الإمبراطورية العثمانية وعلاقاتها الدولية: في ثلاثينيات وأربعينيات القرن التاسع عشر
«وتسمح مذكرة مصطفى رشيد، التي تتضمن تقييمًا للعلاقات الدولية في تلك الفترة، أن نَحكم على مدى الدرجة الرفيعة لأهليته وموهبته الدبلوماسية. وتكتسب تقارير مصطفى رشيد من لندن وباريس عام ١٨٣٩م أهميةً كبيرة؛ ففي تلك الفترة التي سبقت تعيينه وزيرًا للخارجية نجح في التوصل إلى توقيع اتفاقية تحالُف مع إنجلترا، وهي الاتفاقية التي كانت موجهةً ضد محمد علي».
يُسلِّط الكتاب الضوء على الدبلوماسية العثمانية خلال ثلاثينيات وأربعينيات القرن التاسع عشر، والدورِ الذي لعبه رجُل الدولة العثماني «مصطفى رشيد باشا»، سفير الدولة العثمانية في باريس ووزير خارجيتها، واستغلالِه للصراع بين إنجلترا وفرنسا، وعقْدِ اتفاقيةٍ مع روسيا، وحلِّه للصراع التركي المصري. وقد ارتبطَت باسمه الإصلاحات الداخلية التي شهدَتها البلاد خلال تلك الفترة، والتي جاءت كضرورةٍ للحفاظ على الإمبراطورية العثمانية. وجديرٌ بالذكر أن الإمبراطورية العثمانية قد بدأت منذ أواخر القرن الثامن عشر بالخروج من عُزلتها السياسية والثقافية، وبدأت مرحلةً جديدةً تتجاوز فيها التخلُّف عن الدول الأوروبية، وتُعيد بناء الجيش، وبناء سفاراتٍ دائمةٍ في العواصم الأوروبية. وقد أدَّى هذا التوسع الدبلوماسي إلى إفراز العديد من الدبلوماسيين الأتراك، من ذوي الخِبرة والحِنكة، الذين لعبوا دورًا كبيرًا في استعادة قوة ووضْع الدولة العثمانية آنذاك.