شهيدة الحب
منظومة بقلم جامع الكتاب
لله موقف غادةٍ
عبثت بمهجتها الشجون
لعب الهوى بفؤادها
غصنًا تتيه على الغصون
فتقصفت أوراقها
حتى علا منها الأنين
ما تلك أوراق جنتها
قطُّ أيدي الغارسين
حتى تعود فتنجلي
للعين زهراء الجبين
تلك الجوارح إنما
رقت لتكسير الجفون
فجنى عليها الوجد ما
لم تجنهِ نبل العيون
من نظرة قد غادرت
في قلبها السهم المكين
سهم بدا عن قوس حا
جب أهيف يرمي الفتون
فغدت تقول بلوعة
أماه هلا تعلمين
قد جاءني وحي الخفا
أني سأقضي بعد حين
فحنت عليها أمها
تبكي بكاء الخائفين
بيدٍ تضم فؤادها
كالطير ضمته الغصون
وغدت تقول بلهفة
لله ما هذي الظنون
ما أنت إلا وردةٌ
حجبت فأنى تقطفين
تحيين ما بكت السحا
ئب أو جرت ماء العيون
فبكت بنيتها بدمع
هاجه الداء الدفين
وثنت غصين قوامها
تشكو ولكن لا معين
وتقول من وله إلـ
ـهي ارحم قلوب العاشقين
واغفر لهم زلَّاتهم
فلأنت خير الغافرين
حتى إذا بسم الصبا
حُ وفتحت منه الجفون
نظرت فخالج طرفها
شبحٌ رأته منذ حين
فدنت بجاذب شوقها
حتى إذا التقت العيون
ورأت حبيب فؤادها
يدنو وتحجبه الغصون
قالت وقد نشر الحيا
ءُ لواءه فوق الجبين
أهلًا بمن ملك الفؤا
دَ هواه دون العالمين
فأجابها ذاك الفتى
فرحًا بلقياها حزين …
يا من حَوَتْ وَرْدَ الرِّيَا
ض بخدها الباهي المصون
من لي بأن يبني الهوى
منا على عهد متين
فتعاهدا حتى إذا
وافى حماها بعد حين
نظر الفتى في وجهها
دمعًا فهاجته الشجون
وارتاب في حب الفتا
ة لهُ وراعته الظنون
ورنا إليها قائلًا
بالله ماذا تشتكين
قالت وقد بسط المما
ت جناحه فوق الجبين
أشكو شرابًا صبه
الرحمن في كأس المنون
وأتت به الأقدار تسـ
ـعى نحو ذا القلب الحزين
فبكى الفتى جزعًا وصا
ح بلهفة أنى يكون …
أبيقظة يا أذن أم
في الحلم ما قد تسمعين
فأجابه من عالم النجـ
ـوى لسان العاشقين
هيهات قد حكم القضا
ء وذاك أقوى الحاكمين
بجنى غصين قد حلا
منه الجنى دون الغصون
فاصبر على بلواكِ إن
الله يجزي الصابرين
فجثا الفتى جزعًا وصا
ح حبيبتي هل تسمعين
لا لا فذاك يروع قلـ
ـبك ذكره لو تعلمين
ما زلت في مهد الصبا
من روض حسنك ترتعين
فبكت حبيبته وقا
لت تلك يا قلبي ظنون
فادنُ حبيبي للوداعِ
قبيل أن يدنو المنون
ويروع قلبينا بنأي
لا لقاء له يكون
فبكى وقال حبيبتي
بالله ماذا تكتمين
وأراد تخفيف الجوى
منها وإبداء الحنين
وإذا بها سقطت تجلـ
ـللُ ورد خديها الغصون
فدنا ينازعها الفنا
ندمًا ولكن لات حين …
ويقول يا عذراء رفـ
ـقًا بي وبالقلب الحزين
حتى إذا هدأ الظلا
م وعم في الأرض السكون
سمع الفتى من نحوها
صوتًا يخامره الأنين
وهتاف وحيٍ قائلٍ
وا رحمتا للعاشقين