افتضاح أمر قيس وليلى
ذهب قيس يومًا إلى بيت أبي ليلى ليقترض سمنًا يُقري به ضيوف أبيه، فقال أبو ليلى: يا ليلى أخرجي ذلك السمن واقضي حاجة هذا الفتى، فخرجت إليه وسلمت عليه وجعلت تسكب السمن في إنائه وهي تشكو ما لها عنده من الشوق، فلما سمع كلامها طاب قلبه فالتهى معها بالحديث إلى أن فاض الإناء وصار السمن يقطر على الأرض، وما زالا يتحادثان حتى غاصت أرجلهما بالسمن، فاستبطأها أبوها وناداها فلم تنتبه إليه فخرج ليكشف الخبر وقد أنكر أمرها فوجدها على تلك الحالة، فغضب غضبًا شديدًا ومنعها الزيارة وحجبها عنه خوف الفضيحة، فصار يغتنم غفلة الرقيب فيجتمع بها ويطفي ما بقلبه من الالتياع، فلما بلغه ذلك شكاه إلى الخليفة ابن مروان، فأمر عامله بقتله إذا هو زارها، فلما بلغ قيسًا ذلك تنهد وأنشد:
ولما زاد شوقه ذهب ليسترق النظر من ليلى فرأى الحي خاليًا فسأل عنها فقيل له: إنها سارت وقومها إلى جبل توباد، فقصد ذلك المكان وما زال يبحث عنها حتى لقيها فشكا لها وشكت له وأخذا يتناجيان ثم بكى قيس وأنشد:
فرقت له ليلى وضمته إلى صدرها، وبعد قليل ودَّعها وسار عائدًا إلى أهله.