وشاية الخادم بجميل وبثينة
رصد جميل بثينة في نجع لبني عذرة حتى إذا صادف منها فرصة وهي مارة مع أترابها في ليلة ظلماء ذات رعود وأمطار فحذفها بحصاة فأصابت بعض أترابها، ففزعت وقالت: والله ما حذفني في مثل هذا الوقت إلا الجن، فقالت لها بثينة وقد فطنت: انصرفي إلى منزلك، حتى تذهب إلى النوم، فانصرفت وبقي مع بثينة أم الحسين وأم منظور، فقامت إلى جميل فأخذته إلى الخباء معها وتحدثا طويلًا وما زالا على ذي الحال إلى أن أسفر الصباح، فجاء غلام زوجها بصبوح من اللبن بعث بها إليها زوجها، فلما رآها مع جميل منفردة مضى لوجهه حتى يخبر سيده، فرأته ليلى والصبوح في يده وكانت قد عرفت خبر بثينة وجميل فاستوقفته كأنها تسأله عن حاله وبعثت بجارية لها وقالت: حذري بثينة وجميلًا، فجاءت الجارية فنبهتهما، فلما تبينت بثينة الصبح قد أضاء والناس متنكرين ارتاعت وقالت: يا جميل نفسك نفسك، فقد جاءني غلام زوجي بصبوحي من اللبن فرآنا سوية، فقال لها وهو غير مكترث: علامَ الخوف؟ وأنشد:
فأقسمت عليه أن يلقي نفسه تحت النضد، وقالت: إنما أسألك ذلك خوفًا على نفسي من الفضيحة لا خوفًا عليك، ففعل ما أمرته به وأتت بأم الحسين إلى جانبها، ثم ذهبت خادمة ليلى فأخبرتها الخبر، فتركت العبد يمضي إلى سيده، فمضى والصبوح معه وقال: رأيت جميلًا مع بثينة في خباء واحد، فمضى إلى أخيها وأبيها فأخبره الخبر وأخذهما وأتى بهما إلى خباء بثينة، فلما دخلوا إلى الخباء لم يجدوا مع بثينة إلا أم الحسين فخجل زوجها وسب عبده، فقالت ليلى لأخيها وأبيها: قبحكما الله أفي كل يوم تفضحان فتاتكما وتسمعان ما يُقال فيها، أما جميل فإنه أقام عند بثينة حتى جنَّ الليل ثم ودَّعها وانصرف، وخافت بثيتة مما جرى فتحامت منه مدة، فزادت به لواعج الهوى وأنشد يقول: