وصيَّة شاعِر
أسأل القارئ وأعفيه من مئونة الإجابة: ألا يحب المرء لعدوه كل سوء؟
أليس كرهك مصادر شقوتك طبيعيًّا؟
ليس هذا من كرم الخلق في شيء ولا ريب، ولكن خداع الألفاظ عظيم، وما أكثر ما نُمَوِّهُ بها حتى على أنفسنا، وإن كان الأصل أن يغالط المرء غيره لا نفسه، ولكنه يألف الرياء والغش والمغالطة حتى تجوز عليه كسواه، وكرم الخلق صفة لا وجود لها في هذه الدنيا الدنية، ولم يمشِ على ظهر الأرض رجل واحد — عدا الأنبياء والمجانين — يستطيع أن يقول بينه وبين نفسه «أنا كريم الخلق بالمعنى الصحيح».
وخير للناس أن يتقبلوا وصيتي هذه بقبول حسن؛ فإنها قطعة من القضاء، وما أخلقهم أن يشكروا لي أني تحريت العدل في القسمة، ولم أحرم أحدًا من نصيبه الذي يستحقه على عكس المألوف في الوصايا، مذ كتبت في هذا العالم، ولئن شكروا لأزيدنهم!