ترجمة صاحب المعالي الوزير الجليل محمد توفيق رفعت باشا
صفاته وأخلاقه
عرف بين طبقات الشعب بالبشاشة — وطيب الحديث يستميل نفوس جلسائه بعذوبة ألفاظه، ورقة عبارته وغزارة مادته، وإذا وقف على حقيقة أمر من الأمور جد في تأييده غير حائد عن رأيه.
كلمة للمؤرخ
معالي صاحب الترجمة من رجال مصر النبغاء العاملين، وأفرادها المعدودين الذين امتازوا بسمو المدارك وغزارة العلم، وإدارة الأعمال وأصالة الرأي.
وإننا نلخص تاريخه المجيد بقلم الإعجاب والفخر، سائلين الحق أن يكثر من أمثاله في أبناء مصر لرفع لواء العلم والعرفان في ربوع البلاد.
مولده ونشأته
ولد معاليه بالقاهرة في يوم ٢٥ سبتمبر سنة ١٨٦٦م من أبوين شريفين كريمين، غذياه بلبان الأدب والفضيلة، وأدخلاه مدرسة الألسن «مدرسة المعلمين الآن»، فأبدى من ضروب الذكاء والجد والنشاط وحسن الاستقامة والمواظبة ما حبب فيه أساتذته وأقرانه الطلبة، وبعد أن أتم دروسه فيها عين مدرسًا بها، ومكث في مهنة التدريس مدة سنتين تقريبًا، ثم سافر إلى فرنسا في إرسالية بعثت بها الحكومة المصرية، فدرس علم الحقوق ومكث ثلاث سنوات أي: من سنة ١٨٨٥م إلى أن عاد لمصر في شهر أكتوبر سنة ١٨٨٨، وعند عودته عين مساعدًا للنيابة العمومية في ١٣ مايو سنة ١٨٨٩ بالدرجة الثالثة، ثم رقي إلى الدرجة الثانية في مارس سنة ١٨٩١، وللدرجة الأولى في ١٨ نوفمبر سنة ١٨٩١، ثم عين قاضيًا لمحكمة بني سويف الأهلية في سبتمبر سنة ١٨٩٢ من الدرجة الرابعة، ورقي إلى الدرجة الثالثة في ٩ سبتمبر سنة ١٩٠٠، ونقل إلى محكمة أسيوط ثم عين مفتشًا بلجنة المراقبة القضائية في مارس سنة ١٩٠٢، ومن ثم رقي قاضيًا من الدرجة الثانية في نوفمبر سنة ١٩٠٣، ونال الدرجة في فبراير سنة ١٩٠٦، وعين ناظرًا للإدارة القضائية بوزارة الحقانية في شهر مارس سنة ١٩٠٧، وفي شهر نوفمبر سنة ١٩٠٧ عين مستشارًا بمحكمة الاستئناف الأهلية، ثم نائبًا عموميًّا في يونية سنة ١٩١٩، وفي شهر مايو سنة ١٩٢٠ عين وزيرًا للمعارف العمومية، وفي ذاك الوقت حدث تعديل في الوزارة، فاختير لأن يكون وزيرًا للمواصلات، وأعيد وزيرًا للمعارف في ١٥ مارس سنة ١٩٢٣، وفي شهر يوليو من السنة المذكورة حدث تغيير في الوزارة فقلد وزارة الخارجية مع مباشرة أعمال وزارة المعارف إلى أن سقطت الوزارة، وظل بعيدًا عن منصة الحكم حتى يوم ١٣ سبتمبر سنة ١٩٢٥، حيث عُيِّنَ وزيرًا للمواصلات في عهد الوزارة الزيورية للمرة الثالثة من تعديلها.
فيرى مما تقدم من سلسلة ترقيات معاليه المتوالية إلى وصوله لكراسي الوزارات مقدار كفاءته الشخصية، والعلمية، وجدارته في الشؤون الإدارية والقضائية، وعلو كعبه في إدارة المصالح التي تَوَلَّاهَا بحزم وعزم وهمة عالية وعزيمة ماضية.
رتب الفخر ونياشين الشرف التي حازها
الرتبة الثالثة في أبريل سنة ١٨٩٩، والثانية في يناير سنة ١٩٠٥ والمتمايز والباشوية في مايو سنة ١٩١٨، ونشان النيل من الطبقة الثالثة في سنة ١٩١٦، والمجيدي الثالث في يوليو سنة ١٩١١، ونشان المتمايز في فبراير سنة ١٩٠٩، ومنح رتبة صاحب المعالي والوشاح الأكبر عند تعيينه وزيرًا، ولمناسبة عيد جلالة الملك فؤاد الأول الموافق ١٠ أكتوبر سنة ١٩٢٥، أنعم على معاليه بالوشاح الأكبر من نشان إسماعيل.
صفاته وأخلاقه
اشتهر بالرزانة وأصالة الرأي والحكمة في القول والذكاء الخارق والكفاءة العلمية، وهو من رجال الأمة العظام الذين خدموا بأمانة وإخلاص لمصلحة البلاد، أدام الله معاليه ومتعه بالصحة والهناء.