توم سوير
عندما سمعت اسم توم سوير، كاد أن يغشى علي، لكن لم يكن هناك وقت للتفكير سألاني شتى الأسئلة عن أنباء عائلة توم في موطني، وشعرت بالسعادة الشديدة عندما عرفت من علي أن ألعب دوره، إذ كنت على دراية بكل المعلومات وكافة أخبار عائلة سوير، فتحدثت كثيرًا وأدليت لهم بما يكفي من الأنباء عن ست أسر من عائلة سوير، على سبيل المثال: علمت على الفور أن المرأة العجوز التي التقتني هي حتمًا سالي خالة توم، مما يعني أن العجوز هو العم سيلاس.
شعرت بالارتياح الشديد لكوني أتظاهر بأنني توم سوير، لكن بعدئذ خطر لي احتمال أن يأتي توم من الشارع الذي سلكته بالضبط، وأن يطلعهم على هويتي قبل أن أعطيه إشارة بألا يفضح الأمر. لم أستطع أن أجازف بذلك، فأخبرتهم أنني سأقصد مركز المدينة لجلب متاعي، وفي طريقي إلى هناك التقيت توم سوير كما توقعت، فناديته، فتوقف وفغر فاه عن آخره وحسبني شبحًا.
قال: «أنا لم أؤذك قط. لماذا تود أن تعود وتطاردني؟»
فقلت له: «أنا لم أعد، ولم أمت قط.»
تطلب الأمر بعض الشرح قبل أن يتفهم توم موقفي، بعدها شعر بالحماسة؛ إذ أحب المغامرات. أخبرته كل شيء عن المحتالَين، وعن الكيفية التي ألقي بها القبض على جيم، وأخبرته بأن خطتي هي أن أدعي أنني توم إلى أن أصل إلى طريقة أحرر بها جيم. أردت أيضًا أن أتيقن من أنني بمنأى عن الدوق والملك.
فقال توم إنه يعلم ما الذي ينبغي فعله بالضبط، فعدت أولًا إلى مزرعة فيلبس بمتاعه، ثم أتى توم بعد نصف ساعة وتظاهر بأنه أخوه سيد.
فقالت له الخالة سالي: «عجبًا. إنها لمفاجأة. لم نتوقع مجيئك. توقعنا أن يأتي توم وحسب. لم تكتب أختي لي أن أحدًا آخر قادم.»
قال: «لم يكن من المفترض أن آتي، لكنني توسلت إلى أمي كثيرًا فسمحت لي أن آتي في آخر لحظة.»
بعدئذ تناولنا العشاء. حاولت أنا وتوم أن نصل إلى بعض الأنباء عن جيم، لكننا لم نستطع معرفة شيء عنه، ثم ذكر توم أنه رأى ملصقًا إعلانيًّا عن عرض مقام في البلدة، وسأل إن كان بإمكانه الذهاب إليه، لكن رفض العم سيلاس، لكنني أدركت أنه العرض الذي يقيمه الدوق والملك، فأخبرت توم عنه مساء ذلك اليوم وقررنا أن نتسلل خلسة لتحذير أهل البلدة من هذين المحتالين.
فلما بلغنا مركز البلدة مساءً، رأينا حشدًا من الناس في الشارع، جميعهم يحمل مشاعل والكل يصرخ ويهتف في حماس ويطرق الأواني القصديرية وينفخ الأبواق، فابتعدنا عن طريقهم بأسرع ما أمكننا، ثم رأينا الملك والدوق أثناء مرورهما وهما مكسوان بالقطران والريش ويجلسان على قضيب سكة حديدية قديم يحمله الحشد. عرفتهما مع أنهما كانا مكسوين بالقطران والريش، وأشفقت عليهما. لم أحسب أنني قد أغضب منهما ثانية، كان مشهدًا فظيعًا. قد يقسو البشر بعضهم على بعض إلى حد مخيف.