إبراهيم الموصلي والرشيد والجارية
قال إبراهيم الموصلي: قال لي الرشيد: بكِّر لنصطبح، فقلت: أنا والصبح فرسا رهان نستبق إلى حضرتك، فبكرت فإذا أنا به خالٍ وبين يديه جارية كأنها غصن بان، حلوة المنطق، جميلة الصوت، وهي تنشد شعر أبي نواس:
فذهبت والله بعقلي حتى كدت أُفتضح، فقلت: مَن هذه يا أمير المؤمنين؟ قال: هذه التي قال فيها الشاعر:
ثم قال لها غنِّي فغنت:
وشرب وسقاها، وقال: غنِّ يا إبراهيم، فغنيت عن غير عمد ولا تحفظ أقول:
ففطن لتعريضي وكانت جهلة مني، فأمرني بالانصراف ولم يدعُ بي شهرًا ولا حضرت مجلسه، فلما كان بعد شهر دسَّ إليَّ خادمًا معهُ رقعة مكتوب عليها هذه الأبيات:
فأتاني الخادم بالرقعة، فقلت: ما هذه؟ قال: رقعة فلانة الجارية التي غنتك بين يدي أمير المؤمنين، فأحسست بالقصة وعجبت من ذاك الأمر.