نصيب وزينب
قال الضحاك بن عثمان الخزامي: خرجت آخر الحج فنزلت بخيمة الإيواء على امرأة فأعجبني ما رأيت من حسنها، فتمثلت بقول نصيب:
فلما سمعت هذه الأبيات قالت: يا فتى، أتعرف قائل هذا الشعر؟ قلت: نعم، ذاك نصيب، قالت: نعم هو ذاك، أفتعرف زينب؟ قلت: لا، قالت: أنا والله زينب، قلت: فحياك الله. قالت: قد خرج نصيب إلى أمير المؤمنين منذ عام أول ووعدني بالمجيء هذا اليوم ولعلك لا تبرح حتى تراه، فما لبثت أن رأيت من بعيد قادمًا يخب به الحصان خبًّا، فقالت: أرى ذلك الفارس أني أحسبه إياه، ثم أقبل الراكب من جهة الخيمة فإذا هو نصيب، فنزل وسلم عليَّ وجلس إلى ناحية وسلم عليها وساءلها وساءلته، فجعل ينشدها من حديث شعره ولطيف نظمه، فقلت في نفسي: عاشقان أطالا التنائي فلا بد لهما من خلوة يرتاحان إليها، فقمت إلى راحلتي أشد عليها، فقال لي: على رسلك أنا معك، فجلست حتى نهض ونهضت معه، فتسايرنا ساعة ثم التفت إليَّ فقال: قلت في نفسك محبان التقيا بعد طول تناءٍ فلا بد لأحدهما من حاجة إلى صاحبه؟ قلت: نعم هو ذاك، قال: لا ورب الورى ما جلست منها مجلسًا قط أقرب من مجلسي الذي رأيت، ولم يك بيننا غير الشرف والعفاف.