هيهات بابل من نجد
هل من معين على نجوى ووسواس
أو من سبيل إلى تبريد أنفاسي
أكرُّ طرفيَ في الماضي فيبسم لي
وأنثنى وأمامي جد عباس
ليس الذي فات أيامًا أُعدِّدها
لكنه العمر وا لهفي ويا ياسي
والدهر لا فلتاتُ السعد يرجعها
ولا يجدِّد ما يبلى من الناس
لو كان في مقبلٍ من مدبرٍ عوض
لم أودع الذم للأيام أطراسي
قضى ليَ الدهر بلوى في تصرُّفه
لا بُرءَ منها وعافى غير ذي باس
قد كنت أمرح في روضٍ مطارفه
مطرز طرفها بالورد والآس
أرضي مفضَّضة رُبًى مذهبةٌ
وفي سمائي نجومٌ هنَّ إيناسي
إن شئت غنتنيَ الأطيار ساجعةً
أو شئت كانت ثغور الورد أكواس
أو شئت في ظل أغصان مهدلة
تحنو عليَّ بألوان وأجناس
ملأت عينيَّ حسنًا لا مخالسةً
لكنْ مرامقة ملآى بإحساسي
فالآن قد ذهب العيش الرقيق وما
بُدِّلت منه سوى جدب وإيباس
وأصبح الورد يخفي حر وجنته
عن العيون ويبدي شوكه القاسي
عهدٌ تصرَّم لم أظفر بمأربتي
منه ولا أورقتْ أعوادُ أغراسي
ما للحمام يغنِّيني على فننٍ
غض التثني منير النور ميَّاس
والروض كيف اكتسى بالوشي محتفلًا
وراح فيه وقلبي واجدٌ آس
دنيا تغيض من بشري وتبسم لي
كالعضب مؤتلقًا يهوي إلى الراس
هيهات ما تحفل الدنيا بملتهفٍ
ولا تبالي بإسعادٍ وإنحاس
لن يخلع الروض أبراد الحيا جزعًا
ويكتسي دارس الأفواف للناس
أو يعبس النوْر من شجو يُهضِّمني
أو يخرس الطيرَ بلبالي ووسواسي
إن يسلب الدهرُ ما أولاه من هبة
فشيمة الدهر إعراء الفتى الكاسي
أو يشعب الصبرُ أكبادًا فيذهلها
عن ذكرنا ففؤادي ليس بالناسي
وكيف أنساهمُ والقلب يتبعهم
على جديد لبانات وأدراس