طنبرجي وبَغل
كلنا يعرف الطنبر، وقليل منا من لم يقل بالطنبرجي كلمات لا تذاع على الراديو. في بيروت رأي عام ضد الطنابر، أصحاب السيارات وسوَّاقوها ناقمون على الطنبرجية. وأمسِ حاولت درس قضية الطنابر، فسألت أحدهم — موسى العشار — عن حاله، فأخبرني أنه يملك طنبرين، ويشتغل على طريق صيدا، البغل اشتراه ﺑ ٣٠٠ ليرة، نسيت أن أسأله عن ثمن الطنبر، عليق البغل في النهار خمسة أرطال شعير ورطلَا تبن. ثمن الكلِّ ثلاث ليرات ونصف، يدفع للعامل ليرتين ونصفًا يوميًّا، يبقى لصاحب الطنبر ربح قدره ليرتان في النهار، كذلك هو يربح من الطنبر الآخر الذي يعمل عليه بنفسه أربع ليرات ونصف، مجموع ربحه اليومي ست ليرات ونصف؛ ذلك لأنه يملك طنبرين.
أما الذي يملك طنبرًا واحدًا، فربحه اليومي ليرتان فقط. «عدم المؤاخذة»، سها عن بالي أن أُخبِركم أن أجرة الطنبر والطنبرجي في النهار ثماني ليرات، ربحه ليرتان، هذا إذا اشتغل كل يوم من أيام السنة، ولكنه يمر عليه أيام كثيرة لا يجد فيها عملًا، هو يشتغل من الساعة السادسة صباحًا إلى الساعة السادسة مساءً، يشتغل عند متعهد طرقات، خلال هذه اﻟ ١٢ ساعةً، يستريح ربع ساعة في الصباح للترويقة، ونصف ساعة بعد الظهر للغداء.
يا سيدنا أنا آكل على الماشي، إنما البغل لا يريد أن يستعجل في أكله. في الأسبوع الماضي تخرَّب الطنبر، فأنفق عليه صاحبنا الطنبرجي ٢١ ليرةً أجرة تصليح، اشتغل ١٨ يومًا على الطريق، فكان صافي خسارته — أقول خسارته — ٢٧ ليرةً. وفي شهر تموز تهوَّر الطنبر، فجرح الطنبرجي، الحمد لله كانت سليمةً يا بك، جرح رأسي، وقطبه الطبيب ٨ قطبات. إنما الحمد لله كانت سليمةً يا بك؛ لأن البغل لم يتأذَّ.