ترجمة فقيد المروءة والإخلاص المرحوم عبد الملك أفندي نخله
كلمة للمؤرخ
مولده ونشأته
ولد المرحوم صاحب الترجمة ببندر أسيوط سنة ١٨٧٢م، وتربى التربية المنزلية العالية على الدين، غاية في الاستقامة والتقوى والصلاح، وتعلم بعض العلوم الابتدائية ثم جاء القاهرة وأتم علومه، ونال شهادة الدراسة الابتدائية وكان في عدد الطلبة الذين وهبوا نعمة الذكاء، وصفاء الذهن والجد والاستقامة، وبعد نواله تلك الشهادة عين كاتبًا في وزارة الحربية، وأرسل إلى حلفا فكان أمينًا في وظيفته مخلصًا في عمله، مما استدعى ترقيته إلى وظيفة مترجم ﻟ ١٣ جي أورطة ومنها نقل إلى سواكن، ثم إلى طوكر، ونظرًا لصعوبة السفر ومتاعب التنقل في تلك الجهات النائية فضل الاستقالة من وظيفته، وعاد إلى مصر فعين كاتبًا بقلم التعداد بوزارة المالية ومكث بها سنة واحدة ثم استقال، ومن ثم عين بعنابر السكة الحديد ونقل إلى سوهاج باشكاتب الوابورات، وظل بها اثنتي عشرة سنة؛ ونظرًا لمقدرته العلمية وتفوقه في اللغة الإنكليزية فقد قام بإعطاء دروس خصوصية لكثيرين من جماعة المفتيشين والباشمهندسين الإنكليز التابعين لهذه المصلحة، فاستفادوا من معلوماته القيمة؛ ما أطلق السنتهم بالشكر والإعجاب بفضله وأدوا الشهادة الحسنة في حقه.
وما كاد يذيع أمر نقله إلى الزقازيق حتى شملهم الأسى وعمهم الأسف، وأقاموا له حفلات تكريمية عديدة تبارى فيها الخطباء والشعراء معددين خدماته الجليلة، ذاكرين له ما قام به من المنافع العامة، ودموع الأسف تترقرق في مآقيهم، لا سيما ما كان عليه من أدب ولطف ودعة وحب أكيد للإصلاح والسعي المتواصل لإصلاح ذات البين بين العائلات وبعضها، وكان يوم مغادرته لتلك المدينة يومًا مشهودًا حيث ودعه على المحطة كل عظيم وكبير من سراتها، والكل آسف لفراق هذا العزيز المحبوب.
ولم يمض عليه زمن طويل بمديرية الشرقية حتى رقي إلى وظيفة باشكاتب رئاسة أقسام هندسة وابورات وجه قبلي، مع جعل مركز إقامته بندر المنيا فودع هناك أجمل توديع.
أسفي عظيم جدًّا لعدم إمكاني الحضور، وحزني شديد جدًّا لفراق صديقي الحميم عبد الملك الذي يمثل الوفاء بأكمل معانيه، فأشاطركم الحزن وأعزيكم وأملي كبير في أنكم ستخلفون ذكراه الكريمة العاطرة.
أسكنه الله فسيح جناته، وأسكب على قبره شآبيب الرحمة والغفران.