إبراهيم بن المهدي وجارية بنت عصمة
اختفى إبراهيم بن المهدي زمن المأمون عند بنت عصمة بنت أبي جعفر حين هربه من المأمون لشدة طلبه له، وكانت تكرمه غاية الإكرام، وتلاطفه بأشهى الطرائق، وتتفقده في أوقاته، ووكلت به جارية يُقال لها: ملك، وكانت قد أدبتها وأنفقت عليها الأموال، وكانت جميلة الصوت، راوية الأشعار، بارعة الجمال، حسنة القد، عاقلة، فكانت تتولى خدمة إبراهيم وتقوم على رأسه تتفقد أموره، فأحبها كثيرًا وكتم ذلك عن ربة البيت، فلما اشتد وجده وغلب حبها على فؤاده أخذ عودًا وغنَّى فيها شعرًا له وهي واقفة أمام عينيه:
فسمعت الجارية الشعر وفطنت لمعناه لرقة قلبها وظرف شمائلها، وكانت مولاتها تسألها عن حالها وحاله في كل يوم، فأخبرتها ذلك اليوم بما في قلبه منها وما سمعت من شعره غناء، فقالت لها مولاتها: اذهبي فقد وهبتك له، فعادت إليه، فلما رآها أعاد الصوت فأكبت عليه الجارية وقبَّلت رأسه، فقال لها: كفى، فقالت: قد وهبتني مولاتي لك، فسُرَّ كثيرًا لنيل بغيته.