ترجمة سمو عباس حلمي الثاني خديوي مصر السابق
ولد سنة ١٨٧٤م وتولى عرش مصر في ١٨ يناير سنة ١٨٩٢م وخلع في أغسطس سنة ١٩١٤.
ولد عباس حلمي باشا ابن المرحوم توفيق باشا بالقاهرة سنة ١٨٧٤م، فتربى على بساط العز والسؤدد. ولما بلغ أشده أدخله المرحوم والده مع سمو شقيقه الأمير محمد علي مدرسة عابدين التي شادها. فتثقفا بالعلوم والمعارف وظهر عليهما النبوغ، فلما أتما دروسهما فيها أرسلهما والدهما إلى ڨينا، وانتظما في مدرستها الملوكية العليا. وفي أثناء إقامتهما في تلك المدرسة استأذنا والدهما بالتجول في أنحاء أوربا لاستطلاع أحوال تلك المدينة من مصادرها فزارا ألمانيا، وإنجلترا، وروسيا، وإيطاليا، وفرنسا، ولقيا من ملوك هذه الممالك ترحابًا حسنًا، وزارا الممالك الأخرى.
وفي سنة ١٨٨٩م، عادا إلى مصر واستأذناه في زيارة معرض باريس لذلك العام فأجابهما إلى ذلك فلقيا هناك ترحابًا جميلًا، وعادا إلى المدرسة وفي سنة ١٨٩١م عادا إلى مصر في أثناء الراحة المدرسية، ثم رجعا إلى المدرسة في ڨينا.
وفي ٨ يناير سنة ١٨٩٢م، جاءهما النبأ البرقي بوفاة الخديوي الأسبق، فأصبح أكبرهما سمو عباس باشا حلمي خديويًّا على مصر من ذلك اليوم. ثم جاءته رسالة الصدر الأعظم بتثبيته على ذلك العرش فأسرع إلى مقر حكومته، فوصل الإسكندرية في ١٦ يناير المذكور، فاحتفل القطر المصري بقدومه احتفالًا يليق بمقامه.
ويمتاز عصره في مصر بنهضة الأقلام واتساع نطاق الصحافة، وتكاثر المطابع والجرائد والمجلات والمكاتب وسائر عوامل النهضة العلمية.
وفي هذا العصر أيضًا تم فتح السودان وانقضت دولة الدراويش بتعاضد الجيشين الإنجليزي والمصري، وذلك بفضل القائد العظيم المرحوم الارل كتشنر ومعالي إبراهيم فتحي باشا أحد وزراء مصر السابقين، وغيرهما من الضباط البريطانيين والمصريين، الذين توجوا تاريخ حياتهم بتاج الشهامة والإقدام.
وفي شتاء سنة ١٩٠١م، رحل سموه إلى السودان؛ لتفقد أحواله فاحتفلوا بوطء أقدامه هناك احتفالًا عظيمًا. وكانت عرى الاتحاد بين سموه ودولة بريطانيا على أتم وفاق. غير أن بطانة سموه أثرت عليه بتغيير هذه السياسة واتخاذه طريقًا آخر. وربما كان هذا بدء الضرر، فأخذ في انتقاد الجيش المصري السوداني فعد ذلك القائد «المرحوم كتشنر» إهانة له فخابر المعتمد البريطاني بالقاهرة بذلك، فأخذ الإجراءات الشديدة فقام الخديوي السابق بعمل الترضية اللازمة لجناب القائد وهي تعرف بحادثة الحدود.
وفي صيف سنة ١٩١٤ سافر سمو الخديوي السابق إلى أوربا فالأستانة للاصطياف حسب عادته. فاعتدى عليه مصري مفتون تعرض له في الأستانة يوم ٢٤ يوليو من السنة عينها بأن أطلق عليه مسدسه وجرحه، ولكن الجرح لم يكن بالغًا: وما كاد الجاني يرتكب فعلته الشنعاء، حتى أطلق الحرس العثماني النار عليه، وأمعنوا فيه ضربًا وطعنًا حتى أخمدوا أنفاسه تمامًا. وبقتل الجاني أمن شركاؤه ولم يعلم لهم أمر.
وظل سموه بالأستانة حتى أعلنت الحرب الأوربية المشهورة في أول أغسطس سنة ١٩١٤، فطلبت دولة بريطانيا من الخديوي السابق أن يبرح الأستانة إلى إيطاليا فلم يذعن لأوامرها. فبسطت حمايتها على مصر وأمرت بخلعه، وهذا ما كان من أمره. وقد تولى عرش مصر من بعده المغفور له السلطان حسين كامل الأول.