جارية أمير المؤمنين والشاب
كان لأمير المؤمنين جارية حسناء تُدعى قوت القلوب، فسافر يومًا وتركها في قصره وحيدة فريدة، فوقع نظرها على شاب جميل الهيئة فأحبتهُ كثيرًا وأباحت بما عندها، فصدَّ عنها خوفًا من الخليفة فزاد حبها بامتناعه، فنظرت إليه نظرة الهائم وأنشدت تقول:
قلب المتيم كاد أن يتفتتا
فإلى متى هذا الصدود إلى متى
يا معرضًا عني بغير جناية
فعوائد الغزلان أن تتلفتا
صدٌ وهجرٌ زائد وصبابة
ما كل هذا الأمر يحملُه الفتى
فبكى وبكت من لوعة الحب والغرام وأنشدت تقول:
بديع الحسن كم هذا التجني
ومن أغراك بالإعراض عني
حويت من الرشاقة كل معنى
وحزت من الملاحة كل فنِّ
وأجريت الغرام لكل قلبٍ
ووكلت السهاد بكل جفنِ
وأعرف قبلك الأغصان تُجْنَى
فيا غصن الأراك أراك تَجني
وعهدي بالظبا صيدًا فما لي
أراك تصيد أرباب المجنِ
وأعجب ما أحدِّث عنك أني
فتنت وأنت لم تعلم بأني
فلا تسمح بوصلك لي فإني
أغار عليك منك فكيف مني
ولست بقائل ما دمت حيًّا
بديع الحسن كم هذا التجني