هارون الرشيد والبنت العربية
رُوي أن أمير المؤمنين هارون الرشيد مرَّ في بعض الأيام وبصحبته جعفر البرمكي، وإذا هو بعدة بنات يستقين الماء، فعرج عليهن يريد الشرب وإذا إحداهن التفتت إليهن وأنشدت تقول:
فأعجب أمير المؤمنين ملاحتها وفصاحتها وقال لها: يا بنت الكرام، أهذا من مقولك أم من منقولك؟ قالت: من مقولي، قال: إذا كان كلامك صحيحًا فأمسكي المعنى وغيّري القافية، فأنشدت تقول:
فقال لها: والآخر مسروق، قالت: بل كلامي، فقال: إن كان كلامك أيضًا فأمسكي المعنى وغيّري القافية، فجعلت تقول:
فقال لها: والآخر مسروق، قالت: بل كلامي، فقال لها: إن كان كذلك فأمسكي المعنى وغيّري القافية، فقالت:
فقال لها أمير المؤمنين: من أي هذا الحي؟ قالت: من أوسطه بيتًا وأعلاه عمودًا، فعلم أمير المؤمنين أنها بنت كبير الحي. ثم قالت له: وأنت من أي رعاة الخيل؟ فقال: من أعلاها شجرة وأينعها ثمرة. فقبَّلت الأرض وقالت: أيدك الله يا أمير المؤمنين، ودعت له ثم انصرفت مع بنات العرب. فقال الخليفة لجعفر: لا بد من زواجها، فتوجه جعفر إلى أبيها وقال له: إن أمير المؤمنين يريد ابنتك، فقال: حبًّا وكرامة تهدى جارية إلى حضرة مولانا أمير المؤمنين، ثم جهزها وحملها إليهِ فكانت من أعز نسائه.