ترجمة حضرة صاحب العزة المفضال والعالم الكبير محمود بك شاكر
مقدمة المؤرخ
لو أن كل مصري وخاصة أبناء الموسرين الأغنياء حاز بعض ما حازه هذا العالم الجليل والمهندس الكبير من المعلومات القيمة، التي أهلته للارتقاء إلى الدرجة التي يحسد عليها من كثيرين بفضل حسن تربيته ونزهته وسمو أخلاقه ووفرة ذكائه، إذن ما وجدنا شابًّا يشكو حيفًا أو يبدي تظلمًا من أبناء البلاد.
وإن الأمة المصرية لن تنسى فضل المجاهدين من أبنائها البررة، الذين توجوا جبينها بتاج الظفر وطوقوا نحرها بقلائد الفخر، وإننا نسطر هنا ترجمة هذا الشهم الجليل العامل المجد بقلم الإعجاب، رافعين أكف الضراعة للعزة الإلهية أن تهب مصر العزيزة الكثيرين من أمثاله من شبابها؛ ليرفعوا من شأنها ويكونوا خير معوان على وصولها إلى أعلا درجات الكمال والرقي.
مولده ونشأته
ولد عزته عام ١٨٨٧م وتربى في بيئة صالحة وتلقى علومه الابتدائية في مدرسة محمد علي الأميرية، وحصل منها على شهادتها الابتدائية ومن ثم دخل المدرسة الخديوية، فحصل منها على شهادتها الثانوية، وفي عام ١٩٠٦م دخل مدرسة المهندسخانة فقضى بها أربع سنوات كان فيها مثالًا للذكاء المصري والنبوغ الشرقي، وحاز شهادة الدبلوم عام ١٩١٠م وعين في العام نفسه مهندسًا لمركز ديروط وعهدت إليه وزارة الأشغال العمومية في ذاك الحين بمهمة تحويل مجرى النيل أمام قناطر أسيوط، فأظهر همة فائقة واقتدارًا عظيمًا، ثم اختير ضمن الإرسالية لتتميم علومه الهندسية، فسافر إلى إنجلترا سنة ١٩١٢م ودخل جامعة ليدز حيث أتم بها العلوم العالية، وقضى زمنًا في التمرين العملي على الآلات الرافعة، ثم عاد إلى مصر سنة ١٩١٤م وعين مهندسًا بتفتيش ري القسم الرابع بمديرية بني سويف، ثم رقي بعد فترة قصيرة إلى وظيفة مساعد مدير بالتفتيش ذاته، وفي عام ١٩٢٠م رقي مديرًا لأعمال هذا التفتيش ونقل عام ١٩٢٢م مديرًا لأعمال تفتيش ري قسم أول بالقاهرة، وفي ١٢ نوفمبر سنة ١٩٢٣م رقي وكيلًا لمصلحة المساحة بالجيزة: وفي شهر ديسمبر سنة ١٩٢٥م رقي لوظيفة وكيل مساعد لوزارة المواصلات وهو دائب على عمله بعزيمة ماضية وهمة عالية لا يعتورها أدنى كلل، وحضرته معدود من رجال العمل والإقدام مشهور بالكفاءة الشخصية وعلو النفس، ويرجع الفضل في وصوله إلى هذا المركز السامي لحضرة والده الجليل الذي ربى حضرات أنجاله على أقوم أسس الفضيلة، فكانوا نجومًا زاهرة في سماء مصر تضيء بهم المحافل، وتفتخر بهم نوادي العلوم والآداب وبمثله فليقتدي العاملون وليتفاخر المتفاخرون.
انتدابه عضوًا لمؤتمر المساحة الدولي بمدريد
وقد قدم صاحب العزة محمود بك شاكر تقريرًا بأعمال «الجيودبري» بمصر، وهو قسم المساحة العالية مشتملًا على ثمانين صفحة، وقد اشترك في المؤتمر المذكور ٢٧ دولة وحضره كثيرون من رجال الدول المشتركة فيه.
وقد أخذ هذا الرسم في قاعة مجلس النواب، ويرى شاكر بك في الصف الثالث في وسط الجهة اليسرى وإلى يساره المستر ديد، وفي الزاوية صورة شاكر بك.
كما انتدبته الحكومة المصرية في اللجنة الخاصة بتسوية الحدود الغربية بين إيطاليا ومصر، التي يرأسها حضرة صاحب المعالي إسماعيل صدقي باشا في أوائل شهر نوفمبر سنة ١٩٢٥ وفي هذين الانتدابين وغيرهما الدليل الناصع على ما لحضرة صاحب الترجمة من الكفاءة الشخصية. وفي شهر ديسمبر سنة ١٩٢٥ عين وكيلًا مساعدًا لوزارة المواصلات.
صفاته وأخلاقه
والمعروف عن حضرة صاحب الترجمة طهارة القلب، والنزاهة والإخلاص في العمل وتعضيد الأدب ومعاونة الأدباء ومساعدة البؤساء.
أكثر الله من أمثاله بين شباب مصر؛ لتفتخر بهم ولتدون جلائل أعمالهم في بطون التاريخ بالفخر والإعجاب كما تفتخر اليوم بهذا النابغة الكبير.