ترجمة حضرة صاحب العزة السري الجليل والشهم الهمام محمد بك عبد الحميد إسماعيل
كلمة للمؤرخ
يظن البعض أنه لا توجد الراحة والسعادة والهناء وحسن المستقبل إلا بطرق باب التوظف بدوائر الحكومة، ومتى قفل هذا الباب في وجههم أحجموا عن طرق الأبواب الأخرى وشملهم اليأس، وهذا خطأ محض إذا قيس بهمة ذوي الهمم الذين اتخذوا لهم من مختلف الأعمال الشريفة الحرة سلمًا للوصول إلى قمة المجد، وبلغوا شأوًا عظيمًا في المجتمع الإنساني أمثال حضرة صاحب هذه الترجمة الذي بكده، ونشاطه وحسن إدارته، وصل إلى درجة يحسد عليها من كثيرين، وإننا لنسطر هنا بقلم الفخر والإعجاب الشديد ما نعلمه يقينًا وصدقًا عن بعض مجهوداته الفائقة، عسى أن يكون في تدوينها عظة لأولئك الذين يتطلعون إلى المناصب الحكومية.
مولده ونشأته
إذ ما كاد الفقيد الراحل يتوارى في رمسه، ويدرك حضرة صاحب الترجمة حرج الموقف حتى شمر عن ساعد الجد، وأخذ في إدارة شؤون أطيانه الواسعة المتروكة عن المرحوم والده، سواء الموجود منها بطنطا أو ببلدة منشية جنزور التابعة لمركز طنطا غربية، بهمة لا يعتورها ملل، وعزيمة لا يتسرب إليها كلل، فازدهرت وتضاعفت وليس ذلك بفضل همة المجدين بعزيز، ونال فوق ذلك احترام وإعجاب جميع عارفي فضله وسمو تربيته، ولما انتخب حضرة صاحب العزة شقيقه حماد بك إسماعيل عضوًا بمجلس النواب المصري عام ١٩٢٤م، وهو عمدة لبلدة منشية جنزور ولم تجد الأهالي من الأهالي من يصح لإسناد هذه الوظيفة سوى صاحب الترجمة؛ لما عرفوا فيه من الكفاءة الشخصية والأدبية أجمعوا على تعيينه عمدة عليها، فكان في مركزه هذا مثال الجد والنزاهة والعدل.
ومن مآثر المرحوم والده الخالدة التي يصح تدوينها في بطون التاريخ بقلم الشكر، والثناء، والإعجاب، إنشاؤه مدرسة ابتدائية ضمت بعد وفاته لمعاهد مجلس المديرية، وهذه المدرسة كائنة بمنشية جنزور، وقد شاد أيضًا مسجدًا فخمًا لإقامة الشعائر الدينية وأطلق عليه مسجد حماد وله حسنات عديدة في الخير لا تدخل تحت حصر، كما قد اشترى حضرة صاحب الترجمة سراي فخمة جمعت جمال البناء، وغالي الأثاث مما يبهر العقول وهي واقعة على الترعة الجعفرية بطنطا.
صفاته وأخلاقه
وصاحب هذه الترجمة رغمًا من غناه الوافر وثروته الضخمة، وجاهه العريض تجده آية من آيات اللطف، والدعة ومكارم الأخلاق، والأدب الجم، رءوفًا بالفقراء، جوادًا كريمًا، معضدًا لكل مشروع خيري يرى منه فائدة لبني وطنه.
أدامه الله وأبقاه وأكثر من أمثاله النبلاء.