وراء وحدتي
إن وراء وحدتي وحدة أبعد وأقصى.
وما انفرادي للمعتزل فيها سوى ساحة تغصُّ بالمزدحمين،
وما سكوني للساكنين فيها سوى جلبةٍ وضجيج.
إنني حَدَثٌ مضطرب هائم بعد، فكيف أبلغ تلك الوحدة القاصية؟
إن ألحان ذلك الوادي تتموَّج في أذنيَّ،
وظلاله السوداء تحجب الطريق عن عينيَّ،
فكيف أسير إلى تلك الوحدة العلوية؟
إن وراء هذه الأودية والتلال غابة حب وافتتان،
وما سكوني لمن فيها سوى عاصفة هوجاء صماء،
وما افتتاني لعاشقيها سوى انخداع وغرور.
•••
إنني حَدَثٌ مضطرب هائم بعد، فكيف أبلغ تلك الغابة القدسية؟
فإن طعم الدماء لا يزال في فمي،
وقوس أبي ونُشَّابه ما بَرِحا في يدي،
فكيف أسير إلى تلك الوحدة العلوية؟
•••
إن لي وراء هذه الذات السجينة ذاتًا حُرَّة طليقة،
وما أحلامي في عقيدتها سوى حرب في ظلام،
وما رغائبي تجاه رغائبها سوى قرقعة عظام.
•••
إنني حدث مهان ذليل بعد،
فكيف أكوِّن ذاتي الحرة الطليقة؟
أجل، كيف أكوِّن ذاتي الحرة الطليقة
قبل أن أثأر لنفسي؛ فأذبح جميع ذواتي المستعبدة،
أو قبل أن يصير جميع الناس أحرارًا طُلَقاء؟
إذ كيف تطير أوراقي مترنمة فوق الريح
قبل أن تذوي جذوري في ظلام الأرض؟
بل كيف يحلِّق نسر روحي طائرًا أمام وجه الشمس
قبل أن تترك فراخي عُشَّها الذي بنيته لها بعرق وجهي؟