها.
كانت شيلي ميكس تعمل بدوام كامل في إدارة الموارد البشرية عندما أنجبت طفلها الأول؛ ومن ثم تحدثت مع مديرها حول اقتسام وظيفتها مع شخص آخر بحيث تتمكن من العمل بدوام جزئي. في الوقت نفسه كانت كارين أومالي — التي رزقت كذلك بمولود جديد — تعمل بدوام جزئي في مركز اتصالات خدمة العملاء؛ ومن ثم تقدمت لشغل منصب شيلي في إدارة الموارد البشرية بدوام جزئي وقُبل طلبها. وهكذا كانت شيلي تعمل أيام الإثنين والثلاثاء والأربعاء، بينما كانت كارين تعمل أيام الأربعاء والخميس والجمعة. وقد استمر هذا الإجراء لما يزيد على أربع سنوات، أنجبت كلتاهما خلالها طفلًا آخر. تصف كارين هذا الإجراء قائلةً: «كنت أنا وشيلي ممتنتين للغاية لفيدكس، وبذلنا كل ما في وسعنا — حتى وإن تطلَّب ذلك العمل لساعات إضافية — من أجل ضمان إكمال المشروعات في الوقت المحدد، وتمتعها بجودة عالية.»
ساعات العمل المرنة/العمل بدوام جزئي
إن تحقيق الكفاءة في إدارة رأس المال البشري هو السبب الأول الذي يمكِّن الشركات الناجحة من تحقيق الأرباح، حسب ما كشفت عنه دراسة جديدة أجراها مستشارون في شركة واطسون وايت وورلدوايد على ما يزيد على ٥٠٠ شركة في أمريكا الشمالية. ويعتبر منح الموظفين مكافآت تتناسب مع مساهماتهم أحد أهم ممارسات الموارد البشرية التي ساهمت في المحصلة النهائية وفقًا للدراسة. وتتضمن الممارسات الأخرى التي عززت من هذه المحصلة ظروف العمل المرنة، والكفاءة في تعيين أصحاب المهارات، والاستخدام المكثف للتكنولوجيا.
كي يشعر الموظفون بالارتياح عند استغلال مزايا برنامج التوازن بين العمل والحياة لدى إحدى الشركات، لا بد أن يستشعروا الالتزام من المديرين الذين يتبعون نهج القدوة الحسنة في القيادة. اختارت مجلة «تشيف إجزكيوتف» فريد سميث كأفضل رئيس مجلس إدارة في عام ٢٠٠٤ أجرى بيل هولستين — رئيس التحرير — حوارًا مع فريد حول فيدكس وحول منهجه في القيادة. من بين ما طرحه عليه من أسئلة: «على المستوى الشخصي، كيف تحافظ على التوازن بين العمل والحياة؟» أجاب فريد قائلًا: «ذلك جزء من النظام الذي ينبغي عليك تطبيقه في عملك كما قلت. إن من يعملون حتى تُستنزف قواهم وعقولهم لا يتبعون منذ البداية النظام المناسب في أداء الوظيفة؛ لذا تجدني أتجنب اصطحاب وظيفتي معي إلى البيت. قد أصطحب معي بعض الكتب، لكن ذلك لأني أستمتع بالقراءة.»
«وبالتالي — كما قد تتصور — أتمتع بحياة أسرية رائعة ومتكاملة؛ فلدي أحفاد ولدي أبناء ما زالوا في مرحلة الدراسة الجامعية، وبعض من أحفادي لاعبون رياضيون، وأنا شغوف بحضور مبارياتهم ومشاهدتها. كذلك أمارس رياضة التنس كثيرًا في محاولة للحفاظ على صحتي ولياقتي.»
عندما تقول شيلي لازاروس — رئيسة شركة أوجلفي آند ماذر وورلدوايد — لموظفيها إن عليهم الاستمتاع بالحياة خارج العمل، فإنها تعني ذلك حقًّا؛ لأنها تعتبر الاهتمامات والالتزامات الخارجية شرطًا ضروريًّا للحفاظ على ميزة الشركة الأساسية، ألا وهي الإبداع. وقد تغيبت في إحدى المرات عن اجتماع لمجلس الإدارة في باريس كي تنضم إلى أسرتها في رحلة تزلج. «أصيب الناس بالصدمة … (لكن) ينبغي على المرء التمسك بوجهة نظره. وفي النهاية إنه مجرد عمل.»
تولى روبيرتو جويزويتا رئاسة مجلس إدارة شركة كوكاكولا من عام ١٩٨١ حتى عام ١٩٩٧. في معظم أوقات الظهيرة، كان يغادر المكتب في حوالي الساعة الرابعة والنصف مساءً، فكان يستقل سيارته حيث يجلس في المقعد المجاور لسائقه ويستمع إلى الموسيقى الريفية في طريقه إلى المنزل، ثم يمضي أمسية هادئة بصحبة عائلته. أثناء فترة توليه المنصب ارتفعت قيمة الشركة في السوق من ٤٫٣ مليارات إلى ١٨١ مليار دولار.
في عدد الأحد من مجلة «باراد» بتاريخ ٢ يونيو ٢٠٠١، طرحت لين مينتون في عمودها السؤال التالي على المراهقين: ما الأغنية التي تشعر بأنها موجهة إليك شخصيًّا؟ أجابت فتاة في السادسة عشرة من عمرها قائلة: «أغنية «قطط في المهد» للمغني هاري تشابن (التي تتحدث عن أب مشغول إلى حدٍّ يمنعه من قضاء وقت مع ابنه) تذكِّرني بعلاقتي مع أبي، فلطالما رغبت في أن تجمعنا علاقة وثيقة، لكنني أشعر بأنه لا يخصص لي الوقت الكافي. في يوم من الأيام لن يجدني بجانبه، ولن يسعه تغيير ذلك. أحبك يا أبي!»
يدرك الأب في المثال السابق أنه يضيع على نفسه فرصة تكوين علاقة وثيقة مع ابنته، مما يخلق صراعًا داخليًّا. قد تساعد ممارسات القيادة وأنظمة الدعم التنظيمية التي نعرضها في هذا الفصل على تقليل تلك الصراعات، وخلق بيئة آمنة تتيح للأفراد التعبير عن الأفكار الإبداعية المتضاربة، والجامحة، والمُخلَّة بالنظام وتقبُّلها كذلك.
يجعل الخوف من النبذ الكثير من الناس يعزفون عن التعبير عن أفكارهم، لكن في وسع القادة عبر السلوك اليومي تهيئة بيئة آمنة تساعد على تقليل هذا الخوف إلى أدنى مستوياته.
إن التفكير الإبداعي يحدث داخل أدمغتنا، وأدمغتنا تحتاج — مثلها مثل قلوبنا — إلى شرايين مفتوحة تنقل دماءً جديدة وأكسجينًا نقيًّا. وتساعدنا الحياة المتوازنة التي تتيح وقتًا للعب وممارسة الرياضة على الحفاظ على صحة هذه الشرايين؛ فاللعب والهوايات يثيران الخيال، وهو ما يؤدي في النهاية إلى تحفيز التفكير الإبداعي.
(٤) أفكار عملية لتهيئة بيئة عمل آمنة
-
توقع من موظفيك أن يعاملوا الجميع داخل وخارج الشركة بنُبل واحترام وإنصاف. وأسِّس نظامًا يراعي الخصوصية، ويتيح للموظفين معالجة أي مخاوف أو شكاوى قد تظهر لديهم بخصوص طريقة معاملتهم في العمل.
-
لا تتوقف عن التماس الأفكار من الموظفين، وطوِّر الأفكار التي تزيد احتمالات نجاحها.
-
قم بالتشجيع على التفكير المختلف ووجهات النظر المتعددة وتقبَّلها وكافئْ أصحابها؛ فغالبًا ما تنبع أفضل الأفكار من الخلافات البناءة.
-
احرص على إعداد بيان سماح وانشره في جميع قاعات الاجتماعات.
-
خصص وقتًا لعقد مناقشات حول التوازن وإدارة الوقت أثناء تناول وجبة الغداء.
-
يجب على القادة تخصيص وقت للأنشطة في جدولهم الأسبوعي يتوازن مع الوقت المخصص لمسئولياتهم القيادية والإدارية والفنية.
-
عند الإعلان عن ترقية أحد الأشخاص أو تكليفه بمشروع مهم، ركِّز على مشاركة هذا الشخص سابقًا في عملية توليد الأفكار الإبداعية وتقبُّلها وتطبيقها.
-
طبِّق نظام ساعات العمل المرنة وغيره من برامج التوازن بين العمل والحياة.
-
تقبَّل المخاطرة المحسوبة وادْعمها عند تجريب الأفكار الجيدة حتى وإن لم تتمخض في النهاية عن النتائج المخطط لها.
-
حدِّد وقتًا لممارسة الأنشطة الاجتماعية الداخلية والخارجية التي تسهل التفاعل بين الموظفين والمستويات الإدارية المختلفة (انظر جدول ٧-١).
العمل على انخراط الموظفين في نشاط الشركة وتشكيل توقعات واضحة بشأن مشاركتهم الفعالة في عملية الابتكار | توقع تطوير الموظفين لقواعدهم المعرفية والمهاراتية باستمرار ومساعدتهم في ذلك | تهيئة بيئة عمل آمنة تسمح بالتعبير عن الأفكار الإبداعية وقبولها |
---|---|---|
(١) عرض استراتيجيات الشركة وأهدافها بلغة واضحة وبسيطة. | (١) دفع الموظفين إلى تحديث قواعدهم المعرفية والمهاراتية وتوسيع نطاقها. | (١) نشر ثقافة سماح والحفاظ عليها. |
(٢) العمل على مشاركة الموظفين من جميع مستويات الشركة في عملية جذب العملاء والاحتفاظ بهم. | (٢) توفير الموارد وتطبيق أنظمة الدعم اللازمة. | (٢) إخبار الموظفين بأنك تتقبل تمامًا احتمالية الفشل بوصفها جزءًا من عملية الابتكار. |
(٣) وضع أهداف قابلة للقياس من أجل تحسين عروض القيمة المقدمة للعملاء. | (٣) المشاركة الفعالة في أنشطة التعلم. | (٣) دمج مفهوم «قيادة عملية الابتكار والتوازن: علاقة بناءة» في برامج تطوير القيادة. |
(٤) إخبار الموظفين بانتظام أنهم يصنعون فارقًا. | (٤) تحميل الموظفين مسئولية تحديث قواعدهم المعرفية والمهاراتية. | (٤) ممارسة التوازن ودعمه. |