ترجمة فضيلة الأستاذ المرحوم الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية سابقًا
مولده ونشأته
وقد تقلب في بعض المناصب العلمية بين تدريس في المدارس الأميرية وتحرير الوقائع المصرية، وكتابة في الدوائر الرسمية، فوجه همته لإصلاح الحكومة وإرشاد الأمة، حتى كانت الحوادث العرابية فحمله أصحابه على السير معهم، وهو ينصح لهم أن لا يفعلوا وينذرهم بسوء العاقبة، وعندما دخل الإنجليز مصر كان الفقيد في جملة الذين قبض عليهم وحوكموا فحكم عليه بالنفي؛ لأنه أفتى بعزل توفيق باشا الخديوي الأسبق فاختار الإقامة في سوريا، ومكث بها ست سنوات وقد عهد إليه بالتدريس في بعض مدارسها، ثم انتقل من سوريا إلى باريس ولم يمكث بها طويلًا حتى عاد إلى مصر بعد أن صدر العفو عنه فولاه الخديوي القضاء، وظهرت مناقبه ومواهبه فعين مستشارًا في محكمة الاستئناف وسمي عضوًا في مجلس إدارة الأزهر.
وعين أخيرًا مفتيًا للديار المصرية في سنة ١٣١٧ﻫ، فأفاد القضاء الشرعي وخدم الأوقاف الإسلامية أكبر خدمة حتى كاد يكون المرجع الأعلى في الفتوى لجميع مسلمي الأرض، لما ظهر من فضله وسعة علمه.
وقد عين عضوًا دائمًا في مجلس الشورى، فانتقل المجلس به من حال إلى حال ونفخ فيه روحًا جديدة، وكان له رحمه الله الرأي العالي والصوت المسموع في كل مسألة وكل مشروع، فكنت تراه في المسائل المالية، حاسبًا اقتصاديًّا، وفي المسائل الإدارية إداريًّا ماهرًا، وفي اللوائح والقوانين، قانونيًّا خبيرًا، وفي الأمور الشرعية إمامًا فقيهًا.
وانتخب رئيسًا للجمعية الخيرية فوطد دعائمها، وخطت بهمته وحسن إدارته خطوات سريعة، وتقدمت شوطًا بعيدًا في سبيل النجاح والرقي.
وقد سعى جهده في إصلاح الأزهر الشريف، حتى بلغ بعض ما أمله فأدخله فيه بعض العلوم الحديثة المرقية لأذهان الطلبة.
وبالإجمال فإن الأستاذ الإمام رحمه الله قد أفاد القطر المصري خصوصًا، والأمة الإسلامية عمومًا الإفادة العظمى، ولو أردنا تدوين أعماله الجليلة ومناقبه السامية لاستدعى ذلك أسفارًا ضخمة.
وقد كانت وفاته في يوم الثلاثاء ٨ جمادى الأول سنة ١٣٢٣ برمل الإسكندرية ودفن بمصر.
فرحمه الله رحمة واسعة وعوض الإسلام والمسلمين فيه خيرًا.