محمد بن هارون وجلساؤه الثلاثة
تنفس محمد بن هارون الأمين يومًا في مجلسه أيام الحصار فالتفت إلى جليس له يُدعى محمد بن سلام، وقال له: ويحك يا محمد أتراني؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، ذكرت قول الشاعر:
ذكر الهوى فتنفس المشتاق
وبدا عليه الذلُّ والإطراقُ
يا من يصبرني فأصبر بعده
والصبر ليس يطيقه العشاقُ
فقال: لا والله ما أصبتها، ثم التفت إلى جليس آخر، فقال: ويحك ألا تراني؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، ذكرت قول الأحنف:
تذكرت بالريحان منك شمائلًا
وبالراح عذبًا من مقبلك العذب
فقال: لا والله ما أصبتها، ثم التفت إلى كوثر الخادم، فقال: ويحك ألا تراني؟ فقال: نعم يا أمير المؤمنين، ذكرت قول ابن نفيلة الغساني:
إن كان دهر بني ساسان فرقهم
فإنما الدهر أطوار دهارير
وربما أصبحوا يومًا بمنزلة
تهاب صولتها الأسد المهاصير
فقال: أصبتها والله، ورفع منزلته.