تأخير بثينة عن وعدها لجميل
وعدت بثيتة جميلًا بخلوة يجتمعان بها وتأخرت عن إيفاء الوعد؛ فحزن جميل وأنشد يقول:
يا صاح عن بعض الملامة أقصر
إن المنى للقاء أم المسورِ
وكأن طارقها على علل الكرى
والنجم وهنًا قد دنا لتغور
يستاف ريح مدامةٍ معجونة
بذكي مسك أو سحيق العنبر
إني لأحفظ غيبكم ويسرني
إذ تذكرين بصالح أن تذكري
ويكون يوم لا أرى لك مرسلًا
أو نلتقي فيه عليَّ كأشهر
يا ليتني ألقى المنية بغتة
إن كان يوم لقائكم لم يقدر
أو أستطيع تجلدًا عن ذكركم
فيفيق بعض صبابتي وتفكري
لو قد تُجِنّ كما أجنُّ من الهوى
لعذرت أو لظلمت إن لم تعذري
والله ما للقلب من علم بها
غير الظنون وغير قول المخبر
لا تحسبي أني هجرتك طائعًا
حدث لعمرك رائع أن تهجري
فلتبكيني الباكيات وإن أبح
يومًا بسرك معلنًا لم أعذر
يهواك ما عشت الفؤاد فإن أمت
يتبع صداي صداك بين الأقبر
إني إليك بما وعدت لناظرٌ
نظر الفقير إلى الغني المكثر
يعد الديون وليس ينجز موعدًا
هذا الغريم لنا وليس بمعسر
ما أنت والوعد الذي تعدينني
إلا كبرق سحابة لم يمطر
قلبي نصحت له فرد نصيحتي
فمتى هجرتيه فمنهُ تكثَّري