الشريف البياضي والجارية
عشق الشريف البياضي جارية لبنت فخر الملك فوجِد بها وجدًا عظيمًا، وزاد أمره حتى شاع بين الناس، ولم يزل حتى مرضت فمرض هو أيضًا، فلما ماتت طاش عقله وذهب لبُّه فلحق بها وهو ينشد قائلًا:
دع الوقوف على الأطلال والدمن
فليس ينفع مسكون بلا سكنِ
أما تراني لا أُثني على طللٍ
بعد الفراق ولا آوي إلى وطنِ
وكيف يأنس قلبي بالديار وقد
أصاب فيها الردى من كان يؤنسني
إن الذي أذاقوني فراقهم
أفنيت بعدهم دمعي من الحزنِ
لله من لعبت أيدي المنون به
ضنًّا بما فيه أن يبقى على الزمنِ
جعلت روحي له من روحه عوضًا
مقيمةً معه في ذلك الكفنِ
فصار كَالحي إذ روحي تحل به
وصرت كالميت إذ لا روح في بدني
وكيف تصحب روحي بعده جسدي
وكان إن غاب تأبى أن تصاحبني