فلاسفة ما قبل سقراط والتعاليم المنسوبة إليهم

طاليس قال إن الماء مصدر كل الموجودات.

أناكسيماندر قال إن جميع الموجودات نشأت عن المادة الأولى، وهي اللامحدود.

أناكسيمانز قال إن جميع الموجودات استمدت حياتها من الهواء.

هيرقليطس يفترض النار مصدر الخلق عن طريق مبدأ النزاع الذي يفضي إلى انفصال الظواهر، والتناغم الذي يستعيدها إلى مصدرها الأول (انظر [۳]، ص٥٥؛ [۲]، ص٦٧-٦٨).

يفترض بارمينيديس أن الوجود موجود، والعدم معدوم (انظر [۲]، ص٦١؛ [٣]، ص٤٨).

حاول سقراط إثبات خلود الروح مستعينًا في ذلك بمبدأ الأضداد (انظر [۳۸]).

حاول أفلاطون تفسير الطبيعة مستخدمًا نظرية المثل التي أقامها على أساس مبدأ الأضداد. ومن ثَم فإن المثال هو الوجود الحق، أي الوجود بالمعنى العام؛ وبذلك يصبح المفهوم الذهني واقعيًّا، ولكن الشيء المعروف عن طريق المفهوم الذهني غير واقعي. إن الوجود في ذاته واقعي وكامل، ولكن الظاهر غير واقعي وغير كامل (انظر [٤٤]).

حاول أرسطو إثبات وجود الله، ويعرض صفات الله في ضوء الأضداد، الله هو المحرك الأول، وهو غير متحرك.

وبذا يكون لدينا مركَّب من الحركة والثبات كصفتين للألوهية والطبيعة.

هرقليطس الذي يفسر ظواهر الطبيعة كأنها تمضي متعاقبة عبر تناقضاتها.

وسقراط الذي عرَّف التناغم بأنه وحدة الأضداد.

وأفلاطون الذي يحدد تناغم الروح بأنه خضوع جزئيها خضوعًا صحيحًا، أي الطبيعتين العليا والدنيا (انظر [٣]، ص٤١، ٥٦؛ [۲]، ص٥١، ٦٩؛ [۳۸]، ف١٥؛ [۱۱]).

أرسطو الذي يحدد النفس بأنها تناغم، وذلك حسب ما جاء في كتابه النفس ۱، ۲.

هرقليطس الذي تحدَّث عن أصل الكون ونشأته عبر تحول النار. ثم:

أناكساجوراس.

ديمقريطس.

وسقراط.

وأفلاطون.

التناسخ.

التذكر.

التناسخ: أرواح البشر تذهب إلى ساحة الثواب أو العقاب. وبعد مضي ألف عام يسمح لها باختيار نصيب جديد من الحياة، وإن من اختار — عن يقين — الحياة الأسمى؛ فإنه يفوز بعد ثلاثة آلاف سنة بالبقاء إلى جوار الآلهة في مملكة الفكر. ويهيم آخرون آلاف السنين في أبدان أخرى. وكثيرون يكون مقدرًا لهم مواصلة حياتهم الأرضية في أشكال حيوانات دنيا. ومن الضروري بيان أن أفلاطون — في مذهبه هذا عن التناسخ — إنما يصف مشهد يوم الحساب في الآخرة حسبما ورد في كتاب الموتى لقدماء المصريين.

التذكر: على الرغم من أن العالم — المدرَك حسِّيًّا — لا يمكنه أن يقودنا إلى معرفة المثل، إلا أنه يذكرنا بالمثل التي شاهدناها في الوجود السابق.

(انظر [١١] الصورة المجازية للكهف الموجود تحت الأرض، وكذا الصورة المجازية للصبي العبد، [٥٣]؛ [۳۸]، ف ۱۰، ۲۹؛ [۳]، ص١٠٥–۱۱۲؛ [٤٥]، ص٥٥، ١٥٢-١٥٣).

سقراط الذي عرَّفه بأنه إنجاز يغدو به المرء شبيهًا بالإله، عن طريق إنكار الذات وتهذيب العقل ([٥٢]، ١–٥٤).

أفلاطون الذي عرَّفه بأنه السعادة التي هي بلوغ المثل الأعلى للخير، وهو الله (٥٤،١١).

أرسطو الذي عرَّفه بأنه السعادة القائمة على العقل، والتي تشتمل على جميع نِعم الحظ السعيد. وجدير بالذكر مع هذا، أن تعريف أرسطو للخير الأسمى يحدد بداية التحوُّل عن مفهوم الخير الأسمى لنظم الأسرار المصرية، ويصدق الشيء نفسه على أصحاب مذهب اللذة الذين عرفوا الخير الأسمى بأنه اللذة (انظر [٣]، ص١٥٣؛ [٥٥]،١–٦–١٠٩٧، ١–٩–١٠٩٩).

ومفهوم الخير الأسمى مصري، وهو المصدر الذي استقى منه فيثاغورس والفلاسفة الآخرون مبدأهم في هذا الشأن.

إن تأليفه لمبدأ الذرة مشكوك فيه، حسب رأي أو وجهة نظر عدد من الكُتَّاب المحدثين. لقد اقترن اسم كل من ليوكيبوس وديمقريطس، وهما من أيونيا، بهذا المبدأ. ونشأ هذا المبدأ — حسب رأي أرسطو — على يد ليوكيبوس أولًا، ثم تطور على يد ديمقريطس. وواقع الأمر أن الأيونيين كانوا يشكون في وجود ليوكيبوس لأنه لم يكن معروفًا لديهم. ويبدو أن رأي الأيونيين جدير بالتصديق أكثر من رأي أرسطو وثيوفراستوس، وقد كانا أثينيين، ويعملان على تصنيف الفلسفة على النحو الذي يتفق مع اتجاههما (انظر [٤٦]، ص٣٥٠؛ [٣]، ص٦٥).

المبدأ القائل بالذرة، وحسب تفسير ديمقريطس له، مبدأ تلفيقي، ويمثِّل صورة من الصور الكثيرة التي اتخذها مبدأ الأضداد عند القدماء، وعبَّر عنه الفيثاغوريون بعناصر العدد: الزوجي والفردي، ونظرًا لأن بارمينيديس لم يكن على ألفة بقانون النشوء؛ فقد أنكر وجود أحد الضدين (العدم) ليثبت وجود الآخر (الوجود).

وكان سقراط أكثر إحاطة من بارمينيديس بقانون النشوء والتوالد، وعبَّر عنه في صورة عديد من الأزواج المتناقضة في محاولة منه ليُثبِت خلود النفس:

ومن هنا تحدث عن الوحدة والاثنينية، القسمة والتركيب، عن الحياة والموت.

وبالمثل عبَّر ديمقريطس عن مبدأ الأضداد عندما وصف الحقيقة الواقعة بأنها حياة الذرة، أي حركة ما هو موجود داخل ما هو ليس موجودًا.

بَيْدَ أن المصدر الأول لهذا المبدأ هو فلسفة نظم الأسرار في مصر؛ حيث نجد مبدأي الذكر والأنثى في الطبيعة يرمز لهما بالآتي:

علاوة على ما سبق، فقد أثبتت قصة الخلق المصرية مبدأ وفلسفة الأضداد؛ حيث ترى أن النظام وليد العماء البدائي، وتمثِّلها أربعة أزواج من الأضداد أي الأرباب الذكور والإناث:

يبدو واضحًا أن مبدأ الأضداد كان فلسفة أساسية عند المصريين، لا يرتبط فقط بآلهة مسرح أحداث نظام الأسرار عندهم، بل يرتبط — أيضًا — بنظرتهم إلى نشأة الكون ونواميسه (الكوزمولوجيا)، وحيث إن هذه الرابطة تجعل من هذا المبدأ واحدًا من أقدم المبادئ في تاريخ تطور الفكر المصري، فإنه يسبق — تاريخيًّا — عهد مينا، وهو ما يعني أن المصريين يألفونه منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة.

في ضوء هذه الظروف، وبناء على هذه الوقائع، نقول إن نظام الأسرار المصري هو المصدر الأول لكل من:

وإن ليكيبوس وديمقريطس لم يعلِّما شيئًا جديدًا، ولا بد وأنهما اكتسبا معرفتهما بهذين المبدأين من المصريين مباشرة.

مبادئ التوزيع الكوني للذرات النارية وانبعاثها من موجودات خارجية هي مبادئ مأخوذة عن السحر.

هذه هي مبادئ سحرية، وتعبِّر عن المبدأ الأساسي السحري القائل إن كيفيات الحيوانات، أو الأشياء والموجودات، موزعة ومنتشرة في كل أجزائها. (٥٧) ومن ثَم فإن الاتصال داخل الكون يتم بين الموجودات من خلال انبعاثاتها. ولكن في حالة البشر تتمثل نتيجة هذا الاتصال في صورة إحساس أو معرفة، شفاء أو عدوى مرضية.

ولم يثبت هذا المبدأ فقط عن طريق شفاء الأمراض بلمس ملابس المسيح ومناديل القديس بول، بل — أيضًا — عن طريق الممارسة العلمية والطبية — حديثًا — بإجراءات الحجر الصحي الوقائية. وحري بنا أن نذكر أن السحر كان جزءًا من برامج التعليم الخاصة بالكهنة المصريين، ذلك أن الشعائر والاحتفالات الدينية عند المصريين كانت تعتمد على السحر، وكان الكهنة هم أهل الاختصاص بهذه المعارف.

نقطة رابعة، وهي أن تاريخ الفلسفة اليونانية، وتصنيفها على أيدي أرسطو وتلامذته تضمن ذكر اثنين فقط اقتُرِن اسماهما بتأليف عدد استثنائي من الكتب العلمية، وهذان هما ديمقريطس وأرسطو (انظر [٣٤]، ك٩، ص٤٤٤–٤٦١، ك٥، ص٤٦٥–٤٦٧).

نقطة خامسة جديرة بأن نذكرها، وهي أنه اكتُشف في تاريخ وتصنيف الفلسفة اليونانية، على أيدي أرسطو وتلامذته، أنه كلما جاء ذكر حيازة مجموعة كبيرة من الكتب العلمية نجد ذلك قد اقترن مباشرة، أو بصورة غير مباشرة، بالإسكندر الأكبر.

تبين العلاقة بين ديمقريطس والإسكندر الأكبر، من خلال الدائرة الديموقريطية، أي تتابع عدد من المعلمين والتلاميذ في ارتباط بعلمٍ أصلي مشترك؛ إذ يقال إن ديمقريطس (٤٢٠–٣١٦ق.م.) علم مترودوروس من كيوس، والذي قيل عنه إنه علم أناكساركوس. وقد قيل إنه شبَّ وترعرع في زمن الأولمبياد رقم ١١٠ (٣٤٠–۳۳۷ق.م.)، وأنه صحب الإسكندر الأكبر في حملته ضد مصر (۳۳۳ق.م.).

ومن اليسير أن نتبين هنا الرابطة بين ديمقريطس وأناكساركوس لأن هؤلاء الرجال جميعًا أيونيون وأعضاء مدرسة واحدة، وعاشوا في زمن غزو الإسكندر مصر (انظر [۲]، ص۸۳؛ [٣٤]، ك٢، ص٤٧١).

ومن ناحية أخرى، فإن علاقة أرسطو بالإسكندر الأكبر معروفة جدًّا حيث إنه كان معلم الأمير الصغير في قصر مقدونيا (انظر [٤]، ص ١٠٤).

إن عددًا كبيرًا من الكتب التي تظهر في إحدى القوائم في الكتاب التاسع لديوجين لابرتيوس لا نجد لها أي ذكر في مكان آخر ضمن المراجع المألوفة عن تاريخ الفلسفة اليونانية. هذا بينما يؤكد تسلر أن أصالة هذه الكتب لا يمكن تحديدها استنادًا إلى كتاب الشذرات (انظر [۲]، ص۷۷)، ويبدو أن قائمته بالمنشورات ستظل موضع شك فيما يتعلق بتأليفه هو لها.

إن كتبه تعالج أكثر من ٦٠ موضوعًا مختلفًا، من بينها الأخلاق والطبيعيات والفلك والنبات والحيوان والشِّعر والطب والجدل والعلوم العسكرية والقانون، علاوة على كتب في السحر تتضمن العرافة.

روى لنا ديوجين لايرتيوس أن هذه القائمة الطويلة من الكتب إنما جمعها وصنَّفها ثراسيلوس (حوالي ۲۰م)، وهو أحد تلامذة أفلاطون، وأيضًا عضو في حركة أرسطو التي استهدفت تجميع وتصنيف الفلسفة اليونانية (انظر [۲]، ۱۳-١٤؛ [٣٤]، ك٩، ص٤٥٥–٤٦١).