إيزيس بين الواقع والمثال
يقول توفيق الحكيم في «البيان» الذي نشره في مسرحيته «إيزيس» الصادرة سنة ١٩٥٥: إن شخصية إيزيس الأسطورية الفرعونية كانت تراوده منذ أن كتب مسرحية «شهرزاد» سنة ١٩٣٠، وإن الإشارة إليها قد وردت فعلًا في تلك المسرحية القديمة، كما يعقد في بيانه مقارنة سريعة بين إيزيس الفرعونية وبنيلوب اليونانية القديمة، فبنيلوب — كما هو معروف — كانت زوجة لأوليس ملك جزيرة إيتاكا اليونانية وأحد أبطال حرب طروادة، وقد خلَّد هوميروس مغامراته الخارقة أثناء عودته من طروادة في آسيا الصغرى إلى جزيرته بعد انتهاء الحرب في ملحمته الشهيرة «الأوديسا»، وذكر فيها كيف أن الزوجة الوفية بنيلوب كانت تراوغ الطامعين فيها وفي عرش زوجها من أمراء إيتاكا وأبطالها وتعدهم بأن تختار منهم زوجًا بعد أن تفرغ من ثوب كانت تنسجه، وهم يؤكدون لها أن زوجها لن يعود، وأن البحر قد ابتلعه، وأخذت تنقض في الليل ما تنسجه في النهار من الثوب إلى أن عاد زوجها فأنقذها وأنقذ عرشه من الطامعين فيه، ويرى توفيق الحكيم أن الزوجة اليونانية كان موقفها سلبيًّا بينما كان موقف إيزيس الفرعونية إيجابيًّا فعَّالًا.
ومنذ سنة ١٩٣٠ حتى سنة ١٩٥٥ كان فن توفيق الحكيم قد تطور أو على الأقل أراد له صاحبه أن يتطور، وأعلن هذا الرأي في مقدمته لمسرحية «أوديب الملك» التي كتبها في سنة ١٩٤٩ كما رأينا، حيث كتب ينتقد مسرحية أندريه جيد عن نفس الموضوع، ويصفها بأنها مجرد تعليقات فكرية على أسطورة أوديب، ويتساءل: لماذا لم يحتفظ جيد للأسطورة بتأثيرها الدرامي ومواقفها التمثيلية؟ ثم أعلن أنه قد حرص أكبر الحرص على أن يحتفظ في مسرحيته «أوديب الملك» بالعناصر الدرامية والتمثيلية، أي إنه قد أعلن بذلك عدوله عن الاتجاه الذهني الخالص و«المطلق من المعاني» في معالجته للموضوعات الأسطورية ذاتها، وإذا كنا قد لاحظنا أن ما أراده توفيق الحكيم وأعلن عنه في مقدمته قد كان شيئًا وما فعله عند كتابة مسرحيته قد جاء شيئًا آخر، فلا استقام له الطابع الدرامي ولا استقام له الطابع الذهني؛ فإننا نلاحظ على العكس من ذلك أنه قد نجح إلى حد بعيد في اتجاهه الجديد في مسرحية «إيزيس» التي جرَّدها بقدر المستطاع من أحداثها الأسطورية الخارقة ليدنو بها من إمكانيات الواقع الذي قد تبدو بعض جوانبه خارجة عن المألوف، ولكنها مع ذلك لا تصل إلى حد الخوارق الأسطورية، ولم يخلط بين الاتجاهين الإنساني الواقعي والأسطوري الغيبي كما فعل في مسرحية «الملك أوديب».
وإذا كانت أسطورة أوزوريس ترمز في الديانة المصرية القديمة إلى الصراع بين الخير في شخصية أوزوريس إله الخصب والنماء، وبين الشر في شخصية أخيه ست الإله المستغل الجشع الذي لا يتورع عن شيء في سبيل طموحه الشخصي للسيطرة وتولي الحكم، كما ترمز لفكرة البعث وبخاصة بعث الخير الذي لا يمكن أن يموت بل لا بد أن يُبعث من جديد إلى الحياة، كما بُعث أوزوريس واسترد ملكه بعد أن قتله ست ومزقه إربًا، ووزع هذه الإرب بين ترع وأنهار ومستنقعات أقاليم مصر المختلفة؛ فإن توفيق الحكيم لم يستبقِ في مسرحيته شيئًا من الخوارق الأسطورية — كما قلنا — مثل الرمز للبعث، مكتفيًا بتصوير الصراع بين أوزوريس وزوجته إيزيس من جهة وست الذي يطلق عليه الاسم اليوناني القديم «طيفون» وهو اسم لإحدى الشخصيات الأسطورية الشريرة في أساطير اليونان القدماء، ويحاول توفيق الحكيم — على عادته — أن يوحي إلى النقاد والدارسين في البيان الذي نشره عن هذه المسرحية بأن ما يصوره فيها هو الصراع الذي يتوقع أن يحدث بين رجل العلم ورجل السياسة حوالي سنة ٢٠٠٠ ميلادية «عندما يستطيع العلم أن يقضي على الجوع باستنباط الغذاء — كما يقال — من ماء البحر وأشعة الشمس ونحو ذلك، وعندئذٍ ستبدأ قضية جديدة هي: من الذي يحكم الدنيا؟ أهو العلم الذي يخترع ويكتشف ويوفر الغذاء ويغيِّر المصاير، أم هو الرجل الآخر الذي يتفوق بالبراعة في الاستحواذ على أزمة الجوع؟ بعبارة أخرى هل المرحلة التالية لمرحلة الصراع بين العامل الأجير والرأسمالي المغامر سوف تكون مرحلة الصراع بين العالِم الأجير والسياسي المغامر؟»
وهذا بلا ريب تفسير بارع ماهر من المؤلف لمسرحيته، ولكننا نخشى أن يكون أكثر براعة ومهارة مما تحتمل المسرحية، بل ونفضِّل أن نحتفظ لهذه المسرحية بالتفسير المعقول القريب المنال النابض بحقائق الواقع الإنساني الحي، بدلًا من أن نغفله لنلصق مع المؤلف بالمسرحية إلصاقًا تفسيرًا آخر كتصوير لصراع يتصور المؤلف أنه سيحدث حوالي سنة ٢٠٠٠ ميلادية، وهو تصوير نخشى أن يكون صادرًا عن توجس المؤلف المستمر من المستقبل وتطوراته المنتظرة.
وفي رأينا أن الصحيح والمعقول هو أن مسرحية «إيزيس» تصور الصراع بين «الواقع» و«المثال» في عالم السياسة، فأوزوريس وطيفون يتوليان الملك في المسرحية، ولكن أوزوريس يقيم ملكه على خدمة البشر بعلمه واكتشافاته الحضارية ونزعته الخيرة، بينما يقيم طيفون ملكه على الغدر والخيانة وتضليل الناس واستغلالهم وتسخير براءاتهم لأطماعه.
وتتلخص أحداث المسرحية في أن طيفون احتال على الغدر بأخيه أوزوريس بأن أقام وليمة دعا إليها أخاه وعددًا من أعيان البلاد، وفي أثناء الوليمة أحضر صندوقًا فخمًا مرصعًا بالأحجار الكريمة، ثم أعلن أنه سيقدمه هدية لمن يلائم الصندوق قده، وجرب الصندوق عدد من الحاضرين فإذا به أقصر وأطول من كل منهم، حتى جاء دور أوزوريس فإذا به مفصَّل على قدِّه تمامًا، وإذا بأتباع طيفون يسرعون إلى إغلاق الصندوق على أوزوريس بمجرد أن استقر فيه، ليلقوه في النيل الذي يحمله إلى البحر حيث يعثر به بحارة إحدى السفن فينتشلونه من الماء ويجدون فيه أوزوريس، الذي يخبرهم أنه كان عبدًا لأحد الأثرياء وأن سيده هو الذي وضعه في الصندوق وألقى به في النيل، ويبيع البحارة الصندوق وأوزوريس إلى ملك بيبلوس إحدى مدن لبنان بالقرب من بيروت الحالية، ويعمل أوزوريس بنفس الروح الذكية الخيرة في خدمة ملك بيبلوس وشعبه ويحظى باحترام الملك وتبجيله، وفي تلك الأثناء تكون إيزيس قد استطاعت أن تلتقط أنباء الصندوق الذي ألقي في النيل وانتشال البحارة له وبيعهم هذا الصندوق والرجل الذي به لملك بيبلوس، وتشد الرحال إلى بيبلوس حيث تعثر على زوجها، وبعد حوار سريع بينها هي وزوجها وملك بيبلوس يعرف الملك شخصية أوزوريس الحقيقية وقصته، فوافق آسفًا على عودة أوزوريس وإيزيس إلى وطنهما، بل ويعدهما بتقديم كل عون يطلبانه في كفاحهما المنتظر. وفي مصر تختفي إيزيس وأوزوريس في كوخ بأحد الأحراش حيث تنجب إيزيس ابنهما حوريس، بينما يواصل أوزوريس خدمة الشعب ويبصِّرهم بوسائل الزراعة المثمرة متنكرًا تحت اسم الرجل الأخضر الذي أطلقه عليه الشعب، ولكن عيون طيفون لا تلبث أن تكشف حقيقة شخصيته، ويرسل طيفون أعوانه للقبض على أوزوريس وقتله وتقطيعه إربًا، ثم توزيع تلك الإرب بين مقاطعات البلاد المختلفة.
وتختفي إيزيس بابنها الطفل حتى يشب ويستكمل قوة شبابه في السابعة عشرة من عمره، وهي تحدِّث طفلها خلال هذه السنوات كلها عن أبيه وغدر طيفون به وتذكي فيه روح الثأر، وأخيرًا ترى إيزيس أن الشر لا يمكن أن ينهزم إلا بنفس وسائله، فتعد شيخ البلد برشوة كبيرة من حُليها المدخرة، كما تنجح في إقناع الكاتب «توت» بالانضمام إلى قضيتها بعد أن كان توت هذا مصممًا على أن يقف قلمه على مجرد التسجيل للأحداث دون الاشتراك فيها أو الدخول في معركة مع أي إنسان، وذلك بينما فشلت إيزيس في إقناع الكاتب الآخر «مسطاط» الذي ظل مصممًا في عناد على التزام مبادئ الخير والشرف، ورفض التخلي عن هذه المبادئ في سبيل أية قضية مهما كانت خيرة عادلة مثل قضية منازلة الخير للشر، ومع ذلك لم تيأس إيزيس فدفعت ابنها إلى مبارزة طيفون غير أن الابن لم يقوَ على خصمه فانهزم في المبارزة، وهمَّ طيفون بقتله لولا أن تدخَّل شيخ البلد ونصح طيفون بأن يترك للشعب الحكم على الفتى المتمرد، واجتمع الشعب في هيئة محكمة، وأنكر طيفون أن يكون حوريس ابنًا لأخيه الذي مات غرقًا منذ سنوات، وطعن إيزيس في شرفها، وطلب من الشعب أن يحكم بإعدام حوريس، وأوشك الشعب أن يُضلَّل لولا أن وصل في آخر لحظة ملك بيبلوس ليؤيد رواية إيزيس في أن أوزوريس لم يمت غرقًا بل انتشله البحارة داخل الصندوق من بين الموت … إلخ، وعندئذٍ عرف الشعب الحقيقة فثار على طيفون وغدره، ولم يرَ طيفون مفرًّا من أن يتسلل هاربًا كاللص من أمام الشعب الذي حمل حوريس على أعناقه ليجلسه على عرش أبيه المغتصب.
ومن هذا الملخص الدقيق يتضح في جلاء ما قلناه من أن الصراع الذي تقوم عليه المسرحية ليس في جوهره صراعًا بين العلم والسياسة سيحدث حوالي سنة ٢٠٠٠ ميلادية، بل هو صراع بين الواقع والمثال في مجال السياسة والحكم جرى منذ فجر التاريخ ولا يزال يجري حتى الآن، ونستطيع أن نعثر على أحد طرفيه في الجمهوريات الفاضلة لأفلاطون والفارابي وغيرهما، وعلى الطرف الآخر عند «أمير» ميكيافلِّي وأضرابه.
ومسرحية «إيزيس» — كما قلنا — ليست مسرحية تجريدية أو ذهنية كما يقول توفيق الحكيم، أي إنها ليست من المسرحيات التي يسمِّيها النقاد ذات المفتاح، أي التي تقوم على فكرةٍ ما إن يمسك الإنسان بطرفها حتى يستطيع سحبها من المسرحية كما يُسحب الخيط من «البكرة»؛ ولذلك لم تقتصر على قضية واحدة، بل تضمنت عدة قضايا أخرى ثانوية، ولكنها ترتبط أو تتفرع من نفس الصراع العام، الصراع بين الواقع والمثال.
وقد لخص توفيق الحكيم نفسه في بيانه هذه القضايا الثانوية أو التفريعات فقال: «إذا كانت الغلبة للأمهر والأمكر، فهل يجب على رجل العلم (الأصح أن يقول: الرجل المثالي) أن ينخذل ويسلِّم، أو أن ينازل منافسه بنفس سلاحه؟ ماذا كان يجب على إيزيس الأم أن تفعل لتضمن النجاح لابنها؟ هل تفعل ما فعلت، أو تتمسك بمبادئ زوجها وتعرِّض ابنها لخطر الهزيمة؟ قوة الشعب مثل قوة الشمس لا أثر لها إذا تفرقت أشعتها وتشتتت، ولكنها تعمل عملها إذا جُمِّعت وتكتلت ونُظِّمت، وهذا التنظيم والتجميع والتكتيل تحذفه دائمًا وسائل السياسة العملية.
لذلك كانت الخطة النهائية لإيزيس في هذه المسرحية هي الوصول بأي ثمن إلى خداع طيفون وإقناعه بالاحتكام إلى الشعب المجتمع لتعرض أمامه الحقائق كي يُصدر رأيه الحر، هل الأهداف السماوية لا تتحقق على الأرض بين البشر إلا بالطرق البشرية؟ هل نجاح الدعوات الدينية والاجتماعية ما كان يمكن أن يتم كما تم بغير الالتجاء إلى الوسائل السياسية والعلمية التي تكفل النجاح السريع الشامل؟
ما هي مسئولية الكاتب ورسالته؟ أهي أن يلتزم بالمبدأ كما فعل مسطاط، أم أن يلتزم بالقضية كما فعل توت؟ هل الفرق بين الملائكة والبشر هو أن الملائكة لا تعرف من الوجود غير شيء واحد المثالية، فهي عندها هدف ووسيلة في عين الوقت، في حين أن البشر يعرفون شيئين المثالية والواقعية، ولا يمكن أن يتجردوا من الواقع وهم يسيرون نحو مثل أعلى؟ ما هو مستقبل الإنسان؟ هل هو في الارتفاع إلى صفاء الملائكة، أو هو في بقائه بشرًا يكافح ليعادل المثالية والواقعية، ويخرج من هذا التعادل بهدف أنبل لحياة أفضل؟»
وباستطاعتنا أن نستنتج من استعراض المؤلف نفسه لكل هذه القضايا وإيحائه لنا بالبحث عنها واستقصائها في مسرحيته، أن المؤلف نفسه قد أصبح يعتقد أن الدنو بأي موضوع من واقع الحياة حتى ولو كان هذا الموضوع أسطوري الأصل؛ من الممكن أن يُكسب هذا الموضوع غنى لا يمكن أن يتوافر للفكرة المجردة أو الصراع المجرد بين «المطلق من المعاني» كما كان المؤلف نفسه يقول من قبل، وذلك ما لم يستطع أحد العباقرة الأفذاذ أن يحتفظ في مسرحيته الأسطورية الموضوعة بكافة الرموز العميقة التي تتضمنها أحداث الأسطورة مع المحافظة في نفس الوقت على القوة الدرامية المؤثرة لتلك الأحداث، على نحو ما استطاع عملاق التراجيديا الأكبر سوفوكليس في مسرحيته «أوديب ملكًا»، بينما فشل جميع من حاولوا بعده في معالجة نفس الأسطورة، في حين استطاعت بعض العبقريات العادية مثل عبقرية برنارد شو أن تخلق من أسطورة كأسطورة بجماليون مسرحية واقعية نابضة بمشاكل الحياة العصرية غنية بقضايا الحياة الحية، كما استطاع توفيق الحكيم في مسرحية «إيزيس» بنقلها من عالم الأسطورة إلى عالم الواقع أن يعالج من خلالها عددًا من قضايا الحياة الواقعية الحية حتى ولو تجاوزنا عن التفسير المسرف الذي يريد المؤلف أن يوحي لنا به — وهو صراع المستقبل بين العلم والسياسة — لمجرد أن أوزوريس كان يعمل ليضع في خدمة الشعب كافة المكاسب الحضارية بروح خيِّرة، فليس هذا هو محور المعركة بينه وبين طيفون، بل محورها هو الصراع بين الخير والشر أو بين المثال والواقع في سياسة الشعوب.
وإذا كان بعض كبار نقادنا المثقفين مثل الدكتور لويس عوض قد أخذ على توفيق الحكيم في هذه المسرحية — فيما كتبه عنها بجريدة «الشعب» — تجريده لأحداثها من جلالها الأسطوري القديم، ومن معانيها الرمزية الخالدة مثل رمز الأسطورة لفكرة البعث بعودة أوزوريس نفسه إلى الحياة بعد تمزيقه إربًا، ومثل الرمز لتوزيع أشلاء أوزوريس بين مقاطعات البلاد لتوزيع الخصب بينها ونشره في كافة أرجائها؛ فإننا نعتقد أن توفيق الحكيم قد أحسن على العكس صنعًا بنقله هذه الأحداث من عالم الأسطورة إلى عالم الواقع، وتفضيله انتصار الخير في النهاية في شخص حوريس على زعم بعث أوزوريس من جديد كما تقول الأسطورة، فضلًا عن القضايا الأخرى العديدة التي اتسع الواقع لعلاجها. ومن المؤكد أنه لو حاول الحكيم الاحتفاظ بالأحداث الأسطورية كما هي وبرموزها لجاءت مسرحيته على أكبر تقدير مجرد تعليقات فكرية على الأسطورة، ولَمَا أتى توفيق الحكيم بجديد يُذكر في مسرحيته التي نعتبرها من خير ما كتب من مسرحياته، فضلًا عن أن الاتجاه الواقعي الذي اختاره قد جعل مسرحيته قابلة للتمثيل على خشبة المسرح، بل وضمن لها إقبالًا جماهيريًّا معقولًا، بينما لم يفكر أحد حتى اليوم في عرض مسرحياته التجريدية الخالصة مثل «بجماليون» على خشبة المسرح، فظلت تلك المسرحيات التجريدية من النوع الذي سمَّاه أحد النقاد الفرنسيين ﺑ «المسرح في مقعد»، أي المسرح الذي لا يصلح إلا للقراءة، وهو مسرح له قضية سوف نناقشها عندما نصل إلى الحديث عن النواحي الفنية الخالصة لمسرح توفيق الحكيم.
وأما الملاحظة الأخيرة التي تستلفت النظر في هذه المسرحية، فهي تغيُّر نظرة المؤلف إلى المرأة تغيرًا أساسيًّا، حيث نراه يمجد المرأة ويمجد الزوجة في شخصية إيزيس ويمدح موقفها الإيجابي الفعَّال في الدفاع عن زوجها وولدها والكفاح في سبيل المثل الأعلى، فأين هذا من موقف عدو المرأة وشكه في إخلاصها وقدرتها؟!