ترجمة حضرة صاحب العزة الشهم المهذب عمر بك الشواربي
كلمة للمؤرخ
مولده ونشأته
هو غصن شجرة خضراء، وسليل بيت من أمجد عائلات القليوبية وأعرقها حسبًا ونسبًا، تربى في أحضان العز والرفاهية فكان نجمه سعيدًا وطالعه عاليًا، كأنما السعد كان رفيقه والعز نصيبه ترعرع في أحضان النعمة، وتربى التربية اللائقة بأمثاله وكان مولده المبارك في سنة ١٨٩٣ ميلادية، ولما كان عمره خمس سنوات تدرج على التعليم الأولي بواسطة معلمين أخصاء، حتى إذا ما بلغ التاسعة أدخله المرحوم والده الجليل المدرسة الابتدائية الأميرية، فكان في مقدمة إخوانه الطلبة ذكاءً ونشاطًا، وثابر على التعليم وتلقى مبادئه الصحيحة، فنال شهادتها والتحق بالمدارس الثانوية فسار إلى سلم التقدم والنجاح، حتى أحرز شهادة الدراسة الثانوية «البكالوريا» في سنة ١٩١٢م وقد طمحت أنظاره إلى المزيد من العلوم، فسافر إلى إنجلترا عام ١٩١٣م وعرج في طريقه على مدينة نابولي من أعمال إيطاليا، ثم رحل منها إلى فرنسا حيث تمم مرسيليا، ومنها إلى باريس حيث شاهد فيها ما شاهد من المناظر المدهشة والكليات العلمية العظيمة، والأبنية الفخمة التي تدل على حسن ذوق الفرنسيين، ومن ثم رحل إلى إنجلترا وليرى بنفسه رقي تلك البلاد العامرة بالصناعة والتجارة، وكان نصيبه أن التحق بإحدى كليات أكسفورد الشهيرة، وبقي هنالك يستقي من علومها العذبة ما أهله لأن يكون رجلًا نافعًا مفيدًا لبلاده.
ومكث في هذه الكلية مكبًّا على الدراسة ساهرًا على البحث فيما يفيده من علوم رياضية واقتصادية وغير ذلك، حتى إذا ما برق بارق أمله أشعلت نيران الحروب الأور بية، واضطرمت تلك البلاد بشرر المصائب فخاف من البقاء بها، فعقد النية على العودة للوطن المفدى حتى ترجع مياه السلام لمجاريها، فيعود إليها مرة أخرى، وما زال عاكفًا على المطالعة في ثمين الكتب من أدب وهندسة وفلسفة وغيرها في كل برهة يخلو فيها.
أخلاقه
جمع من الأدب أكمله وحاز من اللطف أجمله، أبي النفس، رقيق الإحساس طيب القلب، عالي الهمة — وبالإجمال فهو كما قال فيه الشاعر:
أدامه الله وأبقاه وزاده علمًا وأدبًا ليكون نبراسا يستضيء بنوره العاملون.