المبرد وأصحابه والمجنون
قال المبرد: خرجت أنا وجماعة من أصحابي مع المأمون، فلما قربنا من نحو الرقة فإذا نحن بدير كبير، فأقبل إليَّ بعض أصحابي فقال: مل بنا إلى هذا الدير ننظر مَن فيه ونحمد الباري على ما رزقنا من السلامة. فلما دخلنا إلى الدير رأينا مجانين مغلولين وهم في نهاية القذارة، فإذا منهم شاب عليه بقية ثياب ناعمة، فلما بصر بنا قال: من أين أنتم يا فتيان حياكم الله؟ فقلنا: نحن من العراق. فقال: يا أهل العراق، أنشدوني بالله أو أنشدكم. فقال المبرد: والله إن الشعر من هذا لطريف، فقلنا: أنشدنا، فأنشأ يقول:
قال المبرد: إن هذا لطريف والله، زدنا. فأنشأ يقول:
فقال رجل من البغضاء الذين معي: ماتوا. قال: إذن فأموت. فقال له: إن شئت. فتمطى واستند إلى السارية التي كان مشدودًا فيها فما برحنا حتى دفناه.