حضرة صاحب العزة الوطني الصميم الدكتور البارع حسن بك كامل
مقدمة للمؤرخ
مولده ونشأته
ولد حضرة الدكتور البارع حسن بك كامل بمدينة القاهرة من أبوين شريفين طاهرين، فوالده المرحوم اليوزباشي أحمد أفندي شكيب الإجزاجي بالجيش المصري سابقًا، وكان مولده في شهر أكتوبر سنة ١٨٧٠، وتربي على بساط العز والنعمة ومن ثم أدخله والده المدارس الابتدائية وهو في السابعة من سنه، فارتشف كئوس علومها وحاز شهادتها الابتدائية والتحق بالقسم الثانوي، فأظهر من الذكاء والجد ما مكنه من الحصول على شهادة البكالوريا، وهو لم يصل إلى الخامسة عشرة من سني حياته، وأراد بعد ذلك الدخول بمدرسة الطب بالقصر العيني، فكان صغر سنه مانعًا من قبوله فيها لو لم يكن أول الممتحنين في امتحان القبول بمدرسة الطب، وفي الوقت ذاته ممن أتموا الدراسة الثانوية، فمكث بها ست سنوات وهي سني مدرسة الطب في ذاك العهد، وتخرج منها في ١٥ مايو سنة ١٨٩٢ وكان أول الناجحين، ثم عمل انتخاب مسابقة للدخول بالاسبتالية بصفة نائب، فكان الأول أيضًا وحصل على شهادة امتياز في الجراحة، وهذا دليل قاطع على نباهته وغزارة علمه.
حياته العملية
رأى حضرة صاحب الترجمة أن يشتغل حرًّا وأبى الالتحاق بالوظائف الحكومية، وفضل خدمة الهيئة الاجتماعية بهذه المهنة الشريفة ألا وهي مهنة الطب، فمكث بطنطا مدة سنة ونصف سنة صادف في خلالها إقبالًا عظيمًا وثقة كبرى، غير أنه عاد بعد ذلك فعدل عن رأيه الأول واندمج في سلك الوظائف الحكومية، حيث تعين مفتشًا لصحة مركز ببا بمديرية بني سويف وطبيب أجزاخانتها، ثم مفتشًا لصحة مركز نجع حمادي بمديرية قنا وطبيبًا لأجزاخانتها أيضًا، وكان هذا التعيين بناء على رغبة مستخدمي شركة السكر ومستخدمي الشركة التي أخذت مقاولة عمل كبري نجع حمادي، واستمر عاملًا مجدًّا في هذا المركز إلى أن انتقل منه في ٥ نوفمبر سنة ١٨٩٧ حكيمًا لاسبتالية دمياط، ومكث بها إلى أوائل سنة ١٩٠٤ حيث استعفى من خدمة الحكومة وعاد إلى عزمه الأول والرجوع إلى الأعمال الحرة بعيادته الخصوصية.
جهاده الوطني وخدماته الصادقة
ولم تكن مهنته هذه مع كثرة متاعبها لتنسيه واجبه نحو خدمة بلاده والسعي وراء رقيها، فانتخب رئيسًا لنادي طنطا الأهلي وهو من مؤسسيه، وذلك عام ١٩٠٩م واستمر انتخابه سنويًّا إلى وقتنا هذا وكذا انتخب عضوًا بمجلس بلدي طنطا، فأبدى من الهمة والخدم الصادقة والمجهودات الفائقة ما استوجب كل شكر وثناء، واستمر ينتخب ويجدد انتخابه من سنة ١٩١٠ إلى هذا الوقت، أي إلى أن أعيد انتخابه أربع دفعات، ثم أسس شركة التعاون المنزلي، وانتخب رئيسًا لها وتعهدها برعايته وصانها بذكائه، وأعلى شأنها بهمته وعزيمته الماضية، وما زال رئيسًا لها من سنة ١٩١٢ إلى وقتنا هذا، وهو أيضًا مؤسس ورئيس جمعية المواساة الإسلامية المنشأة في سنة ١٩٢٠م، ومؤسس ورئيس جمعية الإسعاف بطنطا المشمولة برعاية حضرة صاحب الجلالة الملك فؤاد المعظم المؤسسة في أواخر سنة ١٩٢٠ ثم أعيد انتخابه عام ١٩٢٣.
جهاده الوطني
هذا الشهم الوطني الجليل من روح الوطنية العالية، ويجاهر بمجهوداته الفائقة وتضحيته بكل غال ونفيس في سبيل استقلال بلاده المحبوبة، إذ له أيادٍ بيضاء ومآثر غراء في هذا السبيل تشهد له بالشهامة والتفاني في حب الوطن المفدى، وهو سعدي بكل معني الكلمة ونظرًا لما أبداه في كل أدوار هذه النهضة الوطنية المباركة، ولعظيم مركزه في الهيئة الاجتماعية انتخب دفعتين لأن يكون عضوًا بمجلس النواب عن دائرة طنطا في دوريه الأول والثاني المنحلين، ولكم أطلعنا على بيانات هامة ملؤها الإخلاص والدفاع عن حقوق البلاد تشهد لحضرته بطول الباع والذكاء التام.
صفاته وأخلاقه
دمث الأخلاق لين الجانب عالي الهمة، كبير النفس، ذكي الفؤاد، قوي الحافظة، شديد العارضة في الحق، وهو حائز لرضاء عموم مواطنيه لما تأكدوا فيه من الشهامة والجد في القول والدفاع عن الحق.
نسأل الله أن يسدد خطواته في سبيل خدمة البلاد ورفع شأنها.