كثير وعزة وغلامه
كان لكثير غلام يتَّجر على العرب فأعطى النساء إلى أجل، فلما اقتضى ماله منهن ماطلته
عزة، فقال لها يومًا وقد حضرت في نساء: أما آن أن تفي بما عندك؟ فقالت: حبًّا وكرامة
لم
يبقَ إلا الوفاء، فقال: صدق مولاي حيث يقول:
قضى كل ذي دين فوفَّى غريمه
وعزة ممطول معنى غريمها
فقلن له: أتدري من هي غريمتك؟ فقال: لا أدري، قلن: هي والله عزة، قال: أشهدكنَّ عليَّ
أنها في حلٍّ مما عندها، ومضى فأخبر مولاه بالحكاية، فقال: وأنت حر وما عندك لك،
وأنشد:
سيهلك في الدنيا شفيق عليكم
إذا غاله من حادث الدهر غائلُهْ
يود بأن يمسي سقيمًا لعلها
إذا سمعت عنه بشكوى تراسلهْ
ويهتز للمعروف في طلب العلا
لتُحمد يومًا عند عز شمائلهْ
ومما قال فيها:
لا تغدرن بوصل عزة بعد ما
أخذت عليك مواثقًا وعهودا
إن المحب إذا أحب حبيبه
صدق الصفاء وأنجز الموعودا
الله يعلم لو أردت زيارة
في حب عزة ما وجدت مزيدا
رهبان مدين والذين عهدتهم
يبكون من حذر العذاب قعودا
لو يسمعون كما سمعت حديثها
خروا لعزة خاشعين سجودا