ترجمة حضرة صاحب العزة السري أسعد بك عبد الشهيد
مولده ونشأته
دخوله في معترك الحياة
وقد رأى حضرة المترجم له أن يستخدم هذه المواهب الفائقة، والهمة الشماء فيما يفيد نفسه ومواطنيه، وأبت نفسه العالية الطموحة بطبيعتها إلى المجد إلا العمل، فشمر عن ساعد الجد وبدأ في الاشتغال بتجارة الأقطان، فأفلح فلاحًا عظيمًا، ونال منها قسطًا وافرًا، وكان عمره إذ ذاك أربع عشرة سنة، وما ذاك إلا بفضل طهارة ذمته وحسن تربيته المنزلية التي غرسها في فؤاده ذاك الوالد البار «رحمه الله». وقد اقتنى أطيانًا كثيرة بفضل كده واجتهاده، حتى أصبح من كبار الموثرين الذين يشار إليهم بأطراف البنان في عموم مديرية بني سويف، كما وقد زانه الله تعالى وكمله بجمال الخلق والأدب الجم، وحلّاه بالمروءة والإنسانية والرجولية الصحيحة.
وللتاريخ وحده نثبت أن حضرة المترجم له كان متزوجًا بسيدة فاضلة، وزوجة طاهرة هي المرحومة كريمة حضرة صاحب السعادة الشيخ الوقور إسكندر فهمي باشا مدير عموم السكة الحديد المصرية سابقًا، والعضو بمجلس إدارتها الأعلى حالًا، ورزق منها بشبل هو الآن في دور العلم، وثلاث كريمات، وقد أدركتها المنية وهي في زهرة صباها وريعان شبابها «أسكنها الله تعالى فسيح جناته» وأقر عينيه بالمحروسين أولاده.
وقد خدم حضرة المترجم له عموم مزارعي مركز ببا بإقامته وابورًا لحلج أقطانهم، فكفاهم مئونة ومشقة الانتقال إلى البلاد الأخرى، كما وأنه خدمهم خدمة تذكر له فيشكر عليها، بإيجاده الماكنة الكبرى لطحن غلالهم، وهذا بعض مآثره التي نخلدها لعزته بالشكر والثناء العاطر.
هذا وقد تفضل سمو الخديوي السابق عباس حلمي باشا، فأنعم عليه برتبة البكوية من الدرجة الثانية عام ١٩٠٣ اعترافًا بفضله وجليل خدماته.
صفاته وأخلاقه
وإننا نثبت هنا عن حق وصدق واختبار أن حضرة المترجم له الوحيد في مديريته لعمل الخير والعطف على الفقراء، بعيد عن حب الفخفخة، والظهور الكاذب، مدفوع إليه بعامل الشعور الحي والوجدان الصحيح المورثين له عن المرحوم والده، وها هي داره العامرة في بندر ببا ملأى بالقصاد من كل حدب وصوب، وما منهم أحد إلا وتراه يلهج بالشكر والثناء والدعاء بحفظ ذاته الكريمة من كل سوء.
أما عن أخلاقه فغاية في الرقي والكمال والأدب الجم، تراه دائمًا بشوش الوجه صبوحه، ظريف المحاضرة، لطيف المحادثة، لين الجانب، وقد نشأ مفطورًا على حب الخير ومؤاساة الفقراء، أكثر الله من أمثاله بين رجال مصر الكرام.