عنترة وعبلة
أحب عنترة بن شداد عبلة ابنة عمه وزاد هيامه بها، ففي أحد الأعياد بينما كان سائرًا بين الخيام وقع نظره عليها وهي تخطر في هالة حسناء من ربات المعاطف وغادات الدلال فزاد منه الهيام وأنشد:
فلما سمعت عبلة هذا الكلام وقع في قلبها مثل ما في قلبه من لاعج الحب والهيام فكتمت ما في نفسها منه، فبينما كان عنترة أحد الأيام يقدم اللبن إلى الإماء والمخدرات لاحت له عبلة فأشغلت فؤاده وكاد يعدم عقله ورشاده فقدم لها اللبن قبل سمية زوجة أبيه شداد، فغضبت سمية لتلك الجسارة وثارت منها عوامل الغيرة، فأخبرت أبيه بما جرى، فأمر بأن يشد وثاقه ويحبس في بعض الخيام، فحُبس، فهجم يومًا قومٌ على حيهم حين غاب شداد عنه فقتلوا العبيد وأخذوا يسبون النساء والأطفال، فلما علم عنترة بما جرى ورأى حبيبته عبلة حيرى بين الخيام عرضة للسبي والتهتك دفعته الشهامة إلى خلاصها وخلاص من معها، فتمطى بالوثاق فقطعه وهجم على القوم فمزقهم طرائق وخلص من أيديهم جميع النساء، فلما أتى شداد ورأى عنترة محلول الوثاق زاد منه الغيظ والغضب ونزل عليه بضرب السياط، فوقفت سمية تظلله وتدفع عنه الضرب الموجع وقد انحدرت من طرفها العبرات، فعجب شداد لذلك الانقلاب وقال لها: يا سمية، قد كنت أنت سبب شده في الوثاق وإثارة غضبي عليه، فما لك الآن تحامينه بنفسك وتصبين إليه شفقة وحنانًا؟ فأعلمته سمية بما جرى وما أبداه عنترة من الشجاعة والمروءة، فرَّق له وعفا عنه، فلما رأى عنترة ما أبدته سمية نحوه من الشفقة وما سكبته لأجله من العبرات أنشد يقول: