مالك العامري ومحبوبته
قال أحدهم: انصرفت من الحج فمررت بماوية وكان لي فيها صديق من بني عامر، فصرت إليه مسلمًا فأنزلني، فبينا أنا عنده ونحن قاعدان بفنائه إذا النساء مستبشرات وهن يقلن: تكلم تكلم، فقلن: ما هذا؟ فقالوا: فتى منا كان يعشق ابنة عم له فزُوِّجت وحُملت إلى ناحية الحجاز، فإنه لعلى فراشه منذ حولٍ ما تكلم ولا أكل إلا أن يؤتى بما يأكله ويشربه، فقلت: أحب أن أراه، فقام وقمت معه فمشينا غير بعيد وإذا بفتى مضطجع بفناء بيت من تلك البيوت ولم يبق منه إلا خيال، فأكب الشيخ عليه يسأله وأمه واقفة، فقالت: يا مالك، هذا عمك أبو فلان يعودك، ففتح عينيه وأنشأ يقول:
ثم تنفس الصعداء فإذا هو ميت، فقام الشيخ، وقمت فانصرفت إلى خبائه فإذا جارية جميلة تبكي وتتفجع، فقال الشيخ: ما يبكيك؟ فأنشأت تقول:
ثم انثنت على كبدها وشهقت فإذا هي ميتة.