ترجمة جناب الأب الفاضل المحترم القمص باسليوس إبراهيم
كلمة وجيزة
مولده ونشأته
ولد صاحب الترجمة عام ١٨٦٥ ميلادية بناحية بشتيل التابعة لمركز إمبابة بمديرية الجيزة من والدين كريمين، غذياه بلبان الفضل والاستقامة، وأدخله والده بأحد الكتاتيب بناحية إمبابه، وكان عمره إذ ذاك ثمان سنوات وعندها رسم شماسًا لكنيسة وراق الحضر بمعرفة المرحوم الأنبا إيساك أسقف كرسي مديرية الجيزة والفيوم وبني سويف والبهنسا، وفي سنة ١٥٩١ق توفي المرحوم والده الذي كان كاتبًا بمركز إمبابة وقتئذ، فترك ذاك الكتاب وعمد إلى تعلم القراءة والكتابة جيدًا على يد كتبة ماهرين فتوجه إلى الترسانة الأميرية، وهناك وجد ضالته المنشودة ولقنوه أصول العلم، ومن ثم التحق بإدارة عموم السكة الحديد الأميرية، وفيها أتقن معلوماته العلمية على يد صهره المرحوم يعقوب بك نخله، وتعين كاتبًا بالدخولية بقليوب.
ولما رأى أن مرتب هذه الوظيفة ضئيل لا يقوم بسد نفقاته توظف بمديرية الجيزة بقلم المقابلة، تحت إدارة فقيد المروءة والإنسانية المرحوم سلامة أفندي عجمي الباشكاتب لتلك المديرية في ذاك العهد، الذي شيد كنيسة بها، وتأهل صاحب الترجمة بتاريخ ٥ فبراير سنة ١٨٨٣.
ونظرًا لحسن استقامته وصلاحه اختير للقيام بخدمة الكهنوت، وخادمًا لتلك الكنيسة، وكان ذلك في عهد طيب الذكر أنبا إبرام الأسقف الذي رسم بدلًا عن أسقفها المتوفى، وكان عمره إذ ذاك ثماني عشرة سنة فرسمه قسًّا في حفلة حافلة في يوم الجمعة الموافق ٢ باءونه سنة ١٥٩٩ق الموافق لشهر يونيو سنة ١٨٨٣، وفي شهر مسري رقي لدرجة قمص فكان الراعي الصالح والهادي إلى الطريق القويم، واكتسب محبة الجميع نحوه لحسن رعايته، وفي ٢٦ أمشير سنة ١٦١١ الموافق ١٨٩٥ انتخب وكيلًا للبطريريكخانة القبطية ورئيسًا لديوانها، وقد تقلب على جملة وظائف بها إلى أن عين وكيلًا وعضوًا روحيًّا بالمجلس، وكذا أحيلت عليه رئاسة لجنة الامتحان العليا التي كان يرأسها قبلًا المرحوم القمص فلوتاؤس رئيس الكنيسة الكبرى، كما وقد أحيلت عليه رياسة مجلس الجيزة الملي الفرعي عقب وفاة الأنبا يوساب مطران كرسي الجيزة والفيوم، فقام بأعباء كل هذه الأعمال الرئيسية الهامة بكل جد ونشاط وإخلاص، وظل في مركزه الأخير بالجيزة إلى أن رسم لها مطرانًا في أواخر سنة ١٩٢٥ وهو الأنبا متاوس.
أما المدة التي قضاها حضرة صاحب الترجمة خارج الكهنوت، فهي ثمانية عشر سنة علمانيًّا وشماسًا واثنتا عشرة سنة كاهنًا وراعيًا للجيزة، أما المدة التي قضاها وكيلًا للديوان البطريركي فهي واحد وثلاثون سنة.
وقد شيد حضرة صاحب الترجمة مدرسة بجوار الكنيسة، وأحضر لها المعلمين الأكفاء كما وقد اهتم بإتمام الكنيسة التي شادها المرحوم سلامة أفندي عجمي، المتوفى إلى رحمة ربه في سنة ١٨٨٤، فزخرفها بجميل النقوش وحلاها بالألوان الجميلة، ووضع لها أحجبة بديعة الصنع محلاة بالصور، وجلب لها نفيس الأواني وغالي الأثاث، وأدخل إليها النور الكهربائي، فأصبحت تضارع كنيسة الأزبكية الكبرى من حيث الرونق والبهاء، وأوجد لها وقفًا يضمن الصرف على نفقاتها بمعرفة البطريركية، كما وقد غرس بها حديقة غناء وأخرى للمدرسة، وحضرته شديد الاهتمام إلى كل ما فيه فائدة للمصلحة العامة فوق خدماته الجليلة التي لا تعد ولا تحصر لأبناء طائفته بوجه خاص وللبطريريكية بوجه عام.
صفاته وأخلاقه
وديع النفس، كريم الأخلاق، غيور على الدين، ضليع في كافة الشؤون الإدارية والدينية، محبوب عند جميع عارفي فضله وكماله، يعطف على الفقراء، حفظه الله وأبقاه ومتعه بالصحة والهناء.