ترجمة جناب الأب الفاضل القمص يوحنا جرجس
مقدمة وجيزة للمؤرخ
اختار الله تعالى هذا الأب الفاضل لأن يكون من رعاته الصالحين خدام الكهنوت، وأودع في نفسه التقوى والصلاح وطهارة الذمة؛ لتكون روحه الطاهرة سابحة في جنان النعيم مهللة مع الآباء القديسين الذين عملوا لآخرتهم دون دنياهم، أولئك الذين اختصهم الرحمن بالفضائل الحميدة والخصال المحمودة والاستقامة والطهر.
مولده ونشأته
ولد هذا الأب الفاضل في مدينة أسيوط في شهر الحجة سنة ١٢٧٢ﻫ من والدين تقيين، فوالده هو طبيب الذكر خالد الأثر المرحوم القمص جرجس جاورجي الذي جاء القاهرة مشتغلًا بأحد المحلات التجارية، ثم اختير للكهنوت ورسم كاهنًا على كنيسة حارة السقايين، فكان في كل حياته مثال التقوى والاستقامة، فأخذ هذا الوالد التقي يغرس نفحاته وتعاليمه الدينية في روح ولده إلى أن شب مثالًا صحيحًا وقدوة صالحة لاجتياز مراحل هذا العالم بجنان ثابت، وإيمان لا يتزعزع، واستقامة ترضي الخالق والمخلوق، فأدخله والده مدرسة حارة السقايين القبطية، التي كان ناظرها وقتئذ المرحوم العالم الجليل نخلة رفيله بك، فكان بين أترابه التلامذة مثال الوداعة والجد والنشاط، وبعد أن أكمل دروسه منها اشتغل بورشة اليومية بقلم إدارة وزارة المالية في ٢٩ برمهات سنة ١٥٨٨، وكان عمره إذ ذاك ست عشرة سنة ونصف سنة، ومكث في تلك الوظيفة سنة ونصف سنة، وعين بعد ذلك في مخازن وشون ملكية تتبع وزارة المالية، ومكث بها ١٢ سنة، ودعي أخيرًا للاشتغال ضمن موظفي دائرة سمو المرحوم حسن باشا، فمكث بها سنتين، أي: لغاية نوفمبر سنة ١٨٨٤م، ومن ثم اشتغل في التجارة لنفسه وفتح محلًّا لبيع الغلال بساحل بولاق ومحلًّا آخر في بلدة النخيلة التابعة لمركز أبو تيج بمديرية أسيوط، وظل يشتغل مدة ثلاث سنوات ونصف؛ ونظرًا لحسن استقامته وطهارة ذمته وصلاحه، أخذ جبرًا وقهرًا للقسوسية ورسم يوم ٢١ بئونة سنة ١٦٠٤ بالدار البطريريكية، وفي اليوم الثاني تم رسمه في كنيسة حارة زويله على دير مارمينا بفم الخليج، ومكث به لغاية ١٧ أمشير سنة ١٦٠٩، حيث اختير للإسكندرية ورسم أيغومانسًا لكنيستها ثم تعين وكيلًا لبطريكخانتها حتى الآن.
وقد طبع صاحب الترجمة كتابًا أسماه اللؤلؤة البهية في التراتيل والتواريخ القبطية باشتراكه مع صهره حضرة جبران أفندي نعمة الله الإسكندري، ناظر المدرسة المرقسية سابقًا وصاحب سلسلة كتب البدر المنير المستعملة في المدارس المصرية.
وحضرة صاحب الترجمة محبوب لدى عموم أقباط الثغر محترم الجانب لدى الجميع؛ نظرًا لحسن معاملته وجمال أخلاقه ووداعته.
صفاته وأخلاقه
على جانب عظيم من اللطف ودماثة الأخلاق، ولين الجانب، عطوف على الفقراء محسن على البؤساء، يصرف جل وقته معتكفًا في تقديم الصلوات للعزة الإلهية.
أدام الله حياته المباركة وأكثر من أمثاله بين رجال الكهنوت لخير البلاد وفائدة العباد.