إلى صلاح لبكي
أخي صلاح
أنت أحرجتني حين أهديت إليَّ نسخة من «سأم»، فكيف لي أن أشكرك، وأظهر بها إعجابي، ولست أرى على شفتك العليا شاربين، ولا أنا ممن يقبلون الشوارب.
هذه الكوة التي فتحتها فتدفق منها نسيم الجنة، ونورها يطهر عادي الحياة، وينيره؛ أيُّ حورية خدعت فسلبت منها مفاتيح تلك الكوة؟ من الذي رشوت فوهبك كل هذا القطع النادر من السحر؟ ومن الذي توسط لك فازدان صدرك بكل هذه الأوسمة؟ وأي صلاة تمتم في مقدمة الكتاب هذا الراهب — سعيد عقل — المتمنطق بكل هذه المفاتيح؟
في هذا الزمن الذي ننادي فيه بالمساواة، كيف يحق لك أن ترتفع عن أكثر الناس؟
شعرت بالقوة والنشوة والخيلاء حين رحت أرشف من شعرك.
حدثت نفسي: «ماذا على لبنان أن ينقصه القمح والخيش والبطاطا وعندنا من هذا؟»
فهمت كيف يبقى لبنان جميلًا برغم قذارة بعض سكانه.
ما دام عن بعضه ينبثق مثل هذا الجمال.
شعرت بالقوة إذ أوهمني عقلي الباطني أني أملك ما به أعجب، كذلك رحت أحترم نفسي إذ أرى هذه الثروة ولا أحسد صاحبها عليها.
أحسست إذ أنا أنشد أبياتك أني أقدر أن أفعل المستحيل، وأحب حتى القبيح.
صحيح القول أنني بعد قراءة الصفحة الأولى، وجدتني أنظم قصيدةً أتغنى فيها بالحكومة.
غير أني أعود فأجس الكتاب وأقرأ حروفه، فلا أصدق أنه حقيقة. لعل يقظتي التي شقيت بما أقرؤه من إنتاج هذه الأيام أوهمتني أن «سأم» هو من نتاج مطابع هذه الأيام.
وحين أقنع نفسي أن «سأم» هو حقيقة لا سراب، سأقصد إليك وإلى سعيد عقل، صاحب المقدمة، فأقبل شواربكم واقفًا على رجل واحدة.