عزة الميلاء والناسك عند أبي جعفر
بلغ عبد الله بن جعفر خبر جارية بديعة الصوت مع نخاس في المدينة فبعث إليه وابتاعها منه، فجاءه يومًا ناسك من المدينة كان يتردد إليه غالبًا فسمع الجارية تُغني: «بانت سعاد وأمسى حبلها انقطعا»، فما كاد يسمع صوتها حتى خرَّ مغشيًّا عليه، فأمر ابن جعفر فنضح على وجهه، فلما أفاق قال له: أكلّ هذا بلغ بك عشقها؟ قال: وما خفي عليك أكثر، قال: أفتعرف لمن هذا الصوت؟ قال: لا، قال: هو لعزة الميلاء، أوَتحب أن تسمعه منها؟ قال: قد رأيت ما نالني حين سمعته من غيرها وأنا لا أعرفها، فكيف يكون حالي إذا سمعته منها وأنا لا أقدر على ملكها، قال: أفتعرفها إن رأيتها؟ قال: أوَأعرف غيرها؟ فأمر بها فخرجت، وقال: خذها فهي لك والله، فقبَّل الرجل يديه، وقال: أنمت عيني، وأحييت نفسي، وتركتني أعيش بين قومي، ورددت إليَّ عقلي أيها الأمير.