حصار الزمن: الماضي والمستقبل (علوم): الجزء الثالث
«عِلم الله لذاته هو العِلم المطلَق الشامل اللامحدود، في حين أن العِلم الإنساني نسبيٌّ وجزئيٌّ ومحدود، ولا يعني ذلك إقلالًا من شأن العِلم الإنساني، بل أملًا في المزيد، وسعيًا إلى الكمال، وعدمَ اليأس من المستقبَل أو الغرور في الحاضر.»
اعتمد الدكتور «حسن حنفي» على منهج تحليل المضمون بصفته أداةً تفكيكية في معظم أبحاثه وأطروحاته، ولعل ما دفَعه إلى ذلك رغبتُه في تجريد اللفظ والمصطلح الذي يُناقِشه من ظرفه التاريخي وجعله في متناول العصر الذي يُناقَش فيه. وفي الجزء الثالث من سلسلته «حصار الزمن» يستخدم المنهجَ نفسَه في تحليل العديد من المصطلحات والمفاهيم الخاصة بالعِلم والعلوم، خاصةً الإسلاميةَ منها؛ مثل علوم القرآن ومفهوم العِلم فيه، وعلوم الحديث بمَتنه وسنَده، وعلوم الفقه والأصول وما يتعلَّق بهما؛ مثل الجهاد وفِقه النساء والمقاصد والشورى والبَيعة والثورة والديمقراطية والتنمية والفقر، وينتهي بمناقشة علوم الحكمة بالمنهج نفسه؛ ابتداءً ﺑ «أرسطو»، ومرورًا ﺑ «ابن سينا» و«ابن رشد»، وانتهاءً ﺑ «ملا صدرا»، والمقارنة بين التيارات السَّلَفية التاريخية والمعاصِرة.
أرَّقت أزماتُ الوطن العربي عقلَ المفكِّر «حسن حنفي»، فشغلت وقتَه وملأت ذِهنه حتى جعل تفكيكَها وتحليلها مشروعًا لا ينتهي، وتأتي سلسلة «حصار الزمن» تعبيرًا منه عن الموقف الحضاري الذي تعيشه الثقافة العربية، وانحصارها بين ماضٍ مقطوع، وحاضرٍ قد ركب قطارَ الزمن السريع، ومستقبلٍ لا تملك فيه من أمرها شيئًا.