على الحطام
طفونا مع ماء النهر عدة أيام، ثم هبت عاصفة هائلة وهطل المطر كثيفًا، ولمع البرق فأمكننا رؤية باخرة تحطمت على بعض الصخور أمامنا، حملنا الماء نحوها ببطء.
قلت لجيم: «لنهبط على هذه السفينة يا جيم.»
لكنه عارض هذا تمامًا في البداية: «لا أود أن أعبث على حطام سفن غارقة. نحن بخير هنا، وعلينا أن نترك تلك الباخرة وشأنها. وعلى أي حال يرجح أن على متنها من يحرسها.»
– «ليس هناك ما يجب حراسته على متنها يا جيم. يبدو أنها على وشك أن تتصدع وتجرفها مياه النهر في أية لحظة، كما أننا قد نجد شيئًا في غرفة القبطان، فقباطنة البواخر يكونون على الدوام أثرياء. أتعتقد أن توم سوير كان سيدع أمرًا كهذا؟ بتاتًا. كان سيسمي الأمر مغامرة.»
تذمر جيم قليلًا، لكنه وافق في نهاية الأمر، وقال إن علينا ألا نتحدث كثيرًا إن صعدنا إلى متن السفينة، ثم أظهر البرق لنا الباخرة مجددًا في الوقت المناسب، فجدفنا نحوها وربطنا الطوف والقارب إلى جانبها.»
تسلقنا إلى متن السفينة في الظلام، ولم يمض وقت طويل قبل أن نكون أمام باب غرفة القبطان الذي كان مفتوحًا. أبصرنا في آخر الممر ضوءًا، وسمعنا في اللحظة نفسها أصواتًا!
قال جيم إنه يشعر بالخوف، وطلب مني المجيء معه، فوافقته، وكنت سأقصد الطوف، لولا أنني سمعت عندئذ صوتًا يقول: «آه، أرجوكم ألا تفعلوا هذا يا رجال. أقسم لكم أنني لن أشي بكم.»
فعلا صوت آخر بشدة قائلًا: «أنت تكذب يا تيرنر. لقد فعلت مثل هذا من قبل. أنت دائمًا تطلب أكثر من حصتك، وتحصل على مرادك أيضا لأنك تقسم أن تشي بنا إن لم تحصل عليه، لكنك هذه المرة تماديت في المزاح حول الأمر. أنت النذل الأكثر خسة وغدرًا في هذا البلد.»
كان جيم بحلول هذا الوقت قد قصد الطوف، لكن الفضول انتابني؛ قلت لنفسي إن توم سوير لم يكن ليتراجع الآن، من ثم لم أكن أنا أيضًا لأفعل ذلك، فزحفت متسللًا إلى أن صرت داخل الغرفة بجوار الرجال. رأيت رجلًا مقيدًا يرقد على الأرض وقد وقف رجلان يعلوانه بقامتيهما.
قال الرجل الذي يرقد على الأرض: «آه، أرجوك ألا تفعل هذا يا بيل. لن أشي بكم أبدًا.»
أخذ الرجلان يسيران إلى النقطة التي كنت فيها، فانتقلت من مكاني بأقصى سرعة، لكنني لم أجد فسحة كافية. دخلا الغرفة التي اختبأت فيها، فصرت محاصرًا. ندمت عندئذ على فضولي الشديد، لكن لحسن الحظ أنهما لم يبصراني، بل تحدثا عن الرجل الذي يرقد على الأرض.
قال أحدهما: «لقد قال إنه سيشي بنا، وهذا ما سيفعله. لن يختلف شيء إن أطلقنا سراحه الآن، سينقلب علينا.»
فقال الآخر: «أعتقد أنك محق يا بيل، إليك ما أفكر به: سنتفقد هذه السفينة بحثًا عن كل ما بإمكاننا العثور عليه، ثم نتركه هنا ونتجه إلى الشاطئ. لن تصمد هذه السفينة أكثر من ساعتين قبل أن تتصدع وتنجرف مع مياه النهر. لن يجده أحد قط.»
ما إن تركا الغرفة، حتى غادرتها، كنت أتصبب عرقًا من الخوف. همست في الظلام بالخارج: «جيم»، كان بجانبي فأجاب ندائي على الفور، فقلت: «أسرع يا جيم، ليس هناك وقت. ثمة عصابة من القتلة على متن هذه الباخرة. إن لم نتخلص من قاربهم كي لا يفروا، فسيقتلون شخصًا ما، لكن إن أمكننا العثور على قاربهم، فسنحتجزهم حتى يأتي المأمور ويقبض عليهم. سأبحث عن القارب في هذا الجانب. ابحث أنت عنه في الجانب الآخر. ابدأ البحث من النقطة التي عقلنا عندها طوفنا و…»
فقال جيم: «آه، لا! ليس هناك طوف. لقد انحل الطوف وصرنا محتجزين هنا!»