ابن رشد فقيهًا١
(١) مقدمة: من التقليد إلى الاجتهاد
(٢) الوافد والموروث
(٣) البنية الثنائية الرأسية (العبادات) والأفقية (المعاملات)
ومع ذلك يمكن اكتشاف بنية على مستويات عديدة كمًّا وكيفًا. فإذا كان الجزء الأول يتعرض لفقه «العبادات» بينما يتعرض الجزء الثاني لفقه «المعاملات»، وكانت العبادات علاقة الإنسان مع الله، والمعاملات علاقة الإنسان مع غيره، كان الإنسان طرفًا مشتركًا في العلاقتين، الله والآخر. وكلاهما آخر: الآخر الرأسي والآخر الأفقي: الآخر إلى أعلى والآخر إلى الأمام.
قسمة الكتاب إلى أول وثانٍ، وبعض الكتب إلى جمل، وبعض الجمل إلى مسائل مباشرة، وبعض الجمل إلى أبواب، وبعض الأبواب إلى فصول، وبعض الفصول إلى أقسام، وبعض الأقسام إلى مسائل، وبعض الأبواب إلى مسائل مباشرة، وبعض الكتب إلى أبواب مباشرة.
(٤) البنيات المتداخلة
وبالإضافة إلى هذه البنية الرئيسية الثنائية الرأسية في العبادات والأفقية في المعاملات تظهر مجموعة من البنيات المتداخلة في كل موضوع كلي يجمع عددًا من الكتب، وهي الموضوعات الثمانية في كل من العبادات والمعاملات، ويمكن توضيح ذلك على النحو الآتي:
أولًا: العبادات
-
(١)
الطهارة بنية ثنائية: الطهارة من الحدث، والطهارة من الخبث (النجس). والطهارة من الحدث بنية ثلاثية: الوضوء، والغسل، والتيمم. والوضوء بنية خماسية: الوجوب، والأفعال، والماء، والنواقض، والغاية. والغسل بنية ثلاثية: العمل، والنواقض، والأحكام. والتيمم بنية سباعية: المعرفة، والجواز، والشروط، والصفة، والصنع، والنواقض، والشرط. والطهارة من الخبث بنية سداسية: الحكم، والأنواع، والمحال، والشيء الذي تزال به، والصفة، والأدب.
-
(٢)
والصلاة بنية ثنائية: أعيان وما ليست بأعيان أي وجوب. وندب الأعيان بنية رباعية: الوجوب، والشروط، والأركان، والقضاء. والشروط بنية ثمانية: الوقت، والأذان مع الإقامة، والقبلة، واللباس، والطهارة، والمواضع، والشرط، والنية. والوقت بنية ثنائية: مأمور، ومنهي. والمأمور بنية ثنائية: مختار، وضروري. والأركان بنية سداسية: فرد، وجماعة، وصحبة، وسفر، وخوف، ومرض. والجماعة بنية سباعية: الحكم، وشروط الإمامة، ومقام الإمام، والاتباع، وصفة الاتباع، وعمل الإمام، وفساد الإمام. والجمعة بنية رباعية: الوجوب، والشروط، والإمكان، والإحكام. والسفر ثنائي: قصر، وجمع. والقضاء ثلاثي: الإعادة، والقضاء، والسهو. والقضاء ثلاثي: القاضي، وصفته، وشرطه. والسهو سداسي: فرض أم سنة، والمواضع، والأقوال والأفعال، وصفاتها، والمنفرد والإمام، والتسبيح للساهي. أما التي ليست بأعيان فعشرية: الوتر، والفجر، والنوافل، وركعتي دخول المسجد، ورمضان، والكسوف، والاستسقاء، والعيدين، وسجود القرآن، والميت. وأحكام الميت سداسية: الاحتضار، والغسل، والكفن، والجنازة، والصلاة، والدفن. والغسل رباعي: الحكم، والغاسل، والمغسول، والصفة. والصلاة خماسية: الصفة، والمصلى، والوقت، والموضع، والشرط.
-
(٣)
والزكاة ثنائية: الزكاة على وجه العموم ثم زكاة الفطر على وجه الخصوص. والزكاة العامة خماسية: الوجوب، والأحوال، (والكم)، ومتى، ولمن. والكم ذهب وفضة، وإبل وبقر، وغنم، وحبوب وثمار، وعروض. ولمن العدد، والصفة، والكم، وزكاة الفطر خماسية: الحكم، والواجب عليه، والكم، ومتى ولمن.
-
(٤)
والصيام على العموم ثنائي: الصيام ثم الاعتكاف. والصيام على الخصوص ثنائي أيضًا: واجب ومندوب. والواجب ثنائي: صوم وفطر. والصوم ثنائي: أنواع وأركان. والأنواع ثلاثية: واجب زماني (رمضان)، وعلة (كفارات)، وواجب ذاتي (نذر) والأركان ثلاثية: زمان، وإمساك، ونية. والزمان ثنائي: شهر أو نهار. أما الفطر فثنائي: مفطرات، ومفطرين. وللمفطرات بنية ثلاثية: ما يجوز، وما يجب، وما يستحيل. والمندوب ثلاثي: الأيام، والنية، والإمساك.
-
(٥)
وبنية الحج ثلاثية: المقدمات، والأركان، والأحكام. والمقدمات ثنائية: الوجوب وشروطه ثم من، ومتى. والأركان ثنائية: الحج والعمرة والحج ثلاثي: الإفراد، والتمتع، والقران. والأحكام سداسية: الإحصار، والصيد، والفدية والحلف، والكفارة والتمتع، والكفارات المسكوت عنها، والهدي. ثم تتخلل هذه البنية المحكمة بنية أخرى معلقة على الأحكام ثلاثية أولًا: الإحرام، والزمان، والتروك. والإحرام سداسي: الإحرام، والطواف، والسعي، وعرفة، والمزدلفة، ورمي الجمار. والطواف ثلاثي: الصفة، والشرط، والحكم. والسعي رباعي: الحكم، والصفة، والشرط، والترتيب.
-
(٦)
والجهاد ثنائي البنية: أركان الحرب، وأحكام أموال المحاربين. وأحكام الحرب سباعية: الحكم، والمحاربون، ونكاية العدو، وشرط الحرب، وعدو العدو، والمهادنة، وسبب الحرب. وأحكام أموال المحاربين أيضًا سباعية: الخُمس، وأربعة الأخماس، والأنفال، وأموال المسلمين عند الكفار، وأرض الفتح، والفيء، والجزية.
-
(٧)
وبنية الأيمان والنذور ثنائية: الأيمان والنذور. والأيمان ثنائية: الأنواع والحكم، والرافع للأيمان والحكم. والأنواع والحكم ثلاثي: المباح وغير المباح، اللغوية والمنعقدة، وما ترفعه الكفارة وما لا ترفعه. والرافع للأيمان والحكم ثنائي البنية الاستثناء والكفارات. والاستثناء ثنائي: الشرط، وما يؤثر وما لا يؤثر فيه الاستثناء. والكفارات ثلاثية البنية: الأصناف، وأحكام ما يلزم، وأحكام ما لا يلزم. والأصناف ثنائية: اللفظ والشيء. واللفظ ثنائي: المطلق والمقيد. والمطلق ثنائي: مصرح وغير مصرح.
-
(٨)
والضحايا خماسية البنية: الضحايا. والذبائح، والصيد، والعقيقة، والأطعمة والأشربة. والضحايا رباعية: الحكم، والنوع، وأحكام الذبائح، وأحكام، اللحوم. والذبائح خماسية: محل الذبح، والزكاة، وما تكون به الزكاة، وشرط الزكاة، وما تجوز تذكيته وما لا تجوز. والصيد رباعي: حكمه ومحله، وما يكون به الصيد، وزكاة الصيد، وشروط القانص. والعقيقة سداسية: الحكم، والمحل، ومن وكم، والوقت، والسن، وحكم اللحم. والأطعمة والأشربة ثنائية: المحرمات والاضطرار.
ثانيًا: المعاملات
-
(١)
النكاح كلفظ جامع لموضوعات متضايفة ذو بنية سداسية: النكاح، والطلاق، والإيلاء، والظِّهار، واللعان، والإحداد. والنكاح بالمعنى الدقيق بنية خماسية: المقدمات، والصحة، والخيار، وحقوق الزوجية، وفساد النكاح. والصحة ثلاثية البنية: كيفية العقد، والمحل، والشرط. والمحل اثنا عشري: نسب، ومصاهرة، ورضاع، وزنا، وعدد، وجمع، ورق، وكفر، وإحرام، ومرض، وعدة، وزوجية. والشرط ثلاثي: أولياء، وشهود، وصداق. والخيار رباعي: العيوب، والإعسار، والفقد، والعتق. والطلاق رباعي البنية: الأنواع، والأركان، والرجعة، والأحكام. والأنواع خماسية: البائن، والسني، والخلع، والفسخ، والتخيير. والأركان ثلاثية: الألفاظ، ومن يقع عليه، والتفصيل. والرجعة ثنائية: أحكام الرجعة، والبائن. والأحكام ثنائية: عدة ومتعة. والظِّهار سباعي: ألفاظ، وشروط، وصحة، وحرام، وتكرار، وإيلاء، وأحكام. واللعان خماسي: أنواع، وصفات المتلاعنين، وصفة اللعان، وحكمه وأحكامه.
-
(٢)
والبيوع كلفظ عام ذو بنية سداسية: البيوع، والصرف، والسلم، وبيع الخيار، وبيع المرابحة، وبيع العرية. البيوع كموضوع خاص سداسي البنية: أنواعه، وأسباب فساده المطلق، وأسباب صحته المطلقة، والأحكام الصحيحة المشتركة، والأحكام الفاسدة المشتركة، والصحة والفساد نوعًا نوعًا. وأسباب الفساد المطلقة رباعية البنية: الأعيان، والربا، والغبن، والضرر. والربا رباعي البنية لاحتمالات التفاضل والنسيئة. وأسباب الصحة المطلقة ثلاثية. والأحكام الصحيحة المشتركة رباعية. ونظرًا لقلق بنية البيوع بالمعنى الخاص توجد بنية أوضح سداسية أيضًا: الأعيان المحرمة للبيع، والربا، والبيوع المنهي عنها، وبيوع الشروط والثنيا، والبيوع المنهي عنها للضرر والغبن، والنهي من قبل وقت العبادات. والربا رباعي: لا تفاضل ولا نسيئة، تفاضل ولا نسيئة، تفاضل ونسيئة، صنف واحد أو لا. والسلم ثلاثي البنية: المحل والشرط، والإقالة والتعجيل والتخيير، واختلاف المتابعين، وبيع المرابحة ثنائي: رأس المال، والزيادة والنقصان.
-
(٣)
والإجارات كموضوع عام ثماني البنية: الإجارات بالمعنى الخاص، والجعل، والقرائض، والمساقاة، والشركة، والشفعة، والقسمة، والرهون. الإجارات بالمعنى الضيق ثنائية: أنواعها وشروط الصحة والفساد، وأحكامها. وأحكامها ثنائية: موجبات العقد، وأحكام الطوارئ. وأحكام الطوارئ ثلاثية: الفسوخ، والضمان، وحكم الاختلاف. والقرائض ثلاثية: المحل، ومسائل الشروط والأحكام. والأحكام ثلاثية: صحيح، وفاسد، واختلاف. والمساقاة ثلاثية: الجواز، والفساد، والصحة، والأحكام. والأحكام ثنائية: صحيح، وفاسد. والشركة رباعية: العنان، والمفاوضة، والأبدان، والوجوه. والشفعة ثنائية: تصحيح وأركان، وأحكام. والتصحيح والأركان رباعية: شافع، ومشفوع عليه، ومشفوع فيه، وصيغة الشفعة. والقسمة ثنائية: رقاب الأموال، ومنافع الرقاب. ورقاب الأموال ثلاثية: قرعة، ومراضاة، وقرعة وتعديل. ومنافع الرقابة ثلاثية: ما لا ينقل ويحول، والرباع والأصول، وما ينقل ويحول والأحكام. وما ينقل ويحول ثنائي: غير مكيل مثل الحيوان، والمكيل. والرهون ثلاثية: أركان، وشروط، وأحكام.
-
(٤)
والحجر كموضوع عام سداسي البنية: الحجر، والتفليس، والصلح، والكفالة. والحوالة، والوكالة. والحجر بالمعنى الخاص ثلاثي البنية: أصناف المحجورين، ومتى يخرجون من الحجر ومتى يدخلون، وأحكام أفعالهم. والتفليس ثنائي البنية: الفلس، وأحكام المفلس. والوكالة ثلاثية: الأركان، والأحكام، ومخالفة الموكل للوكيل.
-
(٥)
والميراث كلفظ عام بمعنى نقل الأشياء ثماني البنية: اللقطة، والوديعة والعارية، والغصب، والاستحقاق، والهبات، والوصايا، والفرائض. واللقطة والعارية ثنائيان: الأركان، والأحكام. والغصب ثنائي: الضمان، والطوارئ على المغصوب. والضمان ثلاثي: الموجب للضمان، وما فيه الضمان، والواجب. والهبات رباعية: الأركان، والشروط، والأنواع، والأحكام. والوصايا أيضًا رباعية: الأركان، والموصي به، ومعنى الوصية، والأحكام. والفرائض ثلاثية: ميراث القرابة (الصلب، والزوجات، والأب والأم والإخوة للأم والإخوة للأب والأم أو للأب، والجد، والجدات)، والحجب، والولاء.
-
(٦)
والعتق بالمعنى العام رباعي البنية: العتق، والكتابة، والتدبير، وأمهات الأولاد. والعتق بالمعنى الخاص خماسي البنية: من يصح ومن لا يصح، والألفاظ، والأيمان، والأحكام، والشروط. والكتابة ثنائية: المسائل، والمكاتَب. والمكاتِب خماسية. والتدبير ثنائي: الأركان والأحكام. والأركان رباعية: المعنى، واللفظ، والمدبر، والمدبر. والأحكام خماسية.
-
(٧)
والجنايات خماسية البنية: القتل، والجرح (أبدان، وأعضاء ونفوس)، والفروج (الزنا والسفاح)، والأموال، والأعراض (القذف)، والمأكول والمشروب. والقتل والجرح ثنائي: القصاص، والدية. وكل منهما ثنائي: القصاص في النفوس وفي الجوارح. والدية في النفوس وفي الجوارح. والقصاص في النفوس ثلاثي: شروط القاتل، والموجب، والقصاص. والموجب ثلاثي أيضًا: جارح، ومجروح، وجرح. والزنا (والسفاح) ثلاثي البنية: حدود الزنا، وأصنافه وما يثبته. والأموال رباعية البنية: بحرب دون تأويل وهي الحرابة، وبحرب وتأويل وهو البغي، ومن حرز وهي السرقة، وبسلطان وهو الغصب. والحرابة خماسية البنية: حرابة، ومحارب، وما يجب، والتوبة، وبمن تثبت. وتضطرب البنية في إدخال حكم المرتد من خارجها وهو من أول ولم يحارب. كما تدخل القسامة بعد الدية.
-
(٨)
وأخيرًا الأقضية سداسية البنية: ما يجوز قضاؤه، وما يقضى به، وما يقضى فيه، ومن يقضى عليه أو له، وكيفية القضاء، ووقت القضاء. وما يقضى فيه رباعي البنية: الشهادة، والأيمان، والنكوث، والإقرار. وهي بنية بسيطة على مستويين متداخلين ربما لما يتطلب القضاء من بساطة ووضوح.
(٥) بنية الفعل الشرعي
وتدل هذه البنيات المتداخلة على بنية واحدة للفعل الشرعي، تجمع أبواب الفقه وأصوله. وتعتمد كثيرًا على أصول الفقه ومصطلحاته. ويبدو لهذه البنية جانبان: جانب مادي خاص بالجسم والفاعل والمفعول، وأركان الفعل وأنواعه، ومكانه وزمانه، ومقداره وتحققه في عالم الأشياء، وجانب صوري خاص بصفة الفعل وشرطه، وحكمه، وصحته وفساده، وصيغته اللغوية، ولا فرق في ذلك بين العبادات والمعاملات.
فالفعل هو فعل الجسم من الداخل مثل الطهارة من الحدث، ومن الخارج مثل الطهارة من الخبث. وقد يكون فعلًا لجزء من الجسم مثل الوضوء أو لكل الجسم مثل الغسل. وهو ليس فعل الجسم وحده، بعضه أو كله بل هو مرتبط بالنية مثل النية في الصلاة وفي الصيام وفي الحج. وكل فعل له فاعل مثل المتوضئ، والمتيمم، والمصلي، والغاسل، والحاج، والصائم … إلخ. وله مفعول يقع عليه الفعل مثل الاحتضار، والغسل، والكفن، والجنازة، والمصلى عليه، والمأموم، والمزكى له، والمقضي عنه. وقد يكون الفاعل والمفعول فردًا أو جماعة إذا كان الفعل فرديًّا أو جماعيًّا مثل الصلاة والحج. والفعل له أركان. فهو فعل مركب من عدة أفعال مثل أركان الصلاة، الأقوال والأفعال، وأركان صلاة الجمعة، وصلاة العيدين، وصلاة السفر، وصلاة الخوف، وأركان الصيام مثل الزمان والنية والإمساك، وأركان الحج مثل الإحرام والطواف والسعي وعرفة والمزدلفة ورمي الجمار، وأركان الجهاد، وأركان الحرب، وللفعل أنواع مثل أنواع الخبث أو أنواع الحيض، وأنواع الصوم، رمضان والكفارة والنذر، وأنواع الأيمان المباح وغير المباح، واللغوية والمنعقدة وما ترفعها الكفارة وما لا ترفعها، وأنواع الطلاق، البائن والخلع والفسخ والتخيير، وأنواع البيوع، وأصناف المحجورين … إلخ. والفعل له مكان مثل مكان الصلاة، ومكان الحج. وله زمان مثل زمان الصلاة، وزمان الصوم، النهار والشهر، وزمان الحج، وزمان الزكاة، الحول في زكاة المال ورمضان في زكاة الفطر. وقد يكون الزمان على الفور أو على التراخي أو قضاءً. وقد يكون مقدمًا أو مؤخرًا كما هو الحال في صلاة القصر والجمع. والفعل له كم ومقدار مثل الزكاة والكفارة والبيوع. ويتحقق الفعل في عالم الأشياء مثل الماء للوضوء والغسل وإزالة الخبث. والأموال للزكاة وللمحاربين، والخمس والأربع أخماس والأنفال وأرض الفتح والفيء، والضحايا للطعام، والنذور، والذبائح، والصيد، والعقيقة، والأطعمة والأشربة ورأس المال في البيوع، والرقاب، والأبدان والنفوس، والأعضاء والفروج، والمأكول والمشروب.
وصفة الفعل هي كيفية أدائه مثل النضح بالماء في الوضوء، والمسح على الأعضاء في التيمم، وكيفية الغسل، وكيفية الصلاة، وطريقة القضاء، وآداب الاستنجاء، ودخول المسجد أو المنزل، فالفعل متصل الأفعال حتى يصبح سلوكًا في بيئة اجتماعية وفي علاقات بين الأفراد. وقد تتحدد الكيفية بالقدرة البدنية مثل صلاة القاعد وصلاة القائم وصلاة النائم. وشرط الفعل هو ما يتوقف عليه مثل الغسل أو الوضوء أو التيمم، والوقت والأذان والإقامة والقبلة واللباس كشرط للصلاة، والنية كشرط للعبادات. ولكل فعل نواقض مثل نواقض الوضوء، ونواقض الغسل، ونواقض التيمم، ومفاسد مثل مفطرات الصوم ومبطلات الإمامة. وهي ما تبطل الفعل ماديًّا أو صوريًّا وتجعله صحيحًا أو فاسدًا مثل صحة النكاح وفساده، وصحة البيوع وفسادها، وفساد البيوع المحرمة، والنهي عن الربا، وصحة وفساد الإجارات والعقود والقرائض والمساقاة، ولكل فعل حكم من الأحكام الشرعية الخمسة: الفرض أو الواجب والمندوب، والمباح أو الحلال، والمكروه، والمحرم والواجب والمحرم أفعال الضرورة إيجابًا وسلبًا مثل الصلاة والقتل. في حين أن أفعال الندب والكراهية أفعال حرة على التخيير مثل النوافل وعلو الصوت. أما الفعل الحلال أو المباح فهو الذي تكمن شريعته في فعله. وهي الأفعال الطبيعية على البراءة الأصلية. وأخيرًا لكل فعل صيغة لغوية، افعل أو لا تفعل، الأمر والنهي مثل ألفاظ النذور وألفاظ الطلاق وألفاظ العتق.
وهنا يحقق ابن رشد ما يهدف إليه، رد الفروع إلى الأصول، والأفعال الشرعية إلى وحدة الفعل. وتبرز الرشدية المعروفة عند ابن رشد المتكلم والفيلسوف والطبيب والشارح في ابن رشد الفقيه، الاعتماد على العقل والتجربة والفطرة. فالفعل الشرعي يرتكن إلى العقل ويتأسس في الواقع، ويعبر عن الفطرة. تبرز الرشدية عندما يتحول ابن رشد الفقيه إلى ابن رشد الأصولي.
(٦) اختلاف المذاهب ووحدة الأصول
(٧) من الفقه إلى الأصول
(٨) خاتمة: أين الرشدية عند ابن رشد فقيهًا؟
وهو سؤال طالما طرحه الرشديون. أين الرشدية أو روح ابن رشد كما تجلت في «مناهج الأدلة» و«فصل المقال» و«تهافت التهافت» و«الكليات» وفي مجموع «الجوامع» و«التلخيصات» و«الشروح»؟ روح النقد، وإعمال العقل، وبيان الاحتمالات، والحوار مع الخصوم، ورفض استعمال العقل لتبرير العقائد كما تفعل الأشعرية، ووجوب النظر بالشرع، وعدم تكفير الفلاسفة، وروح التجريب والاتزان والطبيعة التي جعلته شارحًا لأرسطو؟
تبدو الرشدية ولا شك في الأصول العقلية الأولى، وفي إيجاد سبب الخلاف بإرجاعها إلى الأصول، وفي الكشف عن بنية الموضوع، أركانه وشروطه وأحكامه، ونقد المذاهب، والترجيح بينها والمقارنات مع الكلام والفلسفة، والاعتماد على العقل والطبيعة، وتحليل الألفاظ، ونبذ التقليد، والدعوة إلى الاجتهاد، والقاضي الذي يحكم بين الخصوم.
ومع ذلك تظل الرشدية منطوية في ثنايا «بداية المجتهد ونهاية المقتصد» وعلى أعماق مختلفة من الحرف الأول حتى الحرف السابع. لا يوجد نص صريح يعبر عن الرشدية. ومع ذلك يمكن استخراجها وقراءتها بل وتطويرها ودفعها خطوات إلى الأمام، لا فرق بين مقروء وقارئ. فالرشدية ليست لابن رشد وحده بل هي روح سارية في التاريخ لدى كل الحضارات والشعوب.
-
(١)
لقد ارتبطت كثير من المسائل الفقهية بعصرها، عصر الحيوان والإبل وندرة الماء. وتغيرت البيئة الصحراوية وعلاقات البدو. وأصبح المسلمون الآن في عصر مختلف وفي بيئة مغايرة مما يحتم استئناف روح الفقه دون أمثلته. فلم يعد هناك داعٍ لقيام فقه للعبيد أو للغنائم أو للإماء وللجواري أو حتى للنساء مستقلًّا عن فقه الرجال، وترتيب جنائز للرجال غير جنائز النساء، وفقه بيض النعامة وقواعد الاستنجاء وبناء دورات المياه عكس اتجاه القبلة وليس تجاهها في المدن الحديثة وأزمة الإسكان. ولم يعد الحيوان إلا كتابًا أو برنامجًا للمشاهدة أو زيارة لحديقة. وكيف تقسم الغنائم على الفاتحين والخمس؟ وانتهت ثقافة الصيد والموقوذة والنطيحة. كما انتهى عصر البيوع، والمقايضة، وبيع التمر على النخل. كما انتهى فقه الطوائف وأهل الذمة أمام فقه المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات. كما انتهت قواعد الحرب والسلام القديم وعلاقة دار الحرب بدار الإسلام وفرض الاختيار بين الإسلام أو الجزية أو القتال على دار الحرب، ودار الإسلام مستضعفة، وضرورة إعلان الحرب والحرب خدعة. وانتهت ثقافة الخيل والفرس والرمح وعلى أي شيء تجب الزكاة على العربية أو البضائع الاستهلاكية الحديثة والأدوات المنزلية. كما انتهى فقه قطع أعضاء الجسد لا في القليل ولا في الكثير، فالجسد قيمة مثل الإنسان. وقد عبر ابن رشد عن هذه الروح بمثال المؤلفة قلوبهم الذي انتهى الآن مستبدلًا إياهم بالنساء والعبيد وقد انتهوا أيضًا. كان ذلك في حال ضعف الإسلام. والآن الإسلام قوة في العصر. التفاتًا إلى المصالح. وقد كانت هذه الروح سارية أيضًا في التشريع، في الناسخ والمنسوخ في القرآن والسنة وعند الخلفاء. فلو استقبلوا من الأمر ما استدبروا لغيَّروا مثل الهَدي عند الرسول، والرجل وبلائه في الإسلام عند عمر، ونكاح المتعة تحليله أولًا ثم تحريمه ثانيًا في عصر الرسول أو في عهد عمر. وهناك أشياء قديمة لها دلالات معاصرة بطبيعتها مثل اتقاء الله في الفلاحين.٩١
-
(٢)
كما تغير الفقه القديم ذاته أخذًا في الاعتبار ظروف الزمان والمكان والبيئة والناس والعادات والأعراف المتغيرة، فقد كان للشافعي مذهب في العراق غيره في مصر. كما أن للفقيه الواحد فتاوى عديدة ومتباينة طبقًا للحالات الفردية. فما استقر عليه الأمر هو مادة الفقه. وينشأ الاضطراب عندما يغادر الإنسان إلى قوم آخرين بعادات أخرى إما أن يتبعهم أو يتميز عنهم فلا ضرر منه دون مخالفتهم، وجعل النفس مقياسًا للآخرين كما هو الحال في عادات الصلاة والتسليم أو مثل التسبيح للرجال والتصفيق للنساء، والكل الآن يصفق لا فرق بين رجل وامرأة. وما كان يمنع الإحرام عادات عربية قديمة مثل عدم خيط الثوب أو إبقاؤها رمزًا، دلالة على الطبيعة ضد الصنعة. ويتم الذبح الآن في المجازر الآلية. ومِن ثَم لم يعد لمسائل الزكاة وجود معاصر. فقد كان العربي يذبح ذبيحته ولم يعد يفعل الآن، ويتعامل مع اللحوم المجمدة. لقد انتهى الفقه القديم أو كاد، وأصبح المسلمون اليوم في حاجة إلى فقه جديد يقوم على تنظير جديد لما تعم به البلوى من استعمار وقهر وتخلف وتجزئة وطائفية وتبعية وسلبية، وللمعاملات المصرفية الحديثة وللعلاقات الدولية ولقطاعات الزراعة والصناعة والسياحة. لقد انتهت أعراف الزواج القديمة، التزويج دون المعرفة، الزواج المبكر، فارق السن بين الرجل والمرأة، عادة العرب في الولاية على النساء، وولاية السلطان عليها، النسب والمصاهرة، المرأة كبيوع. فالفقه له سياقه التاريخي. تعدد الزوجات والقرعة على النساء أيهن تصاحب الزوج في السفر. ويمكن لحديث «أنتم أعلم بشئون دنياكم» أن يعطي دفعة كبيرة لتجديد الفقه طبقًا لكل عصر. وقوانين الميراث مرتبطة بنظام القرابة في العصر القديم في المجتمع العربي. وفي كل عصر هناك تياران من الفقه، الأول متشدد صوري ومعياري، والثاني لين يأخذ المصالح العامة والفروق الفردية في الاعتبار. لقد نشأت المذاهب الأولى في عصر التدوين واعتمد الناس عليها مثل قواعد اللغة العربية لسيبويه. والعروض للخليل بن أحمد، والرسالة للشافعي، ولكن الكل عصر تقنيته. ولم يمنع ذلك من إبداع الشعر الجديد وربما الفقه المعاصر.٩٢
-
(٣)
كما ارتبط الفقه القديم بتاريخ الأديان القديم، الصابئة عبدة الكواكب. لذلك أتت تشريعات مناهضة أو مواكبة لها مثل صلاة السجود لكسوف الشمس أو الخسوف القمر، إبقاءً على الصابئة وهم من أهل الكتاب أو حبًّا للطبيعة أو إذهابًا للخوف من النفس البشرية على غير ما تعوَّدت. وكثير من شعائر الجاهلية الموروثة من إبراهيم مثل شعائر الحج والسعي والطواف ورمي الجمرات والإحرام والأشهر الحرم كان الهدف منها الارتباط بديانات العرب السابقة على الإسلام حرصًا على التواصل بين الماضي والحاضر، خاصة لو كان دين إبراهيم، دين الحنفاء. كما استمرت بعض الشعائر اليهودية في الذبائح والتسمية والطهارة والختان تحويلًا لها من دين قبيلة خاصة إلى دين عام للبشرية جمعاء. وقد يدخل في ذلك تقبيل الحجر الأسود وجرأة عمر في الرفض النفسي لذلك والقوم حديثو عهد بالجاهلية، وإبقاء الكعبة وإلا هدمت ولبنيت على قواعد إبراهيم، والسعي بين الصفا والمروة عادة جاهلية لوضع ذبائح المشركين تعظيمًا لبعض الأصنام.٩٣ وعدم الكلام كعلامة على الإيمان من النسك الهندي، ووصف البقرة الضحية لا عرجاء ولا مريضة من بقايا اليهودية. والذبائح والتذكية على النصب بقايا ديانات قديمة في شبه الجزيرة العربية. كما أن استعمال تشبيهات الجن والشياطين من بقايا الثقافات الشعبية العربية قبل الإسلام.٩٤ وقد يكون التيمم من بقايا الرموز في الديانات القديمة.
-
(٤)
كما انتهى عصر الشعوبية القديم العرب والفرس والروم والترك والأحباش. وظهرت شعوب جديدة في الغرب، الأوروبيون والأمريكيون، وفي الشرق الصينيون واليابانيون. وأخذت الشعوب القديمة دلالات معاصرة في شعوب آسيا وأفريقيا. ففي الفقه القديم لا يجوز ابتداء الحبشة بالحرب ولا الترك أي أفريقيا وآسيا كظهرين للعرب. ولا يجوز محاربة أهل الكتاب من قريش ونصارى العرب، أي الإسلام وإما الجزية، حفظًا للنسب والمصاهرة والعروبة. ويستثنى منهم مشركو العرب. ويجوز أخذ الجزية من أهل الكتاب العجم ومن المجوس غير العرب. والغنيمة من الروم أي من الغرب الحديث. كما تم تغليب العروبة بقبول ذبائح نصارى بني تغلب والمرتدين كذبائح نصارى العرب واليهود من الذين أوتوا الكتاب. وقد استبقى الفقه كثيرًا من الرموز في الديانات القديمة مثل الوتر كرمز للواحد. لا يورث إلا من ولد في بلاد العرب. والقافة عند العرب قوم كانت عندهم معرفة بفصول تشابه أشخاص الناس.٩٥
-
(٥)
والفقه القديم ما زال صوري الطابع، يقنن ما لا حاجة للإنسان لتقنينه. تكفيه الطبيعة، وما يستحسنه العقل، وما تعافه النفس، وما يقرره الذوق. ويتضح ذلك في البحث في الطلاق باعتباره ألفاظًا دون بحث في أسبابه ومسبباته، دوافعه وبواعثه. التشريع إنما هو تقنين لواقع مثل تشريع الرسول صوم عاشوراء عندما لم يجد شيئًا يأكله ثم نسخه بعد ذلك.٩٦ الفقه ما هو إلا تعبير عن وضع اجتماعي. والغريب أن «بداية المجتهد ونهاية المقتصد» لا يكشف عنها الوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للأندلس في عصره لأنه ما زال ملهيًا بالطابع الصوري للفقه. فالتسليم في صلاة السجود أفضل لأنها خاتمة كما يشهد بذلك العقل، وتقر الطبيعة، ويقرر الحس السليم. ليس الفقه فقط بناءً صوريًّا يقوم على صحة الاستدلال أو بناءً ماديًّا يقوم على المصالح العامة، ولكنه بناء نفسي يقوم على ما تستحسنه أو تعافه النفس أخذًا في الاعتبار الانفعالات البشرية من حزن وفرح، وأمل ويأس، وطموح وإحباط. فقد دفن شهداء أحد بثيابهم ولم يصلِّ عليهم في حالة نفسية سيئة من جراء الهزيمة. كما يغسل المسلم أقرباءه من المشركين حرصًا على القرابة التي قد تجبر الخلاف في الرأي والتصور عند الشافعي مثلًا، وجواز غسل المرأة زوجها وعدم جواز غسل الرجل زوجته إبقاءً على الحب الروحي، وعدم التبول على القبر ذوق سليم واحترام للموتى. وكثير من الآداب العامة ليست في حاجة إلى تشريع، بل تعتمد على الذوق الخاص مثل القراءة مع الإمام أم بعده، بصوت عالٍ أم منخفض، وكذلك رد السلام على من ألقاه أثناء خطبة الإمام في صوت منخفض بدلًا من التشويش وزيادة الخطأ بخطأ آخر، ومثل عدم جواز صلاة الحاقن (الذي يضبط الريح أو البول أو الإخراج قسرًا) لعدم تركيزه في الصلاة وحصاره بمتاعب البدن. كما أن قتل شيوخ المشركين شيء تعافه النفس وتأباه الفطرة، وكذلك أكل الجراد. هناك الآن الفقه الطبيعي الفطري بدلًا من فقه الأطعمة والأشربة القديم، أكل ما فاض من السبع احترامًا للإنسان. وأكل لحم الخيل تحكمه العادة لا الشرع، وتحريم الخمر في الحديث خشية استمرار القليل في الكثير سدًّا للذرائع، وعدم الزواج من زوجات الآباء نظرًا لتضارب عواطف البشر بين المحبة والاحترام. والحداد للعبد والسيد على حد سواء.
-
(٦)
وبالرغم من عمومية الفقه إلا أنه يسمع بالفروق الفردية كما مثلتها النوافل والسنن. بل إن كثيرًا من سنن الرسول أقرب إلى الفروق الفردية مثل اغتسال النبي هو وأزواجه من إناء واحد نظرًا لندرة المياه أو اغتسال الرسول من فضل ميمونة تحببًا، أو الاغتسال من ماء ورد عليه السبع.٩٧ كما أن نواقض الوضوء فيها جانب كبير من الفروق الفردية مثل لمس النساء ومس الذكر، وترتكز على أحوال نفسية ومزاجية وعادات اجتماعية. كما أن المضمضة والاستنشاق والاستحمام يعطي النشاط والرشاقة عند البعض، وهم ثقيل عند البعض الآخر. فرض الكفاية يسمح بهذه الفروق الفردية مثل التفقه في الدين في حين أن فرض العين هو القاسم المشترك من الأفعال بين الناس جميعًا. يراعي الفقه ما هو عام وما هو خاص. والخاص هنا بلا حكم إنما ينبع في دائرة الفقه الطبيعي. فالطبيعة مادة الشرع وصورته.
-
(٧)
ما زال الفقه القديم أقرب إلى الخلاف منه إلى الاتفاق. وهو ما دفع ابن رشد إلى البحث عن أسباب الخلاف وردها إلى أصول أولى من أجل توحيد الأمة وإيجاد تشريع يقوم على نسق للقيم. ومِن ثَم يمكن إلغاء العديد من التفصيلات عن طريق إلغاء المشكلة أو بتعبير القدماء المسكوت عنها.٩٨ ما زال الفقه القديم غارقًا في عديد من التفصيلات كما هو الحال في الشريعة اليهودية. وقد كان ابن رشد يود التخلص منها بإرجاعها إلى الأصول الأولى، وذلك مثل الحديث عن أجزاء لحم الميتة، بعد الاتفاق على تحريم اللحم والاختلاف على العظام والشعر. وما زال هذا التضييق في فقه الجماعات الإسلامية الحالية. التوقف عن الحكم هو السبيل إلى عدم الغوص في التفريعات كما توقف أبو حنيفة في الحكم، أي سورة يقرأ في صلاة الجمعة؟ وكل هذه التفصيلات في أنواع الزكاة مرتبطة بالمجتمع الصحراوي البدوي وليس بالمجتمع الحضري الصناعي كما هو الحال الآن. ومع ذلك ما زالت بعض جوانبها لها دلالتها المعاصرة مثل: جعل الزكاة صدقة أم تجميع لرأس المال من أجل الاستثمار للفقراء؟ كما أن الصلاة في الدار المغصوبة ذكرت ضمن شروط الصلاة دون تطويرها، وقد كانت الأندلس شمالًا مغتصبة. والكثير منها فقه اقتراضي متحذلق مثل الوضوء بالماء الذي خالطه زعفران مثل سؤال محمد عبده عن جواز الوضوء بالكولونيا، والوضوء بنبيذ التمر في السفر. الافتراضات النظرية لا نهاية لها. والواقع بالوضع الإنساني. وطالما سخرت الثقافة الشعبية من كل موضوع فقهي قديم «فيه قولان» لا على محمل التعددية بل على أن الاختلاف هو الأساس والاتفاق هو الفرع. في حين الاختلاف هو اجتهاد إنساني حول أصل واحد. ومع ذلك يظل السؤال مطروحًا: أين الرشدية عند ابن رشد الفقيه؟