مواصفات خاصة!
عندما أنهى الشياطين إجراءاتهم في مطار «برازيليا» كان في استقبالهم شخص يُدعى «جانيرو»، كان هو عميل المنظمة في تلك المنطقة … وسرعان ما كان البرازيلي يقودهم إلى فيلا واسعة في قلب العاصمة حيث كانت سيارة السباق الخاصة بهم في انتظارهم …
كانت سيارة رائعة … كأنها تحفة … كانت سوداء اللون بخط فضي في المنتصف، وقد رسمت علامة الشياطين فوق مقدمتها المسحوبة للأمام والتي كانت تحتوي على كشافين قويين يتم تغطيتهما عند عدم الحاجة إليهما … كما كانت عجلاتها عريضة قوية مدعمة بأسلاك دقيقة من الصلب لتتحمل السير في أشد الطرق وعورة، وكان لها مقعد أمامي فقط يتسع لشخصين، على حين كانت مؤخرتها عريضة فارغة احتياطيًّا لتمتلئ بالماء والغذاء والوقود والسلاح …
تساءلت «إلهام»: ما هي ماركة هذه السيارة؟
رد «جانيرو» بابتسامة واسعة: إنها ماركة الشياطين … فهي سيارة مستحدثة لا مثيل لها، وقد تم إنتاجها بناءً على طلب خاص.
أحمد: وهل لها مميزات خاصة؟
جانيرو: إن لها العديد من المميزات … فهي أولًا مصفحة ضد الرصاص، ويمكنها أن تعمل مثل قارب فتعبر أي نهر يعترضها.
التفت الشياطين الخمسة بدهشة نحو «جانيرو» الذي أضاف: إنها مصممة بحيث لا يكون بأسفلها أي منفذ لدخول الماء، علاوة على أنها تحتوي من أسفل على ما يشبه المراوح المائية لتسييرها فوق الماء، فالغابات البرازيلية مليئة بالعوائق المائية والأنهار … وبالإضافة إلى ذلك فهي تحتوي على أجهزة قتالية مخفاة بمهارة.
تحسس «أحمد» مقدمة السيارة أسفل كشافي الإضاءة فعثرت يداه على فتحات صغيرة مخفاة بمهارة.
فقال «جانيرو» موضحًا: إنها فتحات إطلاق الرصاص، وتوجد في مؤخرة السيارة بجوار ماسورة العادم (الشكمان) ماسورة أخرى لإطلاق الصواريخ … وماسورة العادم ذاتها تستطيع إطلاق غاز سام أو غاز منوم حسب الزرار الذي يتم الضغط عليه في لوحة التابلوه الأمامي … بالإضافة إلى أن كشافي الإضاءة يمكنهما الارتفاع لأعلى ليفسحا المكان لماسورتين لإطلاق اللهب الحارق لمسافة طويلة.
ربَّتت «إلهام» على السيارة قائلة: إنها سيارة رائعة!
جانيرو: ليس هذا فقط … إن لها قوة دفع قوية بحيث تتيح لها تسلق طريق بزاوية ارتفاع تصل إلى ٤٥ درجة بلا مشقة.
قال «أحمد» ضاحكًا: لم يتبق لها سوى تسلق الأشجار!
ابتسم الجميع وقال «جانيرو»: إن محرك هذه السيارة سعة ٢ لتر وقوته تصل إلى ٤٥٠ حصانًا وسرعتها القصوى تصل إلى أكثر من ٣٥٠كم، وهي تستطيع أن تصل إلى السرعة القصوى بعد مائة متر فقط من انطلاقها.
عثمان: إنها سيارة رهيبة بحق! إنها السيارة الملائمة للشياطين تمامًا.
وقادهم «جانيرو» إلى شاحنة متوسطة الحجم من طراز «فورد» الأمريكي زودت بعجلات مزدوجة وكانت ذات صندوق كبير يتسع لكمية كبيرة من قطع الغيار والغذاء والماء والبنزين، وكانت الشاحنة ذات مميزات لا تقل عن السيارة الأولى، غير أنها كانت أقل سرعة وقوة دفع، وكان بها جهاز لاسلكي صغير مخفي بمهارة في عجلة القيادة … وكان هناك مخزن سري بأسفل الشاحنة قد احتوى على عدد كبير من القنابل اليدوية والصواريخ التي تحمل على الكتف وعدد من المدافع الرشاشة سريعة الطلقات.
قال «قيس»: إنَّنا بهاتين السيارتين نستطيع أن نشنَّ حربًا ونكسبها، وليس مجرد اختراق الغابات فقط.
ضاقت عينا «جانيرو» وهو يقول: إن دخول غاباتنا هو الحرب ذاتها … ولكنَّها حرب ضد الطبيعة … وهي طبيعة قاسية رهيبة فشل الجميع في إخضاعها حتى الآن.
التقت أعيُن الشياطين في صمت، وقادهم «جانيرو» لأعلى ليحصلوا على قسط كافٍ من الراحة قبل أن يبدءوا مُهمتهم الشاقة في ظهر الغد.
في صباح اليوم التالي، وقبل السابعة بدقائق كان شمل الشياطين الخمسة قد اكتمل في شرفة الفيلا، وكان أمام الجميع تقرير يَحتوي على كل المعلومات الخاصة عن «سالم» ومساعده وصديقه «ممدوح» … وكان التقرير لا يُعطيهم مزيدًا من المعلومات عن «سالم»، أما «ممدوح» فعرفوا أنه كان زميلًا ﻟ «سالم» في دراسته بأوروبا، وأنه مُواطِن له وصديق شخصي ويتمتَّع بإقدام وشجاعة لا تقلُّ عن «سالم».
وكان التقرير يحتوي أيضًا على طراز سيارة الفريق العربي «سالم» و«ممدوح» وهي عبارة عن سيارة من طراز «تربو ٤٠٥» مزوَّدة بمحرِّك ١.٩ لتر قادر على إعطاء قوة ٤٠٠ حصان وتصل سرعتها النهائية إلى ٣٢٠ كيلومترًا … أما سيارتهما المعاونة المحتوية على قطع الغيار والغذاء فكانت من طراز «داف» بمُحرِّكَين يُعطيانها قدرة ١٢٠٠ حصان وتبلغ سرعتها القصوى ٢٠٠كم/ساعة، ويقوم بقيادتها اثنان مِن أمهر قائدي السباقات العرب ممَّن قبلوا الاشتراك مع «سالم» في السباق لقيادة السيارة المُعاوِنة وهم «كامل الجوارحي» و«سعيد عزمي».
انتهى الشياطين من التقرير أمامهم، وقامت «زبيدة» بتمزيق التقرير إلى قِطَع صغيرة وأشعلت فيها النار حتى حوَّلتْها إلى رماد … على حين قامَت «إلهام» بالاتِّصال برقم «صفر»، وجاءت أوامر رقم «صفر» تمنعُهم من الاتِّصال بالفريق العربي بقيادة «سالم» أو إخباره بمهمَّتهم في حمايته وألا يجعلوه يَغيب عن بصرهم.
وبعد أن انتهى تقرير رقم «صفر» قام الشياطين بإبدال ملابسهم بملابس من الجينز، واستقل «أحمد» و«عثمان» سيارة السباق، على حين قاد «قيس» السيارة الأُخرى وجلسَت «زبيدة» و«إلهام» بجواره في صمت، وانطلقَت سيارة «جانيرو» أمام سيارتَي الشياطين تُرشدهم إلى مكان السباق.
عندما وصَل الشياطين إلى نقطة البدء في قلب العاصمة البرازيلية كان المكان حاشدًا، فقد كانت كل السيارات المُشترِكة في السباق قد سبقتْهم إلى هناك، وكان هناك عشرات الآلاف من المشاهِدين الذين راحوا يُغنُّون ويُصفِّقون في تهليل صاخب، على حين كانت هناك عدة فِرَق راقصة وطنية تُقدِّم بعض رقصاتها احتفالًا بالمتسابقين … وعدد كبير من عدسات التليفزيونات العالَمية تُسجِّل السباق … قدم الشياطين أوراق اشتراكهم في السباق وقام الفنيون بتسجيل سيارة الشياطين وفحصها كما تنصُّ قوانين السباق، وإن لم يستطيعُوا اكتشاف أسرار السيارة وأسلحتها التي بدتْ بريئة المظهر لمهارة مَن صمَّمها … وتمَّ توزيع خرائط الطريق على المُتسابقين، وأعلن في الميكروفون أن هناك ثلاث طائرات عمودية سوف تتقدَّم السباق لتُرشِد المتسابقين إلى خطِّ السير الصحيح حتى لا تضلَّ إحدى السيارات داخل الغابات، كما أن تلك الطائرات تحتوي على كافة مُستلزمات الإسعاف والأطباء وغرفة عمليات جراحية كاملة تحسُّبًا لأيِّ حادث للمشتركين.
واصطفَّت السيارات في عدة صفوف انتظارًا لإشارة البدء … كانت سيارة الشياطين في الصف الرابع، وظهرتْ أمامهم في الصف الثاني سيارة الفريق العربي ذات اللون الأزرق، وكان «سالم» جالسًا إلى عجلة القيادة تُضيء وجهَه ابتسامة ثقة عريضة، على حين كان زميله مشغولًا بمراجعة الخرائط ووضع بعض العلامات عليها.
أما السيارات المُعاوِنة وكانت كلها شاحنات متوسِّطة أو كبيرة الحجم فقد قبعَت في الخلف لتنطلق بعد نصف ساعة من انطلاق السيارات المتسابقة …
وهدرت السيارات بقوة محرِّكاتها التي تصمُّ الآذان، وزاد صخب الجماهير مع اللحظات الأخيرة قبل بداية السباق الذي كان مقدَّرًا له البدء في تمام الثالثة ظهرًا …
وفي الوقت المحدد تمامًا تمَّ إطلاق إشارة البدء من مسدس كبير، وعلى الفور اندفعت السيارات المتسابقة إلى الأمام بهديرٍ يصمُّ الآذان، ورفع «سالم» يده بعلامة النصر من نافذة سيارته وهو يَنطلِق بها … ومن الخلف وعلى مسافة قليلة قاد «أحمد» سيارة الشياطين خلف سيارة الفريق العربي وقد تحفَّزت كلُّ أعصاب الشياطين لملاقاة الخطر المجهول الغامض!