ترجمة حضرة صاحب العزة المفضال أحمد بك حسنين
مقدمة المؤرخ
وأيضًا لفائدة بلاده العزيزة وتحقيق رغبة جلالة مولانا مليك البلاد المعظم، الذي عرف في حضرة صاحب الترجمة المقدرة الشخصية والكفاءة العلمية، فحقق غايته السامية حيث عاد للوطن العزيز حاملًا معلومات هامة وفوائد علمية جمة، تفضل حضرته فألقاها تباعًا ضمن محاضراته النفيسة في الحفلات العديدة، التي أقيمت خصيصى لهذا الغرض بين مواطنيه الكرام، ولا سيما تلك المحاضرة النفيسة التي ألقاها ببهو الجمعية الجغرافية «من السلوم إلى الفاشر بالسودان واكتشاف الواحات» وذلك في مساء يوم الجمعة الموافق ١٧ أبريل سنة ١٩٢٥ حيث ألقاها باللغة العربية، وكان قد سبق له أن ألقاها أيضًا باللغة الإنجليزية في بهو الجمعية المذكورة ليفهمها علماء أعضاء المؤتمر الجغرافي، الذين وفدوا من مختلف مدن أوربا لعقد مؤتمر علمي جغرافي بالقاهرة، حيث عرض عليهم عدة مناظر بديعة بمختلف الألوان كان قد أعدها أخيرًا في أمريكا إبان قيامه بمهام وظيفته في مفوضية الدولة المصرية بواشنطن ولندن.
فلتهنأ الكنانة بهذا الشهم الذي أوتي من علم وفضل وكفاءة رفع بها مصر والمصريين فوق ذروة المجد والفخار، وإنا نسطر لحضرته تاريخه الناصع البياض بقلم الفخر والإعجاب سائلين الحق تعالى أن يكثر من أمثاله، فيقتفوا أثره ويحذوا حذره ليعيدوا مجد آبائنا وأجدادنا، وأن يمتع الكنانة بحياة موجد نهضتها المباركة، ومجدد سؤددها جلالة مولانا المليك المعظم فؤاد الأول أدام الله ملكه وحفظ سمو ولي عهده.
مولده ونشأته
ولد حضرة صاحب الترجمة بمصر القاهرة في ٣١ أكتوبر سنة ١٨٨٩ من عائلة شريفة المحتد عريقة في المجد، فوالده هو المرحوم محمد أحمد حسنين المشهور بالصلاح والتقوى ومن كبار علماء الأزهر الشريف، وجده لأبيه هو المرحوم الفريق البحيري أحمد باشا مظهر حسنين، فأدخله المدارس الابتدائية والثانوية والعالية فحاز الشهادة الابتدائية عام ١٩٠٣م والبكالوريا عام ١٩٠٧، ثم التحق بمدرسة الحقوق، وبعد تمضية ثلاث سنوات فيها سافر إلى إنجلترا، والتحق بكلية بليول بجامعة أكسفورد وأتم دراسته بها عام ١٩١٤، وكان أثناء تلقيه العلوم مثال الذكاء والنشاط والاستقامة، محبوبًا من جميع أساتذته محترمًا بين أقرانه، وقد رفع رأس مصر في نظر الأجانب بفضل مواهبه السامية وتربيته العالية.
وظائفه الحكومية
وبعد أن عاد من أوربا تعين مفتشًا بوزارة الداخلية ثم اختير سكرتيرًا أول للسفارة المصرية بواشنطون في الولايات المتحدة، ثم عين سكرتيرًا أول للسفارة المصرية بلندن وأخيرًا اختاره جلالة الملك فؤاد الأول أمينًا ثانيًا لما عرف فيه من الصفات العالية والكفاءة العلمية التامة والإخلاص للسدة الملكية.
وقد قام برحلته الأولى عام ١٩٢١ إلى واحات الكفرة، وقام برحلته الثانية عام ١٩٢٣ فاخترق بها صحراء ليبيا من ساحل البحر الأبيض إلى دارفور بالسودان، واكتشف واحتي أركنو والعوينات، ووضع خريطة عن صحراء ليبيا وواحاتها وهي لم تكن معلومة من قبل، وقد عين نائب رئيس للاتحاد الجغرافي الدولي العام سنة ١٩٢٥.
وفوق ذلك فهو بطل مصر الأوحد في لعب السيف من سنة ١٩١٠، حيث نال جوائز شتى في عواصم أوربا عدا الميداليات ونياشين الفخر التي حازها جزاء مهارته وشجاعته، فقد حاز نيشان النيل الثالث، ونوط الجدارة، ونيشان الإمبراطورية البريطانية، وميدالية الحرب الأوربية لسنة ١٩١٤، وميدالية النصر البريطانية، وميدالية النصر للحلفاء، وميدالية المدسس الذهبية للجمعية الجغرافية الملوكية بلندن، ثم الميدالية الذهبية للجمعية الجغرافية الملوكية بلندن، ثم الميدالية الذهبية للجمعية الجغرافية بفيلادلفيا بأمريكا عام ١٩٢٥.
وفي كل ذلك برهان جلي علي فضله وسمو مكانته لدى عارفي شخصه الكريم، ولحضرته مكانة خاصة لدى جلالة الملك المعظم.
صفاته وأخلاقه
جمع بين اللطف وكرم الأخلاق والأدب الجم وعزة النفس غزارة العلم والهمة العالية والمقدرة الفائقة، والشجاعة التي مكنته من اقتحام الخطوب وتحمل المشاق والأهوال، أدام الله في حياته وأكثر من أمثاله الأكفاء.