في المرحوم الأستاذ بولس الخولي
أمام صمت الموت، أيُّ لسان هو فصيح؟
هذه العتمة التي ينساب إليها أحباؤنا، وغير أحبائنا، أيُّ عين نفذت عبر ظلامها؟
هذا الستار الذي ينسدل في منعطف الطريق، قد اتخذه البعض حائطًا يقيمون عنده مبكًى ومناحًا، وقال آخرون: هنا البدء، وغيرهم صاح: هنا النهاية، ووجم سائرهم: «نحن حيارى.» فأما الذين حدَّقوا بالظلمة مؤمنين، فقد رأوا فيها الأنوار المتلألئة، وهزأ الكافرون ضاحكين أن الإيمان خوف، وأن ليست بأنوار تلك التي تتلألأ في الظلمة، بل هي — كذا سخر الملحدون — انعكاس نظرات الذين حدَّقوا وحدقوا فارتدت أبصارهم شعاعًا عن عتمة لا تخترق.
الحياة هي فورة من نور، والذين عميت أبصارهم عما هو عبر الحياة هم الذين بهرت عيونهم الأنوار.
نجتمع اليوم لتكريم رجل مشى الحياة مطمئنًّا، مُتَّزِن الخطوات؛ إذ إنه ظفر بمعرفة هدفه، وآمن بالذي هو إليه صائر، رجل حدَّق بالظلمة، ولم يخفها لأنه لم يرها ظلمة، رجل عاش في دفء الحب والاحترام والثقة المتبادلة والعفة والجد.
وحين نزل الستار لم نولول، ولم نتفجَّع، ولم نعول لأننا مثله موقنون أنه بلغ البداية لا النهاية.